الأربعاء، 13 نوفمبر 2013






السليمانية، الكويت - يتدفق المال عن طريق التحويلات البنكية أو يتم تسليمه في أكياس أو الجيوب المنتفخة بالنقود. ويتولي غانم المطيري من غرفة الجلوس زهيدة الأثاث جمع الأموال ونقلها الى سوريا للمتمردين الذين يقاتلون الرئيس بشار الأسد.

السيد المطيري، وهو واحد من عشرات الكويتيين الذين يجمعون الاموال علنا لتسليح المعارضة وقد ساعد فى تحويل هذآ البلد الخليجي الصغير الغني بالنفط  إلى أحد منافذ الاتحاد الغربي الداعم للثوار في سوريا، حيث يذهب الجزء الاكبر من الاموال التي يجمعونها الي الجماعات المرتبطة بالقاعدة . 

وجمعت احدي هذه الحملات في الكويت  أموالا لتجهيز 12000 من الثوار المقاتلين فيحصل كلا منهم علي 2500 دولار . وحملة اخري يطلق عليها " جاهدوا بأموالكم " يديرها شيخ سعودي في سوريا قريب من تنظيم القاعدة . والمتبرعين الذين يتبرعون ب175 دولار لشراء 50 طلقة قنص يحصل علي "المرتبة الفضية " ومن يتبرع بضعف ذلك المبلغ لشراء ثماني قذائف هاون . 

 قال السيد المطيري، الجندي السابق في الجيش الكويتي، مسترجعا ذكريات الدور الامريكيفي اخراج العراق من الكويت في 1991، " لقد تعاونا ذات مرة مع الامريكيين في العراق . والان نحن نريد رحيل بشار الاسد عن سوريا فلماذا لا نتعاون مع تنظيم القاعدة ؟ " 

وقد ساعد الدعم الخارجي للأطراف المتحاربة علي استمرار الحرب وتحولها الي حرب بالوكالة نيابة عن القوي الاقليمية، حيث تساعد روسيا وايران وحزب الله البناني الحكومة والسعودية وقطر تقدم الدعم الرئيسي للثوار . 

ويقول المحللين أن تدفق الأموال الخاصة الي الجماعات الثورية أضاف عاملا سلبيا للحرب في سوريا ففاقمت الانقسامات داخل المعارضة وقوت عناصرها الأكثر تطرفا . فبينما كان الغرب مترددا في تسليح وتمويل القوي الأكثر علمانية التي قادت في البداية التحول الي التمرد المسلح، توافد المقاتلين الي الميليشيات الاسلامية وفي بعض الحالات تحولوا الي جهاديين لأن هذا كان سبيلهم الي الاموال . 

وقال املي هوكايم المحلل المتخصص في شؤون الشرق الاوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية " هذا يخلق دينامية مستدامة مستقلة تماما عن كل الألعاب الدبلوماسية والاستراتيجية التي تحدث وتقودها الدول " . 

 معظم الجهات المانحة الخاصة تنأى بنفسها عن المجلس العسكري الأعلى المدعوم من الغرب، مما يقوض الهيئة التي تهدف الى توحيد المتمردين الى قوة معتدلة. ويرفضون القيادة السياسية للمعارضة، فضلا عن دعوات  الولايات المتحدة وقوى أخرى لمحادثات السلام. ومع وصول تقدير الأموال لى عشرات الملايين من الدولارات علي الأقل، فقد ساهموا في تقسيم سوريا فعالة سوريا وبناء الميليشيات الاسلامية المستقلة التي تحكم إقليما ما في حين تعتنق أيديولوجية راديكالية، بما في ذلك إنشاء دولة إسلامية.

واعتمد جامعي التبرعات بشكل كبير علي وسائل التواصل الاجتماعي . وبعضهم لديه مئات الالاف من المتابعين علي تويتر حيث ينشرون المواضيع التي تدعو الي التبرع وتعلن عن أماكن التواصل وأرقام هواتف العاملين علي تلقي المكالمات .

ويتفاخر بعض جامعي التبرعات البارزين بالهجمات التي تقوم بها الجماعات المفضلة لديهم والتي تشكرهم بفيديوهات تظهر فيها أسلحتهم .

ويقول القائمين علي الحملة أنهم مجرد يساعدون المظلومين .

وقال الشيخ حايف المطيري، العضو السابق في البرلمان الكويتي ولا يمت بصلة للجندي الكويتي السابق ويقود لجنة لتمويل الجماعات الثورية الرئيسية، أن التمويل عن طريق الأفراد ما كان ليوجد لو أن دولا مثل الولايات المتحدة تدخلت لحماية المدنيين السوريين .

الكويت لا يوجد بها نظام أمني قمعي صارم مثل دول خليجية  اخري تقمع من يقوم بهذه الانشطة وبها عدد من الاسلاميين المشاركين في نظامها السياسي المنفتح نسبيا . ويقوم عدد من الاعضاء السابقين في البرلمان بجمع التبرعات وبعضهم سافر الي سوريا للقاء حلفائهم الثوار . وغض الكويت  الطرف عن جمع التبرعات أغضب الولايات المتحدة الامريكية .

وموقع الكويت ونظامها المصرفي جعلاها بلدا سهلة للمتبرعين من الدول التي يوجد بها قيودا أكبر لجمع الاموال ونقلها عبر الحدود .

بعض جامعي التبرعات والمانحين فاقموا الايحاءات الطائفية للصراع فقد طالبوا بالانتقام من الشيعة والعلويين، وهم الطائفة التي ينتمي اليها بشار الاسد .

قال الشيخ شفيق العجمي، أحد جامعي التبرعات البارزين في لقاء أجري معه هذا العام " من الأشياء الجميلة داخل سوريا أن المجاهدين أدركوا حاجتهم الي ضرب العلويين بقوة بنفس الطريقة التي يقتلون بها زوجاتنا وأطفالنا " .

امتنع الشيخ عن التعليق . الا أن اخيه محمد العجمي قال في احدي اللقاءات أن جماعته كانت تمول غرف عمليات للحملات العسكرية وأن جبهة النصرة، المرتبطة بتنظيم القاعدة، كانت تعمل معهم . وأنكر قيام الجماعات المقاتلة التي يمولها بقتل المدنيين .

وقال السيد العجمي " نحن نؤمن أننا في النهاية سيسألك الله ماذا فعلت وستجيبه "

ويرفض معظم جامعي التبرعات الافصاح عن حجم الاموال التي يجمعونها، عدا عن الاعلان عن العطايا علي مواقع التواصل الاجتماعي . ويعتقد أن الدعم المقدم من الافراد أقل مما ترسله الدول، بالرغم من أن المسؤلين في الغرب والدول العربية اعترفوا بصعوبة تعقب التمويل السري .

وقللت الحكومة الكويتية من شأن أهمية الاموال، قائلة أن اسهامات الكويت الخيرية تفوق أي أموال ترسل لشراء الاسلحة .

وقال الشيخ محمد العبدالله الصباح وزير شئون مجلس الوزراء في لقاء معه أن الحكومة ارسلت اكثر من 500 مليون دولارا كمساعدات لجيران سوريا بالاضافة لأموال ارسلتها الجمعيات الخيرية الكويتية المرخصة .

وقارن الاموال التي يجمعها الافراد بتهريب المخدرات او السجائر الكوبية داخل الولايات المتحدة، قائلا أن الحكومة لا تستطيع عمل المزيد لوقفهم .

وقال " كيف يفترض أن اوقف شخصا يصعد الطائرة حاملا 10 الاف دولار في جيبه " .

المسؤلين في امريكا لا يتفقون

قال ديفيد كوهين وكيل وزارة الخزانة لشؤون الارهاب والاستخبارات المالية" في استطاعة الكويتيين عمل الكثير في هذه المسألة " . وقال أن الكويت اصبحت تشكل المشكلة الأكبر في المنطقة في تمويل الجماعات المتطرفة في سوريا وأن الضغوط الامريكية علي الحكومة الكويتية بهذا الخصوص لم تؤدي الي نتائج .

وامتنع السيد كوهين عن اعطاء تقدير لكمية الاموال التي يتم جمعها من افراد لتتدفق من الكويت وصولا الي سوريا، لكنه قال أنها تكفي لتزويد المقاتلين المتطرفين بالأسلحة الخفيفة والامدادات .

وتظهر عملية التمويل التي يديرها المطيري، الجندي الكويتي السابق، كيف تعمل الحملات والدوافع التي وراءها .

وفي احدي اللقاءات معه التي كانت غالبا ما تتوقف بسبب تناول الشاي او أداء الصلاة قال المطيري أن ما دفعه الي جمع التبرعات كان فيديو لبنت صغيرة تبكي بلا انقطاع بعد أن قتلت قوات الحكومة أبيها . ويتمني في نفس الوقت أن تغير الحرب هوية سوريا .

وقال " نسعي لانهاء حكم العلويين في سوريا لأننا نعتبرها دولة سنية وعاصمة العالم الاسلامي " .

وقال المطيري أنه قام في العام الماضي بتنظيم مؤتمر لأعضاء من قبيلته والذي يعد من أكبر المؤتمرات التي عقدت في الخليج والذي افتتح عقب المذبحة التي ارتكبتها قوات الحكومة في الحولة وجمع اكثر من 14 مليون دولار من التبرعات . لم يتسن التحقق من المبلغ .

ومنذ ذلك الحين وهو يعقد المزيد من المؤتمرات ويشرف علي قوافل المساعدات وفي نفس الوقت يجمع التبرعات . وقال أن أحد رجال الاعمال الاثرياء تبرع ب 1.7 مليون دولار، الا أن معظم التبرعات أقل من ذلك . وقال أن عروستين  تبرعن بمهرهن وأن اطفالا تبرعوا باجهزة الأي باد الخاصة بهم  .

وبينما هو يتكلم رن تليفونه وظهر علي التليفون زائر سعودي قام بتحويل مبلغ 1300 دولار من السعودية

في الفترة الاخيرة تحول اهتمامه الي الاسلحة . وقال أنه يقسم المال الي حزم أصغر ليتمكن ناقليها من حملها الي تركيا . ومن هناك يحملها عبر الحدود، حيث يصل معظمها الي جبهة النصرة، التي يعتبرها أكثر الجماعات االثورية الفاعلة والواقعية في سوريا .

كان السيد المطيري قد أصيب بجرح هذا العام بينما كان يقاتل بجانب الجماعة في حلب وقتل ابن عمه في احدي المعارك في شهر فبراير . ومع ذلك لم تفعل الكويت شيئا للحد من تحركاته .

قال المطيري " نشكر الله أننا دولة ديمقراطية والحركة الشعبية مشروعة فيها "




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق