الثلاثاء، 21 يناير 2014

سيف الجربا... ودروب الضياع في جنيف





بإمكان أحمد الجربا أن يكرر غدا التلويح بالسيف لإسقاط النظام، وغالب الظن أن الوزير وليد المعلم سينظر اليه ببرودته الديبلوماسية المعهودة، وقد يرد بكلام ساخر.
إن خلاصة المشهد الذي سنراه غداً في مونترو السويسرية، أن كل الدول المشاركة ستكون أنظارها شاخصة نحو الوفد السوري ومراقبة سلوكه وأقواله. ليس للجربا ومن معه من شخصيات جرى جلبها الى مؤتمر «جنيف 2»، أكثر من المقاعد الرمزية التي سيحتلونها. حضور هؤلاء شكلي، حتمته ظروف إخراج هذا المؤتمر الدولي، اذا انعقد.
تفتقر المعارضة الحاضرة في قاعة القصر السويسري الى الثقل السياسي الذي يخوّلها ادعاء التحدث باسم السوريين. هم أنفسهم يعرفون ذلك، ويعرف كل الحاضرين هذه الحقيقة. تفتقر شخصيات المعارضة أيضا الى الوزن الذي يتيح لها القول مثلا: غدا سنعلن هدنة هنا أو هناك. «الجيش الحر» انفرط مجموعات متناثرة هنا وهناك، وصار أكثر تشرذماً مما كان عليه في «جنيف الأول».
هذه بعض حقائق المؤتمر الذي يُراد له أن يكون بداية طريق للحل السوري. لكن أي حل؟!
يعرف السوري كما الأميركي والروسي والأوروبي، أن حضور الجربا وجماعة «الائتلاف» ضرورة لصورة المؤتمر لا أكثر. ويعرفون ايضا أن كلمة المعارضة ستكون للاستهلاك الإعلامي، ولو رفع الجربا سيفه أو لوّح بغصن زيتون كما فعل قبل أيام في اسطنبول، في قاعة المؤتمر، فلن يندهش هؤلاء من حركات استعراضية كهذه. وحده المعلم سينظر بسخرية، ومعه نظيره سيرغي لافروف. جون كيري سيكتم ضحكته. سيصفق بعض هؤلاء لـ«الائتلاف»، لا لما سيدّعيه من قوة أو نفوذ، بل لما سيقول من كلام يصلح لتعزيز رهانات المفاوضين الحقيقيين، الجالسين في القاعات الجانبية الصغيرة.
ستتلقى شخصيات «الائتلاف» التعليمات في تلك القاعات الجانبية أو ربما عبر قصاصات ورقية تمرر هنا وهناك خلسة. وسيظن مفاوضو معارضة الشتات أن ذلك طبيعي وأنه من أصول التفاوض ومهاراته التي تنسجم مع التعبير عن الإرادة الحرة للسوريين وسيادة بلادهم التي ساهموا هناك، بعيداً عن سويسرا، في استباحتها.
سيأتي وزراء الخارجية من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والسعودية وتركيا وقطر وغيرها، وسيغادرون بعد افتتاح المؤتمر، تاركين أوراق اللعب والإرشادات بأيدي شخصيات مثل الأميركي روبرت فورد والبريطاني جون ويليكس والفرنسي ايريك شوفالييه، الى جانب مجموعة من ضباط الاستخبارات الغربية والعربية والتركية. سيدخل الجربا ومجموعته كثيراً ويدخلون الى هذه القاعات. جل وقتهم سيكون مأخوذاً بتلقي التعليمات ونقلها الى قاعة التفاوض.
لكنهم لا يملكون أجوبة شافية عن السؤال البديهي المفترض أن يحتل اهتمام مؤتمر كهذا: أي سوريا يريدون؟ وكيف؟
لا يمتلك الجربا وجماعته سوى الجملة السحرية التي تعلقوا بها منذ «جنيف 1» في حزيران 2012: «تشكيل هيئة حكم انتقالية بصلاحيات كاملة»، وفسرها مموّلوهم كيفما شاؤوا. أما كيف سينتزعون ذلك فليس مهماً. هناك على جبهة المدينة السويسرية من ينوب عنهم في الضغط والمساومة والتفاوض. وهناك على جبهات المعارك في سوريا نفسها، من ينوب عنهم في مشروع القتال، ولو كانوا على خلاف الطلاق النهائي معهم، من «جهاديين» و«تكفيريين».
لماذا اذاً نتكبد عناء الحضور الى جنيف، وهناك من ينوب عنا في كل شيء، ولا نملك مشروعاً لسوريا وأهلها أفضل من حال «الائتلاف» وشكله في تشتته وتشرذمه وانقسامه وقبوله بالخضوع لمن يقاتل بالإنابة عنا أو يموّلنا. لدينا بدل «سوريا الكبرى»، دويلات شيوخ فتاوى التكفير. ولدينا بدل الجيش العربي السوري، ميليشيات أمراء الذبح الطائفي. ولدينا بدل سوريا الصناعة والزراعة، مراكز «داعش» وغيرها لتقاسم الغنائم. ولدينا بدل ثقافة سوريا وحضارتها، المكاتب الدعوية لتطبيق الشريعة وفق مفاهيم ما قبل الجاهلية، وقطع رؤوس تماثيل الشعراء!؟
الكل حاضر في «جنيف 2». حتى إيران المبعدة قسراً، حاضرة بقوة الآن وفي أي تسوية مأمولة. أما «ائتلاف» المعارضة السورية، فهو الغائب الوحيد عن مؤتمر جنيف بعدما غيّب نفسه بنفسه ... وأتقن دروب الضياع.

http://www.assafir.com/Channel/63/%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7/TopMenu#!/ArticleWindow.aspx?ChannelID=63&ArticleID=334807

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق