قال الرئيس التركي، عبد الله جول، أن الدولة السورية تحتضر والعالم ينظر بلا مبالاة ، والأراضي التي تحتلها تشكل خطرا أن تتحول الي "أفغانستان على شواطئ البحر الأبيض المتوسط".
قال غول في مقابلة حصرية مع صحيفة جارديان البريطانية أن التطرف بين الناس العاديين انتشر علي يد الجماعات الجهادية الإسلامية في أنحاء سوريا ، ويشكل خطورة متزايدة على جيرانها وعلي دول أوروبا.
ولكن استجابة المجتمع الدولي - بما في ذلك أمريكا وبريطانيا حلفاء تركيا ، للتحديات الأمنية والإنسانية والأخلاقية التي طرحتها الأزمة كانت مخيبة للآمال جدا . وكرر وجهة نظره بأن أداء مجلس الأمن التابع لللأمم المتحدة كان وصمة عار.
وقال غول في نقد صريح وغاضب في بعض الأحيان للسياسة الغربية نحو سوريا، أنه كان يمكن تجنب وفاة أكثر من 100،000 شخص، معظمهم من المدنيين في القتال الدائر على مدى 32 شهرا الماضية،. ، وقال ان جهود الوساطة التركية في وقت مبكر من الحرب لم تلقي دعما بل ان القوى الغربية أوهنتها.
ومع عدم ظهور أي علامة على انتهاء الصراع ، تواجه تركيا عدم الاستقرار المدقع والتفكك على طول حدودها الممتدة 565 ميلا مع سوريا، والتطرف المحتمل من من الاكراد، والسكان المسلمين العلويين والسنة ، و انتشار الأمراض المعدية مثل شلل الأطفال والسل والحصبة ، والعديد من الإضافات الجديدة إلى رصيدها الحالي من الاجئين الذين بلغوا حوالي 500،000 لاجئ سوري.
وقال جول ردا على سؤال حول خطر انتشار الحرب خارج سوريا أنه إذا هوجمت تركيا أو تم غزو الأراضي التركية فان حكومته سترد عسكريا "بأشد طريقة ممكنة".
وقال: "ليس شك في ذلك . في الواقع ذكرنا بالفعل أننا قمنا بتغيير قواعد الاشتباك وأننا قدمنا للقوات المسلحة التركية الصلاحية في هذا الصدد ... وأنا لا أعرفالي أي حد سيسوء الوضع،. والأمورسيئة للغاية بالفعل ، ولكن اسمحوا لي أن أقول أيضا أن هذه ليست قضية ثنائية بين تركيا وسوريا. لم يكن لدينا أي نزاع مع سوريا، ولكن عندما بدأت تحدث الانتهاكات لحقوق الإنسان و ذبح الشعب السوري، أصبحت بعد ذلك المسألة تخص البشر جميعا ، تخصنا جميعا، وتخص المجتمع الدولي. . وبحكم كون تركيا دولة مجاورة كانت مشاركتها كبيرة للغاية . أيضا لأن تركيا تستضيف 500،000لاجئ سوري في تركيا. مائتي ألف منهم يعيشون في مخيمات و 300،000 في المدن يعيشون علي نفقتهم الخاصة.
"لقد أنفقنا حتى الآن 1.25 مليار دولار عليهم، وسنواصل القيام بذلك لأن هذه مسألة إنسانية [لكن] من المؤسف جدا رؤية اللامبالاة من جانب المجتمع الدولي."
وقال جول انه اذا استمر التدهور الحالي في سوريا دون رادع، فسيشكل ذلك خطورة أمنية خطيرة على نحو متزايد وتحديا لمكافحة الإرهاب في تركيا.
"لو بقي الحال كما هو، سيؤدي ذلك إلى مزيد من التطرف وبعض الجماعات المشاركة في الحرب الأهلية أصبحت أكثر تطرفاومنقسمة وليست تحت السيطرة وتنتشر في أنحاء ذلك البلد . ففي ظل هذه الظروف قد يصبح الناس العاديين أكثر تطرفا من ذلك بكثير وهذا هو الشيء الذي يشكل خطرا وتهديدا ليس فقط لتركيا - انها قضية تخص الجميع.
"أنا لا أعتقد أن هناك شخص يسمح بوجود شيءعلي غرار أفغانستان على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، ولهذا السبب، يجب أن يكون للمجتمع الدولي موقفا قويا جدا في ما يتعلق بسورية".
للأسف،نفتقر الي وجود موقف موحد في الوقت الذي تدمر فيه البلاد.
"في البداية كان خطاب المجتمع الدولي مرتفعا جدا [داعيا الرئيس بشار الأسد إلى التنحي فورا] ولكن بعد ذلك عاد إلى موقفه الحالي ، وهذا هو التناقض نفسه. ومعنويا أيضا، هناك بلد اسمها سوريا تستنفذ نفسها وتستهلك نفسها، مع وجود العديد من القتلى، وانهيار البنى التحتية ، وهناك تأثير كبير لما يجري، والمجتمع الدولي يراقب هذا. ببساطة يراقب هذا، وهذا أمر مؤسف للغاية ".
وقال جول ان الجهود التركية لإشراك الأسد في حوار قبل عامين لم تتلق دعما كافيا من حلفاء تركيا، ولربما كان بامكان تلك الجهود أن تقطع الطريق على الكارثة التي تلت ذلك.
"لقد تحدثنا إلى الأسد لأننا أردنا ايجاد حل للقضايا بالوسائل السلمية، وكانت تلك المشاركة على جميع المستويات، فلم تكن مجرد مشاركتي ورئيس الوزراء ووزير الخارجية، لقد عملنا جميعا بجد وحتى في الوقت الذي واجهنا فيه ضغوطا من حلفائنا لأنهم قالوا أن الأمر قد قضي ولن نصل الي شيئ، وهذا هو ما أعنيه عن بالخطاب العالي للمجتمع الدولي في البداية . كان عليهم ان يفعلوا شيئا لتنفيذ كلامهم وهذا لم يحدث.
"ما حاولنا القيام به لم ينجح ، ولم يكن في وسعنا أن نفعل أكثر من ذلك، وتمنيت لو ان الاسد فهم ما كنا نقول له. في تقريري . ففي اخر رسالة أرسلتها له قلت أنه إذا سارت الأمور على هذا النحو ، فمهما فعلنا سيكون قد فات الأوان، وأنه يجب أن أخذ زمام المبادرة ويقود التغيير في بلاده حتى لا تنهار بلاده.
"قرأ رسالتي وقال كل ذلك مهم جدا وجيد لكنه لم يفعل كما جاء بها و لم يفعل أي شيء. نعم بالتأكيد لو كان قد استجاب لنصيحة بلدي لما مات 100،000 شخص ولما تعرضت سوريا لهذا الدمار ".
ويري جول أن صفقة الأسلحة الكيميائية مع الأسد بوساطة روسيا كانت عملية الهاء استغلها الأسد لدعم موقفه.
"وقد يقال أن الاسد استغل فرصة اتفاق الأسلحة الكيميائية مع الروس استغلالا جيدا. لكن السؤال يعود إلى المجتمع الدولي مرة أخرى ... بالطبع نحن سعداء للغاية بخصوص الأسلحة الكيميائية ونحن نؤيد ذلك، ولكن هل المسألة هي مسألة الأسلحة الكيميائية فقط؟ هل تحول الامر كله الي مجرد الأسلحة الكيميائية؟ أعتقد أن هناك مسألة أخلاقية معروضة أمام المجتمع الدولي ".
وردا على سؤال عما إذا كانت الولايات المتحدة وبريطانيا ستبذلان المزيد من الجهد لإنهاء الأزمة، أجاب: "كان لدينا توقعات مختلفة، وكنا نتوقع أكثر وأعتقد أنه أمر مخيب للآمال للغاية أن نرى النقاش كله تحول الى مناقشة الأسلحة الكيميائية فقط ".
وقال جول إنه من المهم أن يتم الاعداد لمؤتمر السلام الثاني المقترح في جنيف هذا الشهربشكل أفضل من المؤتمر السابق. وقال إنه شعر أن اجتماع لندن لمجموعة أصدقاء سوريا الشهر الماضي كان مفيدا . لكنه أعرب عن أمل الضئيل أن يحقق اجتماع جنيف المقبل انفراجة، إذا تم . "البلد دمرت ... وفي الحقيقة في رأيي ليس في وسعنا القيام بالكثير الآن."
تكلم جول لصحيفة الغارديان خلال زيارة في مطلع الاسبوع الى ادنبره، حيث حضر المنتدى Tatli Dil الثنائي بين تركيا وبريطانيا ، التقى السكان الاسكتلنديين من أصل تركي، وتناول العشاء مع دوق يورك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق