الأحد، 10 نوفمبر 2013

المتشددين المتطرفين علي الحدود السورية يسببون قلقا لتركيا





ريحانلي ، تركيا - في هذه البلدة الحدودية المزدحمة، أصبحت الشقق المجهولة بمثابة بيوت آمنة لقادة المتمردين السوريين، وعيادات للمقاتلين الجرحى والمراكز الإعلامية للمعارضة المجهزة بصنوف من أجهزة الكمبيوتر المحمولة المتطورة وأجهزة الفيديو.

سمحت تركيا للفيف من الثوار السوريين وشركائهم، بما في ذلك النشطاء العلمانيين والشيوخ ومهربي الأسلحة والمسلحين الاسلاميين، باستخدام أراضيها كطريق للعبور وتوفير الخدمات اللوجستية والاستراحات.

وكانت الحكومة قد اعلنت صراحة  أنها تريد أن  ترى الرئيس السوري بشار الأسد وقد خرج من السلطة. ولكن بعد أكثر من عامين، لا يزال الصراع مستمرا . وقويت الجماعات المتمردة المرتبطة بتنظيم القاعدة  بسرعة في سوريا واستولوا على اراض بالقرب من الحدود التركية، الحدود الشرقية لحلف شمال الاطلسي .

 ويشعرالمسؤولين في أنقرة، العاصمة التركية، فضلا عن منتقدي سياسة الحكومة بالقلق من تأسيس المتشددين وجودا دائما وتصديرهم الأفكار المتطرفة والمقاتلين من  الدولة التي مزقتها الحرب والفوضى. ورغم  قلق واشنطن من تقدم المسلحين، تبدو تركيا لا تملك الا عددا قليلا من الخيارات الجيدة.

وقال سونر كاجابتاي، المحلل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى "لقد كانت حسابات أنقرة أن الأسد يجب أن يرحل، وأن تركيا ستسمح لمن يريد محاربة الأسد بالذهاب إلى سوريا، ولم تهتم تركيا بوجود  بعض الأشرار، لأنه بمجرد رحيل الأسد سيتولي  الأخيار مهمة تطهير الأشرار."

والآن وقد اصبحت هذه الحسابات آخذة في التغير. "أدركت تركيا أن الأسد قد لا يرحل " كما قال كاجابتاي. وأضاف "و قد لا يتولي الأخيار."

فتحت بطاريات المدفعية التركية النار الشهر الماضي على مواقع لفصيل متمرد قوي  في سوريا على صلة بتنظيم القاعدة، الدولة الإسلامية في العراق والشام، بعد أن احتل مقاتلوه بلدة عزاز السورية ، التي تقع علي بعد ثلاثة أميال فقط  من الحدود. 

أغلقت تركيا معبر عزاز، مما دفع تهديدا الإنترنت من قبل المجموعة لتوسيع نطاق حملة من تفجيرات السيارات الملغومة إلى الأراضي التركية.

تركيا يمكن أن تكون أكثر حذرا بشأن أيا من الجماعات المعارضة السورية تتلقي المساعدات ومن منها يمكنها أن تعمل في المنطقة الحدودية. ودافع المسؤولون مرة أخرى عن التهم بأن الاراضي التركية أصبحت نقطة انطلاق لجماعات تنظيم القاعدة التي على صلة بتنظيم مثل جبهة النصرة . ووردت تقارير اخبارية عن ضبط شاحنات تحمل ما وصفوه بالمواد الكيميائية المشبوهة ورؤوس صواريخ لمئات الصواريخ.

ولكن اغلاق المنطقة الحدودية في وجه فصائل المتمردين السوريين سيخنق طرق الإمداد ويمكن أن يؤدي إلى انهيار كامل للثورة علي الأسد في شمال سوريا.

ونظرا لحالة الجزع التي انتابتها، أطلقت تركيا حملة دبلوماسية مع الدول المجاورة، بما في ذلك إيران، الحليف المقرب لحكومة الأسد. وزار وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف، أنقرة في وقت مبكر من هذا الشهر، وتعهد البلدين بالعمل معا لايجاد حل لسوريا، على الرغم من كونهما على طرفي نقيض من الحرب بالوكالة هناك.

عندما ظهرت حركة التمرد المسلحة للمرة الأولى ضد حكم الأسد الاستبدادي في عام 2011، تبني المسؤولين الأتراك سياسة نشطة لدعم المعارضة على افتراض أن حكومة الأسد كانت على وشك الانهيار.وخروج الأسد كان سيفتح الطريق أمام عملاء تركيا  المدينين لها بالامتنان للاستيلاء على السلطة في دمشق.

ولم تفلح هذه الطريقة، وتشبث الأسد بالسلطة في الوقت الذي قرر فيه الغرب، وعلى وجه التحديد إدارة أوباما،  عدم تقديم مساعدات عسكرية قوية للمعارضة السورية.

لم يخفي رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ، مهندس سياسة أنقرة الخاصة بسوريا،  استياءه عندما بدا أن الاتفاق الذي تم بوساطة الولايات المتحدة وروسيا مؤخرا لتحييد سورية من الأسلحة الكيماويةسيستبعد احتمال وجود حملة القصف الأمريكية ضد سوريا.

اردوغان يرفض فكرة حصول جماعات اسلامية متشددة على موطئ قدم في تركيا. وقال يوم الخميس أثناء زيارة إلى السويد "غير وارد احتماء  منظمات مثل تنظيم القاعدة أو جبهة النصرة  في بلدنا"، .

لكن سياسته المتمثلة في الترحيب المتمردين السوريين من كل المشارب تثير غضب العديد من الأتراك الذين يخشون أن تنجر تركيا العلمانية  الى المستنقع الطائفي المتزايد في سوريا.

سأل سليمان ، وهو سياسي معارض يسكن في مدينة أنطاكية الواقعة علي المنطقة الحدودية والتي شهدت تدفق المقاتلين السوريين"لماذا نجلب كل هؤلاء المجانين هنا؟ .هؤلاء الناس تخيفنا".

في مقابلة هذا الشهر مع صحيفة الجارديان البريطانية،  عبر الرئيس التركي عبد الله غول عن القلق من أن تصبح سوريا "مثل أفغانستان على شواطئ البحر الأبيض المتوسط."

ومن غير الواضح ما إذا كان الدعم العسكري الغربي الاضافي أو حتي تدخل الولايات المتحدة المباشرة كان سيؤدي الي سقوط الأسد  أوكان سيؤدي الي  مجرد تسارع عملية العسكرة والتطرف في سوريا. وتقدم أفغانستان في الثمانينات  والعراق بعد الغزو عام 2003 بقيادة الولايات المتحدة وليبيا في الوقت الحالي أمثلة علي اكتساب المسلحين الاسلاميين زخما بعد الإطاحة المدعومة من الغرب بالحكومات الاستبدادية.

اليوم تمارس كتائب المعارضة العنيدة وأمراء الحرب المشتتين سطوتهم على مساحات شاسعة من سوريا. وتعد الدولة الإسلامية في العراق والشام وجماعة اسلامية اخري، جبهة النصرة ، اللتان تتلقيان على حد سواء تمولهما من الجهات المانحة الغنية في الخليج العربي وأماكن أخرى، من وسطاء السلطة الرئيسيين للثوار في سوريا، وحسب بعض التقارير الاخري تعدان  من أبرز الجماعات في سوريا .

وقد جزبت الدولة الإسلامية الآلاف من المجندين من الوحدات الثورية الأخرى وحشود من المتطوعين المتشوقين من عشرات الدول. وينظر الآن الي تركيا على نطاق واسع علي أنها اصبحت بمثابة طريق عبور المسلحين الاسلاميين المتوجهين الي سوريا قادمين من الخليج العربي  وشمال أفريقيا وأوروبا والشيشان وأماكن أخرى. ويقول الخبراء أن المتطوعين العراقيين والأردنيين ولبنانيين يدخلون عادة عبر حدود دولهم مع سوريا.

ومع صعود المتطرفين ، ظهر أن السياسة التي تدعمها الولايات المتحدة بمساعدة الجماعات المتمردة "المعتدلة" تواجهه عقبات كبيرة.

يتجاوز عدد المسلحين الاسلاميين الاجانب في سوريا الآن أولئك الذين توافدوا سابقا إلى العراق وأفغانستان، وفقا لتقديرات الكونجرس الامريكي. هناك قلق واسع النطاق في الغرب أن يفرخ الصراع السوري جيلا جديدا من المتطرفين يمكن أن تعيثوا فسادا في جميع أنحاء العالم.في نهاية المطاف 

وقال النائب الامريكي مايك روجرز  رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، الشهر الماضي "عندما تنتهي الحرب سيعود هؤلاء الناس الذين تدربوا علي القتال الى بلادهم"، .

فيما تواجه تركيا المتشددين الاسلاميين على عتباتها، فإنها تواجه أيضا ظهور الميليشيات الكردية  المتحالفة مع حزب العمال الكردستاني في شمال سوريا التي تسعي الي الحكم الذاتي. وقد خاضت تركيا حربا لأكثر من 30 عاما مع هذا الحزب، على الرغم من محادثات السلام الجارية الآن.

وقد أثبتت الميليشيات  العلمانية الكردية، التي كانت تري منذ فترة طويلة القوى الإسلامية الراديكالية العدو اللدود لهم، أنهم الفصيل السوري الوحيد القادر على دحر هذا الهجوم. ففي أواخر الشهر الماضي، اجتاحت الميليشيات الكردية معبرا على طول الحدود العراقية، وطردوا مقاتلي تنظيم القاعدة.

وقد دفع المشهد الحدودي المضطرب الي ظهورتكهنات بأن أنقرة قد تسعى في نهاية المطاف الي عقد تحالف استراتيجي مع الأكراد السوريين. ويقول محللين أنه على الرغم من أن هذا الاحتمال غير وارد ، الا أنه لم يعد يبدو مستبعدا ، .

وقال هوارد اينستيت ، خبير في شؤن تركيا في جامعة سانت لورنس في نيويورك"تركيا ستكون ستضطر لاتخاذ بعض القرارات الصعبة جدا جدا، نظرا للطريقة التي تكشفت عنها الاحداث في سوريا"، . واضاف "انهم يعيدون تقديرهم للموقف ويقولون:" حسنا، كيف ستبدو لعبتنا علي المدي الطويل ؟ "

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق