الجمعة، 24 فبراير 2017

" تنظيم القاعدة يلتهمنا " : المتطرفين يهزمون الثوار في سوريا







23 فبراير 2017

غازي عنتاب، تركيا -- بدأت اخر أكبر المعاقل المتبقية للثوار في شمال سوريا تسقط تحت سيطرة جماعات متطرفة مرتبطة بتنظيم القاعدة وسط موجة من الاقتتال الداخلي بين الثوار تهدد ما تبقي من الثوار المعتدلين.

ويتزامن صعود المتطرفين في محافظة ادلب في شمال غرب سوريا مع تعليق المساعدات لجماعات الثوار المعتدلين من حلفائهم الدوليين

وقال خمسة من قادة تلك الجماعات أنه قد قيل لهم في وقت مبكر من هذا الشهر من مندوبي الولايات المتحدة والسعودية وتركيا أنهم لن يستلموا أسلحة ولا زخيرة حتي يتوحدوا ويشكلوا جبهة متماسكة تتصدي للجهاديين، وهو هدف استعصي علي الثوار المنقسمين طوال ستة سنوات من الحرب

وقال مسئولين امريكيين ان تجميد الامدادات ليس له علاقة بتغير السلطة في واشنطون حيث ادارة ترامب منشغلة بمراجعة السياسة الامريكية في سوريا . وقال دبلوماسيين وقادة عسكريين من الثوار أن هذا لا يعني ايضا التخلي الكامل عن دعم الثوار الذين يواصلون استلام مرتباتهم

وقال قادة عسكريين من الثوار أنه قد قيل لهم أن الهدف هو ضمان عدم وقوع الاسلحة في يد المتطرفين، عن طريق الضغط علي الثوار لتشكيل قوة أكثر كفاءة

وبدلا من أن يتوحد الثوار رص المتطرفين صفوفهم وانقلبوا علي الثوار المدعومين من الولايات المتحدة، مما جعل الجماعات المتطرفة المرتبطة بتنظيم القاعدة التي تعايش معها الثوار المعتدلين في السابق تسيطر علي مساحات واسعة من الاراضي في محافظة ادلب التي تعد أهم معقل للثوار يأملون ان يساعدهم في تحدي الرئيس السوري بشار الاسد

لا يزال الثوار المعتدلين يسيطرون علي اراضي في جنوب سوريا، وعلي جيوب حول دمشق ومناطق في محافظة حلب حيث يقاتلون الدولة الاسلامية مع قوات الجيش التركي

لكن خسارة إدلب لصالح المتطرفين قد يطيل - أو علي الأقل يحول - مسار الحرب في وقت تعقد فيه الامم المتحدة محادثات السلام في جنيف بهدف التوصل الي تسوية سياسية. وبدأت المحادثات يوم الخميس دون مؤشر علي احتمال تحقيق تقدم 

ويقول محللين أن الحكومة السورية وحليفتها روسيا ستتمكنان الان من تبرير تصعيد الغارات الجوية علي تلك المنطقة، ربما بالتحالف مع الولايات المتحدة، التي تنقوم بالفعل بتنفيذ غاراتها الجوية ضد أهداف لتنظيم القاعدة في أدلب .

وقال الباحث أرون لوند من مركز أبحاث مؤسسة القرن Century Foundation " تم التخلي بالأساس عن ادلب الان للجهاديين. وقد تكون تلك نهاية المعارضة كما يفهمها داعمي المعارضة في الخارج. لن يكون لهم أي مبرر لدعمهم " .

ويبدو ان الدافع وراء الهجوم المدعوم من تنظيم القاعدة هو ضغط روسيا في الشهر الماضي لصنع سلام مع نفس جماعات الثوار المعتدلين الذين حاولت الولايات المتحدة في الماضي حمايتهم من الغارات الجوية الروسية ولم تنجح . ومنذ ذلك الحين قامت جماعة جبهة فتح الشام فرع تنظيم القاعدة في سوريا - التي لا تزال معروفة علي نطاق واسع باسمها القديم جبهة النصرة -  بشن سلسلة من الغارات وعمليات الخطف والقتل ضد الثوار المعتدلين والنشطاء والمجالس المحلية المدعومة من الغرب في كل أنحاء محافظة ادلب

وانضمت أكثر الجماعات الثورية المتطرفة الي تحالف جديد شكلته جبهة النصرة يسمي هيئة تحرير الشام . وسعت الجماعات الأكثر اعتدالا الي حماية نفسها بالتحالف مع جماعة من أكبر الجماعات الغير تابعة لتنظيم القاعدة وهي جماعة أحرار الشام التي تنتمي للمدرسة السلفية الجهادية التي تعتبر شديدة التطرف بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها الغربيين مما يصعب عليهم تأييدها

وقال ذكريا ملاحفجي من جماعة فإذا أمرت فإستقم المدعومة من الولايات المتحدة مفسرا سبب قرار جماعته الانضمام لتحالف أحرار الشام : " تنظيم القاعدة يلتهمنا. وهذا مجرد تحالف عسكري لحمايتنا من تنظيم القاعدة . ونحن لا نشاركهم أراءهم السياسية" .

وهناك عشرات من الجماعات التي لم ترضخ للضغوط وتنضم لتحالف المتطرفين لكنهم أقروا ان قضيتهم ميئوس منها

وقال العقيد أحمد سعود، وهو ضابط في الجيش السوري انشق ويتولي قيادة وحدة من الثوار في جماعة جيش ادلب الحر المدعوم من الولايات المتحدة وهي من الجماعات التي نأت بنفسها عن  الجهاديين، أن المتشددين " يسيطرون علي كل جوانب الحياة والمساجد والمدارس. ويجعلون الاولاد في سن 14 سنة يعتنقون الفكر المتطرف. وفكر تنظيم القاعدة ينتشر في كل مكان. وتم التخلي عنا " .
وقال القادة العسكريين للجماعات الثورية أن تعليق الامدادات لن يضمن غير استمرار تمدد تنظيم القاعدة. وقال ملاحفجي : " بالطبع لو قطعت الامدادات عن الثوار المعتدلين ستزداد قوة تنظيم القاعدة " .

يخول البرنامج الذي بدأته الولايات المتحدة منذ ثلاث سنوات استلام الجماعات الثوار الذين فحصتهم السي اي ايه الدعم في شكل مرتبات وأسلحة خفيفة وزخيرة وكميات محدودة من الصواريخ المضادة للدبابات. الامدادات يشرف عليها مركز العمليات العسكرية المعروف باسم " الموم " ويتكون من مندوبين من تحالف اصدقاء سوريا المدعومين من الولايات المتحدة

ولكن حتي لو تم استئناف الامدادات ليس من الواضح ما اذا كان الثوار في وضع يمكنهم من تحدي تنظيم القاعدة. وإحدي جماعات الثوار فضلت حرق مخازن زخيرتها علي ان تسمح باستيلاء جبهة النصرة عليها. وأظهر فيديو نشره تحالف جبهة النصرة الجديد علي موقع يوتيوب هذا الاسبوع مقاتليها وهم يدمرون موقعا لبنادق الحكومة مستخدمين صواريخ التاو المضادة للدبابات المصنوعة في الولايات المتحدة والتي استلمها الثوار المعتدلين، وربما استولي عليها حلفائهم من تنظيم القاعدة

وقال تشارلز ليستر من معهد الشرق الاوسط ان الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة لم تسيطر بعد علي المعابر الحدودية الرئيسية لدخول سوريا من تركيا، لكنهم يسيطرون علي طرق الوصول والمدن والقري التي حولها مما يمكنهم من التحكم في أي امدادات تمر عبرها

وقال ليستر أن تحالف تنظيم القاعدة " يسيطر سيطرة كاملة الان علي ما يمر عبر الحدود . فلابد من توحد الثوار أكثر قبل أن يخاطر المجتمع الدولي " .

الثوار يواجهون حاليا خيارا وجوديا - الانضمام للجماعات المتطرفة والمخاطرة بفنائهم من الجو علي يدالطائرات الروسية والامريكية أو ان يتوحدوا للدخول في مواجهة مع تنظيم القاعدة وحلفائها والمخاطرة بالهزيمة علي الارض علي يد الميليشيات الاسلامية الأفضل تسليحا والأعلي دوافعا

وتعرض تركيا، الحليف الأقرب للثوار، خيارا ثالثا: ترك منطقة إدلب برمتها والتوجه شرقا للانضمام الي
العملية العسكرية المدعومة من تركيا التي يطلق عليها درع الفرات التي تم شنها ضد الدولة الاسلامية - وهي جماعة منافسة لتنظيم القاعدة . وتقوم تركيا بالضغط لاقناع الولايات المتحدة انها قادرة علي حشد قوة قادرة علي تقديم البديل عن الاكراد السوريين للمشاركة في معركة الرقة عاصمة الدولة الاسلامية، وتقوم في الوقت نفسه بتجنيد الثوار المعتدلين في ادلب

 وقال الكابتن مهند جنيد من من جماعة جيش النصر، وهي جماعة اخري مدعومة من الولايات المتحدة وفقدت 69 من أفرادها في مذبحة للثوار المعتدلين الاسبوع الماضي علي يد جماعات تابعة لتنظيم القاعدة،  أن ثوار ادلب لا يريدون تسليم اراضيهم للجهاديين ليذهبوا ويقاتلوا في جبهة مختلفة

وقال : " كل إدلب ستلون باللون الاسود وهذا سيعطي مبررا لقيام طائرات النظام والروس بقصفها " .

وقال سعود أنه حتي مع تعرض الثوار المعتدلين للفناء المرجح، لا تزال الخلافات فيما بينهم قائمة مما يحول دون التحالف الذي يسعي اليه داعموهم الدوليين. وهو يشعر بالتشاؤم من احتمالات نجاة الثوار

وقال : " اذا لم نواصل الحصول علي الدعم سنظل نقاتل بعضنا البعض ونقتل بعضنا البعض حتي نموت جميعا. والنظام سيتفرج علينا وهذا ما يريدونه " .


صحيغة الواشنطون بوست

المصدر



https://www.washingtonpost.com/world/middle_east/al-qaeda-is-eating-us-syrian-rebels-are-losing-out-to-extremists/2017/02/23/f9c6d1d4-f885-11e6-aa1e-5f735ee31334_story.html?tid=sm_tw_pw&utm_term=.747d4471b1ba

الأحد، 12 فبراير 2017

صعود وسقوط عميل سوري للسي اي ايه



                         

 صعود وسقوط أحد قادة الثورة السورية المدعومين من الولايات المتحدة الامريكية

مرت فترة كان فيها " أبو أحمد "، الرجل الضخم الذي به عرج كبير، يستقبل المعجبين في المقهي المليئة بالدخان في جنوب تركيا. كان قادة المعارضة السورية يلجأون اليه طلبا للعون. وكان ضباط المخابرات الاجنبية يطلبون رأيه. وعندما كان يعبر الي داخل سوريا كان يحمل حقائب ممتلئة بالدولارات من فئة المئة دولار ليسلمها الي المقاتلين الثوار. وإستلم رفقاؤه صواريخ مضادة للدبابات، تم تسليمها سرا علي الحدود

كان بعض الثوار يسمونه رجل السي اي ايه في سوريا. والان يناضل من أجل أن يرد أحد علي مكالماته التليفونية. وتذكر قائد اخر من قادة الثورة المدعومين من الولايات المتحدة قائلا : " كنا نقول نكتة، ‘ لو أردت شيئا من باراك اوباما اتصل بأبو أحمد, . لو أراد أحد من المعارضة ان يلتقي الامريكيين يذهبون اليه. والان ذهب أشخاص مثلنا الي مزبلة التاريخ " .

وبعد عامين من عمله " وسيطا " للسي اي ايه، يوزع الاسلحة ويخطط العمليات العسكرية في سوريا، ألقي أبو أحمد في السجن. وبعد اطلاق سراحه أجبر علي الاختباء مؤقتا، ثم أصبح عارا في عيون رفاقه الثوار. ولأسباب أمنية، طلب تغيير اسمه وأسماء اخرين شاركوا في مناقشة قصته، وطلب الامتناع عن ذكر مكانهم بشكل دقيق

قصة صعوده وسقوطه تعطينا فكرة عن كيف كانت السي اي ايه تعمل ضمن حدود سياسة الرئيس اوباما الفاترة الخاصة بسوريا. وتكشف هذه القصة كيف فاقمت المنافسات بين البيروقراطيين في الولايات المتحدة - بل والأهم منها تزايد التباعد بين واشنطون وحليفتها تركيا - من الحرب السورية

 *** 

تحول الصراع السوري خلال الستة سنوات الماضية من مظاهرات احجاجية في الشوارع ضد بشار الأسد الي حرب أهلية وحولت معها المنطقة والعالم. أربعة من الخمسة أعضاء الدائمين في مجلس الأمن قصفوا الأراضي السورية. وصبت القوتين الاقليميتين، ايران والسعودية، مليارات الدولارات داخل ما أصبح حربا بالوكالة. واستغلت جماعة داعش الجهادية الفوضي لتصدير العنف حول العالم. وشجع اللاجئون السوريون الذين اغرقوا اوروبا موجة الشعبوية للجناح اليميني في كل انحاء القارة الاوروبية والولايات المتحدة

وورث الرئيس دونالد ترامب، الذي دخل واشنطون علي نفس موجة المشاعر الشعبوية تلك، المستنقع السوري. وهو يصور الصراع السوري أنه مفاضلة بين داعش والأسد

والواقع أكثر تعقيدا من ذلك، ولو كان لهذه الرؤية مزيدا من المصداقية اليوم، فهذا راجع جزئيا الي الخيارات التي اتخذتها ادارة اوباما

الاصرار علي عدم التورط في الحرب في سوريا، بالاضافة الي الاعتراف بأهميتها الاقليمية، جعل واشنطون تتردد - وهو الموقف الذي سيثبت علي المدي الطويل أنه موقف استشكالي مثلما هو الحال في حالة التدخل العسكري الكامل

ويجسد السوريين من أمثال أبو أحمد عواقب هذه المعضلة. ففي 2013 انضم الي البرنامج السري للسي اي ايه الذي وضع لنقل الاسلحة والاموال الي الثوار المعتدلين. وراهن هو وقادة عسكريين سوريين اخرين ان التعامل مع الولايات المتحدة سيجلب لهم في نهاية المطاف دعما يشابه الدعم الذي ساعد الثوار الليبيين علي اسقاط معمر القذافي في 2011 . وخسر الرهان بشدة

ويستيقط أبو احمد في هذه الايام في الساعة 7 صباحا، فهو لا يزال ملتزما بالروتين الذي تدرب عليه منذ فترة طويلة بصفته ضابط في الجيش. وهو يقود سيارة بالية استعارها ليصل بها الي المنطقة الصناعية في المدينة الواقعة جنوب تركيا، علي الحدود السورية. ويلوح لأطفال من اللاجئين السوريين الذين يغسلون السيارات بخراطيم المياه ويسأل أصحاب الجراجات ما اذا كانوا يحتاجون الي اصلاح سياراتهم. ثم يتوجه الي وسط البلد حيث يقوم ببعض الأعمال الحسابية في بضعة شركات محلية - أو أي عمل ليلبي إحتياجاته.

 قال لي خلال موسيقي البوب التركية الصاخبة وقرقرة الشيشة في مقهي قريب من منزله : " كنت اعتقد ان امريكا هم من تحكم الكون. واذا سألتني هل كنت مخطيئ؟ نعم، كنت مخطيئ. " .

" ما كان يشغلني هو اقامة علاقة طيبة مع الامريكيين. اعطوني السلاح فاحضرته الي سوريا. ولم يكن يشغلني سواء كان الاتراك لا يحبون الامريكيين او الامريكيين لا يحبون الاتراك. لم يكن لي علاقة بذلك. ومع الأسف الأمور لا تسير علي هذا النحو " .

لم يتبقي لواشنطون غير قليل من الخيارات الجيدة في سوريا، كما تبين من سقوط اخر المعاقل الحضرية للمعارضة في حلب مع اقتراب نهاية 2016 . فلم يكن انتصار الاسد وحليفته روسيا مجرد مأساة انسانية للمدنيين الذين قصفوا وطردوا من منازلهم، بل كان رمزا لتراجع النفوز الامريكي في المنطقة . وهمشت الجهود الدبلوماسية لانهاء الحرب التي تقودها موسكو وأنقرة واشنطون

وكان اوباما ومساعديه قد دافعوا عن موقفهم في الشرق الاوسط باعتباره قطيعة مع تركة امريكا المكلفة في التدخلات العسكرية المرتجلة - خصوصا غزو جورج بوش للعراق. لكن قصة ابو أحمد تبين لنا أن حتي التدخلات العسكرية المحدودة قد تكون مرتجلة ايضا - ويدفع فيها الحلفاء المحليين الثمن الأكبر.

وعبر مسئولين امريكيين سابقين اجرينا معهم لقاءات خاصة بهذه القصة عن احساسهم بخيبة الأمل من أنهم كانوا دائما يلعبون لعبة في سوريا، وهم يراقبون الوزارات الامريكية المختلفة تتشاجر حول أهداف صيغت بطريقة غامضة.  ويقول بعضهم انهم لم يتمكنوا طوال سنوات من فهم سياسة اوباما علي الاطلاق

الثوار والبلوماسيين في المنطقة علي السواء يشاطرون نفس مشاعر الغضب . وقال دبلوماسي من المنطقة : " الناس لديهم هذا المفهوم ان الولايات المتحدة لم تكن مشاركة بشدة ( في سوريا ) لكن هذا غير حقيقي - لقد كانوا مشاركين وبأدق التفاصيل لفترة في أماكن مثل حلب عندما بدأ ( برنامج السي اي ايه ). مشكلة السياسة الامريكية في سوريا كانت نفس المشكلة كما كان الحال دوما : كلها تكتيكات ولا يوجد استراتيجية . كانت فوضي " .


***

رغم جو البهجة والضحك من القلب، الدوائر التي تحيط بعيني أبو أحمد داكنة مثل ندبات القذيفة التي أصابت ساقيه. وخلال اجتماعاتنا كان يرتدي نفس التيشيرت يومين علي التوالي ويتناول 1600 ملي جرام من عقار ايبوبروفين ليتمكن من السير كل يوم.

من السهل ان تري لماذا انجذب المسئولين الامريكيين نحوه. فخلافا للتدين المتزايد لدي بعض الثوار المكتئبين وقلقهم الراسخ من التدخل العسكري الامريكي، أبو أحمد يحب ممازحة " أصدقاءه الأجانب " . ويصف نفسه أنه صريح ولا يتسامح مع الفساد ولا يثق في الاسلاميين - أو حسب قوله " أي شيئ له ذقن " . ويسميه ثوار اخريين اجرينا معهم لقاءات للتأكد من قصته بسخرية أنه " علماني متطرف " .

وقال الدبلوماسي : " اذا كان لديك سؤالا عن معركة يود أن يقوم بها الثوار، سيقول أبو أحمد علي الفور كم عدد الطلقات التي ستحتاجونها وكم عدد المقاتلين الموجودين هناك بالفعل وما الطريقة التي سيتبعونها. وأكلها الامريكيين كلها " .

عندما خرج المتظاهرين السوريين الي الشوارع في 2011 للتظاهر ضد عقود من حكم عائلة الأسد، كان لدي أبو أحمد وظيفة مريحة كضابط جيش في وسط سوريا. ثم بدأت قوات الأمن اطلاق النار علي المتظاهرين. وشكل مزارعين ومنشقين عن الجيش وتجار محليين جماعات تحولت الي وحدات مسلحة لقتال قوات الأمن، واندلع تمرد مسلح واسع النطاق

وانشق أبو أحمد وانضم للثوار في المناطق التي يسيطرون عليها في شمال سوريا حاملا معه مسدس. ويقول : " كنت ساذجا. كنت أعرف بالكاد كيف أطلق النار من مسدس. لم أكن أهتم علي الاطلاق بالتدريبات علي الأسلحة "

لكنه كان يملك مهارات أخري ستجذب اليه فيما بعد الشركاء الامريكيين.  كانت لديه مهارات في اللوجستيات والتكتيكات. يقول : " كنت أستطيع ان أقول كم عدد المقاتلين الموجودين علي الأرض بالفعل وكم من الذخيرة سيستخدمون - والأهم، كم عدد الرجال الذين سيقاتلون بالفعل. " .

ويقول أبو أحمد أنه كان يحسب إستخدام الأسلحة المخزنة لدي القادة العسكريين بناءا علي التقييم الذي يقدمه رجاله وأسلوب قوات الأسد في الهجوم . وقال وهو يرفع تليفونه الذي كان يلعب عليه لعبة الشطرنج أثناء اجراء الحوار معه : " الأمر بالنسبة لي كلعبة الشطرنج. انا أحب لعبة الشطرنج " . 

وفي 2012 جرح أبو أحمد في غارة جوية وسقط فاقدا للوعي لمدة 10 أيام. واستيقط في المستشفي علي قضيب حديدي في ساقه. وتتذكر زوجته أم أحمد، وهي امرأة رشيقة تضع أدوات تجميل باحتراف شديد الإتقان، وهي تجلس معه ليل نهار، تحاول مساعدته علي الوقوف أو تناول الطعام أو الكلام. وقالت : " ولما جاء مجموعة من المقاتلين لزيارته وقف علي الفور وتحدث وضحك معهم.وعندها أدركت أنه من الان فلاحقا سنكون ثلاثة مرتبطين بعلاقة : أنا وهو والثورة " .

***

ثم عاد أبو أحمد لاحقا بعد شهور قليلة الي أرض معركة اختلفت اختلافا جزريا. عجزت جماعات الجيش الحر المتعددة الأطياف أن تصبح قوة لها أي شبه بما يطمح اليه اسمها. فقد أصابت عدوي الفساد الكثير من الجماعات. وأصبحت الجماعات الاسلامية في الصدارة بدعم حلفاء الولايات المتحدة مثل قطر وتركيا، اللتان اعتبرتهم العملاء الأكثر تنظيما وأكثر جدارة بالثقة من نظرائهم الذين لهم دوافع أيدولوجية أقل

وعزز هذا المناخ، بالاضافة لسياسة الحدود المفتوحة التي اتبعتها تركيا، صعود الجهاديين المسنودين من المقاتلين الأجانب. وتمكنت جبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة في سوريا، وجماعة أخري منشقة عنها، الدولة الاسلامية في العراق والشام ( داعش )، من تحقيق قدرات عسكرية متفوقة، وطورتا برنامجا ايدولوجيا للهيمنة. ( جبهة النصرة غيرت اسمها منذ ذلك الحين مرتين، واخر اسم أطلقته علي نفسها مؤخرا هو جبهة تحرير الشام، وتقول انها قطعت علاقتها بتنظيم القاعدة، ومع ذلك لا يري ذلك إلا القليلين )

وقال أبو أحمد وهو يهز رأسه : " كنا أغبياء جدا. كنت غبيا جدا. كيف كنت أفكر ؟ كنت اعتقد ان النظام سيسقط وسنعود من حيث بدأنا. وعندما عدت وجدت جبهة النصرة وداعش تنتشران ولديهما كل تلك الخطط. وعندها علمت أننا سنحتاج في نهاية المطاف الي القيام بعملية مضادة ضد هؤلاء الأشخاص أيضا " .

بعض قادة الجماعات الاسلامية بدأوا يشكوا في أبو احمد بسبب انتشار شائعات أنه لا يصلي. فلما خاف بعض من رفاقه من القادة العسكريين علي سلامته أرسلوه عبر الحدود ليساعد في المجهودات الحربية من تركيا. والتقي أبو أحمد في هذه المنطقة الحدودية التي اصبحت تعج بالنشاط مؤخرا، حيث تمتلئ مدنا كانت هادئة في السابق مثل كيليس وغازي عنتاب وهاتاي بعمال الإغاثة الانسانية، بضابط مخابرات سعودي يسعي لتنسيق عملية يقوم بها الثوار لطرد داعش.   

وفي أواخر 2013 كانت هذه الجماعة الجهادية تهدد الاراضي التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا وتتوسع بثبات في دولة العراق المجاورة. كان ابو احمد ينسق بين السعوديين والثوار الذين تمكنوا في أوائل 2014 من طرد داعش من محافظة إدلب في شمال غرب سوريا.

وكانت تلك هي الفترة التي تلقي فيها اتصالا تليفونيا من أعضاء في البرنامج السري للسي اي ايه المتواجدين في مدينة أدنة الواقعة علي الساحل التركي. إلتقي به ثلاث رجال في أحد المطاعم. وتذكر قائلا : " كانوا لطيفين فعلا. كانوا يعلمون كل شيئ بالفعل عني " .

رفضت السي اي ايه التعليق علي قصة أبو أحمد، لكن مصدرا من جهاز المخابرات متواجد في واشنطون أكد أن أبو أحمد كان يعمل مع وكالة المخابرات. لكنه قلل من شأن أهميته قائلا أنه كان مجرد " وسيط سوري " . وأكد لنا ثوار ونشطاء ودبلوماسيين - رفضوا جميعا ذكر أسماءهم - قصة أبو أحمد وتفاصيل علاقته بالسي اي ايه.

قدم الامريكيين دعوة لأبو أحمد للانضمام لغرفة العمليات السرية التي كانوا يشكلونها مع حلفائهم ومنهم بريطانيا وفرنسا والاردن وقطر والسعودية وتركيا لدعم الثوار المعتدلين. وكان مركز العمليات المعروف باسم مركز العمليات المشتركة ( الموم ) علي طراز مركز العمليات المشتركة الذي أقيم في الاردن قبلها بعام.

وتعرضت العملية منذ البداية لعقبات كبيرة . الحدود التركية مع سوريا التي تبلغ 800 كيلو متر يصعب السيطرة عليها. علاوة علي أنه بحلول 2014 ترسخ دور الجهاديين والعلاقات بين الداعمين الأجانب والعملاء السوريين بشدة فأصبح شبه مستحيل السيطرة علي تدفق الأسلحة.

وقال نوح بونسي، من مجموعة الأزمات الدولية، وهي من المنظمات غير الحكومية : " طوال فترة هذا البرنامج كانت توجد خلافات كبيرة بين الدول، بل وحتي داخل الحكومات. هل فشل الثوار فشلا زريعا ؟ بكل تأكيد. هل الدول الداعمة كانت منقسمة مثلها مثل الثوار ؟ بكل تأكيد " .

الكثير من الثوار كانوا يعتبرون أن مركز العمليات المشتركة في تركيا ( الموم ) ليس إلا موضع قدم للمخابرات الاجنبية داخل المعارضة . لكن البعض الاخر، مثل أبو أحمد، كان لديهم أمل أن يقوي من سيطرة الثوار علي شمال سوريا وأن ضمن أن يكون لهم موقفا أقوي في مفاوضات السلام.

وكان مقر العملية في فيلا مجهولة في جتوب تركيا، حيث كان القادة العسكريين الثوار يجتمعون بضباط المخابرات حول طاولة بيضاء طويلة لإقتراح خطط المعارك وممارسة الضغوط للحصول علي الأسلحة.

الثوار الذين يتم الموافقة عليهم باعتبارهم " معتدلين " أيدولوجيا يحصلون علي راتب شهري حوالي 150 دولار للمقاتل و 300 دولار للقائد العسكري. وتذكر أبو أحمد قائلا : " كانوا لا يقولوا لنا أبدا الي أين سنذهب. كانوا يضعونا في سيارة مغطاة بالستائر. كان أشبه بفيلم جاسوسية. لكن هذا كان أقرب الي المزاح، فقد كنا قد تعلمنا الطريق مع مرور الوقت. " .

  في البداية كان الجو يعج بالمرح. كان الاتراك يسمحون للقادة العسكريين بالنوم في المبني الذي يحتوي علي مطبخ وبه طباخ، لكي يتمكنوا من الانتهاء من جلسات الليل المتأخرة أثناء دراسة الخرائط والخطط. وبعد فترة قصيرة أصبحت بيروقراطية الموم تشكل مشكلة للثوار. فالمعارك قد تبدأ خلال ساعات بينما قد يستغرق المندوبين الاجانب أحيانا أسابيع ليتفقوا علي الخطط وليحصلوا علي الموافقات علي تسليم الامدادات مثل الزخيرة والمواد الطبية والأحذية العسكرية. ولجأ الثوار للاعلام ليطلعوه علي قصص بخل الموم

لكن بعض شخصيات المعارضة ودبلوماسيين يرون أن المشكلة كانت علي العكس من ذلك . قالت شخصية من المعارضة قريبة من القادة العسكريين المدعومين من الموم : " الموم أصبحت أداة لإفساد الجيش السوري الحر، ليس لأنهم كانوا يعطونهم القليل بل لأنهم كانوا يعطونهم أكثر من حاجتهم " .

وقال أن القادة العسكريين اعتادوا ان يضخموا من أعداد قواتهم ليضعوا في جيوبهم رواتب إضافية، وبعضهم كان يخزن الأسلحة ليبيعها في السوق السوداء. وحتما وصل الكثير منها في نهاية المطاف الي يد داعش. وجماعات أخري عقدت اتفاقات مع جبهة النصرة لتتحاشي اعتدائها عليها. " وبالطبع السي اي ايه كانت علي علم بذلك، وكل من كان في الموم كان علي علم. كان هذا هو ثمن عقد الصفقات التجارية " . 

واتهم أبو أحمد صراحة زملائه من القادة العسكريين بقيامهم بتلك الأنشطة التي قال عنها أنها كانت تعجب الأمريكيين. وتذكر قائلا : " كنت أقول لهم هذا الشخص يزعم أن لديه 300 مقاتل لكنه ليس لديه غير 50 مقاتل. وهذا الشخص يفعل كذا وكذا. فكنت أسبب إحراجا للجميع. السوريين كانوا يشعرون بخيبة الأمل وكانوا يقولون: إنه عميل أمريكي ومخبر - كيف يتحدث عنا بهذه الطريقة؟ لكن تفكيري كان أنهم كانوا يسرقون من ثورتنا " .

من الصعب التحقق ما اذا كان أبو أحمد نظيفا كما يدعي، لكن وضعه الحالي يتناقض مع وضع الكثيرين من القادة العسكريين الثوار الذين يملكون شققا سكنية كبيرة في تركيا ويستقلون سيارات جديدة ويملكون أجهزة أيفون أحدث موديل.

أبو أحمد وزوجته وطفلاهما يعيشون في شقة صغيرة مع والديه وأسرة أخيه. وأحيانا يسرح بخياله في مرارة متأملا كيف كانت ستصبح حياته اذا تواطأ مع قادة عسكريين اخرين ليحصل علي حصة لنفسه. وقال : " عندها لن أكون خائنا . وكان الناس سيرفعون صورتي. وكنت سأحصل علي أفضل السيارات. كنت استطيع أن أفعلها بهذه الطريقة لكني لم أفعل. وبدلا من ذلك تعرضت للزل " . 

وربما كان تزايد المنافسات بين الداعمين الاجانب للموم أكثر ضررا من الفساد. فمع بداية الانقسامات تحركت كل قوة الي دعم القادة العسكريين المفضلين لديها

 ويقول أبو عمر، وهو صديق لأبو أحمد وقائد عسكري من الثوار المدعومين من الولايات المتحدة ( وهو ليس اسمه الحقيقي ) : " أي طفل صغير يستطيع دخول غرفة الموم ويستطيع ان يقول من هو الشخص الذي تفضله الولايات المتحدة ومن الذي يريده الاتراك ومن الذي يفضله السعوديين. أصبحت الموم الوجه القانوني للتغطية علي كل الدعم الاضافي الذي يعطوه لتلك الجماعات من خلف ظهور بعضهم البعض " .

وأسوأ خلاف قد وقع كان بين الولايات المتحدة وتركيا. زادت التوترات بينهم بعد ان استولت داعش علي مدينة الموصل ثاني أكبر مدينة عراقية في يونيو 2014 وقيامها بحرب خاطفة في سوريا والعراق. وبدأت واشنطون بجملة جوية بقيادة البنتاغون ضد داعش، إلا أنها اعتمدت علي ميليشيات كردية سورية تعرف باسم وحدات الحماية الكردية ( واي بي جيه YPG) بدلا من اعتمادها علي الثوار

ووجد البنتاغون في الوحدات الكردية شركاء لهم جاذبية لأنهم لن يقلقوا من اختراق الاسلاميين لهم - ولم يخوضوا حربا علي الأسد، علي عكس الثوار . لكن أنقرة كانت ساخطة. فقد كانت تقاتل التنظيم الأم للوحدات الكردية، حزب العمال الكردستاني ( بي كيه كيه  PKK ) في حرب دامت اربع عقود، بسبب طموح الأكراد في الحصول علي الحكم الذاتي في جنوب شرق تركيا، ولأن أنقرة اعتبرت ان تعاظم منطقتهم علي الحدود تهديدا لها

وقال بونسي، من مجموعة الازمات الدولية : " لقد صعقت من مدي إخلاص المسئولين الامريكيين والاتراك في عدم فهمهم لبعضهم البعض. فأحيانا لا يفهم المسئولين الامريكيين بصدق لماذا يشكل دعم الوحدات الكردية خطورة علي تركيا" .

" وبالمثل، المسئولين الاتراك لم يبدو عليهم انهم فهموا مدي إنزعاج الامريكيين من عجزهم عن إضعاف قدرات الجماعات الجهادية التي تستخدم حدودها. كانوا يتحدثون من خلف ظهور بعضهم البعض " .

وشعر الثوار الذين تدعمهم الولايات المتحدة أنهم عالقين في المنتصف. ففجأة اعتبرتهم تركيا التي تستضيفهم والجماعات الاسلامية التي تدعمها " خونة " . وبدأ أبو أحمد يكره زيارة الموم . وقال مازحا : " كنت عالقا بين أبوين متخاصمين " .

وتذكر اجتماعا سأله فيه مسئولا تركيا بلهجة حادة، أمام نظرائه الامريكيين، لماذا كانت الضربات الامريكية ولا تساعد الثوار أمثاله. وجلس مسئولي السي اي ايه ملتزمين الصمت ثم تدخلوا قائلين ان الضربات وجهها البنتاغون، وهو كيان منفصل.

وقال أبو عمر أن شرح غموض السياسة الامريكية للثوار المحتقنين، الذين زاد تعاطفهم بالفعل مع الاسلاميين، لا سيما بعد استيلاء الوحدات الكردية علي عدة مدن كانت خاضعة لسيطرة الثوار بالقرب من قاعدته العسكرية في شمال غرب سوريا في شتاء 2016 ، أصبح أكثر صعوبة.

وقال : " لدي 57 مقاتل قتلوا في خط الجبهة، ومثلهم مرتين فقدوا أطرافهم. فكيف أشرح لهم أن الوحدات الكردية تعني دعم البنتاغون ؟ وأن الموم يعني دعم السي اي ايه ؟ هؤلاء أولاد من ريف سوريا - هم لا يفهمون هذه الأمور " .

ووجد قادة عسكريين مرتبطين بالسي اي ايه مثل أبو أحمد وأبو عمر صعوبة أكبر في العمل من داخل تركيا. فعندما حاول أبو عمر تجديد تصريح الاقامة أخبروه انه علي قائمة المراقبين أمنيا. وعندما طلب من الامريكيين ان يثيروا الموضوع مع المسئولين الاتراك قالوا له ان المسألة خرجت عن سيطرتهم

***

وبلغت مشكلات أبو أحمد حد الهزل. فيقول أنه في بدايات الموم كان المسئولين الاتراك يرافقوه علي الحدود لعقد الاجتماعات. وبعد خلافهم مع الامريكيين قالوا انهم لن يواصلوا تقديم العون. فبدأ يدفع الأموال للمهربين ليصل الي تركيا لعقد الاجتماعات الدولية.

 وتذكر وصوله ذات يوم في الوقت المناسب ليري أحد القادة العسكريين المفضلين لدي تركيا يقفز داخل سيارة متجهة الي احدي الاجتماعات المنعقدة . وقال أبو أحمد : " لوح لي وقال:باي . فوقفت هناك أحملق " . وعندما اشتكي للامريكيين ضحكوا وقالوا مرة اخري ليس في وسعهم عمل شيئ

وفي تلك الفترة شكل الثوار تحالفا جديدا أسموه الجبهة الشامية، سعيا الي تنظيم قواتهم المنقسمة. وكانوا يأملون أن يقلل هذا التحالف من حرب الشد والجذب بين الولايات المتحدة وتركيا. وبدلا من ذلك زادت الأمر سوءا، وأجبر التحالف علي الخروج من البرنامج السري.

وقال قائد ثوري اخر من حلب طلب عدم ذكر اسمه : " امريكا كانت تضغط علينا بسيطرتها علي مساعدات الموم. وتركيا كانت تضغط علينا بسيطرتها علي المنافذ الحدودية. انهما ليسوا حليفين. انهما كاذبين. عندما يكون لديك حلفاء مثل حلفاء السوريين فأنت لست بحاجة الي أعداء . " .

وفضل أبو أحمد تقديم استقالته علي الانضمام للجبهة الشامية ولكن سرعان ما طلب منه الامريكيين ان يكون مستشارا لهم وقدموا له راتبا شهريا 1000 دولار. وأصبح معروفا لدي السوريين بأنه هو الشخص الذي يرتب الاجتماعات. وكان منتقديه يصرون علي انه كان يساعد السي اي ايه في التخطيط لمحاولات الاغتيال الفاشلة ضد قادة جبهة النصرة وإضعاف الجماعات المدعومة من تركيا. وينكر أبو أحمد اشتراكه في أي مؤامرة، لكنه اعترف انه عمل علي إغراء بعض الجماعات لتعود وتنضم الي الموم

وفي صيف 2015 دشنت الولايات المتحدة برنامج " التدريب والتسليح " التابع للبنتاغون لاختيار المقاتلين الثوار. وكلف هذا البرنامج 500 مليون دولار وفشل فشلا زريعا. يقول أبو أحمد : " لقد صددمت. جاء البنتاغون وبدأ عقد اجتماعات مع أشخاص في مدينة غازي عنتاب وإختاروا أشخاص كانت السي اي ايه والموم يرونهم فاشلين " .

وبعد ان اختطفت جبهة النصرة المجموعة الاولي من مقاتلي برنامج التدريب والتسليح، راودته الشكوك ان الوزارات الامريكية لا تتقاسم المعلومات. ثم استسلمت المجموعة الثانية التي أرسلت تحت قيادة قائد عسكري جديد لجبهة النصرة .

ويقول : " وعندها أدركت ان الامريكيين يعملون في اتجاهين متضادين. " . وبدأ يسأل الدبلوماسيين الاجانب ليشرحوا له النظام السياسي في امريكا. فحدثوه عن الكونجرس والبيت الابيض والأفرع المخابراتية والعسكرية المختلفة. وقال ضاحكا : " اذا سار اوباما بهذه الطريقة وسار اعضاء الكونجرس بهذه الطريقة وقال الناس علي الأرض : هذا يصلح وهذا لا يصلح. فهل سيتخذ قرار بهذه الطريقة ؟  ربما هذا هو حال الافراط في الديمقراطية" .

  وفي الوقت نفسه زاد الخلاف التركي الامريكي اثناء مناقشة احتمال فرض حظر جوي شمال سوريا. وكان أحد نقاط الخلاف في هذه الخطة الفاشلة التي حوت العديد من النقاط حول من سيكون وسيطهم في سوريا. السي اي ايه كانت تريد أبو أحمد، وفقا لما ذكره لنا العديد من القادة العسكريين. الاتراك كانوا يريدون شخصا مقربا منهم.

ويقول أبو أحمد أنه قبل يوم من اجتماع الموم الذي ساده الخلافات لمناقشة هذه المسألة جاءت سيارة شرطة تركية أمام منزله . فخاف ودس كل أمواله في جيوبه عندما دق ضباط الشرطة علي الباب

وبالقبض عليه تكون دولة عضو في حلف الناتو ألقت القبض علي أحد الحلفاء المحليين لواشنطون. وتنقل أبو أحمد طوال ساعات بين مختلف المقرات الأمنية . ويقول : " طلبوا مني أن أخبرهم لماذا قبضوا علي ؟ فقلت لهم انا لا أعرف مثلكم. انتم من أحضرتموني الي هنا وانتم من يفترض ان تقولوا لي ما تهمتي " .

 ***

وفي النهاية ألقي به في سجن قريب، حيث كان ينتظر طوال أيام بينما زوجته واصدقاءه كانوا يجرون اتصالات هاتفية محمومة بالمسئولين الامريكيين. ولم تتمكن السي اي ايه من تأمين الافراج عنه. ويقول المصدر المخابراتي المقيم بواشنطون : " حاولوا مساعدته للافراج عنه، لكن ليس من المرجح ان تكون محاولاتهم قد صعدت للمستويات العليا نظرا لأنه كان يساعد في عملية للسي اي ايه يفترض انها سرية " .

وسرعان ما أدرك أبو أحمد أن السبيل الوحيد للخروج هو ان يوافق علي ترحيله الي سوريا - وهو ما يعني في الحقيقة حكما بالإعدام نظرا لكثرة الاسلاميين الذين يكرهونه. لكنه وقع علي الأوراق المطلوبة وألقي به علي الحدود. " استخدمت الاموال التي معي ودفعت اموالا لاحد المهربين لأتسلل عائدا الي تركيا " .

وإختبأ في منزل علي الحدود لأكثر من شهر. وفي النهاية وعده الأتراك أن يتركوه وشأنه طالما سيتوقف عن العمل مع الامريكان والثوار. كان قلبه ينفطر لكنه قبل الشروط، ومن حينها وهو يعيش علي هامش المجتمع السوري في تركيا، معتمدا علي أصدقاء مثل أبو عمر يقرضوه المال.

وفي أمسية من أمسيات الصيف أخذنا أبو أحمد في سيارته الي منزل أبو عمر علي الساحل التركي من أجل " استذكار أيام الثورة الجميلة " . وكان أبو عمر مظهره أنيق وشعره قصير ويرتدي قميص البولو ويحمل تليفون محمول أيفون جديد. وأخذنا للخارج لتناول صينية السمك وبدأ علي الفور في العويل.  

يقول أن جماعته خسرت الأرض والشعبية لصالح جبهة النصرة، ولم يعد هناك أحد يبالي بالعمل مع الامريكان. ويقول : " الاتراك يعاملوني وكأني أمريكي. جبهة النصرة تعاملني معاملة الخائن. لا أحد يعاملني مثلما أجلس مع الامريكيين لأنني سوري يود أن يبذل كل ما في وسعه من أجل قضيته. وأتساءل كيف يراني الامريكيين؟ هل يروني وطني ؟ هل يروني مرتزقا ؟ " .

ظلت العلاقة الامريكية التركية مشحونة رغم تجديد الرئيس ترامب مناقشة فرض حظر للطيران وموافقة واشنطون الضمنية علي التدخل العسكري التركي في شمال سوريا لتطهيرها من داعش وطرد الوحدات الكردية من علي طول حدودها. ويقول المحلل السياسي أرون شتاين، من مجلس الأطلنطي في واشنطون : " هناك تحسن في العلاقات بنسبة 1000 بالمئة - ولا تزال فظيعة " .

وأصبح الإجهاد النفسي، بالنسبة لأبو أحمد، إجهادا بدنيا . وتقول زوجته أن قيادتة السيارة الي المنزل بدأت تثير قلقها. وتقول أنه أوقف السيارة خلال الشهور القليلة الماضية ثلاثة مرات فشعرت بالقلق ان يكون قد أصيب بنوبة قلبية .وتقول زوجته : " لا يعاني من أي شيئ . الأطباء قالوا أنها نوبة فزع " . 

وتمر علي أبو أحمد أيام يفكر فيها في مغادرة المنطقة برمتها . لكن الأمر ليس سهلا. ألمانيا رفضته بسبب علاقاته في الماضي بجماعة ثورية متهمة بارتكاب جرائم حرب

ويقول أنه طلب من بعض المسئولين الامريكيين في العام الماضي ان يساعدوه في الانتقال الي الولايات المتحدة. أخبروه ان يسجل نفسه كلاجيئ في أحد مكاتب الأمم المتحدة . وبعدها لم يسمع منهم أي رد . وزاد القرار التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترامب مؤخرا من صعوبة دخوله الولايات المتحدة .




المصدر موقع صحيفة الفاينانشيال تايمز   https://www.ft.com/content/791ad3bc-ecfc-11e6-930f-061b01e23655

عضوة مجلس اللوردات البريطاني البارونة كوكس عن زيارتها لسوريا وسياسات بريطانيا الخاصة بسوريا

السادة اللوردات،  أود أن أعبر عن شديد إمتناني لجميع اللوردات النبلاء الذين يتحدثون في هذا الحوار ولأشخاص، مثل صديقي النبيل اللورد رايت من ريتشموند، الذي أعرب عن دعمه ولكنه لم يتمكن من الحضور. كما أنني ممتن للسفيربيتر فورد سفير بريطانيا السابق في سوريا، ، الذي قدم إحاطة لا تقدر بثمن.

تنشأ مخاوفي من زيارة سبتمبر الماضي استجابة لدعوات من البطريرك ملكيت ومفتي سوريا وزعماء الطوائف المسيحية والإسلامية في حلب. ولم تقم الحكومة بتنظيم برنامجنا بل قام بترتيبه أصدقاء في سوريا ومنظمات غير حكومية .  التقينا العديد من السوريين في دمشق وحلب ومعلولا واللاذقية، ومنهم ممثلي الظوائف المسلمة، والمسيحية واليزيدية. وأعضاء في الحكومة وأحزاب المعارضة الداخلية؛ ومنظمات مجتمع مدني مثل مجلس كبار الأطباء في حلب. والنازحين في اللاذقية الذين فروا للنجاة بحياتهم من ميليشيات داعش والميليشيات التي لها صلات بداعش و. والناجين من هجمات داعش في معلولا.

كما التقينا الرئيس الأسد، وهو اللقاء الذي تعرضنا بسببه لانتقادات لاذعة في وسائل الإعلام ووزارة الخارجية. ونحن متمسكين بقرارنا بعقد لقاء مع الرئيس الاسد، ليس لأننا لأننا لا ننتقده بل لأن المرء لن يتمكن من طرح مخاوفه  والتعرف على السياسات الحالية والمقترحة.الا من خلال الاجتماع معه

وربما شاهد العديد من اللوردات النبلاء تغطية الصحف في نهاية هذا الاسبوع التي تدين الأسد بارتكاب فظائع منها قتل ١٣ ألف شخص في سجن صيدنايا نقلا عن تقرير نسب إلى مكتب منظمة العفو الدولية في بيروت. ولن يسمح لي الوقت الا أن أتناول بإختصار ثلاث قضايا تتعلق بتلك المزاعم.

أولا، واقع التعذيب في السجون السورية معروف جيدا، وهو مدعاة لقلق حقيقي ولا يجوز بأي حال من الأحوال التغاضي عنه، ولكن  هذه التقارير بها تناقضات ملحوظة. فلا توجد فيها أي إشارة للظروف التي يحتجز فيها الجنود السوريين والعديد من المدنيين على يد المتطرفين الاسلاميين أو للفظائع التي ترتكبها تلك الميليشيات، بما في ذلك التعذيب وقطع الرؤوس وذبح المدنيين من جراء التفجيرات الانتحارية. عندما كنا في سوريا، هاجم انتحاري نقطة تفتيش في حمص، مما أسفر عن مقتل أكثر من 30 شخصا، ويعتقد أن من بينهم عائلات أحرقوا أحياء في سياراتهم أثناء وقوفها في صفوف. ثانيا، هذه التقارير تقبل دون تمحيص علي أنها حقيقة .  ومع ذلك، ففي عام 2014 ثبت  أن عددا مماثلا من صور الجثث الغريبة هي خليط من أنصاف الحقائق. أما المسألة الثالثة فهي التوقيت. فهذا التقرير، الذي مر عليه عام على ما يبدو في فترة الحمل، ظهر الآن ليتسبب في أقصي ضرر لفرص نجاح عملية السلام في المحادثات التي جرت مؤخرا في أستانا.

التقرير الذي أعدته مجموعتنا التي زارت سوريا متاح على نطاق واسع، وأريد أن أسلط الضوء على أولويات مخاوفنا، التي لا تزال قائمة على الرغم من التغييرات المزلزلة التي حدثت منذ سبتمبر. أولا، كل الذين تحدثنا معهم في سوريا كانوا منزعجين بشدة من التزام حكومة المملكة المتحدة بتغيير النظام. لكن حكومة صاحبة الجلالة ملتزمة بلا حرج بعملية انتقال سياسي تتوج برحيل الرئيس الأسد. وبالتالي فالانتقال السياسي هو مجرد كناية عن تغيير النظام.

لو وضعنا الحق والباطل جانبا ، سنكون واهمين لو تظاهرنا بأن الأسد سوف يجبر علي التنحي. فبعد استعادة شرق حلب، هو الآن في موقف القائد في ساحة المعركة، مع الدعم المحلي والخارجي لتعزيز موقفه. وينبغي علي حكومة صاحبة الجلالة ​أن ندرك أن الأسد لو فعل ما يريدون فإن أول من سيعاني سيكون الشعب السوري.جميع الذين التقينا بهم يخشون بشدة أن يؤدي رحيل الأسد الي انهيار النظام، مما يؤدي إلى كوارث مماثلة لتلك الموجودة في العراق وليبيا.وأنا أسأل الوزير لماذا لا تصغي حكومة صاحبة الجلالة، على سبيل المثال، إلى رجال الدين في سوريا، سواء مسيحيين أومسلمين، وكلهم تقريبا يحثون المجتمع الدولي علي التعامل مع الحكومة السورية.

ثانيا، هناك غضب على نطاق واسع وفزع مفهوم من مواصلة تقديم المملكة المتحدة المساعدات العملية للميليشيات الاسلامية المعارضة ، ومنها التدريب والتسليح والمساعدة في الدعاية والدعم الدبلوماسي.  . المساعدة في  الحفاظ على المعارضة المسلحة لن تؤدي إلا إلى إطالة معاناة السوريين بلا أي غرض أيا كان. لذلك قال لنا الكثير من الناس : "الحرب رهيبة. الناس من كلا الجانبين يموتون من القصف . ولكنك هنا، تموت من القصف أو تموت من القصف وقطع الرؤوس. ونحن لا نريد قطع الرؤوس ". لذا أسأل الوزير لماذا تواصل المملكة المتحدة دعم "الثوار" الإسلاميين ، في الوقت الذي يؤكد فيه السوريين، الذين عانوا في ظل الطغيان الوحشي، أن "المعتدلين" لم يعد لهم وجود، والغالبية العظمى من هذه المجموعات  لديها أيديولوجيات متطرفة وليس لديها نية لخلق دولة ديمقراطية في سوريا.

ثالثا، كان هناك استياء واسع النطاق من التقارير الإخبارية من قبل بي بي سي ووسائل الإعلام الغربية الأخرى التي ينظر إليها على أنها منحازة للغاية وتركز فقط على المعاناة الناجمة عن الجرائم العسكرية التي يرتكبها الجيش السوري والجيش والروسي، مع عدم وجود تغطية مماثلة عن معاناة طال أمدها بسبب هجمات داعش وغيرها من الجماعات الإسلامية، والتي تشمل استخدام القنابل العنقودية والأسلحة الكيميائية . وتجاهل الاعلام الي حد كبير الحالة الأخيرة من حالات الاعتداء العشوائي علي السكان الأبرياء . وهي حالة التسمم لمدة شهر بوقود الديزل، ثم بعدها القطع الكامل لإمدادات المياه إلى دمشق عن طريق ما يسمى الجهاديين المعتدلين بين أواخر ديسمبر 2016 وأواخر يناير 2017. ولم تعود إمدادات المياه إلا بعد أن  قام الجيش السوري بتحويل عدد كبير من القوات من جبهات أخرى واستعاد ينابيع وادي بردى من الجهاديين في هجوم عسكري كبير.

يبدو أن المقصود من التحيز في التغطية الإعلامية تشويه صورة الرئيس الأسد وحكومته والتغطية على الأعمال الوحشية التي ترتكبها قوات الاسلاميين. ففي 13 ديسمبر عقد مجلس العموم جلسة طارئة بخصوص حلب. وأكد وزير الخارجية إدانتة الهجوم على شرق حلب، وعلى أهمية حماية المدنيين والالتزام المستمر بالتوصل إلى تسوية سياسية في سوريا. والبيان الذي أدلى به وزير الخارجية يثير العديد من التساؤلات. لماذا اختارت الغالبية العظمى من المدنيين في شرق حلب الفرار إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اذا كانوا جميعا مرعوبون من الحكومة، بصرف النظر عن قلة قليلة ممن انضموا إلى الإرهابيين الذين تم اجلائهم إلى إدلب؟ لماذا ، بعد أشهر من التباكي على محنة ٣٠٠ ألف  شخص من المدنيين في شرق حلب - وهو رقم مبالغ فيه الي حد كبير بالمناسبة وتبين أن عددهم  ١٣٠ ألف - لم يكن هناك إلا تغطية إعلامية ضئيلة لما يحدث هناك بالفعل ؟

وقد كان القس أندرو أشداون، الذي نظم لنا زيارة شهر سبتمبر ، متواجدا في حلب أثناء تحرير المدينة . وزار مناطق شرق حلب ومنها مركز جبرين ​لتسجيل اللاجئين ومراكز استقبال أخرى، وعشرات الآلاف من اللاجئين من شرق حلب إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. وأقتبس من تقريره التالي :

"" كانت أصوات المدنيين القادمين من المناطق التي كانت يسيطر عليها " الثوار " في شرق حلب  كلها موحدة عن القتل الوحشي والاعدامات التي يرتكبها الثوار ضد كل من يعارضهم.. وقتل الرجال والنساء والأطفال الذين حاولوا الفرار. تعذيب واغتصاب المدنيين بانتظام. وحرمان المدنيين من الطعام ، أو بيع المواد الغذائية بأسعار باهظة. حجب المساعدات الطبية عن المحتاجين حتى عندما يتوسلون للحصول على المساعدة. وكانوا يقولون للمدنيين أن الجيش السوري سيقتل المدنيين إذا فروا إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. وأنهم إذا لم يلتزموا بإيديولوجية "الثوار" فهم ليسوا  'مسلمين' حقيقيين بل 'كفار' يستحقون الموت. وقال هؤلاء اللاجئين الذين فروا من شرق حلب وكانوا يعرفون  من يطلق عليهم " أصحاب الخوذ البيضاء" (الكثيرين منهم لا يعرفونهم) مرارا وتكرارا أنهم "كانوا يساعدوا الإرهابيين فقط. " وكانوا جميعا تبدو عليهم السعادة واضحة بعد أن تحرروا، ويتم إعطاءهم الغذاء والمساعدة الطبية والمأوى لدى وصولهم. وتتعارض رواية هؤلاء الناس مع ما كانت تنقله وسائل الإعلام الغربية والتقارير الاخبارية في الأشهر الماضية ".

في الشهر الماضي  بدأت بالفعل جهود ترميم المرافق، وفتح المدارس وجعل المناطق في شرق حلب قابلة للسكن. ويتساءل الكثير من الناس لماذا لا أحد ينشر عن هذه التطورات الإيجابية عن حالات ما بعد الصراع في شرق حلب.

ويقترن موقف حكومة صاحبة الجلالة بالإصرارعلى الإبقاء علي العقوبات. وهذا يضر كثيرا المدنيين السوريين الذين لا يستطيعون الحصول على الإمدادات الطبية مثل الأطراف الاصطناعية، أكثر مما يضر الحكومة. وتتردد في  بعض الأحيان مزاعم أن الأسد في الحقيقة لا يحارب داعش. وردا علي ذلك أقول: قولوا هذا لمن يدافعون ببسالة عن دير الزور، ولشعب تدمر أو سكان دمشق وريف حمص، الذين تقف قوات الحكومة بينهم وبين قاطعي الرؤوس .

وأغتنم هذه الفرصة لأسجل بأن الشعب السوري يشعر بالامتنان العميق لروسيا التي أخذت داعش على محمل الجد وساعدتهم وتدافع عن شعبهم ضد همجيتهم .وأنا أسأل الوزير: ما هو موقف الحكومة صاحبة الجلالة فيما يتعلق بمحادثات أستانا، والتي يبدو أنها المبادرة الوحيدة حاليا التي من المرجح أن توفر سياسة قادرة على نزع فتيل الوضع الحالي؟

وفي الختام، أود فتح هذا النقاش بقلب مثقل وبحزن عميق لأنني شاهدت لمحة من معاناة الشعب السوري في ظل هجمة هجمات داعش والجهاديين الإسلاميين المرتبطين بها. ويحزنني أكثر أنني رأيت أن المعاناة تتفاقم بسبب سياسات دعم المملكة المتحدة للجهاديين، وأنا أشعر بحزن عميق لاستمرار التزام حكومة صاحبة الجلالة بتغيير النظام، تحت أي مسمى، وهو ما يخشاه الشعب السوري بشدة . فهل ستعيد حكومة صاحبة الجلالة النظر في موقفها الراسخ الذي فاقم من معاناة الشعب السوري، وهل ستسمح للشعب السوري بالحق في الديمقراطية والكرامة لاختيار مستقبلهم؟ إذا كان ذلك سنطوي على إعادة انتخاب الرئيس الأسد فهذا حقهم ويجب أن يحترم
 
 https://hansard.parliament.uk/lords/2017-02-09/debates/5474D17E-6083-449F-B8E3-F75D99A66D86/Syria