السبت، 21 نوفمبر 2015

كتب الدبلوماسي البريطاني ألستير كروك : إن القصة الكاملة لكيف انتهي الأمر بالولايات المتحدة الي التحالف مع بعض المتطرفين السنة في سوريا - واعلان الحرب علي اخرين - هي قصة ملتوية تعود الي المحافظين الجدد في عهد الرئيس جورج بوش الذين دخلوا " الجانب المظلم " لنائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني للعمل مع الجهاديين الذين يلجأون للعنف

بقلم : ألستير كروك

التزمت وسائل الاعلام الشهيرةالصمت عندما قال أعلي مسئول سابق في المخابرات العسكرية، الجنرال مايكل فلين، في شهر اغسطس أن قرار " الغرب " بإقامة إمارة سلفية معلنة أو غير معلنة في شرق سوريا كان  "قرارا متعمدا " للضغط علي الحكومة السورية، ثم واصل ليؤكد أن تقرير المخابرات العسكرية الامريكية سنة 2012  الذي نزعت عنه السرية مؤخرا وتناول صعود داعش في سوريا حذر صراحة من احتمالية اعلان " دولة اسلامية " " من خلال التوحد مع تنظيمات ارهابية اخري في سوريا والعراق ".

لم يرغب أحد في لمس " السلك المكهرب " الخاص باحتمال تواطؤ الولايات المتحدة مع قوات الخلافة . لكن ما كان يقوله الجنرال الامريكي كان واضحا بما فيه الكفاية : قرار تحويل سوريا الي ساحة جهاد كان قرارا سياسيا " متعمدا "، وأنه طالما أن جنين تنظيم القاعدة وداعش كانتا الحركتين الوحيدتين القادرتين علي اقامة هذه الخلافة في سوريا والعراق، وبالتالي قبلت الادارة الامريكية وحلفائها ضمنيا بالنتيجة، لمصلحة اضعاف واسقاط الدولة السورية .

ووجد الكثيرين في الغرب صعوبة في تصديق تصريحات الجنرال فلين - رغم معرفته المباشرة بالاحداث . كيف يكون ذلك ؟ ربما كان الأمر مخالفا لبديهيات معظم القراء والمشاهدين . وهي مسألة تلامس جرحا متقرحا في نفسية الغرب منذ أحداث 11 سبتمبر

أما الان مع التدخل العسكري الروسي والايراني، أصبحت الفوضي السورية التي تورط فيها الغرب شديدة الوضوح. فروسيا توفر الغطاء الجوي للجيش لسوري وتصر من جانب علي قطع خطوط امداد الثوار من تركيا وتصر علي الجانب الاخر علي قطع طريق الامدادات من الموصل لحلب - كمقدمة لإيقاع هزيمة استراتيجية لداعش .

ومقابل هذه العمليات، نشهد قادة الغرب يراوغون، بل ويبدو أنهم يتمنون عرقلة وايقاع الألم المباشر لمحاولات الروس وغيرهم لهزيمة قوات الخلافة المتطرفة بالسماح بوصول موجة من صواريخ التاو ومنظومات الدفاع الجوي المحمولة لسوريا علي يد مورديهم الخليجيين . اذن فأين يقف الغرب بالضبط ؟

القوات التي سيهزمها تحالف 4+1 ( روسيا وسوريا وايران والعراق زائد حزب الله ) ليست داعش بل جبهة النصرة وأحرار الشام - وهي جماعات جهادية تشكل قوات لاقامة خلافة، وباختصار هي جماعات لا يعنيها غير تحقيق النصر وليست معنية بأي تسوية سياسية . ومع ذلك يصرخ قادة الغرب " خطأ " ويلمحون بشكل من الأشكال أن هؤلاء " رجالنا " ولا يجب التعدي عليهم .


فوضي الغرب

الفوضي التي تورط فيها الغرب جلية للجميع في كل المنطقة . فظاهريا كلا من الولايات المتحدة وحلفائها " في حرب " علي القوات المتطرفة التي تقطع الرؤس وتمارس الحب معهم " علي السرير " في نفس الوقت . كيف حدث ذلك ؟ وكيف يتم التوصل لحل لهذه الفوضي ؟

تتمثل الازدواجية الامريكية نحو الاسلام السني المتطرف ( كما ذكرت في السابق ) بالأساس الي مجموعة امريكية من المحافظين الجدد الذين شكلوا جماعة " محارب الحرب الباردة " ذات النفوز حول نائب الرئيس ديك تشيني والتي كان لديها هوس من عودة النفوز السوفييتي للشرق الاوسط وعمل انقلابات في الدول العربية القومية والاشتراكية التي كان ينظر اليهم باعتبارهم  عملاء للسوفييت وتهديدا لاسرائيل .

وأكد ديفيد ورمسر مستشار ديك تشيني ( في 1996 ) أن " الحد من وتعجيل الانهيار الفوضوي " لحزب البعث لابد وأن يكون الأولوية القصوي لامريكا في المنطقة . وأضاف أنه لابد من عدم التهاون مع القومية العربية العلمانية، ولا حتي من أجل وقف مد الاصولية الاسلامية

وبوضع امريكا تدمير النظم القومية العلمانية كأولوية قصوي، وجدت نفسها مجبرة علي التحالف مع ملوك وامراء الخليج الذين اعتادوا علي اللجوء الي الحركات الجهادية كلقاح ضد الديمقراطية .

لكن استخدام امريكا ( وبريطانيا ) الحركات الجهادية السنية المتطرفة لاغراضهم الجيوسياسية الكبري كان بالفعل جزءا لا يتجزأ من سياستهم قبل 1996 بفترة طويلة . عندما سئل  زبغنيو بريجنسكي، مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، هل شعر بالندم من تقديم المخابرات المركزية الامريكية الدعم السري للمجاهدين الافغان قبل ستة شهور من التدخل السوفييتي في افغانستان أجاب علي النحو التالي : 

" بالفعل وقع الرئيس جيمي كارتر في 1979 علي أول أمر بتقديم المساعدات لخصوم النظام الموالي للاتحاد السوفييتي في كابول ( السوفييت تدخلوا في 24 ديسمبر 1979 ) وفي هذا اليوم كتبت ملحوظة للرئيس شرحت له فيها أنه في رأيي أن هذه المساعدات ( للقوات الاسلامية المتطرفة ) ستدفع الروس للقيام بتدخل عسكري ( في افغانستان ) "   

س : رغم هذه المخاطر، كنت مدافعا عن هذا العمل السري. ولكن ربما أنت نفسك كنت ترغب في دخول السوفيت الحرب، وحرصت علي التحريض عليها؟

بريجنسكي: ليس علي هذا النحو تماما. لم ندفع الروس إلى التدخل بل قمنا عن علم بزيادة احتمال وقوعه.

س: عندما برر السوفيت التدخل مؤكدين أنهم كانوا يقصدون محاربة التدخل السري للولايات المتحدة في أفغانستان لم يصدقهم الناس . ومع ذلك، كان لهذا اساس من الحقيقة. أنت لست نادما على أي شيء اليوم؟


بريجنسكي : أندم علي ماذا ؟ هذه العملية السرية كانت فكرة ممتازة . وكان لها أثرها في جر السوفييت للفخ الافغاني وتريدني أن أندم عليها ؟ اليوم الذي عبر فيه الروس الحدود كتبت الاتي للرئيس كارتر : الان حانت فرصتنا لنعطي للاتحاد السوفييتي حرب فيتنام الخاصة بهم 

س : ألا تشعر بالأسف أيضا علي دعم المجاهدين الاسلاميين واعطاء الاسلحة والمشورة لارهابي المستقبل ؟ 

بريجنسكي : ما هو الأهم لتاريخ العالم ؟ طالبان أن انهيار الامبراطورية السوفيتية ؟ بعض المسلمين المتطرفين أم تحرير اوروبا الوسطي ونهاية الحرب الباردة ؟ 

س : بعض المسلمين المتطرفين ؟ ولكن يقال مرارا وتكرارا أن الاصولية الاسلامية تشكل تهديدا للعالم اليوم 

بريجنسكي : هراء 


مخطط المحافظين الجدد 


ورغم ان استخدام الجماعات السنية الجهادية المتطرفة لأغراض جيوسياسية خاصة بالولايات المتحدة قائم بالفعل، ترجع جزور الوضع الامريكي المعقد في سوريا الي احداث وقعت في 2006 و 2007 .فحرب العراق في 2003 لم تؤدي الي تحقيق اقامة جبهة اقليمية تابعة للامريكان ولا لاسرائيل كما تنبأ المحافظين الجدد بل حفزت اقامة مقاومة من " هلال شيعي " قوي يمتد من ايران الي البحر المتوسط - فشعر زعماء الخليج بالخوف . 

وقال مستشار في الحكومة الامريكية أن الدول السنية " صعقت من هول قيام ثورة شيعية وكان يوجد استياء كبير من رهاننا علي الشيعة المعتدلين في العراق . " وأضاف : " ليس في استطاعتنا اعادة مكاسب الشيعة ولكن يمكن احتوائهم " 

وكان فشل اسرائيل في 2006 في الحاق ضرر جسيم بحزب الله لضرر هي القشة التي قصمت ظهر البعير - مما أثار غضب اسرائيل وقادة الخليج . وأثارت ايضا جدلا محتدما في واشنطون .   

وقال والي ناصر الزميل البارز في مجلس العلاقات الخارجية لسيمور هيرش : " يبدو أنه قد ثار جدل داخل الحكومة حول ما هو الخطر الأكبر - ايران أم المتطرفين السنة " وأضاف : " السعوديين والبعض في الادارة الامريكية كانوا يرون أن الخطر الأكبر هو ايران وأن المتطرفين السنة هم الاعداء الأقل خطورة . وكان هذا انتصارا للتوجه السعودي " 

وكان ايضا نصرا للقيادة اللبنانية السنية القريبة من السعودية والمتحالفة معها، والتي عمقت من علاقاتها في السنوات الماضية مع الجماعات السنية المتطرفة التي تتبني رؤية الاسلام المسلح ( مثل جماعة فتح الاسلام ) وكانت معادية لامريكا ومتعاطفة مع تنظيم القاعدة . 

وتنظر النخبة السنية اللبنانية لهؤلاء الحلفاء السريين ل 14 أذار ( وهو تحالف لبناني معادي لسوريا حمل اسم تاريخ ما يطلق عليه ثورة الأرز ) بإعتبارهم جنود مشاة افتراضيين - " جربوا الحروب " خلال الصراع في العراق - ممن يمكن رعايتهم وفي النهاية تزداد قدراتهم للتصدي عسكريا لحزب الله في لبنان، وممن كانوا سيصبحون فرق الرعب التابعة ل 14 أذار، وبمعني اخر، ممن سيحتوون النفوز الشيعي وربما حتي هزيمتهم في نهاية المطاف .

ونقلت التجربة اللبنانية الي الادارة الامريكية علي يد أشخاص مثل جيف فيلتمان ( الذي اصبح فيما بعد سفيرا لامريكا في بيروت ) بإعتبارها استراتيجية " تجريبية" لما سينجز في سوريا. وكان قادة 14 أذار يرون أن بإمكانهم تسيير هذه العناصر المتطرفة بأمان . وأنه رغم ميلهم نحو توجهات تنظيم القاعدة، وقفوا الي حد ما داخل " الخيمة " السنية العريضة بقيادة سعد الحريري والسعودية . 


سقوط سوريا عقد من احتمال وضع إسفين بين إيران وأعداء إسرائيل: حزب الله. وهو احتمال أن أغرى الإدارة الأمريكية: كتب سيمور هيرش "هذه المرة قال لي مستشار الحكومة الامريكية أن بندر وسعوديين آخرين طمأنوا البيت الأبيض أنهم سيراقبون عن كثب   الأصوليين الدينيين. وكانت رسالتهم لنا كالتالي : "نحن صنعنا هذه الحركة ونحن من يمكنه السيطرة عليها ." وهذا لا يعني أننا لا نريد أن يلقي السلفيين القنابل. بل علي من سيلقون تلك القنابل [ينبغي أن يلقوها علي ] حزب الله ومقتدى الصدر وإيران وعلى السوريين - [طالما] استمروا في العمل مع حزب الله وايران ".



ومع ذلك لم يكن كل السعوديين بنفس الثقة : إتهم دبلوماسي سعودي سابق متحدثا الي هيرش قائد حزب الله حسن نصر الله بالشروع " في خطف الدولة " ولكنه اعترض ايضا علي الرعاية السعودية اللبنانية للجهاديين السنة في لبنان . وقال " السلفيين يثيرون القرف والكراهية وانا ضد فكرة مغازلتهم . هم يكرهون الشيعة لكنهم يكرهون الامريكيين أكثر . وإذا اردتمl أن تحتالوا عليهم فسيحتالون عليكم . وسيصبح الأمر بشعا " 

لكن تشيني وفريقه انخدعوا بأفكار بندر الخاصة بسوريا لكنهم التزموا الحذر . " نحن بحاجة الي عمل كل ما في وسعنا لزعزعة استقرار النظام السوري واستغلال كل لحظة يتجاوزوها استراتيجيا " ( حسب مقولة تشيني الشهيرة : " علينا أن نعمل في الجانب المظلم إن أردت " ) 

وفي حوار أجراه ديفيد ورمسر ( المستشار السابق لتشيني وجون بولتون ) مع صحيفة التليغراف البريطانية أكد " أن هذا سيشمل الرغبة عند الحاجة للتحرك لاسقاط النظام السوري . وقال أن " إنهاء حكم البعث في دمشق قد يكون له تأثير الدومينو مما يؤدي في نهاية المطاف الي اسقاط النظام في طهران " 

تفاخر بندر بقدرته علي تسيير الجهاديين . "أترك هذا الجانب لي " . ذكر مستشار تشيني للامن القومي حينئذ، جون حنا، بعدها أنه كان هناك اجماع علي ذلك في ذلك الوقت. " أن يعمل بندر دون مراعاة المصالح الامريكية فهذا يعد بوضوح مدعاة للقلق .  لكن عمل بندر كشريك ضد عدو ايراني مشترك يعد رصيدا استراتيجيا كبيرا " 

 واتسمت هذه النقطة - دخول السعودية في مبادرة كبيرة ضد سوريا - ببداية التحالف الاستراتيجي بين السعودية واسرائيل بعد أن وحدهم العداء المشترك لايران . 

والحقيقة أن الدبلوماسي السعودي السابق كان علي حق . فلا الحريري ولا الامير بندر كانا قادران علي السيطرة علي قوات الخلافة الثائرة التي كانا يعملان معها . فمن كان منهم معتدلا ووسطيا ظل ببساطة يهاجر سياسيا نحو معسكر تنظيم القاعدة وداعش - وهاجرت معهم ايضا الاسلحة التي زودتهم بها المخابرات المركزية الامريكي . وبدأ الصراع في سوريا يصبح بشكل متزايد صراعا جهاديا في طبيعته، تماما كما كان يحذر الجنرال فلين في أوائل 2012 . 

 وكان الرئيس اوباما واضحا منذ البداية أنه لا يصدق فكرة وجود " معتدلين " . ففي 2012 قال لجيفري غولدبيرغ : " عندما يكون لديك جيشا محترفا ترعاه وتسلحه تسليحا جيدا دولتين قويتين ولهما مصالح كبيرة ويقاتل فلاحا ونجارا ومهندسا بدأوا كمتظاهرين وفجأة رأوا انفسهم الان في خضم حرب أهلية، فإن فكرة أن نغير المعادلة علي الارض، بطريقة سوية لا تلزم الولايات المتحدة بإقحام قوات برية، هي فكرة غير صحيحة . " 

أوباما لم يكن يؤمن بوجود معتدلين، لكنه تعرض لضغوط من " الصقور " ومن ضمنهم مبعوثيه، فريد هوف والجنرال ألن، للتعجيل باسقاط الرئيس الاسد. لكن الرئيس كان مصرا علي أن " لن نتدخل ونتورط في حرب اهلية تضم بالفعل عناصر ترغب في تحسين حياتهم وتضم ايضا بعض الناس الذين سيعرضون علي المدي الطويل الولايات المتحدة للضرر " 

وكانت الاجابة - كما هو الحال غالبا - اللجوء الي الي المزيد من العمليات السرية لتهدئة " الصقور " عن طريق اللجوء للعمليات السرية دعما للمعارضة - ومن ضمنهم الجهاديين . 

الرئيس أوباما : تقديرنا أن أيام ( بشار الاسد ) معدودة . والمسألة ليست هل سيرحل بل متي سيرحل . 

 غولدبيرغ : ألا تستطيع عمل شيئ لتسرع هذا الأمر ؟ 

الرئيس أوباما : لا استطيع أن أبوح لك لأن إجازتك السرية ليست جيدة بما يكفي (ضحك)


لا يوجد " طريقة سوية "  


لكن الادارة الامريكية كانت تري بوضوح كيف كان أخرون يغيرون المعادلة علي الأرض، " بطريقة غير سوية " . وفي 2014 كان جون بايدن نائب الرئيس الامريكي أكثر صراحة

"إن حقيقة الأمر هي القدرة على تحديد هوية العناصر المعتدلة في سوريا - لم يكن هناك عناصر معتدلة لأن العناصر المعتدلة مكونة حتى من أصحاب المحال التجارية وليس جنودا .. وبح صوتي وانا اصرخ أن المشكلة الأكبر تتمثل في حلفائنا - حلفائنا في المنطقة كانوا المشكلة الأكبر في سوريا . الأتراك والسعوديين والاماراتيين، إلخ إلخ. ماذا كانوا يفعلون؟كانوا مصرين علي اسقاط بشار الاسد والدخول في حرب شيعية سنية بالوكالة . فماذا فعلوا ؟ صبوا مئات الملايين من الدولات وعشرات الالاف من الأطنان من الأسلحة لكل من يقاتل بشار الأسد إلا أن الناس الذين زودوهم بها كانوا من جبهة النصرة وتنظيم القاعدة والعناصر الجهادية المتطرفة من كل أنحاء العالم . ولا نستطيع وقف زملائنا من تزويدهم بها . إذن فماذا حدث ؟ وفجأة الآن - ولا أريد أن أكون شديد الطرف. الآن عرفوا أن الله حق- وتمكن الرئيس من تشكيل تحالف من جيراننا السنة، لأن أمريكا لا يمكنها الذهاب مرة أخرى إلى دولة إسلامية واعتبارها معتدية - فكان لابد وأن يقوده السنة ليتدخلوا ويهاجموا التنظيم السني ."
 
ومن المفارقات أن جون حنا - بفضل خبرته - قال هذا عن سياسة أوباما تجاه سوريا، في اشارة الى اجتماع اوباما في يونيو 2015 مع قادة دول الخليج في كامب ديفيد. وأشار حنا أنه "أكد تفهمه للخطر الذي تشكله إيران على المنطقة":

"تخلص [أوباما] من هذه الأحجار الكريمة : فالعرب، حسب رئيس الولايات المتحدة، بحاجة إلى التعلم من النموذج الايراني. ففي الواقع هم بحاجة إلى نزع صفحة من كتاب قوات القدس - ويعني بهذا تطوير وكلائهم المحليين القادرين على ملاحقة عملاء ايران وإلحاق الهزيمة بهم. بدا الرئيس متعجبا   بحزب الله للحوثيين للميليشيات العراقية وإيران لديها مثل مقعد عميق من الوكلاء الفعال على استعداد لدفع مصالحها.

"أين، سأل، هي ما يعادلها على الجانب السني؟ لماذا، وقال انه يريد أن يعرف على وجه الخصوص، والسعوديين وشركائهم لم تكن قادرة على زراعة ما يكفي من اليمنيين لحمل عبء الكفاح ضد الحوثيين؟ العرب، اقترح أوباما، في حاجة ماسة إلى تطوير الأدوات التي تتجاوز القوة الغاشمة من التدخل المباشر. بدلا من ذلك، فإنها بحاجة إلى ذلك، يكون دهاء، sneakier، أكثر فعالية - حسنا، مجرد أشبه ايران "

https://consortiumnews.com/2015/11/17/lost-on-the-dark-side-in-syria/

الخميس، 19 نوفمبر 2015

الحرب الاهلية الليبية سمحت بتعزيز موقف داعش هناك



قوبلت مجزرة باريس يوم 13 نوفمبر بخطاب عسكري واستعراض للعضلات من جانب زعماء العالم. وقد تعهد باراك أوباما وفرانسوا هولاند "تدمير" الدولة الإسلامية (داعش). كثفت فرنسا وروسيا غاراتهما الجوية على الجماعة. وتركز المعركة، حتى الآن، على العراق وسوريا، حيث تسيطر داعش علي مناطق شاسعة من الأراضي. لكن القضاء على هذا المعقل قد يكون مجرد بداية. فالجماعة لها فروعها في جميع أنحاء العالم، من الجزائر إلى الفلبين.

 والعديد من الفروع الرسمية لا يربطها بالقيادة المركزية إلا علاقات فضفاضة . ومعظمها يجد صعوبة في السيطرة على الاراضي، ولكن بعضها قوي جدا. وسمحت الحرب الأهلية في اليمن، التي كانت لفترة طويلة موطنا لأحد الفروع الدموية لتنظيم القاعدة، بظهور أحد فروع داعش من الأماكن في الأماكن التي لا تسيطر عليها الحكومة لمهاجمة الحكومة والجيش والأهداف الدينية. وعذب فرع مصر الذي يعمل في شبه جزيرة سيناء الوعرة حكومة عبد الفتاح السيسي وأعلن مسئوليته عن تفجير طائرة الركاب الروسية في 31 أكتوبر وقتل جميع الركاب وعددهم 224 ممن كانوا على متنها.

ولكن أكثر فروع الخلافة مدعاة للقلق قد تكون "المحافظات" الثلاثة الخاضعة لها في ليبيا، حيث تشير التقديرات إلى أنهم يملكون حوالي 3،000 مقاتل. استحوزت تلك الجماعة علي الاراضي هناك وسط فوضى الحرب الأهلية بين الحكومات المتنافسة والميليشيات المتحالفة معها، في شرق وغرب البلاد. هياكل الدولة لا وجود لها لمواجهة صعودها. وتكثر الأسلحة، من بنادق وصواريخ. والحدود يسهل اختراقها . وكتب فولفجانج بوستاي ملحق الدفاع النمساوي السابق إلى ليبيا: هذه هي"الظروف المثالية لحملة إرهابية" .

وكما هو الحال في سوريا، لا أحد يعطي أولوية لهزيمة داعش في ليبيا . فكلا جانبي الحرب الأهلية أولوياتهم القيام بهجمات على بعضهم البعض.  وكتب فريدريك هري من مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، وهو معهد أبحاث أن تقدم الجماعة الجهادية كان تقدما انتهازيا إلى حد كبير،. واستفادت من "التصدع والهاء وعدم قدرة الفصائل المتناحرة." وهذا يشبه كثيرا ما فعلته في سوريا، حيث حاولت داعش سرقة الأعضاء وإغراء المجندين عن طريق التفوق علي الجماعات الإسلامية الأخرى في التطرف . لم يحقق هذا نجاحا دائما. فبعد أن استولي مقاتلي داعش على مدينة درنة، وهي ميناء صغير في شرق ليبيا، وطبقت أسلوبها الوحشي للعدالة، واجهوا رد فعل عنيف وأجبرت في نهاية المطاف للخروج من المدينة علي يد قوات تحالف ضم جهاديين آخرين.

وفي الآونة الأخيرة عززت هذه الجماعة سيطرتها علي مناطق في وسط ليبيا، بما في ذلك مدينة سرت وجزء كبير من المنطقة الساحلية إلى الشرق، وفقا للأمم المتحدة. ويقاتل مسلحين اخرين من جماعة داعش الآن للحصول على موطئ قدم في بنغازي، وهي مدينة مقسمة بين الجيش والميليشيات والجماعات المتطرفة. ويقول من يقاتلون داعش انهم شهدوا تدفق الأجانب في صفوف داعش. ويأتي الكثيرون منهم من دول الجوار من تونس والجزائر ومصر. وفي ظل تصعيد الضغط على داعش في العراق وسوريا، يبدو أنه قد جري إعادة توجيه بعض المجندين إلى ليبيا، التي أصبحت مركزا للجهاديين.

يثير تقدم داعش في ليبيا قلقا بشكل خاص لأوروبا، التي تقع علي بعد حوالي 400 كيلو متر عبر البحر الأبيض المتوسط. وقال فيديريكا موغيريني، رئيس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، في وقت سابق من هذا العام"، وفي ليبيا يوجد مزيجا مثاليا جاهز للانفجار وفي حال ما انفجر سيبنفجر على أبواب أوروبا"، . زاد  وجود داعش على الساحل من مخاوف اختلاط الإرهابيين مع المهاجرين الفارين من الحرب على القوارب المتجهة إلى أوروبا.

لكن محللين يقولون ان هذه المخاوف مبالغ فيها، لأسباب ليس أقلها أن داعش لا تسيطر على نقطة الصعود الرئيسية لركوب السفن. الجماعة تشكل خطرا أكبر على دول الجوار التي تشعر بالقلق من ان يجد المتشددين الاسلاميين الأجانب أو من مواطني تلك الدول  الإلهام والتدريب والملاز في ليبيا. ويقال إن الجهاديين الذين نفذوا الهجومين القاتلين على السياح الأجانب في تونس هذا العام قد تدربوا في معسكرات ليبية. وتزعم السلطات التونسية أنها احبطت هجوما كبيرا آخر هذا الشهر دبر في ليبيا وسوريا .

ومع ذلك، المسؤولين في الغرب يدرسون القيام بعمل عدواني ضد داعش في ليبيا وقاموا بعض منها. ويعتقد أنه في 13 نوفمبر  قتلت غارة جوية أمريكية زعيم الجماعة أبو نبيل الانباري، وهو عراقي يقال أنه على اتصال مباشر مع القيادة المركزية للجماعة في سوريا. وكانت الضربة التي تم التخطيط لها قبل مذبحة باريس هي المرة الأولى التي تقوم فيها أمريكا بضربات خارج العراق وسوريا. ولم تستهدف الغارة الأمريكية التي تمت في وقت سابق من العام في ليبيا داعش بل استهدفت تنظيم القاعدة: وقتلت مختار بلمختار، أحد قادة الجماعة.

داعش صنعت العديد من الأعداء في ليبيا، مما قد يكون فيه نهايتها في نهاية المطاف . وقد أدخلتها محاولاتها للتوسع الي الدخول في صراع مع القبائل والميليشيات التي على استعداد لقتالها والتصدي لها . كما تم منعها من الحصول على أي من موارد الطاقة الهائلة في البلاد. معظم الليبيين هم من السنة، وبالتالي فإن الجماعة لن تتمكن من استغلال  التوترات الطائفية كما فعلت في أماكن أخرى. ولو ضربت في العراق وسوريا فستقل شعبيتها في الخارج. ولكن طالما تستنزف الفوضى ليبيا ، من المرجح أن يدوم بقاء جهادي داعش.


http://www.economist.com/news/middle-east-and-africa/21678761-chaos-libyas-civil-war-has-allowed-islamic-state-consolidate-its-position?fsrc=gp_en

حوار أجرته مجلة فالور أكتويل الفرنسية مع الرئيس الأسد عقب أحداث باريس







السؤال 1 : أريد تعلقك علي التالي : عندما قال رئيسنا السيد هولاند أن الرئيس الأسد لن يكون الحل للمشكلة لأنه جزء من المشكلة . هل يمثل ذلك ر؟أيا عاما بالنسبة لك ؟ ما هو رد فعلك؟

الرئيس الأسد : أولا، الجزء الاول من رد فعلي هو كالتالي : هل عين الشعب السوري هولاند للحديث نيابة عنهم ؟ هذا هو السؤال الاول . وهل تقبل انت كمواطن فرنسي تعليقا مماثلا من أي سياسي اخر في هذا العالم يقول ان الرئيس هولاند لا يجب ان يكون رئيس فرنسا ؟ أليس هذا إذلالا للشعب الفرنسي .؟ نحن نراها علي هذا النحو نفسه . هو يهين الشعب السوري عندما يقول ذلك . ألا يعني ذلك انه لا يعترف بهم ؟
ثانيا، فرنسا كبلد تفخر دوما بتقاليد ومبادئ الثورة الفرنسية وربما الديمقراطية وحقوق الانسان، المبدأ الأول للديمقراطية أن يكون للشعب الحق في تقرير من يقوده . فإذن، عار عليه، وهو الذي يمثل الشعب الفرنسي، أن يفعل ويقول شيئا يتعارض مع الجمهورية الفرنسية والشعب الفرنسي .ثانيا: عار عليه أن يهين شعبا كالشعب السوري له تاريخ طويل من الحضارة منذ الاف السنين . إذن، هذا رد فعلي وأعتقد أنه لن يغير الحقائق في سوريا لأن الحقائق لا تتأثر بتصريحات معينة

السؤال 2 : إذا كانت لديك رسالة، رسالة واحدة، تريد أن توجهها للسيد هولاند والسيد فابيوس لا سيما بعد أحداث باريس، هل ستكون هذه الرسالة هي " من فضلكم إقطعوا علاقاتكم بشكل عاجل مع السعودية وقطر " ؟ .

الرئيس الأسد : أولا وقبل كل شيئ، هذه الرسالة تحمل عدة جوانب. الجزء الأول من الرسالة هو سؤال: هل هم مستقلين حتي أرسل لهم رسالة فيطبقوها ؟ في الواقع السياسة الفرنسية هذه الأيام ليست مستقلة عن السياسة الامريكية . هذا أولا . اذن فارسال رسالة لن تغير شيئا . ومع ذلك، لو كان عندي أمل في تغيير سياسي في فرنسا، فان الرسالة الأولي أوجهها الي فرنسا بسياساتها المستقلة الودية تجاه الشرق الأوسط وسوريا . ثانيا، ابتعدوا عن المعايير المزدوجة للامريكيين . فلو أردتم دعم الشعب السوري بخصوص الديمقراطية والحرية كما تزعمون فمن الأفضل أن تدعموا الشعب السعودي أولا .
إذا كانت لديكم مشكلة خاصة بالديمقراطية في دولة سوريا، فكيف يكون لكم صداقات وعلاقات جيدة مع أسوأ دولتين في العالم وأكثرها تخلفا في العالم  وهما دولتي السعودية وقطر ؟
ثالثا، من الطبيعي أن يعمل أي مسئول لمصلحة شعبه. .السؤال الذي أطرحه في رسالتي هو كالتالي : هل حققت السياسة الفرنسية خلال الخمس سنوات الماضية أي خير للشعب الفرنسي ؟ ما الفائدة التي تحققت؟ أثق أن الاجابة ستكون لا، والدليل علي هذه الاجابة هو ما قلته من سنوات قليلة، أن العبث بسوريا كالعبث بزلزال سيتردد صداه في بقية أنحاء العالم، وأولها اوروبا لأننا الساحة الخلفية لاوروبا، جغرافيا وجيوسياسيا، ولذلك قالوا في حينها " هل انت تهددنا ؟ " . لم أكن أهدد، وشارل إبدوا حدثت في بداية هذا العام فقلت بعد هذه الحادثة أنها قمة جبل الثلج، وما حدث بالأمس هو برهان اخر . إذن فهم بحاجة لتغيير سياساتهم لتحقيق مصالح شعبهم، وهنا تلتقي مصالحنا مع مصالح الشعب الفرنسي، خصوصا مكافحة الارهاب . اذن فالرسالة الاخيرة هي : كونوا جادين حين تتحدثون عن مكافحة الارهاب . هذه هي رسالتي .

السؤال 3 : يقول الخبراء الفرنسيين ان الارهابيين بكل تأكيد تلقوا تدريبا في الشرق الاوسط، ولدينا نقص في المعلومات . ماذا نحتاج لتحقيق التعاون بين باريس ودمشق ؟

الرئيس الأسد : قبل كل شيئ نحتاج الجدية . اذا لم تكن الحكومة الفرنسية جادة في مكافحة الارهاب فلن نضيع وقتنا في التعاون مع بلد أو لنقل حكومة بها مؤسسة تدعم الارهاب . فانت قبل كل شيئ تحتاج الي تغيير السياسات وأن يكون لك معيارا واحدا بهذا الخصوص وليس عدة معايير وأن تجعل هذه البلد جزءا من تحالف لا يحارب الا الارهاب . هذا تناقض . اذن فتلك هي الأسس الاولي لقيام أي تعاون . ونود ان يكون بيننا هذا التعاون، ليس مع فرنسا فقط، بل مع أي بلد . لكن هذا التعاون يحتاج الي مناخ سياسي . ويحتاج الي معايير وشروط محددة

السؤال 4 : واذا تغيرت الحكومة في المستقبل هل سيكون هذا ممكنا ؟

الرئيس الأسد : في السياسة لا توجد عواطف ولا صداقة بل مصالح . هذا هو دوري كسياسي وهذا دورهم كسياسيين في بلدك . الأمر ليس حبهم للأسد أو عدم حبهم لهوليس أن أحب هولاند او لا . الأمر ليس كذلك . مهمتي هي ما هو الأفضل للسوريين وما هو الأفضل لفرنسا، هذه مهمتنا . لذا ففي المستقبل لن تكون هناك مشكلة . المشكلة هي السياسات وليست المشاعر .

السؤال 5 : إلتقيت لتوك بالرئيس بوتن . أقصد، لا اريد أن اعرف ماذا قال لك لكني اريد ان أطرح عليك سؤالا، عندما قال شخص ما ان بوتن هو اخر شخص يدافع عن الغرب، هل تقول ذلك ؟ أن بوتن اخر رئيس دولة يدافع عن الحضارة الغربية .؟

الرئيس الأسد : اذن فهو يدافع عن اوروبا الغربية ؟

السؤال 6 : بالطبع .

الرئيس الأسد : عندما تتحدث عن الارهاب فهي ساحة واحدة . وهي ليست مجرد الساحة السورية او اليمنية او الليبية او الفرنسية . بل هي ساحة واحدة . اذن فالدافع وراء اعلان التحالف الروسي  قبل شهور قليلة ان يرسلوا جيشهم الي سوريا، هو إن لم نقاتل الارهاب في سوريا وربما مناطق اخري من العالم فسيضرب الارهاب في كل مكان ومنها روسيا، وهذا صحيح .  فعندما تحارب الارهاب في سوريا فانت تدافع عن روسيا وتدافع عن اوروبا والقارات الاخري . هذا صحيح . كانت هذه وجهة نظرنا لعقود منذا كنا نقاتل جماعة الاخوان المسلمين الارهابية في السبعينات والتسعينات . وكان لدينا هذا الانطباع وكنا نطالب دوما بتشكيل تحالف دولي لمحاربة الارهاب لان الارهاب لا يعترف بالحدود الدولية ولا يبالي بالاجراءات . ومهما اتخذتم من اجراءات في فرنسا بعد شارل ابدو، ما حدث بالأمس يثبت هذه النظرية . اذن فهذا صحيح ودقيق جدا . من يحارب الارهاب، سواء بوتن او غيره، ينفذ العالم كله

السؤال 7 : هناك مؤتمر في فيينا حول سوريا وغدا في أنقرة في قمة مجموعة ال 20 ، وقد قال رؤساء مختلفين في اوقات مختلفة : " الحل أن يغادر بشار الأسد سوريا " . هل انت مستعد شخصيا لترك السلطة اذا كان هذا هو الحل الأفضل لسوريا ؟

الرئيس الأسد : هذا السؤال مكون من جزئين . الجزء الأول هو هل في وسعي أن أفعل شيئا ردا علي المطلب الخارجي؟ اجابتي هي لا . لن أفعل مهما كان المطلب . سواء كان مطلبا صغيرا او كبيرا او هاما او غير هام، فهم لا شأن لهم بالقرار السوري . الشيئ الوحيد الذي فعلوه حتي الان هو دعمهم للارهابيين بأشكال مختلفة، بمنحهم مظلة سياسية وبالدعم المباشر . ولن يخلقوا غير المشاكل . وهم ليسوا جزءا من الحل . هذه الدول التي تدعم الارهابيين ليست جزءا من الحل في سوريا . لذا فكل ما يقولونه لا نرد عليه لأننا بكل صراحة لا نعيرهم إهتماما .

ثانيا، بالنسبة لي كسوري لا استجيب الا لارادة السوريين . وبالطبع عندما اتحدث عن ارادة السوريين لابد وان يكون هناك نوع من الاجماع، غالبية السوريين، والوسيلة الوحيدة لمعرفة ما يريده السوريين هي صندوق الاقتراع . هذا ثانيا . ثالثا، أي رئيس يأتي ويذهب في أي دولة تحترم نفسها، يحترم حضارتها ويحترم شعبها، من خلال عملية سياسية تعكس الدستور . الدستور يأتي بالرئيس والدستور هو من ينحيه من خلال البرلمان والانتخابات والاستفتاء وهكذا . هذه هي الطريقة الوحيدة لقدوم ورحيل الرئيس

السؤال 8 : ما كل هذه الأحاديث عن أن الحل الوحيد هو ليس تقسيم سوريا فقط بل العراق ولبنان ؟

الرئيس الأسد : يحاول الاعلام الغربي إعطاء إنطباع أن المشكلة في هذه المنطقة هي حرب أهلية بين مكونات وأديان وأعراق مختلفة لا ترغب في العيش معا . لذا فلماذا لا يقسمون وطنهم؟ .وبالتالي يمكنهم البقاء فيه . والواقع المشكلة ليست هكذا لأنه في مقدورك الان أن تري أن كل هذه المكونات تعيش معا حياة طبيعية في مناطق سيطرة الحكومة السورية . اذن لو أردت أن تقسم عليك أن ترسم خطوطا واضحة بين المكونات، سواء بين الطوائف أو بين الأعراق . وفي هذه الحالة اذا توفرت لك تلك الظروف واذا وصلت المنطقة لهذه الظروف، سأقول لك أن هذه الظروف سيؤدي الي انشاء دول صغيرة يقاتل بعضها البعض في حروب لا تنتهي وقد تستمر لقرون . وأي ظروف كتلك تعني حروب دائمة . وتعني لبقية العالم المزيد من مصادر تصدير عدم الاستقرار والارهاب حول العالم . هذه هي الظروف . لذلك هذا اسلوب تفكير يشكل خطورة . لا يوجد لدينا حاضنة اجتماعية الان للتقسيم . والواقع لو سألت أي سوري الان  سواء مع الحكومة أو ضد الحكومة سيقول لك انا مع وحدة سوريا .

السؤال 9 : تحدثت عن الدستور . في غضون شهور سيكون لديك انتخابات في سوريا . هل لديك إستعداد لوجود مراقبين دوليين للاشراف علي تلك الانتخابات ؟

الرئيس الأسد : نعم، لكننا قلنا أن المراقبة الدولية لا تعني منظمات الأمم المتحدة التي ليس لها مصداقية، حتي نكون صرحاء، لأنهم يخضعزن لسيطرة الامريكيين والغرب بشكل عام . لذا فعندما تتحدث عن المراقبة الدولية أو المشاركة أو التعاون فهذا يعني دولا معينة حول العالم لم تكن منحازة خلال الأزمة ولم تدعم الارهابيين ولم تحاول تسييس مواقفها بشأن ما يحدث في سوريا . تلك هي الدول التي يمكنها المشاركة في مثل هذا التنسيق أو المراقبة، لكننا ليس لدينا مشكلة من حيث المبدأ .

السؤال 10 : تطرقنا الي الحديث عن قطر والسعودية ولم نتحدث عن تركيا التي سمحت بوصول مئات الالاف من اللاجئين  الي اوروبا ويبدو ايضا أنهم سمحوا بدخول الجهاديين السوريين . فما هو دور تركيا ؟

الرئيس الأسد : الدور الأخطر في الموقف كله لأن تركيا قدمت كل أنواع الدعم لهؤلاء الارهابيين وكل أطياف الارهابيين . بعض الدول تدعم جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة ودول أخري تدعم داعش، بينما تركيا تدعم الإثنين وجماعات اخري في نفس الوقت . يدعمونهم بالموارد البشرية والتجنيد . يدعمونهم بالمال والخدمات اللوجستية والتسلح والمعلومات والتجسس وحتي بالقيام بمناورات عسكرية مع جيشهم علي الحدود أثناء عمليات القتال في سوريا . وحتي المال الذي يجمع من بقية العالم يمر عبر تركيا وبترول داعش يباع عبر تركيا، لذا فتركيا تلعب أسوأ دور في الازمة .

ثانيا، كل هذا مرتبط ارتباطا مباشرا بأردوغان وداوود أوغلو لأن كلاهما يعكس الايدولوجية الحقيقية التي يحملونها في قلوبهم، وهي ايدولوجية الاخوان المسلمين .

السؤال 11 : هل تعتقد أنه من الاخوان المسلمين ؟

الرئيس الأسد : ليس بالضرورة كونه عضوا تنظيميا بل العقلية هي عقلية الاخوان المسلمين مئة بالمئة . يهتم كثيرا بالاسلام السياسي الذي هو الجزء الانتهازي من الاسلام وليس الاسلام الحقيقي . هكذا نراه، لأنه لا يجب تسييس الدين . لذا فكل هذا مرتبط ارتباطا مباشرا به وبرغبته أن يحكم الاخوان المسلمين بقية العالم العربي فيتمكن من السيطرة عليهم بصفته سلطانا، والواقع سيسيطر عليهم بصفته إماما أكثر منه سلطانا . هذا هو الدور الذي تلعبه تركيا .

السؤال 12 : انت تعلم الموقف الذي نحن فيه الان وبالامس وقبله وشارل إبدو وقبله وقبله . قلت ذلك لكنني اريد تأكيدا منك : هل تعتقد ان فرنسا لا يمكنها محاربة الارهاب اذا احتفظت بعلاقتها بقطر والسعودية ؟

الرئيس الأسد : نعم . وأضيف انه لا يمكنك القتال ان لم يكن لك علاقات مع القوة التي تحارب داعش او الارهاب علي الارض . لن تتمكن من محاربة الارهاب وانت تتبع او تسير علي نفس السياسات التي تدعم في النهاية الارهاب بشكل مباشر او غير مباشر . ان لم تفعل كل تلك الامور لن تتمكن ولا نعتقد انها ستتمكن حتي الان .

الصحفيين : شكرا جزيلا سيادة الرئيس علي هذا الحوار

الرئيس الأسد : شكرا علي قدومكم


ترجمة اشرف محمد

http://sana.sy/en/?p=61879

الجمعة، 13 نوفمبر 2015

نهاية جيش الفتح ؟



تمكن أنجح تحالف للثوار في سوريا بالكاد من تحاشي الانهيار. خلال ربيع وصيف هذا العام أحرز تحالف جماعات الثوار السوريين المعروف باسم جيش الفتح سلسلة من الانتصارات الكبيرة علي نظام بشار الاسد في شمال غرب سوريا . ولكن في الأسابيع الماضية، بمجرد اعلان جيش الفتح عن شن هجوم جديد، انسحبت إحدي أكثر الفصائل تشددا، جند الأقصي، من الائتلاف .  وفضحت الحدة التي صاحبت انسحاب جند الأقصي - وهي فرع مفرط في التطرف من فروع جبهة النصر التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا - الانقسامات الدائمة وربما الغير قابلة للحل بين الثوار في سوريا . ولا يعني تصريح بعض أطراف الثوار أن جند الأقصي قد تعود لتنضم الي جيش الفتح أن هذه الانقسامات ستزول .

شكل ثوار الشمال غرف عمليات جيش الفتح، وهي نوع من خلايا التنسيق، في مارس 2015 بهدف الاستيلاء علي مدينة إدلب، عاصمة محافظة إدلب في شمال غرب سوريا . ويرتكز الائتلاف علي جبهة النصرة والثوار السلفيين في أحرار الشام، وتضم أيضا خمس فصائل اخري أصغر تتراوح بين ألوية أقل أيدولوجية وصولا الي جند الأقصي . وبفضل الدعم السخي من السعودية وقطر وتركيا وعودة التنسيق بينهم مجددا، لم يتمكن جيش الفتح من الاستيلاء علي ادلب خلال أيام في فصل الربيع الماضي بل استولي ايضا علي عدد من القواعد العسكرية للنظام وأوشك أن يطرد النظام بالكامل من المحافظة . وخلال أسابيع حقق جيش الفتح تقدما كافيا ليشكل خطرا علي معاقل النظام في وسط سوريا والمنطقة الساحلية

وأعلن ائتلاف الثوار في الشهر الماضي أنه سيشن هجوما جديدا للاستلاء علي محافظة حماة، رغم الهجوم المضاد الجاري للنظام بدعم روسي يبدو أنه يستهدف الي حد كبير جيش الفتح - وليس الدولة الاسلامية المزعومة ( داعش )، كما إدعت موسكو في البداية . وبعد أقل من اسبوعين أعلنت جند الأقصي انسحابها من الائتلاف فأثارت جدلا كبيرا. فهي لم تنسحب فقط بل اتهمت بعض من حلفائها السابقين بالكفر . وانتشرت إشاعات أن جبهة النصرة، ثاني أهم جماعة في الائتلاف، علقت دورها في الائتلاف.

وقالت جند الاقصي انها ستترك جند الفتح لأن بعض أعضاء الائتلاف لهم مواقف غير اسلامية وبسبب "الضغوط المتواصلة" من أحرار الشام لقتال داعش بالتحديد . وقال جند الأقصي أنه لن يعود الي الانضمام لجيش الفتح الا اذا لبي أعضائه مطالبهم بسقفها العالي، والتي شملت ان يعلن التحالف الحرب علي امريكا وروسيا والالتزام بالشريعة الاسلامية ( من المعروف ان جيش الفتح يتولي ادارة مدينة ادلب وفقا للشريعة الاسلامية الصارمة


ويبدو أن شكوي جند الأقصي بأن اعضاء في جيش الفتح يدعمون " مشاريع تتعارض مع الشريعة الاسلامية " تستهدف في غالبيتها أحرار الشام . تطورت هذه الجماعة الاسلامية الاخيرة مؤخرا من فصيل جهادي تقليدي الي شيئ أكثر تطورا وأكثر اهتماما بالمشاركة السياسية . لكن بعض أراءها أثارت انتقادات من عناصر جهادية متشددة . وبالتأكيد خمنت أحلرار الشام أنها هي المستهدفة من انتقادات جند الأقصي، فقد رد اثنين من كبار قادة احرار الشام ردا صيغ بكلمات لازعة وحادة


ومهما كانت المظالم التي حشد لها جند الأقصي، يبدو السبب الرئيسي لانسحابها هو رفضها قتال داعش . فأي هجوم يشنه جيش الاسلام في جنوب حماة سيصبح الثوار في النهاية وجها لوجه أمام داعش . وفي بيان جيش الفتح الذي اعلن فيه عن عملية حماة وعد بأنه سيقاتل أي قوة تقف في طريقه، ومن ضمنها الدولة الاسلامية . ورغم قول جند الأقصي أنها تري أن اعلان الدولة الاسلامية " الخلافة " باطل وأدانت تجاوزاتها المتطرفة، لم تقل الا أن صد عدوان الدولة الاسلامية "في المناطق التي نتواجد بها" كان مشروعا . واقترحت بدلا من ذلك هدنة بين الدولة الاسلامية والألوية الاسلامية في سوريا

بإستثناء الدولة الاسلامية، ربما تعد جند الأقصي من أكثر الجهاديين تطرفا في طيف الجماعات الجهادية في سوريا . وكانت دائما تثير الجدل، حيث يتهم ثوار سوريين اخرين مقاتليها بأنهم متعاطفين مع الدولة الاسلامية . وفي رد مسئول ديني كبير في احرار الشام علي انسحاب جند الأقصي ألمح الي أن أعضاء جند الأقصي لا يزالوا متعاطفين مع " أخوتهم " في الدولة الاسلامية ولا زالوا يأوون مقاتليهم . جند الأقصي رجموا النساء " الزانيات " وساعدت جبهة النصرة في التخلص من عدة ألوية ثورية اعتبروها مدعومة من الغرب واغتالوا قائدا عسكريا لعضو اخر في جيش الفتح .

ورغم كون جند الأقصي جماعة هامشية، إلا أنها ليست وحدها، وأعضائها ليسو الجهاديين الوحيدين في سوريا الذين لا يشعرون بالارتياح لقتال الدولة الاسلامية . وبهذا المعني، جيش الفتح كان نوعا ما حدثا جغرافيا طارئا وليس ائتلافا موحد الايدولوجية . ففي أوائل هذا العام كان لثوار سوريا في الشمال جبهة واحدة نشطة ضد الدولة الاسلامية، في ريف حلب الشمالي، وواجهوا في كل الجبهات الأخري النظام وحلفائه من حزب الله والميليشيات الشيعية التي تدعمها ايران . وفي غرب حلب كان بالمكان التخلي عن مسألة كيفية قتال الدولة الاسلامية في صالح مشروع مثل جيش الفتح يوحد فصائل الثوار الكبيرة التي لها هامش جهادي . لكن نجاح الائتلاف جعل هذا غير قابل الدفاع عنه . فكلما تقدمت ستجبر في نهاية المطاف علي مواجهة داعش وستتعري هذه التناقضات الداخلية .

نسبت نجاحات جيش الفتح في جزء كبير منها إلى التقارب الجديد بين المملكة العربية السعودية وتركيا وقطر. ولكن حتى الدعم الخارجي الكبير وزخم المعركة قد يفضي فقط إلى تماسك المتمردين الجهاديين الأكثر انتشارًا في سوريا مثل جند الأقصى وجبهة النصرة. لكن القوى الإقليمية تنفق الكثير من الجهد والموارد لجمع الفصائل المتنوعة فكريًا، وهؤلاء العملاء لهم أجنداتهم الخاصة في نهاية المطاف والتي ربما لا يمكن التوفيق بينها.

لن يصلح إعادة انضمام جند الأقصى إلى جيش الفتح ذلك بطريقة ما. وكجزء من الاتفاق الذي سيعيد جند الأقصى إلى التحالف مرة أخرى، يقال إن تحالف المتمردين بصدد إصدار نوع الميثاق الإسلامي الذي طالب به المتشددون. ولن يوفق ميثاق مصمم وفقًا لوجهة نظر جماعة جند الأقصى المتطرفة بين سياسات هذه الفصائل. ما يمكن أن يسببه ذلك هو النجاح في جعل أكثر أعضاء جيش الفتح الرئيسيين يبدون متطرفين أكثر أمام المجتمع الدولي، وبالتالي تخريب محاولاتهم في التواصل الدبلوماسي.

إن وحدة جيش الفتح لا يبدو أنه يمكن الدفاع عنها على المدى الطويل. فالقوى التي تفرق بين المتمردين والجهاديين في سوريا، من الأيديولوجيا وصولاً إلى المال والمصالح الشخصية، لا تزال فعالة، حتى في وجود مثل هذا التحالف النجاح. ومهما كانت الجهود المبذولة من قبل دول المنطقة والمتمردين أنفسهم، فقد لا يكون هناك شيء يمكن أن يبقي على تحالف هؤلاء المتمردين معًا.


http://www.worldpoliticsreview.com/articles/17163/the-end-of-the-army-of-conquest-syrian-rebel-alliance-shows-cracks

هل تعود التجارة بين سوريا وتركيا الي سابق عهدها رغم الحرب ؟

إستمرار التجارة في سوريا رغم الحرب الأهلية وما صاحبها من خسائر بشرية ومادية ضخمة  يصيب المرء بالحيرة

فرغم توقف العلاقات الدافئة بين سوريا وتركيا بشكل مفاجئ بعد بداية الحرب الأهلية في عام 2011 ، إلا أن هذا على وشك التغير. ومن المتوقع أن يبقي جزء كبير من اللاجئين وعددهم  أكثر من 2 مليون نسمة في تركيا، حتى بعد انتهاء الحرب. بدأ رجال الأعمال السوريين في الاستقرار هناك وبدأت الشركات المملوكة لسوريين أو الشركات المشتركة تزدهر.

وفقا للسجل التجاري، الصادر عن الاتحاد التركي للغرف وتبادل السلع (TOBB)، حتى نهاية نوفمبر 2010 لم يوجد أي شركة مملوكة لسوريين تعمل في تركيا. في ديسمبر 2010، أنشئت أول شركة سورية .

توجهت معظم موجات اللاجئين الكثيفة التي صبت في تركيا لمحافظات سانليورفا وكيليس وغازي عنتاب وماردين وكهرمان ماراس وأديامان في جنوب شرق الأناضول وهاتاي وأضنة ومرسين في منطقة البحر الأبيض المتوسط. وبطبيعة الحال، فإن مثل هذه الهزة الديموغرافية يكون لها الأثر الكبير على الكيانات الاجتماعية والاقتصادية في أي منطقة.

ووفقا لبيانات TOBB، تم إنشاء 417 شركة من قبل أجانب في سبتمبر 2015، 144 منهم سوريين. وبين يناير وسبتمبر، أنشأ المستثمرين الأجانب 3736 مؤسسة وشركات محدودة في تركيا. 1148 منهم سوريين، ما يقدر بحوالي ثلث مجموع الشركات.

 يبلغ إجمالي رأسمال هذه الشركات السورية نحو 59 مليون دولار. وكانت محافظة غازي عنتاب، بما تتميز به من وجود قاعدة صناعية متقدمة بها، المصدر الرئيسي للصادرات الى سوريا والعراق ودول الخليج والشرق الأوسط بأكمله. ورغم تعرض الاقتصاد في غازي عنتاب ومحافظات أخرى في المنطقة في البداية للآثار السلبية نتيجة لموجات اللاجئين، تظهر البيانات الاقتصادية الراهنة أن الشركات السورية لها تأثير إيجابي على اقتصاد المنطقة.

في هذه الأيام، كل شركة من ستة شركات تأسست في غازي عنتاب وكل شركة من ثلاثة شركات في كيليس وسانليورفا أصحابها رجال أعمال سوريين .

وفقا لدراسة أجرتها مؤسسة أبحاث السياسات الاقتصادية لتركيا، وهي شركة تابعة لTOBB، وذلك نتيجة للنمو السريع للشركات السورية في المحافظات الجنوبية الشرقية حلت هذه المحافظات محل اسطنبول كمركز للصادرات إلى سوريا.

وصلت الصادرات إلى سوريا 1.9 مليار دولار بدأت مع بداية التقدم النيزكي في تدهور العلاقات الاقتصادية والتجارية بعد عام 2011 بسبب الحرب الأهلية العنيفة. ومع ذلك، بحلول عام 2014 عادت إلى مستوى 1.8 مليار دولار . كانت صادرات تركيا في انخفاض في جميع الأسواق الأخرى ولكن بقيت في ارتفاع في سوريا.

وفقا لأرقام أكتوبر 2015 الصادرة عن جمعية المصدرين التركية، انخفضت صادرات تركيا الإجمالية بنسبة 1.5٪ بينما ارتفعت صادرات غازي عنتاب بنسبة 4.8 في المائة. وسجلت زيادات مماثلة في المحافظات الإقليمية الأخرى مثل أضنة ومرسين وهاتاي.

وقال وزير الاقتصاد الأسبق كورسات توزمن لموقع المونيتور، "علينا ألا نفاجأ إذا رأينا في غضون الخمس إلى 10 سنوات القادمة رجال أعمال سورية بارزين وأصحاب نفوز داخل أوساط رجال الأعمال في تركيا." وإشتهر توزمن بإبتكار استراتيجية "التجارة مع الجيران " التي طبقتها حكومات حزب العدالة والتنمية في عام 2002 و 2007.

وقال: "إندمج اللاجئين السوريين في غازي عنتاب علي أفضل ما يكون. كنا قد أطلقنا برنامج "التجارة مع الجيران" عندما بدأ رجال أعمالنا في غازي عنتاب وهاتاي وسانليورفا التجارة مع أقاربهم وأصدقائهم في حلب وحمص ودمشق. السوريين فروا الى تركيا وحملوا معهم كل ما يستطيعون حمله، ولكن لديهم أقارب في سوريا يعملون بالتجارة، وبالتالي عادوا الي مهنة التجارة المربحة كما في الأيام السابقة ".

وقال توزمن أنه على مر التاريخ كان السوريين واللبنانيين تجارا ناجحين. وقال : "التجارة في جيناتهم. أتذكر كيف بعد انهيار الامبراطورية السوفياتية، تدفق الروس إلى تركيا لشراء كل ما في استطاعتهم وحملوا [مشترياتهم] في طريق عودتهم الى بلادهم في حقائب. حاولنا تسهيل مهامهم. الآن أصبح معظمهم من كبار رجال الأعمال والمستوردين، وأصبح صغار الباعة الأتراك الذين وفروا لهم البضائع مصدرين. أرى نفس الشيئ يحدث مع السوريين وأعتقد أننا يجب أن نساعدهم".

في الوقت الذي أصيب فيه النظام المصرفي السوري بالشلل، تمم معظم التجارة على أساس الدفع النقدي. وينقل المال ناقلين موثوق به. وهذا هو السبب في أنه من المرجح جدا أن الأموال المتداولة في هذه المعاملات التجارية غير المسجلة هي أعلى بكثير من الأرقام المسجلة رسميا.

وأكد رجل الأعمال ظافر إيرسوي من مدينة أديامان أنه لسوء حظ مدينته أن ترتبط في كثير من الأحيان بإرهاب الدولة الإسلامية. وقال أيضا أن السوريين حققوا حيوية حقيقية للاقتصاد في محافظته.

وقال إيرسوي"احيانا ينشئ السوريون شركاتهم الخاصة ويسجلونها. وفي كثير من الأحيان يصبحون شركاء في السر. أنهم يجلبون معهم كميات كبيرة من المال ولا يريدون الاعلان عن شراكاتهم. يسجلون شركاتهم بأسماء أقاربهم في تركيا.  وأعتقد أن هناك في الواقع شركات أكثر من الشركات المعترف بها من قبل TOBB ".

وأضاف: "رغم أنهم يعملون بشكل رئيسي في قطاعات المواد الغذائية والملابس الجاهزة، بعضهم دخل مجالات البناء والطاقة. سوريا دمرت.ولو وجدوا حلا سيصبح هناك سوق للبناء واسع النطاق، فالمقاولين السوريين بدأوا في الظهور شيئا فشيئا وينشئون شركاتهم الخاصة. في مجال الطاقة أصبحوا شركاء لمحطات الطاقة الكهرومائية التشغيلية ويستثمروا في مشاريع جديدة ".

باختصار، رغم  تدهور العلاقات السياسية بين البلدين وإمكانية مشاركة تركيا في تدخل عسكري في سوريا مع قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة، من المقرر أن تعود التجارة بين سورية وتركيا  إلى ما كان عليه .



http://www.al-monitor.com/pulse/originals/2015/11/turkey-syria-trade-level-increase-despite-civil-war.html

الخميس، 12 نوفمبر 2015

طرق التجارة الخاصة بمقايضة الطعام مقابل الديزل تجذب المهربين في شمال سوريا






عمان :  تم إيقاف إحدي العربات في القافلة التي تنقل إمدادات للدولة الاسلامية ( داعش ) في إطار اتفاق روتيني بمقايضة الديزل مقابل الغذاء في شمال سوريا أثناء مرورها بأراضي خاضعة للثوار لتهريب الزخيرة في شحنة حبوب كما ورد، قال صحفي محلي كان موجود في مسرح الأحداث لموقع سيريا دايركت .

وقال حسين ناصر، وهو ناشط كان موجودا عند نقطة التفتيش في مدينة أحرص أثناء الواقعة والتقط صورا للعربة، أن عربة واحدة فقط من العربات الخمسة كانت تحمل زخيرة . أحرص هي اخر مدينة يسيطر عليها الثوار في شمال شرق ريف حلب علي طول الحدود مع أراضي تسيطر عليها داعش. القافلة كانت قادمة من غرب محافظة ادلب .

وقد تم طرد قوات الأمن التي يقودها ثوار من مدينة مارع القريبة علي يد زملائهم الثوار في إدلب "ممن أبلغوهم بالبضائع والشاحنات وأرقام لوحات السيارات الخاصة بهم"، قال ناصر. واضاف الصحافي أن ثوار الجبهه الشامية أوقفوا الشاحنات بعدها بوقت قصير عند نقطة تفتيش في أحرص التي تبعد حوالي 12 كيلو جنوب غرب معقل جيش الفتح في مارع.



وأوردت شبكة أخبار شام الموالية للمعارضة أن الخمسة عربات التي يزعم أنها كانت تنقل الطعام " كانت تحمل زخيرة تحتها "

في شهر يونيو توصل ثوار جيش الفتح في شمال ريف حلب الي اتفاق مع داعش " للابقاء علي الطريق مفتوح " للتجار المسافرين بين الاراضي التي يسيطر عليها الثوار والمناطق التي يسيطر عليها داعش، وفقا لبيان أصدره جيش الفتح في 28 يونيه . 

يستفيد جيش الفتح من هذا الاتفاق بالابقاء علي مصدر جاري للوقود للسوريين الذين يعيشون في المناطق التي يسيطرون عليها، بينما تتلقي داعش امدادات مستمرة من الطعام 

وسواء كان ذلك بدافع التعاطف أو الانتهازية، يبدو أن التجار في المناطق الشمالية التي يسيطر عليها الثوار من هذا الطريق التجاري النشط

" مالك العربة ( التي كانت تحمل الزخيرة ) كان تاجر حبوب في ريف إدلب لكنه نقل الأسلحة سرا الي داعش بزريعة نقل الطعام " ، قال ناصر .

http://syriadirect.org/news/north-syrian-food-for-diesel-trade-routes-invite-smuggling/#.VkKFvmWYVKc.twitter

وسائل الإعلام الروسية: روسيا والجيش السوري الحر

بواسطة آرون لوند، رئيس تحرير سوريا في أزمة

"نحن مستعدون لدعم  المعارضة الوطنية من الجو، بما في ذلك ما يسمى الجيش السوري الحر"، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مؤخرا للتلفزيون الروسي. ولكنه قال موسكو غير قادرة حاليا على القيام بذلك لأنها لا تعرف من يقود الجيش السوري الحر  والولايات المتحدة لن تساعد في التعرف عليهم. وقد قوبلت تصريحات لافروف بالسخرية والازدراء من الثوار السوريين، بمن فيهم العديد من أعضاء  الجيش السوري الحر، الذين يشكون من أن القوات الجوية الروسية كانت قصفهم منذ 30 سبتمبر.

والعجيب أنه في يوم 25 أكتوبر أوردت وكالة الانباء الروسية ريا نوفوستي أن أعضاء آخرين في الجيش السوري الحر على استعداد للدخول في "حوار" على امل الحصول علي  "المساعد".الروسية.  ونقلت الوكالة عن فهد المصري، الذي وصفته أنه أحد مؤسسي الجيش السوري الحر، قوله ان الجانبين "في حاجة إلى تسهيل لقاء جديد، حتى نتمكن من التعبير عن موقفنا ونناقش إجراءاتنا المشتركة ." وترددت  تصريحات المصري على نطاق واسع في وسائل الإعلام المقربة من الحكومة السورية والرئيس بشار الأسد ، بما في ذلك قناة برس تي في الايرانية، التي نقلت عن المصري قوله انه "من مصلحة روسيا و الجيش السوري الحر عقد هذا الاجتماع في أقرب وقت ممكن."

وفجأة انتشرت الشائعات في كل مكان أن مندوبين عن الجيش السوري الحر في طريقهم الى موسكو. حاولت المعارضة السورية في الخارج نفيها دون جدوي. استمرت وسائل الاعلام الرسمية الروسية في نشر الأخبار.  وفي 26 أكتوبر أشارت وكالة سبوتنيك للأخبار إلى اقتراح المصري المزعوم لعقد مؤتمر بين روسيا والجيش السوري الحر في القاهرة ثم ألقت بقنبلة دبلوماسية يوم: " قال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف يوم الإثنين أن موسكو أكدت أن مبعوثي  الجيش السوري الحر زاروا روسيا: ."

وبعد بضعة أيام، في 30 تشرين الأول، تحدث بوغدانوف على هامش اجتماع حول سوريا في فيينا ليشرح أن روسيا تريد ضم الجيش السوري الحر في محادثات السلام في المستقبل، في حين أن " أحد مؤسسي ما يسمى الجيش السوري الحر"، الذي تبين مرة أخرى إلى أنه فهد المصري، تم سماعه في وسائل الاعلام الرسمية الروسية وهو يشيد بمرونة موسكو .

في 3 نوفمبر، قيل لنا أن الجيش الروسي على اتصال الآن بعدد كبير من مجموعات المعارضة، التي بدأت تزود الروس بإحداثيات تساعدهم على قتال "الإرهابيين"، ثم أخيرا أحضرت وكالة سبوتنيك للأخبار محمود أفندي في 5 أكتوبر ليعلن ان مسؤولين من وزارتي الخارجية والدفاع الروسية سيجتمعون مع قادة الجيش السوري الحر في أبوظبي الأسبوع المقبل.

هل هذا هو العامل المتوقع منذ فترة طويلة الذي سيغير قواعد اللعبة في سوريا؟ هل الجيش السوري الحر، وهي المعارضة السورية التي يفاخر بها كثيرا بأنها التيار الأكثر اعتدالا، ستنشق الآن عن حلفائها الغربيين والخليجيين لتتحالف بدلا منهم مع روسيا وبشار الأسد؟

لا، ليس تماما.

دعاية أمريكية محضة

تأتي  هذه التقارير في وقت يحاول المسؤولون الروس إدارة التداعيات السياسية لتدخل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوريا. في حين تواصل وزارة الدفاع الروسية إدعائها أن هجماتها تستهدف ما يسمى الدولة الإسلامية، وهي جماعة متطرفة معادية لكلا من الأسد وثوار آخرين، لا يظهر علي النمط الجيوسياسي لضربات سلاح الجو الروسي  أي محاولة (أو قدرة؟) علي التمييز بين الجماعات الثورية. الجماعات التابعة للدولة الإسلامية هي في الواقع أقلية صغيرة من الأهداف وبعض الضربات الأولى تبدو قد ضربت فصيل تدعمه الولايات المتحدة. وبعبارة أخرى، يسعى الكرملين للعب على مخاوف الغرب من الإرهاب كغطاء سياسي لمهمة تهدف إلى دعم حكومة الأسد.

بطبيعة الحال، الدعاية في زمن الحرب ليست حكرا علي الروس . عندما كانت الولايات المتحدة تحتل العراق كان مسؤولين كبار في إدارة بوش مثل واشنطن دون  يواصلون إلقاء اللوم على "إرهابيين" من "البعثيين " أو "تنظيم القاعدة" عن كل انتكاسة جديدة. مما لا شك فيه ان البعثيين والموالين لتنظيم القاعدة لعبوا دورا بارزا في هذا المزيج، وسيصبحوا في وقت لاحق هم المهيمنين. ولكن في الأيام الأولى كانت الثورة في العراق  أكثر تنوعا إلى حد كبير مما نراه الآن في سوريا. في 2003 الي 2004 تألفت من مجموعات محلية صغيرة لا تعد ولا تحصى انحصرت في مجموعة كاملة من الأيديولوجيات من القومية العلمانية إلى الجهاد. وفي بعض الأحيان حتى سدوا الفجوة بين السنة والشيعة. ومع ذلك خرج الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش ليقولون لشعبه ان المقاومة العراقية كانت جميعها من " الجماعات الإرهابية أمثال تنظيم القاعدة وأمثال أنصار الإسلام ،" وخلص إلى أنه من الأفضل "محاربتهم هناك وليس هنا ".

وبعد عقد من الزمان انعكست الأدوار في سوريا. الساسة الروس يصفون بازدراء أي سوري حمل السلاح لوقف عمليات النهب التي يقوم بها لجيش بشار الأسد بأنه "جهادي إرهابي " وبدلا من وضع  استراتيجية سياسية يلطخونهم وينفخون صدورهم ويقولون "أحضروهم". نظرائهم الأميركيين يبدون كمثل اليساريين المناهضين لحرب العراق  في 2003-2004، عيونهم تندفع بعصبية في جميع أنحاء الغرفة وهم يحاولون توضيح أن هناك سلفيين مسلحين طيبين وسلفيين مسلحين أشرار. إعطهم عاما اخر وسيتشاكون  من "موقف رعاة البقر".الروس

ليس لأن أنصار كل منهما قد لاحظوا  أو إهتموا. ولكن إن لم تكن نصيرا متشددا، سواء لفلاديمير بوتين أو لرئاسة  الغير مأسوف عليه جورج دبليو بوش، ستكون قد لاحظت الآن  أن خطاب "مكافحة الإرهاب" الذي يتبناه الكرملين لا يختلف أساسا عن الهراء الذي يصدر عن وسائل إعلام  البيت الأبيض الأمريكي منذ عشر سنوات، وهي بالمثل وسائل اعلام تخدم مصالح ذاتية ومضللة ومدمرة. وتعمل أيضا بشكل جميل

الدفاع الروسي

بما أن أي شخص لديه خريطة سوريا يمكنه بسهولة أن يتأكد أن الحكومة الروسية تكذب بشأن نشاطها في سوريا، بدأت وسائل الإعلام الدولية طرح الأسئلة. رويترز، على سبيل المثال:

      " أظهر تحليل رويترز  لبيانات وزارة الدفاع الروسية أن حوالي 80 في المئة من الأهداف الروسية  المعلنة في سوريا في المناطق التي لا تسيطر عليها الدولة الإسلامية، مما يقوض تأكيدات موسكو أن هدفها هو هزيمة تلك الجماعة."

عندما تواجه موسكو بمثل هذه الاتهامات ترد بطريقة فوضوية. فبدلا من ان يستقر المسئوليين على رسالة سياسية واحدة، يقدمون في كثير من الأحيان تفسيرات مختلفة ومتناقضة عما يقومون به في سوريا ولماذا يفعلونه، ولماذا قالوا انهم سوف يفعلون شيئا آخر. يدعي البعض الآن أن التدخل لم يكن أبدا المقصود منه الدولة الإسلامية فقط، وهو ما سيكون بمثابة دفاع ممتاز لولا أن وزارة الدفاع الروسية ما زالت تدعي كذبا أنها تهاجم ... الدولة الإسلامية. ويفضل آخرون مجرد تغيير الموضوع. وسيظل البعض الآخر في  ترديد الكذبة الأصلية ويتغاضى عن أي اعتراضات، لأنهم يدركون جيدا أن جمهورهم الأساسي، الذي يتكون أكثرهم من الروس  القوميين و / أو الروس الغير معنيين بالسياسة، بالإضافة لبعض الكتاب الغربيين في الصحف الشعبية وأصحاب نظريات المؤامرة، إما لا يعرفون أو لا تعنيهم الحقيقة .

على سبيل المثال، ها هو العنوان الرئيسي الفعلي لصحيفة الديلي اكسبريس البريطانية يوم 30 أكتوبر 2015: "عودة أكثر من 800،000 لاجئ سوري أثناء طمس بوتن للدولة الإسلامية  ". كل ذلك هراء مبني علي روايات المسؤولون الروس

وفي روسيا أظهر استطلاع مستقل للرأي أن 48 في المئة من المستطلعين يعتقدون أن قواتهم الجوية تهاجم الدولة الإسلامية، و13 في المئة فقط يعتقدون أن الأهداف في معظمها موجهة الي جماعات معارضة سورية اخري، في حين ارتفعت شعبية بوتين إلى أكثر من 90 في المئة وفقا لاستطلاعات الرأي أجرته الدولة.

لا داعي للشعور بالمفاجأة. هكذا تدار الدعاية. الغرض الأساسي منها هو تعبئة قاعدة ووضع نقاط الحوار لهؤلاء الذين يميلون بالفعل لدعمك. والغرض الثانوي هو تجعل خصمك دوما في حالة عدم يقين وتشتت وفقدان التوازن . وهنا ظهر فهد المصري والجيش السوري الحر في الصورة.

لقاء في باريس

في 7 أكتوبر، بعد أسبوع من حملتها في سوريا، أعلنت وزارة الخارجية الروسية فجأة أنها ستبدأ محادثات مع الجيش السوري الحر. وفي اليوم نفسه، عقد اجتماع في السفارة الروسية في باريس، جمع بين نائب وزير الخارجية ميخائيل  بوغدانوف- المهندس الرئيسي لسياسة روسيا في سوريا - مع مجموعة  من الشخصيات المثيرة جدا للاهتمام: "فهد المصري،  منسق مجموعة الخلاص الوطني في سورية، والجنرال الأميركي المتقاعد بول فالي، ومستشاره في شؤون الشرق الأوسط، ناجي النجار، وهو ضابط مخابرات سابق ". (ونحن نعلم أن الاجتماع انعقد منذ أكدت السلطات الروسية أن بوغدانوف كان في باريس في ذلك الوقت، وتحدث أيضا إلى مسؤولين فرنسيين والي أحد قادة الأكراد السوريين، ونشر فالي صورة له مع بوغدانوف.)

بعد اجتماع 7 أكتوبر، بدأت الصحافة الروسية تنشر قصصا حول اتصال موسكو بالجيش السوري الحر. ونقلت صحيفة كوميرسانت في مقالين لها البيان الصحفي للمصري وأشارت إليه بأنه "أحد مؤسسي الجيش السوري الحر"، في حين تمادت وكالة سبوتنيك للأخبار المملوكة للدولة أبعد من ذلك فذكرت: "الجيش السوري الحر على استعداد لإقامة اتصالات مع  القيادة الروسية". وظهر المصري مرة اخري في مقالة بوكالة سبوتنيك للأخبار تحت عنوان" روسيا تؤكد مجددا استعدادها للتعاون مع الجيش السوري الحر ".

وبعد بضعة أسابيع، بلغت الحملة زروتها، عندما أصدرت وسائل الاعلام الروسية الرسمية  المعلومات المذكورة في بداية هذا المقال، حول مبادرات فهد المصري إلى الكرملين واقتراحه عقد مؤتمر سياسي في القاهرة ووفد الجيش السوري الحر الغامض في موسكو.

وبعبارة أخرى، أصبح اجتماع فهد المصري وبول فالي وناجي النجار فجأة جزءا من ادعاءات الحكومة الروسية بوجود علاقة لا تزال في مهدها مع الجيش السوري الحر. ولكن من هم هؤلاء وبأي طريقة يمكنهم تمثيل الجيش السوري الحر؟

قبل أن نجيب على هذا السؤال، دعونا نعود للوراء ونحدد ما نعنيه ب"الجيش السوري الحر".



التاريخ الموجز للجيش السوري الحر

كانت حركة الثورة السورية تتألف دائما من العديد من الفصائل المختلفة. يوجد اليوم حوالي عشرة أو عشرين منظمة كبري، ولكن معظمهم لا يزال يركزوا علي مناطقهم ومنقسمين، ويوجد مئات إضافية من العصابات الثورية الصغيرة تنشق وتخرج من التحالفات المحلية.

وتقدم الكثير من هذه المجموعات نفسها علي  أنها جزء من الجيش السوري الحر، وعندما تقدم الولايات المتحدة والحكومات الغربية الأخرى الدعم للثوار، يتحدثون أيضا عن مساعدة الجيش السوري الحر. وقد لفظت الكثير من وسائل الإعلام تعبير الجيش السوري الحر منذ سنوات، ونادرا ما تحاول  توضيح ما المقصود من ذلك عدا أن تقول أن الجيش السوري الحر  هو "جماعة الثوار المعتدلين" أو "حركة ذات تحالفات فضفاضة" أو شيئ من هذا القبيل. ينشأ هذا الارتباك بسبب عدم وجود تعريف واضح ولأن الكثير من الناس  والجماعات والدول المختلفة تستخدم كلمة "الجيش السوري الحر" لتنطبق على أشياء كثيرة مختلفة.

ظهرت مفهوم "الجيش السوري الحر" لأول مرة في يوليو 2011، عندما تم إطلاق "القيادة العليا للجيش السوري الحر" علي يد منشقين من الجيش السوري في تركيا. وحصل أعلاهم رتبة العقيد رياض الأسعد علي لقب القائد الأعلى للجيش السوري الحر. وكانت مجموعة الجيش السوري الحر الخاصة بالعقيد اسعد تؤيدها تركيا وغيرها من أجل تحويل الأموال إلى الثوار المحليين وخلق حركة ثورية أكثر تماسكا من شأنها أن تكون قادرة على إسقاط الأسد عن طريق مزيج من العمل العسكري المنضبط والتفاوض. هذه المحاولات باءت بالفشل. الثوار منقسمون على نحو فوضوي، والجيش السوري الحر بقيادة العقيد أسعد لم يتطور ليتجاوز ما هو أبعد من دور "جهاز فاكس في تركيا،" تتدفق منه البيانات الصحفية لتنسب لنفسها الفضل في الهجمات التي يقوم بها آخرون.

ومع ذلك، نجح الجيش السوري الحر نجاحا كبيرا في عملية التسمية. فإسمه والشعار المرتبط بة  أصبح ملازما للثوار ولا يزال شائع الاستخدام اليوم. وعادة ما يتم استخدامه للإشارة إلى الثوار الذين يتلقون الدعم الغربي و / أو من دول الخليج، ويجاهرون علنا بالدعوة الي مستوى معين من الإيمان بالديمقراطية والقومية السورية (وهو ما يتعارض مع الوحدة الإسلامية)، والحفاظ على مسافة صحية بعيدا عن  تنظيم القاعدة.

منذ تشكيل الميليشيا الأصلية التابعة للعقيد أسعد وتراجعها السريع، كانت هناك محاولات متكررة مدعومة من الخارج لإنشاء محورا مركزيا جديدا للثوار، أو على الأقل لفصائله الأكثر اعتدالا وواقعية . وقد استخدمت معظم هذه المشاريع اسم الجيش السوري الحر.

في ديسمبر 2012، وحدت عدة بلدان جهودها لاقامة ما يسمى هيئة الأركان العامة، التي كان لها مجلس عسكري أعلي ملحق بها . ثم تطور هذا ليتحول الي "الجيش السوري الحر الجديد"، تحت قيادة العميد سالم إدريس. وبينما أصبحت قيادة إدريس للجيش السوري الحر أكثر نجاحا من محاولات التوحيد السابقة، إلا أنه ظل جيشا إفتراضيا في أفضل الأحوال . نوع من البنية السياسية الفوقية ترتكزعلى قمة تيارمن  التمويل من الخليج العربي  والغرب وتركيا مخصصة لفصائل سورية مختارة تفتقر إلى أي سيطرة مركزية عليها. وبعد  عام ونصف من الفشل انهارت أخيرا هذه النسخة من نسخ الجيش السوري الحر في 2014.

وأخفقت الكثير من المحاولات المتتالية لإعادة بناء هذا النوع من القيادة المركزية للجيش السوري الحر . وفي الآونة الأخيرة  رأينا إنشاء مجلس قيادة الثورة في ديسمبر 2014 واستنساخ  المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر في يوليو عام 2015.  ومشروع آخر، القيادة العليا للجيش السوري الحر المدعوم من المعارضة في الخارج، لكنه لا يزال طور التنفيذ. وقائمة ستطول بالتأكيد .

وراء الكواليس: موم وموك

فشل صناعة قيادة رسمية للجيش السوري الحر لا يعني أنه لا توجد كيانات مادية تربط هذه الشرائح من الثوار. وفقد  تم فحص وتدريب  الآلاف من المقاتلين حتى الآن، وتمت الموافقة على توفير الدعم المادي لهم عن طريق اثنين من مراكز العمليات العسكرية التي تغذي الثوار عبر الحدود التركية والأردنية. إحداها في تركيا معروفة باسم موم، بالتركيةMüşterek Operasyon Merkezi،   وتعني العمليات المركزية المشتركة، بينما تسمي نظيرتها في الاردن باسم موك  وهو نفس الاسم ولكن يحمل الحروف الأولى في اللغة الإنجليزية.

وبصرف النظر عن تركيا والأردن، هذه المراكز تجمع مندوبين من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وفرنسا، وحفنة من الحكومات الأخرى. دورها هو التنسيق والإشراف على تدفق الأسلحة والذخائر إلى عدد من الجماعات الثورية المختارة. وتتعاون أجهزة المخابرات الأجنبية، وأهمها وكالة المخابرات المركزية الامريكية، من خلال هذه المراكز لاختيار الجماعات المؤهلة للحصول على الدعم. ولن يحصلوا على ختم الموافقة حتى يتم فحص أعضائها إن كان لهم اتصالات مشبوهة ويعلنوا الابتعاد عن الدخول في تحالفات مع تنظيم القاعدة ويظهروا بعض الاهتمام بالحل التفاوضي للنزاع. الجماعات المشاركة تتمتع بمستويات مختلفة من الثقة والموافقة عليها، ولكن العديد منها تتلقى أيضا دعما "غير رسمي" من جانب ، على سبيل المثال، تركيا وقطر والمملكة العربية السعودية أو مختلف الممولين المنفردين.

وقبلت هذا الترتيب حتى الآن ما يقارب مئة من الفصائل الثورية، على الرغم من أن عملية حصرهم عملية معقدة لأنها غالبا ما يكونوا منضوين في مظلات إقليمية متداخلة. وفي حين أن كل فصيل من هذه الفصائل يعد فصيلا صغيرا جدا وقليل منهم يتمتع بالوعي  الوطني، إلا أنهم يؤلفون معا شريحة كبيرة نسبيا من المعارضة المسلحة. في جنوب سوريا، تبدو المجموعات التي تمولها الموك  تشكل أغلبية الثوار. الفصائل الشمالية المدعومة من الموم تتمتع بنفوذ أقل من نظيراتها في الجنوب، لكنها لا تزال تشكل قوة كبيرة في المناطق المحيطة بحلب، واستخدمت بعض الصواريخ الأمريكية الصنع لإثبات وجودها والتي لعبت دورا محوريا كوحدات مضادة للدبابات في منطقة إدلب، حماة .

هذه المجموعات هي التي تشير إليها الحكومة الأمريكية عادة عندما تتحدث عن "الجيش السوري الحر" وهناك بالفعل تداخل كبير جدا بين الفصائل المدعومة من الموم والموم  والفصائل التي تصنف نفسها أنها من"الجيش السوري الحر ". ويستخدم هذا التعريف الفج ( موم + موك = الجيش السوري الحر ) على نحو متزايد من المعارضة السورية في الخارج والثوار أنفسهم، وآخرين ممن يتابعون هذا الصراع.

كل  الآخرين الذين يطلقون على أنفسهم "الجيش السوري الحر"

ومع ذلك لا يوجد تطابقا مكتملا. أي شخص يمكنه  أن يرفع علم الجيش السوري الحر دون الحاجة لموافقة الموم أو الموك  . بعض الفصائل تفعل ذلك لأنهم يرون فيها وسيلة لتأكيد طبيعتهم المعتدلة ويتملقون الممولين الأجانب. وينسب آخرون تراث الجيش السوري الحر كجزء من هويتهم الثورية، ويقولون أنه لا ينبغي أن يقتصر علي الفصائل المدعومة من الخارج. وعلى العكس، يوجد فصائل مدعومة من الموك والموم لا تستخدم اسم الجيش السوري الحر أو رموزه، أو على الأقل  نادرا ما تفعل ذلك. وهذا لأنهم رفضوا سابقا اسم  الجيش السوري الحر ووضعوا الهوية السياسية الخاصة بهم، وهي هوية تقوم علي  الأيديولوجية الإسلامية، ويفضلون الآن للحفاظ على هذا التمييز حتى بعد استقطابهم في الموك والموم .

وتعني العديد من المجموعات أشياء مختلفة عند الإشارة إلى الجيش السوري الحر ويستخدمون المصطلح بانتهازية. على سبيل المثال، عندما أصدرت ما يقرب من خمسين جماعة ثورية مؤخرا بيانا نيابة عن الجيش السوري الحر، وضم الموقعين الكثير من الجماعات المعروفة المشاركة في الموم والموك، وحكان من الموقعين ايضا جيش الاسلام، وهو فصيل اسلامي لا يستخدم عادة شارة الجيش السوري الحر وغالبا ما يرفض التسمية.

في شمال شرق سوريا، يوجد أيضا عدد من الجماعات التي تصف نفسها أنها تابعة للجيش السوري الحر وتحارب الدولة الإسلامية جنبا إلى جنب مع ميليشيات واي بي جي الكردية التي تدعمها الولايات المتحدة. والواي بي جي بدورها هي واجهة لحركة حزب العمال الكردستاني الكردية بي كا كا ، التي لها علاقات عمل ممتازة مع موسكو. مجموعات "الجيش السوري الحر " هذه هي في أغلبها فصائل عربية منشقة أو مجموعات قبلية استقطبها حزب العمال الكردستاني لتوفير مقاتلين اضافيين ويضع وجها متعدد الأعراق على ما هو في الواقع مشروع كردي يديره بالكامل. وبعضهم يدعو أيضا إلى التدخل الروسي، وادعى أحد أبرز زعماء الثوار السوريين الذن يعمل لصالح مجموعة مدعومة من الموك  أن هذه الفصائل المدعومة من الأكراد مسؤولة عن بعض الثرثرة التي ترددت عن زيارة "الجيش السوري الحر" لموسكو. (ربما لتقديم خدمة صغيرة لحزب العمال الكردستاني؟)

ثم يأتي السوريين في الخارج. تغطي البقايا المتحللة من "قيادات الجيش السوري الحر" السابقة ردهات الفنادق في جنوب تركيا مثل قناديل البحر على الشاطئ. ولا يزال مئات من ضباط الجيش السوري المنشقين يدورون حول دائرة المنفى ويبدو أن معظمهم يعتبرون أنفسهم جزءا من الجيش السوري الحر بشكل من الأشكال. وتظهر بعضهم في وسائل الإعلام سعداء بصفتهم "أعضاء الجيش السوري الحر"، و"مستشاريين في الجيش السوري الحر"، أو حتى "قادة الجيش السوري الحر"، مهما كانت علاقتهم الفعلية بالثوار على أرض الواقع. ومنهم بالفعل من يعمل بشكل وثيق مع الموم أو الموك  أو الفصائل المرتبطة بهما، ولكن البعض الآخر يرتدي عباءة الجيش السوري الحر لمجرد ارتباطه في الماضي ببعض مشاريع  الجيش السوري الحر التي انهارت، وغالبا ما تعود إلى فترة ما قبل ادريس . على سبيل المثال، العقيد رياض الأسعد المخترع الأصلي  لاسم  الجيش السوري الحر في عام 2011،، لا يزال يعمل في تركيا بشكل يعتريه الغموض كواحد من "القيادات العليا للجيش السوري الحر" المزعومة.

وبعبارة أخرى، فإن مصطلح "الجيش السوري الحر" يمكن أن يعني الكثير من الأمور. وفي هذه الأيام لكي تكتسب أي جماعة ثورية نوع من الأهمية ويكون لها صلة بالحرب في سوريا لابد وأن تكون مدعومة من الموم والموك. وعندما تسمع تسعة من أصل عشرة مرات عن قيام "الجيش السوري الحر" بعمل شيئ على أرض المعركة في سوريا، فهذا يقصد به تلك الجماعات. ولكن يوجد بين الجماعات التي تقاتل في الواقع في سوريا جماعات من الجيش السوري الحر مدعومة من حزب العمال الكردستاني وأخرين ، ولا سيما الضباط الموجودين في الخارج . وكانت بعض مشاريع توحدهم الفاشلة تمثل الجماعات المسلحة تمثيلا حقيقيا على الأرض، في حين أن آخرين كانوا مجرد مخلوقات علي الفيسبوك سرعان ما تزول.

أما بالنسبة لفهد المصري فكان من الفئة الأخيرة.

لقاء السيد المصري

لفت اسم فهد المصري إنتباهي أول مرة منذ حوالي ست أو سبع سنوات، عندما كنت أكتب كتابا عن المعارضة السورية. ولد في حي الميدان في دمشق، كان قد غادر سوريا في منتصف التسعينيات، وانتهى به المطاف في باريس، حيث كان يبحث عن عمل كصحفي. وفي عام 1996، عمل لمدة ستة أشهر كفني في شبكة الأخبار العربية، وهي قناة فضائية يسيطر عليها رفعت الأسد، عم بشار المنفي (الذي زار مؤخرا موسكو). عندما أسأله عن هذا يرد المصري انه ببساطة كان بحاجة إلى العمل، وأنه ليس من أنصار"قاتل" مثل رفعت الأسد. كما عمل مع نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام، الذي انتقل إلى باريس وبدأ تمويل نشاط المعارضة، بعد أن طرده بشار الأسد من منصبه  في عام 2005، . وبحلول نهاية سنة الألفية الثانية، كان المصري يستضيف برنامج تلفزيوني حواري على تلفزيون بردى، وهي محطة فضائية لمحاربة الأسد ومقرها لندن (والتي كانت تمولها سرا وزارة الخارجية الأمريكية). وعاد إلى باريس في أواخر عام 2010 أو أوائل عام 2011.

 كان فهد المصري شخصية ثانوية في ذلك الوقت - نموذج مصغر من مأساة سوريا العظيمة، باعتباره واحدا من عشرات الآلاف من المهاجرين السياسيين المتجمعين في جميع أنحاء أوروبا والشرق الأوسط، وباعتباره نتاج انساني لالية الخوف والثروة وسلطة عائلة الأسد .

مع ظهور الانتفاضة السورية في عام 2011، بدأت مكانة فهد المصري في النمو. وبدأت سائل الإعلام في جميع أنحاء العالم  عملية بحث محمومة عن ممثلي الثورة الناشئة في سوريا، ولكن لأي من المراسلين المخضرمين والصحفيين المبتدئين والأكاديميين أي فكرة عن شخصيات  المعارضة السورية إلا قلة قليلة منهم. وفي الوقت نفسه، كانت حكومة الأسد والعديد من جماعات المعارضة المختلفة وأجهزة الاستخبارات في المنطقة وفي بعض الأحيان جيش عالمي من النرجسيون يتصارعون جميعا  للوقوف أمام الكاميرات. وكانت النتائج مربكة - وفي بعض الأحيان المأساوية - وأحيانا مضحكة -. مثل الضجة الإعلامية على إعلان محمد رحال الحرب عام 2011 ، أو فتاة دمشق الشاذة التي اتضح أنها رجل مستقيم من مدينة ادنبره.

ودخل فهد المصري في هذه الفوضى . وفي أغسطس 2011، عندما كانت معظم المعارضة السياسية السائدة لا تزال تتشبث  بالخطاب القومي الديمقراطي والاحتجاجات السلمية يظهر على قناة العربية من باريس يطالب بالتدخل الأجنبي في سوريا. لم يكن يمثل أي جماعة من النشطاء  أو أي حزب سياسي، لكن مزيجا من التواجد والتصريحات التحريضية جعلته معلقا يلقي رواجا .

القيادة المشتركة للجيش السوري الحر

قد قال لي المصري أنه في أواخر عام 2011 كان يشجع علي تشكيل قيادة طموحة للثوار تعرف باسم المجلس العسكري الأعلي للجيش السوري الحر، الذي كان يرأسه العميد مصطفى الشيخ. في منتصف عام 2012 أخفقت جماعة مصطفي الشيخ التي كانت الجماعة المفضلة لدي السعودية لفترة وجيزة، وذهب فيما بعد إلى المنفى في السويد. وفي ذلك الوقت عاود المصري، الذي لم يكن له أي ارتباط رسمي بجماعة الشيخ، الي الظهور بالفعل. وفي هذه الفترة " حاول أن يجعل من نفسه متحدثا باسم الجيش السوري الحر، لكنه لم ينجح في مسعاه"، كما يقول أحد الأشخاص الذين عملوا مع المصري. "كل الضباط الذين تحالف معهم كانوا متخبطين".

في مارس 2012، دعي المصري إلى المؤتمر التأسيسي للمشروع الجديد لتوحيد الثوار، القيادة المشتركة للجيش السوري الحر بقيادة  العقيد قاسم سعد الدين. ثم بدأ المصري يبدو وكأنه المتحدث الإعلامي باسم  القيادة المشتركة للجيش السوري الحر، على الرغم من أنه لم يتبين لي هل تم ذلك بموافقة الجماعة نفسها. وقد ادعى بعضهم أن جماعة العقيد سعد الدين طردته بعد أسبوع واحد فقط. بينما نفي المصري ذلك ويبدو من المؤكد أنه انجرف بعيدا عن بقية القيادة في مرحلة ما.

 وأصبح القيادة المشتركة الجيش السوري الحر بصفتها ائتلافا عسكريا بعد فترة وجيزة عديمة الاهمية، ولكن ليس قبل أن تمنح العقيد سعد الدين اعترافا اسميا واتصالات خارجية مفيدة، التي كان يتداول في وقت لاحق لشغل منصب في شبكة الجيش السوري الحر أيد الغرب سليم إدريس.

في تلك الفترة نسي الجميع  القيادة المشتركة للجيش السوري الحر - ما عدا الناطق الرسمي باسمها سابقا. وفي رسالة بعثها الي عبر البريد الإلكتروني قال لي المصري أن إنشاء الجيش السوري الحر بقيادة إدريس في ديسمبر 2012 كان جزء من مؤامرة من  "جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية" من أجل "كسب الهيمنة على الجيش السوري الحر " وتصر على أن العديد من الضباط المشاركين في القيادة المشتركة للجيش السوري الحر رفض قبول حله.  ويقول، لذلك: "واصلنا عملنا رغم انسحاب العقيد قاسم سعد الدين واخرين."

في الواقع تبدو أن هذه النسخة من القيادة المشتركة للجيش السوري الحر كانت تتكون من فهد المصري وحده. الجيش السوري الحر بقيادة إدريس والفصائل الثورية التي تحمل اسم الجيش السوري الحر داخل سوريا توجه دعوة للصحفيين للسفر مع قواتهم وغالبا ما يحملون مقاطع فيديو من ساحة المعركة. القيادة المشتركة للجيش السوري الحر الخاصة بالمصري لا يمكنها صنع أي من هذه الأدلة. ورغم أن  المصري في كثير من الأحيان يلمح إلى أنه يمثل عشرات الآلاف من المنشقين العسكريين في ساحات المعارك في سوريا، إلا أنه"لأسباب أمنية" يمتنع عن ذكر أسمائهم.

بدلا من ذلك، ظل وجود  القيادة المشتركة للجيش السوري الحر كالشبح مقتصرا على الوجود الافتراضي ، ليس لديه إلا توزيع التصريحات بسخاء عبر الإنترنت. وكل أسبوع أو نحو ذلك، يتلقي الأشخاص المهتمين بسوريا بيانات باللغة العربية تأخذ الطابع الرسمي في صندوق البريد الخاص بهم وعليها توقيع فهد المصري، الذي يسمي نفسه رئيس العلاقات الإعلامية في القيادة المشتركة للجيش السوري الحر. وكان المحتوى دائما اشياء لذيذة.

وكثيرا ما يطالب المصري بالتدخل الأجنبي - رغم أنه غير رأيه فيما بعد  لاحقا - وكثيرا ما يحرض ضد الإسلاميين والإخوان المسلمين. في فبراير 2014، على سبيل المثال، أعلن أن القيادة المشتركة للجيش السوري الحر أعلنت جماعة الإخوان منظمة إرهابية وستلقي القبض على أي عضو يتجرأ أن تطأ قدمه سوريا. في مناسبات أخرى، تتبادل القيادة المشتركة للجيش السوري الحر المعلومات الاستخبارية السرية حول الأسلحة الكيميائية "، كاشفا" أن الأسد هربهم إلى حزب الله في لبنان.وكان المصري  في كثير من الأحيان يدين هيئات المعارضة المعترف بها دوليا  والجيش السوري الحر بقيادة إدريس والمجلس الوطني السوري والائتلاف الوطني وحكومة المنفى ومقرها تركيا . وسرعان ما تصبح هذه التصريحات مصدرا لتقارير وسائل الإعلام التي لا حصر لها حول انقسام المعارضة و"انشقاقات في الجيش السوري الحر." ، وعادة ما ينقل عن بعض القادة العسكريين من قادة الثورة في تركيا أو سوريا قولهم في مسألة أو أخري، وسرعان ما يتناقض معهم قول "ممثل آخر عن الجيش السوري الحر ، " اسمه فهد المصري.

بعض منتقديه يشككون أن المصري يعمل لصالح طرف ثالث، رغم عدم تأكد الجميع من هو بالضبط هذا الطرف. "من معرفتي بفهد، هو لا يفعل أي شيء مجانا"، يقول الشخص الذي عمل مع المصري. واضاف "انه ليس مجنونا بل مجرد محتال ومغامر. يوجد الكثير منهم في المعارضة السورية ".

وعندما سألت فهد المصري في أواخر عام 2013  عن مصادر تمويله ،قال  لي انه يمول نشاطه من جيبه الخاص، لكنه أضاف أن المنظمات أو الحكومات المضيفة تدفع أحيانا تكاليف السفر والإقامة لزيارات المؤتمرات. قد يكون هذا صحيحا تماما، لأن نشاط المصري لا يمكن أن يكون مكلفا جدا: فحساب هوتميل تسجيله مجاني وغالبا ما يحظي من ظهوره بوسائل الاعلام بمكافأة صغيرة.  وقال لي  المصري أن بعض "المواطنين السوريين المعروفين" و "الأصدقاء السوريين المؤمنون بأهمية ما أقوم به" ساعدوه هو واسرته ماليا، مما مكنه من العمل بدوام كامل للثورة السورية. ولم يذكر أسمائهم.

المتحدث باسم الثورة

ورغم أن تصريحات المصري الخاصة بالجيش السوري الحر كانت في معظمها لها بالمصادفة علاقة بالواقع، يلتهمها الصحفيون كما يلتهمون أكلة التبولة. وسرعان ما أصبح  فهد المصري مدير الاعلام للقيادة المشتركة للجيش الحر من أكثر المتحدثين عن الحرب -  صوت الثورة السورية، أو ربما المتكلم من بطنه باسمها.

في السنوات القليلة الماضية ظهر كممثل للجيش السوري الحر، أو المعارضة بشكل عام، في عدد من البرامج الحوارية باللغة العربية والفرنسية ونشرات الأخبار. وتشمل القنوات التلفزيونية المملوكة لسعوديين قناة العربية والجزيرة القطرية وروسيا اليوم و بي بي سي البريطانية  وقنوات أمريكية مثل ان بي سي نيوز، فوكس نيوز، والحرة وNTN24،ومقرها كولومبيا- وTRT، France24 التركية وTF1 في بلد إقامته، و ONTV المصرية، وقنوات مقرها لبنان مثل الميادين،، OTV، وMTV، فضلا عن القنوات الدينية مثل الصفا ... والقائمة تطول.

لقد كان مصدرا دائما للصحافة المطبوعة أيضا. ووجدت الكثير من بيانات فهد المصري وما يكشف عنه، سواء التي أخذت من  تصريحاته التي يرسلها بالبريد الإلكتروني أو التي نسخت من وكالات الأنباء أو التي استخلصت من خلال المقابلات، طريقها إلى نيويورك تايمز وواشنطن بوست ولوس أنجلوس تايمز ويو إ ايه توداي وديلي ستار والأهرام والأهرام ويكلي وصحيفة الشرق الأوسط وصحيفة القدس العربي وصحيفة الحياة وصحيفة هآرتس وتايمز أوف إسرائيل وجوردان تايمز، كومنسارات، ازفستيا، روسيسكايا غازيتا، لوموند، لوفيجارو، الموندو، والجارديان، والتايمز، والاندبندنت، والعديد من الصحف الأخرى.

ويحاول المسؤولين الدوليين من وقت لاخر إقحام القيادة المشتركة للجيش السوري الحر في مخططاتهم السياسية وعمليات السلام، مثلما عندما التقى مبعوث الأمم المتحدة للسلام الأخضر الإبراهيمي فهد المصري في باريس في أغسطس 2012.

بحلول اكتوبر عام 2013، زادت خيبة أمل الأركان العامة للجيش السوري الحر بحيث أصدرت بيانا رسميا نفت فيه أي علاقة لها بالمصري. ولم يفلح ذلك في إزالة هذا اللبس، بل أدي إلى نشر تقارير مشوهة عن طرد إدريس للمتحدث الإعلام الذي عمل معه لفترة طويلة. وردت القيادة المشتركة للجيش السوري الحر بقيادة المصري مرة أخرى من خلال الدعوة لالقاء القبض علي إدريس، مما أدى إلى جولة أخرى من التقارير حول انشقاقات في الجيش السوري الحر. وبعد بضعة أشهر، ظهر المصري على شاشة التلفزيون اللبناني ليعلن عن اكتشاف مذهل: ظهرت معلومات تثبت أن قيادة سالم إدريس كانت مخترقة من حزب الله.

وهكذا كانت تسير الأمور

من القيادة المشتركة للجيش السوري الحر إلى جبهة الخلاص الوطني

ثم فجأة تخلي فهد المصري عن أعمال تمثيل الجيش السوري الحر . ما حدث ليس واضحا ويقول المصري أنه كان قرارا طوعيا - وربما تمادي كثيرا في اللعبة. بالتأكيد، يجب أن يكون هناك سلبيات لاستفزاز حركة مسلحة مدعومة من الحكومة في أراضي يقيم.فيها

في 31 مارس 2014، أصدرت القيادة المشتركة للجيش السوري الحر بيانا طنانا وهو البيان الأخير وكان بعنوان "لمن يهمه الأمر"، والذي أعلن فيه فهد المصري قراره "وقف عملي التطوعي في إدارة الإعلام المركزي في القيادة المشتركة للجيش السوري الحر" والعودة إلى مهنته السابقة كناشط مستقل. ومنذ ذلك الحين، لم يسمع أي شيء عن القيادة المشتركة للجيش السوري الحر.

ومع ذلك ظلت بيانات المصري تأتي بالبريد الإلكتروني . في الأشهر القليلة الأولى، كان يوقعها نفسه فقط، بصفته ناشط مستقل، ولكن سرعان ما بدأت الانتماءات المؤسسية تزحف مرة أخرى على الورق. في صيف 2014 قال انه يمثل "اللجنة التحضيرية لإنشاء لجنة وطنية مستقلة للفحص والمراقبة والمساءلة ومحاربة الفساد"، التي واصلت شن هجمات على حركات المعارضة الأخرى. ثم جاء "مركز الدراسات الاستراتيجية والعسكرية والدراسات الأمنية في سوريا"، والذي اعتبرته صحيفة ديلي ميل مصدرا موثوقا في شئون الدولة الإسلامية .

في وقت ما في أواخر عام 2014 أطلق المصري "مشروع الخلاص الوطني"، الذي أعاد تشكيل نفسه ليصبح "مجموعة الخلاص الوطني في سوريا". ويصور نفسه باعتباره مظلة سياسية واسعة للسوريين في الداخل وفي الشتات. ولكن تماما مثلما اختفت القيادة المشتركة للجيش الحر كذلك اختفت المجموعات الأخرى المذكورة أعلاه، ويبدو أن مجموعة الخلاص الوطني في سوريا موجودة فقط في شكل بيانات ينسقها فهد المصري.

نسخة المصري الخاصة

يري المصري انه لم يرتكب أي خطأ ولم يضلل أحدا متعمدا. وعندما تنظر عن كثب الي ما كان يقوله، هو بالفعل لم يدع تمثيل أي هيئة سياسية أو عسكرية باستثناء تلك المذكورة أعلاه، والتي هي من اختراعه. عندما سألته عن ذلك في أواخر عام 2013، أجاب (بسرعة ومهنية)  باعتراف صريح بأنه ليس له أي علاقات مع الجيش السوري الحر المعترف بها دوليا بقيادة سليم ادريس؛ والواقع أنه أدان إدريس ورجاله ووصفهم بأنهم "تجار دم" وأدوات للمؤامرات الخارجية. ومع ذلك، أصر أن له كل الحق في تمثيل الجيش السوري الحر كمفهوم وقال إن أي التباس قد ينتج عن هذا هو إلتباس  في عين الناظر:

"كنت من أوائل من تكلموا باسم الجيش السوري الحر، قبل تشكيل إدريس لهيئة الأركان العامة، ولذا فإنني لست بحاجة إلى موافقة سواء من سالم إدريس أو من هيئة الأركان العامة. أنا واحد من مؤسسي القيادة المشتركة للجيش السوري الحر ودوري هو في قيادة الحرب الإعلامية على النظام."

تمسك المصري ببندقيته عندما اتصلت به مرة أخرى في أكتوبر 2015، بعد عام ونصف العام من انهائه القيادة المشتركة للجيش السوري الحر:

"أنا أعرف نفسي وتاريخي في معارضة النظام جيدا، وأعرف دوري في دعم الثورة والجيش السوري الحر. وبالتالي لا يهمني ما يقوله هذا الشخص أو ذاك الشخص ولست بحاجة للدفاع عن نفسي، لأن تاريخي معروف. [...]

الجيش السوري الحر ليس مؤسسة عسكرية نظامية تصدر تفويضا لهذا الطرف أو ذاك [ليتحدث نيابة عنها]. الجيش السوري الحر هو حالة وطنية وثورية كنت واحدا من مؤسسيها، أو قيادي في الجيش السوري الحر. [لكني] أعلنت منذ أكثر من عام بأنني توقفت عن العمل بصفتي الناطق الإعلامي للجيش السوري الحر احتجاجا علي القوى الإقليمية والدولية التي تحد من دعم الجيش السوري الحر لصالح التنظيمات الإسلامية المتطرفة."

عندما سألته عن الشائعات التي تتردد عن قيادته وفودا من الجيش السوري الحر لموسكو - وقد أعادوا الكرة عدة مرات، في شتاء 2013 وصيف 2015، ومرة أخري في اكتوبر 2015  - أنكر  المصري أي زيارة له لموسكو . وأدلي بتصريح أضاف تلفيقة مختلفة عن القصص التي تروجها وسائل الاعلام الرسمية الروسية:

"عندما دعوت روسيا إلى اجتماع في القاهرة، لم أقدم الدعوة باسم الجيش السوري الحر، وأنا لا أدعي تمثيل الجيش السوري الحر أو أي من فصائله. بل أتحدث باسم مجموعة الخلاص الوطني في سورية التي أمثلها."

 الأمر متروك لكم لتحكموا عليه. ولا أدعي أني أعلم شيئا عن منطق فهد المصري عندما فعل ما فعل وقد تكون نواياه صادقة تمام الصدق. ولكن، بالنسبة لي، يبدو واضحا تماما أنه لا يمكن اعتباره متحدثا باسم الثوار على الارض في سوريا، أو أي جزء منها. ومن الواضح أيضا أن هذا سيتبين لأي شخص يقضي لحظة يجري بحثا عن المسألة. والواقع أن معظم وكالات الأنباء الكبرى التي تغطي سوريا لم تعد تعير تصريحاته اي اهتمام، حتى وإن كانت تنشرها في وقت ما في الماضي.

أما بخصوص حواره مع الروس، يبدو أن فهد المصري يقول الحقيقة. عند استعراض بيانات وتقارير وسائل الإعلام في الأسابيع القليلة الماضية يتبين لنا أن الجانب الروسي هو الذي يصر باستمرار علي تصوير المصري كممثل و / أو كعضو مؤسس للجيش السوري الحر. ورغم محاولة المصري تسليط الضوء مجموعة الخلاص الوطني ، تستخدم مصادر إعلامية صديقة للكرملين  دائما تصريحاته لتعزيز رواية الحكومة الروسية الخاصة بالتقارب بين موسكو والجيش السوري الحر.

بقية ترويكا 7 أكتوبر

لم يكن فهد المصري وحده في لقائه مع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف. كان يجلس بجواره شخصين آخرين، ويفترض أنه وجهت لهم الدعوة لمناقشة الاتصالات بين روسيا والجيش الحر:  اللواء الامريكي السابق بول. فالي وشريكه اللبناني ناجي النجار. وعندما سئل عن هذين الشخصين، قال المصري انه تعرف علي فالي من خلال نجار، الذي التقى به في باريس قبل نحو شهرين.

في الواقع بول. فالي هو لواء أمريكي سابق، كما نوهنا، ولكن مع التركيز بشدة على كلمة  "سابق." دوره الحالي هو دور معلق سياسي على هامش مبدأ المحافظين الأميركي. بعد أن ترك الجيش منذ ما يقرب من 25 عاما، يدير فالي الآن "شبكة من الأميركيين الوطنيين" يطلف عليها إنهضي يا أمريكا، والتي يبدو أنها تصور نفسها على أنها ذراع السياسة الخارجية لحركة حزب الشاي. يتميز موقعها الإلكتروني بمزيج من الأخبار العسكرية وأخبار لاصطياد واستمالة المسلمين  ونظريات المؤامرة. وليقدم فالي بعض المؤشرات من مكانته في الطيف السياسي، إدعي فالي  في مقابلة إذاعية أن باراك أوباما "الفاسد والخائن" تم تنصيبه رئيسا بشكل غير قانوني  بمساعدة الملياردير جورج سوروس وشهادة ميلاد مزورة، من أجل أن يجعل الولايات المتحدة بلدا اشتراكيا.

النجار عضو سابق في القوات اللبنانية، وهي جماعة مسيحية يمينية شاركت فيالحرب الأهلية في لبنان  1975-1990 ، ويدعي أنه كان مسؤول في المخابرات . منذ نهاية الحرب الأهلية، شارك مع مجموعة متنوعة من اللبنانيين المسيحيين في مناهضة الأسد والجماعات الموالية لإسرائيل. وكان  يدير جماعة دافعت عن مذبحة 1982 لللاجئين الفلسطينيين في صبرا وشاتيلا، وكان ضد  محاكمة رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ارييل شارون بارتكاب جرائم حرب. ويبدو أن النجار يمثل الان حلقة وصل فالي  بسوريا، من خلال كيان غامض  مثير للدهشة يسمي مجموعة إتصال المعارضة السورية، التي تدعي أنها تشارك في الحياة السياسية السورية ومفاوضات الرهائن. ما مدى صحة هذا ، لا أعرف.

في عام 2013، سافر فالي ونجار إلى شمال سوريا، وصافحا الكثير من الثوار، واجتمعا مع العقيد رياض الأسعد، الرجل الذي وضع اسم الجيش السوري الحر للمرة الاولى في يوليو 2011. كانت رحلة مثيرة للاهتمام ووفرت الكثير من العلف لنظريات المؤامرة على الانترنت، ولكن هذه الحيلة الدعائية الصغيرة لا تعني أن أي منهما في استطاعته أن يصلح يكون بمثابة حلقة وصل مفيدة لثوار الجيش السوري الحر في عالم الواقع اليوم، أي الثوار الذين تدعمهم الموم والموك. وبعبارة أخرى، في اذي يمتلك فالي ونجار ما يكفي من الاتصالات السياسية الغريبة لجعل لاروش يبكي فرحا، فلا هم ولا المصري كان يحتكم علي  مقاتل واحد داخل سوريا.

ومع ذلك ها هم الآن في مركز الدبلوماسية العامة الروسية. والواقع أن الروس، وفقا للمصري (الذي كرر هذه القصة لي شخصيا، وذلك في بيان ارسله بالبريد الالكتروني، وعلى التلفزيون التركي)،  أعجبوا بما فيه الكفاية بلقائه مع بوغدانوف حتي أنهم طلبوا فورا عقد جلسة متابعة. في اليوم التالي، كما يقول، "تلقينا مكالمة هاتفية من مسؤول عسكري روسي طلب عقد اجتماع عاجل بناء على طلب من وزير الدفاع الروسي. قبلنا الدعوة واجتمعنا في باريس في الاجتماع الذي استمر لنحو ثلاث ساعات ".

محمود الأفندي واجتماع أبوظبي

كانت اخر المحاولات، في 5 نوفمبر، هو إعلان وسائل اعلام الدولة الروسية عن عقد اجتماع في أبو ظبي. يفترض أن يجمع "28 لواء من ألوية الجيش السوري الحر في ضواحي دمشق، القنيطرة وحماة وضاحية غرب حمص، وكذلك الجبهة الشمالية من ضواحي حلب وإدلب مع ممثلي وزارة الخارجية الروسية و وزارة الدفاع الروسية "لمناقشة كيف يمكن لهذه المجموعات التفاوض على سلام منفصل مع الحكومة السورية وإرساء تعاون دائم مع روسيا.

وكان مصدر هذه المعلومات المدهشة منسق الاجتماع الرسمي، محمود أفندي، الذي يشغل أيضا منصب رئيس "الحركة الدبلوماسية الشعبية." التي لا يعرفها إلا القليل في أوساط المعارضة السورية، تدحرج الأفندي حول المعارضة في الخارج لفترة من الوقت  وبرز مؤخرا في أستانا، كازاخستان، في مناسبة دعي اليها عدد من جماعات المعارضة السورية الشكلية.

في الواقع،كانت  اجتماعات استانا (عقد منها اجتماعين حتى الآن) مسرحا سياسيا موجها من موسكو و / أو دمشق. وكان معظم الحضور من اليساريين المسنين الذين يسعون إلى تسوية مع الأسد تقوم على إصلاحات محدودة. بعضهم بالتأكيد صادق، ولكن البعض الآخر هم في الأساس وكلاء المخابرات الروسية أو السورية. وتنفر منهم  معظم بقية المعارضة وليس لهم أي علاقة على الإطلاق  بالثورة على الارض في سوريا. وأي لواء تابع  للجيش السوري الحر فعلا سيصادفوه سيلطق النار علي أن يقبل دعوات للمؤتمرهم.

أما بالنسبة ل"الحركة الدبلوماسية الشعبية"، فهي علي ما يبدو مجموعة أخري مكونة من عضو واحد (لكني سأكون سخيا وأقول باحتمال وجود بضعة من الأعضاء الاخرين )، وأيا كان دور أفندي الحقيقي  فهو بالتأكيد شخص لا يستطيع حشد "28 كتيبة" من العصابات السورية في خدمة الدبلوماسية الروسية.

في الوقت الذي لم تستجب إلا قلة من الفصائل الثورية للمبادرات الروسية الأولية، ثم قطعت اتصالاتها، الغالبية العظمى منهم ترفض التوسلات الروسية . وعند سماع الجماعات التي تنسب نفسها للجيش السوري الحر التقارير التي تتحدث عن اجتماع أبو ظبي القادم بقيادة الأفندي، بدأت الجماعات فورا في إنكار وإدانة والسخرية هذه المطالبات. في 6 نوفمبر، أصدرت معظم الفصائل الثورية  الرئيسية داخل سوريا - ما يقرب من إجمالي  خمسين فصيل - بيانا مشتركا باسم الجيش السوري الحر نفت مشاركتها وأدانت العمليات الروسية في سوريا. (كانت معظم الجماعات التي لم توقع على البيانات  فصائل اسلامية وجهادية مثل أحرار الشام وجبهة النصرة، وغيرهم، الذين لم يشيروا أبدا إلى أنفسهم بإعتبارهم  من جماعات الجيش السوري الحر ).

اجتماع أبوظبي قد يعقد بشكل جيد للغاية على أي حال. ولن تلاقي روسيا  صعوبة في شراء قائد عسكري أو اثنين، ثم تملأ  القائمة  بالفصائل الصغيرة الغير مشاركة في الموم أو الموك التي تبحث عن التمويل، وهي الجماعات التي تنتمي زورا الي الجيش السوري الحر والعملاء من حزب العمال الكردستاني ومختلف الثوار السابقين الذي تحركهم مخابرات الأسد وبعض السوريين في المنفى وأي عدد ساخط من المنشقين عن الجيش . ومن المؤكد أنه يمكن الاعتماد علي هذه المجموعة لصنع المزيد من عناوين الأخبار حول اجتماع روسيا مع الجيش السوري الحر، ولكنها لا تستطيع التحدث الي أي عدد هادف من الثوار المسلحين داخل سوريا.

من يستخدم من؟

الي هنا نتبين أن شخصا تعرض للخداع، لكن لست متيقنا تماما من  يستخدم من منهم. وكلما تعمقت أكثر في العلاقات بين روسيا والشخصيات الهامشية في الشتات السوري، كلما زاد استغرابك: عالم يقع في منتصف الطريق بين جوزيف كونراد وتوماس بينشون ولكن بدون صفات التضحية للأسلوب والشخصيات ذات المصداقية.

إذن فماذا يجري بالفعل؟ أرى خيارين.

فإما أن نعتقد أن الحكومة الروسية، على مستوى مجلس الوزراء ورغم الجهود الجبارة التي تبذلها استخبارات SVR وGRU ، ليست علي دراية كبيرة بالسياسة السورية حتي تتصور أن المصري وفالي ونجار والجماعات العربية المدعومة من حزب العمال الكردستاني  أو أفندي لهم صلات ذات مصداقية بالجيش السوري الحر المدعوم أمريكيا، مهما تخيل الروس أن يحدث ذلك.  لو تم لهم ذلك لشهدنا حكومة روسيا يتلاعب بها  مجموعة متنوعة من رجال الأعمال والشخصيات السياسية السورية والأمريكية واللبنانية، ولأصبح الكرملين ضحية تعيسة لبراءته الطفولية التي يشتهر بها وضحية للثقة العمياء في النوايا الإنسانية الطيبة .

البديل ، ولحسن الحظ هناك بديل، هو أن نتخيل هذا أنه خدعة لصرف الانتباه من جانب الروس - نوع من الدعاية السياسية  أو التمويه، ليستقطع بوغدانوف جزءا من وقت جدول أعماله المزدحم ليتحدث الى أشخاص في سوريا يعلم أن نفوزهم  صفرا لأنهم صفر. وبتحويل الكرملين  الاهتمام علي مستوى عالي على محاورين بلا أهمية، أنتج المواد الخام التي يحتاجها مصنع دعايته ليدفع بمنتجاته في سوق الشائعات في السورية.

لماذا ا؟

تغذية وسائل الإعلام بالشائعات والتلميحات  والمعلومات الغير مترابطة حول الاتصال الروسية بالجيش السوري الحر تخدم أجندة سياسة الكرملين بطريقتين:

أولا، تخدع بعض الناس للاعتقاد بأن روسيا تنتزع بمهارة حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في سوريا. ومعظمهم من الذين لا يعرفون شيئا عن سياسة الثورة في سوريا، لكنهم معظم  الناس.

ثانيا، ولا يقل أهمية عن أولا، لا يستطيع منافسي روسيا  الاحتجاج علي مزاعم موسكو الاحتيالية دون الدخول في نقاش حول من يمثل بالفعل الجيش السوري الحر في المحادثات مع الأسد، لو لم يكن المصري  أو الأفندي  أو المرشحين الآخرين الذين إقترحتهم موسكو. ونظرا لعدم وجود  قيادة مركزية  للجيش السوري الحر ولا إجماع حول من يوصف ب "الجيش السوري الحر"، فهذا أشبه بمحاولة دق مسمار من الجيلي الهلامي في الحائط.

وهذه مشكلة ساهم في صنعها الأمريكيين . والواقع أن البعض يقول أن داعمي المعارضة وقعوا الان ضحية للدعاية الخاصة بهم. لسنوات، فالمسؤولون في الولايات المتحدة وأوروبا وتركيا والعالم العربي كانوا يدعمون طوال سنوات "الجيش السوري الحر المعتدل" أو حتى "الجيش السوري الحر  العلماني" باعتباره أمل سوريا العظيم نحو المستقبل، دون التوصل إلى أفضل تفسير لما يعنيه ذلك غير القول  "أي جماعة مسلحة ملعونة في سوريا نتمكن من العمل معها". وهذا بلا شك يعد تعريفا من نوع ولكن كيف يمكن تسويقه للجمهور؟ ماذا تفعل عندما يبدأ الصحفيين والناخبين، أو حتى أعضاء الكونغرس طرح الأسئلة حول من هم  بالضبط  من يتلقون كل هذه الأموال من دافعي الضرائب؟

وقد بدأت الحكومة الروسية الآن استغلال هذا الغموض المهندس عمدا لأغراضها الخاصة. بإعادة تسمية حلفائهم وجميع أنواع السوريين في الخارج الذين يتسمون بالعشوائية بوصفهم  "ممثلي الجيش السوري الحر" يحاولون انتزاع الخيال المفيد جدا من أيدي أعدائهم، أو إذا تعذر ذلك يدمرونه بإضافة المزيد من الارتباك والغموض.

وكما قال بوغدانوف الذي يشبه وجهه لعبة البوكر مؤخرا عند مناقشة ما إذا كانت الجيش السوري الحر سيكون جزءا من محادثات السلام الافتراضية في المستقبل:

"نحن نؤيد بشكل عام  مشاركتهم ككيان.ولم ا نفهم بعد من سيمثلهم . نحن في انتظار أن يعلنوا بشكل أوضح أو يقول لنا شركائنا الذين تربطهم علاقات بالجيش السوري الحر".

قد يسمي البعض هذا دبلوماسية.أما أن ف أسميه تصيد على مستوى النخبة .

    آرون لوند، رئيس تحرير سوريا في أزمة

http://www.joshualandis.com/blog/media-maskirovka-russia-and-the-free-syrian-army/