الثلاثاء، 21 يناير 2014

الأكراد: لا لـ«لوزان» جديد



لعل من أبرز المفارقات في «جنيف 2»، إذا ما عقد غداً، هي غياب ممثلين فعليين عن الأكراد السوريين. القوى التي تقف وراء المعارضة السورية دفعت لاحتكار «الإئتلاف الوطني السوري» لقوى المعارضة، وهو تمثيل يخدم قوى ودول مثل السعودية وقطر وتركيا، فيما غابت عن التمثيل قوى معارضة الداخل، ولاسيما «هيئة التنسيق الوطنية»، بالإضافة إلى القوى الكردية التي تمسك بالأرض في المناطق الكردية التي يطلقون عليها اسم «روجافا»، وهي بالتحديد «حزب الاتحاد الديموقراطي» الذي يرأسه صالح مسلم محمد، ويشكل الفرع السوري لـ«حزب العمال الكردستاني».
والحزب لا يحتكر التمثيل الكردي في روجافا، إذ أنه جزء من «المجلس الوطني الكردي السوري»، الذي يشرف على تلك المنطقة. لكن الحزب أيضاً، هو الفصيل الرئيسي، كما كانت حركة فتح عمود المنظمات الفلسطينية.
«حزب الاتحاد الديموقراطي» هو الخزان الرئيسي للمقاومة المسلحة هناك، وبذل الدم لحماية تلك المناطق ضد أكثر من طرف، ولاسيما ضد «جبهة النصرة» وتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش)، وقد قدم صالح مسلم ابنه شروان شهيداً للقضية الكردية.
القوى الأخرى في «المجلس الوطني الكردي» لم توجه إليها الدعوة لحضور «جنيف 2»، ولكن سيذهب منها عضوان تحت مظلة «الائتلاف». أما «حزب الاتحاد الديموقراطي السوري»، فلن يتمثل أيضاً في المؤتمر، لأنه لم يتلق أي دعوة وهو لا يقبل أن يتمثل تحت مظلة «الائتلاف». وبذلك، يغيب التمثيل الكردي عملياً عن المؤتمر الذي يفترض أن يرسم خريطة طريق لحل الأزمة السورية سلمياً أو عسكرياً.
صحيفة «راديكال» نقلت أمس، أن من أسباب عدم تمثيل الأكراد بـ«حزب الاتحاد الديموقراطي» أو بتمثيل مستقل، كان اشتراط السفير الأميركي السابق في سوريا روبرت فورد على صالح مسلم ألا يتطرق إلى القضية الكردية وإلا لن يدعى، وقد رفض مسلم الشرط، فلم توجه إليه الدعوة.
وأضافت «أما الروس، فقد دعوا صالح مسلم إلى عدم طرح القضية الكردية الآن على أن تبحث لاحقا. ولم يعترض الروس على الشرط الأميركي لأنهم أيضاً يريدون إقامة توازن وإبقاء العلاقة مع كل المكونات الكردية في سوريا والمنطقة».
لكن ما ذكرته «راديكال» لا يلغي أيضاً، عاملاً آخر في هذا الموضوع، وهو أن جهتين ضغطتا لعدم دعوة صالح مسلم إلى «جنيف 2»، وهما تركيا، ورئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني، لعداوتهما للتيار الأوجلاني.
وتركيا بدورها تضيف سبباً آخر، وهو عدم حضور المكون الكردي في سوريا من أجل ألا ينتهي «جنيف 2» إلى إعطاء الواقع الكردي في سوريا أي وضع قانوني على سبيل الحكم الذاتي، تلافياً لتأثيراته على الداخل التركي.
ويدرك الأكراد جيداً حجم العداوات للملف الكردي في سوريا. وهذه الضغوط عليهم دفعت إلى قيام تظاهرات في تركيا نفسها لعدم تكرار سابقة «مؤتمر لوزان» في العام 1923 حول تركيا، والذي انتهى إلى طمس القضية الكردية في تركيا وعدم إيجاد حل لها حتى الآن. والخوف أن يكون «جنيف 2» عبارة عن «لوزان» جديد، لكن في ما خص أكراد سوريا، فيذهبون ضحية لعبة الأمم ومصالحها.
وهنا قد تلعب عوامل متعددة لدفع الأكراد إلى خيارات قد يكون من بينها إعادة التواصل مع النظام في سوريا. ومع أنه ليس من ميل إلى ذلك حتى الآن، لكن تصريح صلاح الدين ديميرطاش، رئيس «حزب السلام والديموقراطية» الكردي في تركيا من أنه إذا كان النظام السوري مستعداً لمنح الأكراد حكماً ذاتياً، فهم مستعدون للجلوس معه، يعكس مناخاً معيناً هو الذي تريده روسيا، والذي قد يكون تهديداً للمعارضة والغرب، كي لا تهمل القضية الكردية في جنيف

http://www.assafir.com/Channel/63/%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7/TopMenu#!/ArticleWindow.aspx?ChannelID=63&ArticleID=334793

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق