الأحد، 10 نوفمبر 2013

طرفي الحرب في سوريا يرجحون بشكل متزايد بقاء الاسد






بيروت، لبنان - يتزايد عدد السوريين على جانبي الصراع في بلادهم ، جنبا إلى جنب مع محللين إقليميين والوسطاء المحتملين، المطالبين باستراتيجيات جديدة لإنهاء الحرب الأهلية، بناء على ما يرونه واقعا جديدا لا مفر منه: الرئيس بشار الأسد يبقي في منصبه، على الأقل في الوقت الحالي .

ويقولون أن إصرار المعارضة المدعومة من الولايات المتحدة علي رحيل الرئيس الأسد  قبل بدء محادثات السلام قد عفا عليه الزمن، وتعكس فشلهم في تقدير الوضع على الأرض. ويقولون يجب عليهم التوصل بدلا من ذلك الى اتفاق لانهاء أو تخفيف العنف ويضم هذا الالتفاق السيد الأسد ويتطلب التوعية أكثر نشاطا لأعضاء حكومته وقوات الأمن، مع مقترحات وتطمينات ملموسة يمكن أن تجلب حلا وسطا.

ويؤكدون أيضا أن تحالف المعارضة الموجود في المنفى المدعوم من الولايات المتحدة التي لا يزال في صدارة سياسة واشنطن له أهمية ضئيلة، ولا يلقي احترام من المقاتلين من الجانبين. ويقول نقاد تلك السياسة الأمريكية أن الولايات المتحدة والائتلاف الحليف  يساعدون علي ضمان بقاء الدبلوماسية  مشلولة بينما السوريون يموتون.

يوم الجمعة، أعلن الائتلاف الموجود في المنفى انه لن يحضر اجتماعا سيعقد في موسكو سيجمعهم مع  مسؤولين في الحكومة السورية لأول مرة، وإن كان التركيز الضيق كان على معالجة تفاقم الأزمة الإنسانية في سوريا. نقطة الخلاف كانت التالي: موسكو دعت أيضا المعارضين للأسد الذين هم أكثر استعدادا لتقديم تنازلات.

ويقول النقاد أنه لا يوجد ما يدل على أن السيد الأسد يقترب من هزيمة وشيكة، بل يبدو أنه زاد من سيطرته على أجزاء من البلاد. لذلك فهم يتبنون على مضض هدفا مصغرا يتمثل في تشكيل حكومة انتقالية علي المدى المتوسط ​​تضم السيد الأسد.

ويقولون أن أفضل أمل لديهم هواللفظ  التدريجي لأعمال العنف في سوريا التي ستبقى مقسمة لفترة طويلة بين المناطق التي يسيطر عليها المقاتلين الجهاديين، والعناصر الأكثر اعتدالا من المعارضة والحكومة الانتقالية.

ويقول النقاد أن ثمة حاجة ملحة لتغيير المسار، فمع تراجع آفاق محادثات السلام في جنيف ، ستتهاوي سوريا . ففي الشمال، تقوم الجماعات الجهادية المتطرفة بترهيب السكان، وتشتبك مع المتمردين المتنافسين وتنشئ قاعدة تشكل تهديدات يمتد خارج حدود سورية. الجوع والمرض آخذة في الارتفاع. شلل الأطفال استعاد نشاطه . نزح أكثر من تسعة ملايين من السوريين من منازلهم، أي ما يعادل، حسب النسبة المئوية للسكان، أكثر من 100 مليون أميركي .

وقال ريان كروكر، السفير السابق لدى سوريا والعراق وأفغانستان والآن عميد كلية بوش للحكومة والخدمة العامة في جامعة  تكساس "هناك نوع من السريالية  في سياسة الولايات المتحدة.  يجب أن تذهب الأسد. ' حسنا، لن يذهب الأسد ".

ويقول السيد كروكر واخرين أن فشل النهج الحالي في اللاستفادة من الاعداد المتزايدة من السوريين الذين أنهكتهم الحرب التي أفقدتهم الحماسه للطرفي الحرب خوفا من أن تصبح  سوريا دولة فاشلة.

وتشهد عشرات المقابلات مع طيف واسع من السوريين في أنحاء البلاد على نمو مثل هذه المجموعة، الذين يطلقون على أنفسهم في كثير من الأحيان الوسط "الرمادي" . يشكو كثير منهم أنه لا أحد يمثلهم في ما أصبح حربا أهلية مثل الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت لمدة 15 عاما، وهي الحرب الدولية بالوكالة التي كان من مصلحة المتطرفين والمتربحين منها على كلا الجانبين إطالتها.

في مقابلات أجريناها في بيروت الغربية في الأيام الأخيرة، عبر اثنين من السوريين علي طرفي النقيض في الصراع - احدهما ناشطة مناهضة للحكومة ومتزوجة من قائد للمتمردين واخري من انصار الحكومة لها علاقات مع أعضاء المؤسسة الأمنية - عن مشاعر مماثلة: حب عاطفي لسوريا والرغبة في إنهاء التدمير والقتل.

واقترحوا حلولا وسطا معاكسة. فقالت زوجة المتمرد أن السيد الأسد يمكن أن يبقى لو تم اصلاح قوات الأمن بشكل كامل. ودعت المناصرة للحكومة لاستبدال السيد الأسد، ولكن مع الحفاظ على الجيش والقيادة الأمنية كما هي .

ويقول عدد من الأشخاص المطلعون على الدبلوماسية الرسمية إن دبلوماسيين غربيين قد اجتمعوا مؤخرا سرا واحد أو اثنين من المسؤولين السوريين والشخصيات التي لها صلة بالحكومة، إلا أنهم لم يقدموا لهم حلا ملموسا .

 قالت رندا سليم، وهي زميل أبحاث في مؤسسة أمريكا الجديدة والباحثة في معهد الشرق الأوسط، التي تتابع عن كثب الجهود الرسمية وغير الرسمية للحوار"إن أفضل شيء قدمه الغرب للأسد الآن هو زنزانة في لاهاي"، في اشارة إلى الموقع الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. وقالت، لكن أي اتفاق  "لا بد وأن يشترك فيه الناس الذيت تلطخت أيديهم بالدماء".

وتابعت قائلة :"لا يوجد قديسين في الحروب"، .

عدل المسؤولون الأميركيون  لهجتهم بمهارة قائلين السيد الأسد قد "فقد شرعيته"، بدلا من المطالبة الصريحة له بالتنحي. وفي يوم الجمعة، ضغطوا على الائتلاف لحضور محادثات جنيف للسلام، قبل اجتماع الائتلاف في عطلة نهاية الاسبوع للبت في القضية. لكن محللين يقولون ان المسؤولين لم لم يضعوا صياغة لرؤية تقر بتشبث حكومة السيد الأسد، وعدم فاعليتة ائتلاف المنفى أو شكوك السوريين المتزايدة بشأن صعود المسلحين الجهاديين الذين سعوا إلى فرض حكم ديني على المناطق التي يسيطرون عليها.

وفي غضون ذلك، دخل اخرين ليملأوا الفراغ. روسيا تمضي قدما في خططها لاستضافة الاجتماع في موسكو مع مجموعة من شخصيات المعارضة - بعضها مثير للجدل - أوسع  من مجرد التحالف.

في إشارة إلى احتمال تحول استراتيجية إدارة أوباما،  قالت متحدثة باسم المجموعة المعارضة الموجودة في المنفي ، الائتلاف الوطني السوري، بيان الخطيب، الاربعاء ان المسؤولين الاميركيين يشجعون الائتلاف علي الحضور، وأن بعض الأعضاء يدرسون 
ذلك..

وتبذل محاولات أخرى هادئة لاقامة محادثات غير رسمية، بدعم من وزارة الخارجية. في احدي الاجتماعات التي عقدت الشهر الماضي ولم تضم أميركيين، عقد عبد الله الدردري، الذي أطيح به من الحكومة السورية في عام 2011، وهو الآن مسؤول في الأمم المتحدة، اجتماعا في بيروت مع حوالي 170 سوري من أطراف الصراع المتنازعة .

وقال العديد من المشاركين أن الاجتماع ضم  مسؤولين تكنوقراط في الحكومةعلي المستوى المتوسط ؛وشخصيات دينية ورجال أعمال وأعضاء بارزين من المعارضة التي لم تلجأ للعنف، واثنين على الاقل من مقاتلي المتمردين في الجيش السوري الحر المدعوم  من الغرب، كان أحده يتباهى بأنه أسقط طائرتي هليكوبتر. وكان جدول الاعمال الرسمي يتعلق بمناقشة إعادة إعمار سوريا في نهاية المطاف، ولكن كان الهدف من ورائها البحث عن أرضية مشتركة.

ووصف أحد المشاركين محادثة أثناء  استراحة تناول القهوة  أجراها مع امرأة سجنت بسبب أنشطتها السياسية المناهضة للحكومة ومؤيد للحكومة. كلاهما يعتبر العدو الأساسي هو الدولة الإسلامية في العراق والشام ، وهي منظمة جهادية يسيطر عليها الأجانب.

وقال المشارك أن وجه السيدة المؤيدة للأسد بدا مشرقا من المفاجأة، عندما أعلن الناشط أنه نظرا للاختيار بين حكومة السيد الأسد، والجهاديين، قالت انها ستختار الحكومة - وتلك المشاعر شائعة بشكل متزايد بين النشطاء المدنيين.

وقال مناصر الحكومة الذي أجرينا معه مقابلات في بيروت الغربية، والذي يتحدث في كثير من الاوقات مع شخصيات أمنية وعسكرية كبيرة ، أن بعضهم منفتحين علي تقبل مستقبل سوريا  من دون الأسد إذا تضمن ذلك تشكيل حكومة انتقالية تشمل "شخص ما يقبلونه " - وذكر اسم رفعت الاسد وهو قائد عسكري سابق ويعيش في المنفى وابن عم الرئيس الأسد - إذا حال ذلك دون انهيار قوات الأمن.

وقال أن الرئيس الأسد قد يقتنع بتولي الرئاسة في مرحلة انتقالية  ثم يتنازل عنها ​​للترشح لاعادة انتخابه، والسماح له أن يعلن أنه أنقذ سوريا من الجهاديين وقادها إلى الديمقراطية.

قالت زوجة قائد أحد الجماعات المتمردة ان المقاتلين في جماعة  زوجها قد يقبلون ببقاء السيد الأسد لبعض الوقت إذا لم تم تلبية المطالب الأخرى. واعترفت أنها كانت من بين الشخصيات المتمردة الأكثر واقعية وملتزمة بالتعددية. وهي وزوجها من مدينة  يبرود، المدينة المختلطة عرقيا حيث يوفر النشطاء المدنيين خدمات محلية تحت حكم الثوار.

وقالت : "الهدف ليس الأسد ولكن النظام الأمني"، مضيفة أن التحالف الموجود في  المنفى فقد التواصل مع المعاناة السورية. واضافت "اذا كانوا يريدون مساعدتنا، ينبغي لهم أن يقبلوا هذا الحل."

وقالت انه يتعين على الولايات المتحدة ترتيب محادثات والدفع للتوصل الى اتفاق لبناء الثقة: وووقف إطلاق النار لمدة شهر  يتوقف فيها المتمردين عن قصف المواقع الحكومية وتبادل اطلاق سراح السجناء السياسيين، وبخاصة النساء والأطفال، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة.

يتوقع العديد من المحللين والوسطيين السوريين، في  أفضل الاحوال في الوقت الحالي تشكيل حكومة انتقالية تضم الرئيس الأسد وشخصيات معارضة، وهي عملية تدريجية من التغيير تشمل وضع دستور جديد وانتخابات شفافة، والاتفاق علي تنحيي الاسد في نهاية المطاف برفضه الترشح لإعادة انتخابه.

 السفير السابقالسيد كروكر "وجهة نظري، التي تسبب الخوف والبغض في جميع أنحاء واشنطن، هي أننا حقا بحاجة إلى ألا تقتصر جهودنا فقط علي  محاولة التحدث الى أشخاص في النظام"، وكذلك تشكيل اتصالات مباشرة مع المتمردين ومؤيديهم داخل سوريا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق