الثلاثاء، 29 أغسطس 2017

حوار أجراه موقع معهد كارنيجي مع رئيس لجنة التحقيق في مزاعم استخدام الأسلحة الكيميائية في ضواحي الغوطة بدمشق.




حوار أجراه موقع معهد كارنيجي مع أكي سيلستروم، الذي عينته الأمم المتحدة للتحقيق في مزاعم استخدام الأسلحة الكيميائية في ضواحي الغوطة بدمشق، ويناقش نتائج التحقيق

11 مارس 2014  

بمجرد وصول فريق التحقيق التابع للامم المتحدة  بقيادة البروفيسور أكي سيلستروم، الخبير السويدي المعروف في الحرب الكيماوية، في 21 اغسطس 2013 للتحقيق في مزاعم استخدام الاسلحة الكيماوية باستخدام غاز الاعصاب المعروف باسم غاز السارين الذي أطلق علي ضواحي الغوطة في دمشق. وهددت الولايات المتحدة بالتدخل عسكريا لمعاقبة حكومة الرئيس السوري بشار الاسد التي حملتها مسولية الهجوم

واثناء انتقال الجدل الدائر حول التدخل في سوريا الي الكونجرس كانت الامم المتحدة تفاوض لدخول منطقة الغوطة للتحقيق فيما حدث. وبعدها واصل فريق سيلستروم التحقيق في هجمات كيماوية اخري مزعومة في مناطق أخري داخل سوريا، ومنها حادثة في مدينة خان العسل الواقعة غرب حلب التي اتهمت الحكوة السورية قوات المعارضة بارتكابها

 قدم سيلستروم تقريره الأولي إلى الأمم المتحدة في 16 سبتمبر  والتقرير النهائي في 12 ديسمبر، وقدم أدلة واضحة على استخدام السارين في سوريا. وفي تلك الفترة كانت الأحداث قد تحركت سياسيا. وكانت الولايات المتحدة وروسيا قد أبرمتا بالفعل في 14 سبتمبر الماضي اتفاقا يطالب الحكومة السورية بتسليم جميع اسلحتها الكيميائية لتدميرها من قبل منظمة حظر الاسلحة الكيميائية وهي هيئة حكومية دولية مكرسة للقضاء على الاسلحة الكيميائية. وقبل الأسد وبدأت العملية، لكنها تعرضت مؤخرا للتأخير. وقد تم حتى الآن شحن 11٪ فقط من المواد الكيميائية المعلنة من سوريا لتدميرها، وأصبح مستقبل الاتفاق موضع شك متزايد. وفي الوقت نفسه، لا تزال ظروف هجوم 21 أغسطس في منطقة الغوطة وغيرها من الهجمات الكيميائية المزعومة في سوريا موضع نقاش ساخن.

 واليوم وافق سلستروم على إجراء مقابلات مع قسم سوريا في أزمة. وقد شغل سابقا منصب كبير مفتشى اللجنة الخاصة التابعة للامم المتحدة المكلفة بتفكيك برامج العراق للحرب الكيماوية والنووية. وهو يعمل حاليا كمدير مشروع في المركز الأوروبي للاسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية، وهي مؤسسة بحثية مقرها جامعة أوميا في السويد. وبعد أن طلبت الحكومة السورية تحقيقا من الأمم المتحدة في هجوم خان العسل عين الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون سيلستروم رئيسا بعثة لتقصي الحقائق في 26 مارس. وأكمل هذه المهمة في ديسمبر 2013.


- بروفيسور سيلستروم، لم يكن جزءا من ولايتكم كمحقق تابع لللأمم المتحدة تحديد مرتكب الهجمات الكيميائية في سوريا. الآن بعد أن تركت منصبك في الأمم المتحدة، هل تشعر بأنك استنتجت من مجموع الأدلة المتاحة بأن الحكومة السورية كانت مسؤولة عن هجوم كيميائي واحد أو أكثر؟

- لست متأكدا ما إذا كان بإمكاني أن أتحدث بصفة شخصية في هذه القضية، ولكن مواقفي الشخصية والمهنية لا تختلف عن بعضها البعض. ليس لدينا دليل لنقول من فعل ماذا، ولكن من ناحية أخرى، ليس لدينا دليل لنقول بأن هذا الطرف أو ذاك لم يرتكبها 


- تم تعيينك من قبل الأمين العام للأمم المتحدة في 26 مارس، وتوقعنا أن يبدأ العمل في سوريا في غضون أسبوع أو نحو ذلك. بدلا من ذلك حدث تأخير طويل قبل أن تطالبك الحكومة السورية بدخول سوريا. عندما وصلت أخيرا، وقع هجوم 21 أغسطس. كنت ترغب في التحقيق لكنك أجبرت مرة أخرى إلى الانتظار للحصول على إذن. ولم توافق الحكومة السورية علي اجراء التحقيق الا بعد ان ارسل بان كيمون مندوبته أنجيلا كين إلى دمشق في 26 أغسطس بعد خمسة أيام من الهجوم. لماذا تعتقد أن هذه التأخيرات قد حدثت؟

- سوريا عضو في الأمم المتحدة. وبالتالي طلبت من الأمين العام للأمم المتحدة إرسال بعثة للتحقيق في استخدام مزعوم لللأسلحة الكيميائية في خان العسل في 19 مارس 2013. وفي الوقت نفسه، تلقى الأمين العام من دول أعضاء أخرى ادعاءات باستخدام أسلحة كيميائية في أماكن أخرى . ولذلك أجاب بأنه لن سيرسل فريقا إلى خان العسل إلا إذا سمح له بالذهاب إلى بعض الأماكن الأخرى أيضا. وباعتبار سوريا دولة ذات سيادة فقد رفضت فكرة أن يكون لدول أعضاء أخرين غير أصدقاء لها رأي في ما ينبغي أو لا ينبغي التحقيق فيه في البلاد. وهذا هو تفسير التأخير الأول.

 التأخير الثاني كان قبل السماح لنا بالتحقيق في حادث الغوطة، وهو تأخير أكثر ايحاءا، رغم انه قد يكون له تفسيرات أخرى، مثل المخاطر الأمنية، وقضايا السيادة، أو عدم الرغبة في كسر الحصار المستمر لهذه المناطق وفضح معاناتهم للعالم المحيط بهم .

- هل تمكنت من استنتاج أي شيئ من غاز السارين المستخدم في سوريا عن مصادره؟  


- عندما تجد عينات من غاز السارين، قد تجد أيضا مواد كيميائية أخرى موجودة قد تشير إلى بعض من تاريخها. لم نتمكن من مقارنة هذا السارين مع المخازن الرسمية السورية أو بأي طريقة أخرى نستنتج أي شيء عن مصدرها.

 - ولكن البعض يدعي أن  العينات بها أدلة. عندما عرضت الحكومة السورية علي الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية تدمير برنامجها للحرب الكيميائية، أعلنت الحكومة السورية أنها تمتلك حوالي 80 طنا من مادة هيكسامين، وهي مادة كيميائية يمكن استخدامها لصنع السارين. وقد ذكر تقريرك وجود آثار الهيكسامين في بعض العينات من منطقة الغوطة. هل هذا يعني أن السارين المستخدم في 21 أغسطس قد أنتجته الحكومة؟

 - مادة الهكسامين يمكن أن تكون مثبتا لغاز السارين، ولكن أخرين ادعوا أن مادة الهيكسامين التي عثر عليها قد تكون من الملوثات الموجودة بسبب المتفجرات.

- هل يمكن ان تكون تلك الكميات من غاز السارين قد انتجت محليا او استوردتها جماعات اخري غير الحكومة السورية ؟ 

- الحصول علي غاز السارين من مصدر غير حكومي هو في نهاية المطاف مجرد تكهنات في هذه المرحلة - فهل تم توليفه أو استرداده من مخازن الحكومة أم ماذا؟

- قلت في لقاء أجري معك مؤخرا أن أرقام الموتي التي نشرها نشطاء المعارضة السورية وأفراد الطواقم الطبية بعد هجوم الغوطة في 21 اغسطس لم يكن لها مصداقية . هل تشرح لنا ذلك ؟ 

- الصراع في سوريا محاط بالكثير من الاشاعات والكثير من الدعاية، خصوصا فيما يتعلق بمسألة حساسة كاستخدام الاسلحة الكيماوية .  نحن نقيم حادثة الغوطة كحادثة كبيرة نسبيا، ولن أفاجأ إذا مات مئات الأشخاص - نحن ليس لدينا علم فحسب. ينبغي للمرء أن يدرك أنه مقابل كل شخص يموت هناك على الأرجح عشرة أشخاص يعانون من أعراض، بالإضافة إلى عدد من الناس الآخرين الذين يعتقدون أنهم مخدرين.

وإذا أخذت في الاعتبار أعداد الضحايا المخدرين وفقا لتقارير بعض مصادر المعارضة، فمن المستحيل أن يكون هذا العدد قد تم التعامل معه في هذا الوقت القصير المتاح في ظل الموارد الشحيحة المتاحة. ومع ذلك، ينبغي ألا يستغل هذا التصريح للحد من الجريمة أو إهمالها أو تقليص حجمها.

 - كانت الصواريخ المحملة بالسارين التي حللها فريقك في منطقة الغوطة الشرقية غير عادية إلى حد كبير، وهذه الصواريخ كانت في قلب النقاش حول ما حدث في 21 أغسطس. هل يمكن أن تخبرنا شيئا عن تصميمها ومصدرها المفترض؟

- هذه الصواريخ حظيت بالكثير من الاهتمام، وربما هناك حاجة الي جمع المزيد من المعلومات حولها من منظمة غير منظمتنا. 
ويشار إليها على أنها صواريخ مرتجلة وربما قصد منها احداث تفجرات شديدة . ومصدرها غير واضح في الوقت الراهن.
 - بشكل أعم، بصفتك عالم وشخص رأى هذه الأحداث عن قرب، كيف رأيت النقاش الدولي حول الهجمات الكيميائية في سوريا؟

- بشكل أعم، بصفتك عالم وشخص رأي تلك الأحداث عن قرب، ما رأيك في النقاش الدولي حول استخدام الاسلحة الكيماوية في سوريا ؟ 

- إذا نظرت إلى إحصاءات الصراع ستري أن الأسلحة الكيميائية لعبت دورا صغيرا جدا. ومع ذلك أصبح استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا مسألة سياسية للغاية، حيث أن لديها القدرة على السماح لبعض الدول الغربية بلعب دور أكثر نشاطا. وفي نهاية المطاف، ربما ساعد ذلك على خلق فرصة لإجراء محادثات في المستقبل. دعونا نأمل في ذلك.


أجري الحوار في 11 مارس 2014  الصحفي أرون لوند  المتخصص في الشأن السوري ومحرر قسم سوريا في أزمة علي موقع معهد كارنيجي للشرق الاوسط 
 http://carnegie-mec.org/diwan/54863?lang=en


الخميس، 3 أغسطس 2017

تفاصيل انهاء ترامب لبرنامج السي اي ايه لتسليح وتدريب الثوار السوريين



2 اغسطس 2017

واشنطون -- جاءت نهاية أحد أكبر برامج العمليات السرية تكلفة في تاريخ السي اي ايه بسرعة

أثناء مؤتمر صحفي مقتضب عقد في البيت الأبيض الشهر الماضي نصح مدير السي اي ايه، مايك بوميو، الرئيس ترامب بوقف جهود تسليح وتدريب الثوار السوريين التي استمرت أربعة أعوام. فأنهي الرئيس البرنامج بسرعة.

حينها كان جيش الثوار جيشا صوري أجوف بسبب أكثر من أربعة أعوام من قصف الطيران الروسي إقتصر وجوده علي أماكن في سوريا لم تستعيدها الحكومة السورية وتتقلص باستمرار . وكان هناك معارضين في الكونجرس لهذا البرنامج وتقدمون بشكاوي بسبب تكاليفه - حيث تكلف أكثر من مليار دولار طوال فترة البرنامج - ونشرت تقارير تتحدث عن أن بعض الأسلحة التي قدمتها السي اي ايه وصلت في نهاية المطاف الي جماعة ثورية مرتبطة بتنظيم القاعدة وهو ما قلل من الدعم السياسي لهذا البرنامج

وفي الوقت الذي يري معارضي الرئيس ترامب أنه أنهي البرنامج لكسب ود الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، لم يكن هذا البرنامج يلقي قبولا من البيت الابيض سواء من اوباما أو ترامب - وتلك تعد حالة نادرة من حالات توافق اراء سياسة الأمن القومي

وأجبر إنهاء برنامج السي اي ايه، وهو أكثر البرامج تكلفة لتسليح وتدريب الثوار منذ برنامج وكالة المخابرات لتسليح وتدريب المجاهدين في افغانستان في الثمانينات، الادارة الامريكية علي اجراء حسابات لنقاط النجاح ونقاط الفشل . ويقول المعارضين للبرنامج أنه كان برنامجا متهورا ومكلفا وبلا جدوي. ويقول المؤيدين للبرنامج أنه كان برنامجا حذرا بلا داعي وحقق انجازات ملحوظة نظرا لأن ادارة اوباما فرضت عليه منذ البداية الكثير من القيود، مما أدي في نهاية المطاف كما يقولون الي فشله

مرت علي البرنامج فترات حقق فيها نجاحات، ومنها عندما دحر الثوار في 2015 قوات الحكومة في شمال سوريا، مستخدمين الصواريخ المضادة للدبابات التي أمدتها بها السي اي ايه والسعودية. لكن الحملة العسكرية التي شنتها روسيا في أواخر 2015 كانت تركز بشكل مباشرعلي المقاتلين المدعومين من السي اي ايه ممن يقاتلون قوات الجيش السوري. وقتل الكثير من المقاتلين، وتراجعت حظوظ جيش الثوار.

وقال تشارلز ليستر، الخبير في الشأن السوري في معهد الشرق الاوسط، أنه لم يفاجأ من انهاء ادارة ترامب للبرنامج الذي سلح ودرب الاف الثوار السوريين (وعلى سبيل المقارنة، تم إلغاء برنامج البنتاغون سنة 2015  بتكلفة 500 مليون دولار والذي وضع خططا لتدريب وتجهيز 15 ألف من الثوار السوريين على مدى ثلاث سنوات، بعد أن لم يتخرج منه سوي بضعة عشرات فقط من المقاتلين).

وقال ليستر عن برنامج السي اي ايه : " سألقي اللوم علي ادارة اوباما من عدة نواحي. فهم لم يوفروا له الموارد الضرورية ولا المساحة الكافية لتحديد أليات ميدان المعركة. كانت جماعات معارضة تتغذي بالتنقيط بما يكفيها لتعيش ولا يكفيها لتصبح جماعات فاعلة ومهيمنة " 

وقد وجه الرئيس ترامب مرتين بشكل معلن انتقادات لهذا البرنامج منذ انهاءه. وكانت صحيفة الواشنطون بوست هي اول من نشر قراره، وكتب السيد ترامب علي حسابه علي تويتر أنه سينهي " الأموال الضخمة والخطيرة والضائعة للثوار السوريين الذين يقاتلون الأسد " . وأثناء لقاء أجرته صحيفة وول ستريت جورنال الشهر الماضي مع الرئيس قال ان الكثير من الاسلحة التي قدمتها السي اي ايه للثوار وصلت في نهاية المطاف الي أيدي " تنظيم القاعدة" ، في اشارة الي جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة التي تقاتل في أغلب الأحيان جنبا الي جنب مع الثوار المدعومين من السي اي ايه 

وقال مايكل هايدن، المدير السابق للسي اي ايه، أن تصريحات الرئيس قد " تجعل الوكالة تتردد عندما يطلب تأييدهم عند القيام بعمليات سرية في المستقبل " 

وقال الجنرال ريموند توماس، قائد قيادة العمليات الخاصة للولايات المتحدة الامريكية، أثناء مؤتمر عقد الشهر الماضي أن قرار انهاء برنامج السي اي ايه كان " قرارا صعبا، صعبا " 

وقال : " فمما أعلمه علي الأقل عن هذا البرنامج وقرار انهاءه، لم يكن علي الإطلاق رشوة للروس . واعتقد انه كان مبنيا علي تقييم لطبيعة البرنامج وما يمكن ان نحققه وامكانية بقاؤه " 

رفض المتحدث الرسمي باسم السي اي ايه التعليق 

كان الرئيس اوباما قد وافق سنة 2013  علي مضض علي البرنامج عندما كانت الادارة تحاول الحد من زخم قوات الحكومة السورية الموالية للرئيس بشار الاسد. وسرعان ما وقع البرنامج ضحية لتغير التحالفات في الحرب الأهلية السورية التي دامت ستة سنوات والقدرات المحدودة لمسئولي الجيش والمخابرات الامريكية علي رؤية ما كان يحدث علي الأرض

فبمجرد أن يعبر المقاتلين الذين دربتهم السي اي ايه الي داخل سوريا يجد ضباط السي اي ايه صعوبة في السيطرة عليه. وأكدت حقيقة وصول أسلحة السي اي ايه في نهاية المطاف الي أيدي مقاتلي جبهة النصرة - وأن بعض الثوار انضموا لتلك الجماعة -  مخاوف الكثيرين في ادارة اوباما عندما بدأ البرنامج. ومع انه كان ينظر الي جبهة النصرة علي نطاق واسع باعتبارها قوة قتالية فاعلة ضد قوات الأسد، إلا ان انتمائها لتنظيم القاعدة جعل من المستحيل علي ادارة اوباما ان تقدم لهذه الجماعة اسلحة بشكل مباشر 


ويقدر مسؤولو المخابرات الأمريكية أن جبهة النصرة تضم الآن أكثر من 20 ألف مقاتل في سوريا، مما يجعلها أكبر فرع تابع لتنظيم القاعدة.   فإن جبهة النصرة كانت تركز منذ فترة طويلة على محاربة الحكومة السورية بدلا من التخطيط لهجمات إرهابية ضد الولايات المتحدة وأوروبا، علي عكس غيرها من الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة مثل القاعدة في شبه الجزيرة العربية،

وتحدث المسؤولون الأميركيون بشرط عدم الكشف عن هويتهم لأنهم لم يرغبوا في تحديد هويتهم عند مناقشة برنامج سري.

 ديفيد بيترايوس، الذي كان آنذاك مديرا للسي اي ايه، هو أول من اقترح في صيف عام 2012 برنامجا سريا لتسلح الثوار وتدريبهم لقتال قوات الحكومة السورية.
 
 واضطرت ادارة اوباما الي عقد مناقشات حول الاقتراح، ورأي كبار مساعدي اوباما أن المعارك الفوضوية في سوريا ستجعل من المستحيل تقريبا ضمان ان الاسلحة التي سيقدمها السي اي ايه لن تقع في يد ميليشيات مسلحة مثل جبهة النصرة. واعترض اوباما علي الخطة 

لكنه غير رأيه في العام التالي ووقع قرارا رئاسيا يجيز للسي اي ايه تسليح وتدريب جماعات صغيرة من الثوار السوريين في قواعد في الأردن بشكل سري. وجاء عدول الرئيس عن قراره من ناحية بسبب تعرضه لضغوط مكثفة من زعماء أجانب، منهم الملك عبد الله ملك الاردن ورئيس الوزراء الاسرائيلي بينيامين تنياهو الذي رأي ان الولايات المتحدة يجب ان يكون لها دورا أكثر فعالية في محاولة انهاء الصراع 

بدأ البرنامج السري الذي أعطي اسم " تيمبر سيكامور" Timber Sycamore ببطء، وفي 2015 حققت جماعات الثوار المدعومة من السي اي ايه تقدما ملحوظا علي قوات الحكومة، واقتحموا مناطق في سوريا كانت تعد لفترة طويلة معاقل للنظام. وحقق الهجوم زخما بعد ان بدأت السعودية والسي اي ايه إمداد جماعات الثوار بالاسلحة المضادة للدبابات
 
لكن اقتحام الثوار لمحافظة إدلب وحما واللازقية في شمال سوريا سبب مشاكل لواشنطون. فجبهة النصرة التي تقاتل جنبا الي جنب مع الثوار السوريين حققت مكاسب خاصة بها من الاراضي التي سيطرت عليها 
 
وكانت النجاحات التي حققتها جبهة النصرة في أرض المعركة هي ما دفعت الرئيس بوتن الي استغلالها كمبرر للعملية العسكرية الروسية في سوريا. ودمرت الحملة الروسية الثوار واضطرتهم للانسحاب بعد ان قصفت المقاتلين المدعومين من السي اي ايه ومقاتلي جبهة النصرة بلا هوادة  
 
وتعرض البرنامج لنكسات أخري. فتدريب وتسليح الثوار كان يتم في الاردن وتركيا، وضباط المخابرات الاردنية كانوا يسرقون مستودعات الاسلحة التي شحنتها السي اي ايه للثوار السوريين ويبيعوها في السوق السوداء. وفي شهر نوفمبر قام أحد أفراد الجيش الاردني باطلاق النار وقتل ثلاثة جنود امريكيين كانوا يدربون الثوار السوريين في إطار برنامج السي اي ايه 
 
وكان مسئولي البيت الابيض يتسلمون تقارير دورية تتحدث عن اعدام الثوار السوريين الذين دربتهم السي اي ايه للأسري دون محاكمات وارتكبوا خروقات أخري لقواعد الصراعات المسلحة. وأدت هذه التقارير في بعض الأحيان الي تعليق السي اي ايه تعاونها مع تلك الجماعات متهمة إياها بارتكاب أخطاء 
 
وظل جون برينان، الذي كان اخر مدير للسي اي ايه في عهد اوباما، مدافعا قويا عن البرنامج رغم الانقسامات داخل وكالة الاستخبارات حول جدوي البرنامج. لكن البرنامج فقد في العام الأخير لرئاسة اوباما الكثيرين من المؤيدين له داخل البيت الابيض - لا سيما بعد ان أصبحت الأولوية القصوي للادارة قتال الدولة الاسلامية، أو داعش، بدلا من انهاء حكم الاسد 
 
وأثناء أحد الاجتماعات التي عقدت في البيت الابيض في نهاية ادارة اوباما، وإثناء مواصلة الثوار السوريين المدعومين من السي اي ايه خسارة الأرض أمام القصف الجوي الروسي، واصل السيد برينان تبريره أن علي الولايات المتحدة ان تواصل دعم جهود اسقاط الاسد، وفقا لما ذكره لنا شخص ممن حضروا الاجتماع
 
لكن سوزان رايس، مستشارة الامن القومي، ردت عليه قائلة : " لا ترتكب خطأ فأولوية الرئيس في سوريا قتال داعش " ، وذلك وفقا للشخص الذي حضر الاجتماع 
 
 وبدأت الحكومة السورية تدريجيا، مدعومة بالطيران الروسي، استعادة المناطق القريبة من الحدود التركية التي كانت لفترة طويلة معاقل للثوار، وفي النهاية طردت الثوار من مدينة حلب المحاصرة  
 
وسقطت حلب علي يد قوات الحكومة السورية في شهر ديسمبر 
 
 
 
 
 
 
https://mobile.nytimes.com/2017/08/02/world/middleeast/cia-syria-rebel-arm-train-trump.html?referer=https://t.co/8J0zHUSrt3?amp=1