الثلاثاء، 7 يناير 2014

الانقسام.. بانوراما شاشة السوريين للعام 2013

الانقسام.. بانوراما شاشة السوريين للعام 2013

المتسابقة في «أراب أيدول» فرح يوسف
علاء حلبي
في وقت ترخي الحرب الدائرة في سوريا ظلالها على عام ثالث، تبرز تغيرات كثيرة في المجتمع السوري. فبعدما أصبح الانقسام واضحاً في المواقف، بين مؤيد للسلطة ومعارض لها، برز موقف ثالث ملّ الحرب، وأنهكه بارودها، فحاول الابتعاد عن تفاصيلها وأخبارها اليومية، إلا أنها لم تتركه وشأنه.
البحث عن أبرز المحطّات الإعلاميّة في مجتمع تسيل منه الدماء، صعب. لا يمكن التوقف عند أحداث معينة واعتبارها «أبرز» ما تابعه السوري في الإعلام، فكل نشرة أخبار حدث مهم، وكل خبر عاجل قد يشكل منعطفاً لحياة نسبة كبيرة من المجتمع الجريح. كما أنّه من الصعب في ظلّ عدم وجود دراسة علمية دقيقة، الجزم في شأن عادات المشاهدة عند السوريين. كما أنّ ظروف الحياة اليوميّة، ساهمت أيضاً بتفاوت ما يتابعه السوريون، تبعاً لظروف التيار الكهربائي ومزاجيّته. رغم ذلك، يمكن العودة إلى أحداث بثتها المحطات التلفزيونية، بوصفها محطّات قد تلخّص المشهد السوري واهتماماته.
في مقدمة تلك المحطّات، تبرز قضية «الأسلحة الكيميائية»، وما أثارته من ضجة بعد تبادل الاتهامات بين المعارضة والحكومة حول استعمالها في الغوطة الدمشقية الشرقية، في شهر آب الماضي. استحوذت القضيّة على اهتمام السوريين على مدار عدة أسابيع، وسط تضارب في المعلومات حول عدد الضحايا، والذي لم يتم البت به نهائياً حتى الآن، ليبقى الرقم معلقاً على شماعة كلمة «مئات الضحايا». في تلك الفترة، تسمر السوريون أمام شاشات التلفزيون، يتابعون التقارير والتحليلات والتصريحات السياسية، خصوصاً بعد ما أثير حول «الرد الأمريكي على استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا والتهديد بضربة عسكرية لسوريا». في تلك الفترة، تحوّل الرئيس الأميركي باراك أوباما، إلى معشوق الشاشات ومتابعيها، وشاغل الشارع السوري لفترة امتدت لأكثر من شهر، وشهدت تصعيداً سياسياً كبيراً. وفي تلك الفترة، أعاد السوريون ممن طلّقوا التلفزيون احتضانه مجدداً، لتنتهي «نجوميّة» الرئيس الأسمر، بالاتفاق الروسي الأميركي السوري حول تدمير الترسانة الكيميائية السورية، لتصبح حلقات هذا المسلسل السياسي مملة، وتبرز الأحداث الميدانية والمعارك، وأنباء «المجازر» في الساحة السورية إلى السطح مجدداً.
برامج الهواة، كان لها وجودها على الساحة السورية أيضاً، حيث حصد برنامج «أراب أيدول» اهتمام السوريين، المنقسمين سياسياً. وانشغل الشارع بتصنيف المتسابقين السوريين: فرح يوسف التي رآها الشارع السوري مؤيّدة للحكومة، وعبد الكريم حمدان، الذي روّجت له المعارضة السورية على أنّه مؤيّد لها. القناة السعوديّة استطاعت أن تستغل هذا الانقسام في الشارع السوري، لرفع نسب مشاهدة البرنامج في سوريا. واستمّر الانقسام على برامج الهواة سائداً، خلال الموسم الثالث من برنامج «أرابز غت تالنت»، والذي شهد بدوره اتجاراً سياسياً في مواقف وظروف بعض المشتركين السوريين، أبرزهم الطفل نائل طرابلسي، العازف الموهوب على البيانو، والذي لم يسلم من التصنيف، والمتاجرة السياسية، قبل أن تحصد فرقة «سمة» السورية اللقب.
وبعكس الأعوام السابقة للأزمة، لم تعد الأعمال الدراميّة محور اهتمام السوريين. لم تستطع تلك المسلسلات أن تخترق المشهد السياسي الممزّق، لكنّها نجحت في إثارة الجدل، كما مسلسل «الولادة من الخاصرة» بجزئه الثالث، و«سنعود بعد قليل».
بدوره، لم يشهد التلفزيون السوري الرسمي أي تغيير على مستوى ما يقدمه، كما لم تشكل قناة «تلاقي» السورية التي انطلقت في شهر أيار الماضي، أي خرق في الساحة التلفزيونية. عجزت المحطة، حتى الآن، عن تنفيذ مشروعها الهادف إلى إيجاد محطة يتقبلها كل السوريين، ليبقى انقسام الشارع قائماً، ومنسحباً على ما يفضله السوريون، المنقسمون بين شاشة مؤيّدة للحكومة، وأخرى معارضة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق