الأربعاء، 13 نوفمبر 2013

مكاسب الأكراد تثير قلق الأطراف كافة:إدارة مدنية انتقالية معززة بتقدم ميداني




اعلن الاكراد في شمال شرق سوريا، أمس، تشكيل ادارة مدنية انتقالية، بعدما حققوا تقدما ميدانيا كبيرا في مواجهة المجموعات الجهادية.
واتخذ هذا القرار عقب مشاورات جرت في مدينة القامشلي ذات الغالبية الكردية، وبعد اربعة اشهر من اعلان قادة اكراد في سوريا عزمهم على تشكيل هذا الشكل من الإدارة.
وبموجب هذا القرار تقسم المنطقة الكردية في سوريا الى ثلاث مناطق يكون لكل منها مجلسها المحلي الخاص وممثلون في المجلس الاقليمي العام.
واعلنت القوى الكردية، في بيان، «تشكيل الادارة المدنية الانتقالية لمناطق غرب كردستان - سوريا». واضاف البيان ان «اجتماعاً عقد قبل يومين في مدينة القامشلي بين المكونات المحلية لمناقشة مشروع الادارة المدنية الانتقالية الذي تقدم به حزب الاتحاد الديموقراطي (اكبر الاحزاب الكردية السورية) في وقت سابق».
واوضح البيان ان «مهمة الادارة المرحلية هي اعداد قوانين الانتخابات المحلية والتحضير للانتخابات العامة واقرار القوانين بالإضافة الى القضايا السياسية العسكرية الامنية والاقتصادية التي تعيشها المنطقة وسوريا».
وتدير المناطق الكردية في شمال سوريا مجالس كردية محلية منذ انسحبت منها قوات النظام السوري في منتصف العام 2012.
واعتبر هذا الانسحاب تكتيكيا بهدف تشجيع الاكراد على عدم التحالف مع مسلحي المعارضة السورية.
وجرت مؤخراً مواجهات بين المقاتلين الاكراد والجهاديين، وتمكن المقاتلون الاكراد في تشرين الاول من السيطرة على معبر بالغ الاهمية على الحدود مع العراق.
ويمثل الاكراد نحو 15 في المئة من تعداد الشعب السوري.
وبعد المكاسب العسكرية التي حققها الأكراد في شمال شرق سوريا تعمل ميليشيا كردية على تعزيز وجودها الجغرافي والسياسي ما يضع القوى الإقليمية في مأزق.
وقوبلت الانجازات الميدانية التي حققها الاكراد السوريون برد فعل متباين على الصعيد العالمي والإقليمي والمحلي، حتى بين بعض أبناء عرقهم الذين يقولون إن المقاتلين الأكراد انجرفوا إلى محور إقليمي يدعم الأسد ولكنهم ينفون ذلك.
وتعني مكاسب الأكراد للأسد انتزاع المزيد من الأراضي من قبضة مقاتلي المعارضة.
ومن ناحية أخرى تأمل القوى الأجنبية الداعمة للمعارضة في أن يوجه الأكراد ضربة للمقاتلين المرتبطين بتنظيم «القاعدة» الذين ظل نفوذهم يتصاعد في شمال سوريا على مدى شهور دون رادع.
ويقول الناشط الكردي بيروز بيريك من مدينة القامشلي السورية «كان التقدم مقبولا من الجميع في الأساس».
لكن هذه التصريحات تغفل المخاوف الواسعة من أن تأثير مكاسب الميليشيا الكردية في صراع لا يهدد وحدة سوريا فحسب، بل كذلك استقرار الدول المجاورة التي تعاني من الانقسامات العرقية والطائفية نفسها.
وبدأت تركيا عمليات الحفر لوضع أساسات جدار على طول جزء من حدودها مع سوريا الشهر الماضي، وعزت ذلك إلى دواع أمنية. لكن الخطوة التركية أثارت احتجاجات من الأكراد الذين قالوا إن الجدار يهدف إلى الحيلولة دون تقارب العلاقات عبر الحدود بين المنطقتين الكرديتين في البلدين.
ولا شك أن تعزيز موقف الأكراد في سوريا يضع تركيا في موقف صعب في الوقت الذي تحاول فيه تحقيق السلام على أرضها مع «حزب العمال الكردستاني» الذي قاتل من أجل الحصول على حكم ذاتي أكبر للاكراد في جنوب شرق تركيا طوال ثلاثين عاما.
صحيح أن تزايد نفوذ الميليشيا الكردية السورية المرتبطة بـ«حزب الاتحاد الديموقراطي» قد يشد عزيمة «حزب العمال الكردستاني» المتحالف معه، إلا أن تركيا قلقة أيضا من وجود جماعات مرتبطة بالقاعدة على حدودها.
وقال الناشط الكردي بيريك «ما سترونه هو انقسام أوضح لشمال سوريا بين حزب الاتحاد الديموقراطي وقوات المعارضين الإسلاميين».
وقال ريدور خليل، المتحدث باسم الميليشيا الكردية المرتبطة بـ«حزب الاتحاد الديمقراطي» إنه تمت السيطرة على أكثر من ثلثي الأراضي الكردية في سوريا ومعظمها في محافظة الحسكة بشمال البلاد حيث يشكل الأكراد 70 بالمئة من سكان المحافظة والباقي من العرب.
ولمح خليل أيضا إلى أن الميليشيا قد تحاول السيطرة على بلدات شمالية يشكل فيها الأكراد أقلية مقارنة بالعرب مثل بلدتي جرابلس واعزاز الحدوديتين الاستراتيجيتين اللتين استخدمهما مقاتلو المعارضة كطرق لنقل الإمدادات من تركيا.
ويلتفت الأكراد الآن إلى مدينة تل أبيض التي تمثل طريقا مهما عبر الحدود مع تركيا يمكن استخدامه في نقل الإمدادات. ومدينة راس العين الحدودية التي سيطر عليها الأكراد بالفعل هذا الأسبوع لا تقل أهمية عن تل أبيض.
وتلقي المكاسب الكردية بظلال الشك على القوة النسبية لمقاتلي المعارضة خصوصا «جبهة النصرة» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» و«الدولة الإسلامية في العراق والشام» اللتين تفرضان إرادتيهما في الأراضي الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة.
وقادت الجماعتان أيضا هجمات على مناطق كردية مما أدى إلى تأرجح زمام السيطرة بين الأكراد ومقاتلي المعارضة الإسلاميين المتشددين طوال أشهر.
وقال مصدر على صلة بوحدات إسلامية متشددة: «اضطرت جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام إلى الرحيل بسبب الجبهات المهمة التي ينبغي الدفاع عنها في حلب».
ويقول مقاتلو المعارضة أيضا إن هزيمتهم تسلط الضوء على من يساعدون خصومهم أكثر مما تسلطه على قوة المقاتلين الأكراد أنفسهم. وأضافوا ان الفضل في مكاسب الأكراد يرجع إلى العون الذي قدمته قوات الأسد وكذلك القوات العراقية.
وتتماشى هذه التصريحات مع روايات محلية عن سيطرة «حزب الاتحاد الديموقراطي» على اليعربية على الحدود الشرقية مع العراق حيث بدأ المقاتلون تقدمهم في الأراضي الكردية الشهر الماضي.
وتنفي الحكومة العراقية بشدة دعم أي فصيل في سوريا بما في ذلك الأكراد.
ويقول الأكراد في سوريا إنهم يعارضون الأسد ولا يسعون إلى إقامة دولة منفصلة ولكنهم يتخوفون من الانتفاضة التي يقودها «العرب». وينظر إلى «حزب الاتحاد الديموقراطي» على أنه أكثر استعدادا للتعاون مع أي جماعة لتحقيق هدفيه في الحكم الذاتي وزيادة النفوذ.
ويقول معارضو الحزب من الأكراد والعرب إن المكاسب التي تحققت في الآونة الأخيرة تظهر بوضوح أن «حزب الاتحاد الديموقراطي» قد انجرف إلى «محور شيعي إقليمي يدعم الأسد». وقال مصدر سياسي كردي في سوريا إن هجوم «حزب الاتحاد الديموقراطي» جاء في هذا التوقيت ليتزامن مع حملة تشنها قوات الأسد للتقدم نحو الشمال الغربي قرب مدينة حلب.
وأضاف: «نظمت قوات الأسد أيضا ميليشيات عربية في المنطقة تتألف معظمها من رجال القبائل المعارضين لتنامي نفوذ القاعدة هنا... وقد حاربوا الى جانب الأكراد».
وفيما ينفي خليل تعاون مقاتليه مع جماعات من الخارج، قال سياسي عراقي كبير إن «حزب الاتحاد الديموقراطي» يلقى دعماً من قبل إيران، موضحاً ان طهران «تدعم هذه الجماعات كي تضمن لنفسها جماعة قوية في سوريا في حال خرجت الأمور عن السيطرة».
وقال السياسي العراقي إن الحكومة العراقية تدعم الأكراد «لإضعاف العلاقات بين السنة عبر الحدود». وأوضح «قد يساعدونهم بالتعاون مع إيران على تأسيس منطقة كردية تتمتع بالحكم الذاتي... من أجل إقامة منطقة فاصلة بين السنة العراقيين والسوريين».
وبالنسبة لـ«حزب الاتحاد الديموقراطي» ربما تكون الأهداف الاستراتيجية لمكاسبه الميدانية سياسية بقدر ما هي عسكرية. ذلك أن الحزب يحاول الاحتفاظ بدوره كقوة مهيمنة بين الأكراد السوريين. وتقول بعض المصادر الكردية إن الحزب يأمل أن تضمن له مكاسبه مكاناً على مائدة «جنيف 2».
وضمت المعارضة السورية المتشرذمة المدعومة من الغرب بعض الأعضاء الأكراد الذين يعارضون «حزب الاتحاد الديموقراطي». ورغم ذلك، يرى الكثير من الأكراد على الارض أن حزب الاتحاد الديموقراطي هو الحامي لهم.
ويقول خليل، المتحدث باسم «حزب الاتحاد الديموقراطي»: «من حقنا أن ندير المناطق الكردية. لا نطالب بالانفصال بل بمجرد الحق في إدارة شؤوننا». ويضيف: «إذا كان مؤتمر (جنيف 2) سينظم مستقبل سوريا فمن حقنا عندئذ أن يكون لنا تمثيل خاص بنا». (رويترز)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق