الأحد، 12 يناير 2014

ماذا يعني تقاتل الفصائل الثورية للصراع السوري ؟






مع ورود الأنباء عن مقتل حوالي 400 مسلح ومدني في الخمسة أيام الاولي للمواجهة بين تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) المرتبطة بالقاعدة وجماعات ثورية أخري، أصبح معدل الضحايا ينافس ان لم يكن يفوق حصيلة القتلي من جراء الحرب الأوسع بين النظام والمعارضة . 

يوجد بالفعل حربا داخل الحرب تجري في سوريا، حيث فرض الاكراد في الشمال الشرقي من سوريا سيطرتهم علي مناطق يشكلون فيها العدد الأكبر من السكان، ويخوضون معارك يومية مع اسلاميين وجماعات ثورية اخري

هل ستصمد الحرب الضروس مع داعش لتصبح صراعا ثالثا يجري علي أرض سوريا، تستنزف الحركة الثورية وتصرفها عن مهمتها الأساسية في مواجهة النظام ؟  

القتال الطاحن في مساحات واسعة من الاراضي السورية في اربع محافظات علي الاقل - حماة وادلب وحلب والرقة - يثير الكثير من التساؤلات الاخري . 

هل من المصادفة أن يأتي هذا في وقت يتعرض فيه مقاتلي داعش لضغوط  من قوات الحكومة العراقية في محافظة الأنبار الملاصقة للحدود مع سوريا ؟ 

هل هذا جزء من حملة مدعومة دوليا لاقتلاع المتطرفين الاسلاميين في كلا البلدين، لمنع ظهور خلافة اسلامية مسلحة علي الحدود ؟ 

هل الهدف منها تطهير سطح السفينة قبل محادثات السلام " جنيف 2" المقرر أن تبدأ في 22 يناير ؟ 





في الوقت الذي لن يحزن الامريكيين والروس والاطراف الخارجية الاخري من رؤية أشد المتطرفين تطرفا يختبئون، تشير أغلب الأدلة الي عدم وجود دور لتحريض أطراف خارجية في المسألة . 

قال أحد المسؤلين في المعارضة " لقد كان قرار الهجوم علي داعش قرارا سوريا خالصا 100 % " 

" هل تخدم الامريكيين . ربما . لكن ذلك لم يكن السبب في حدوثها . وحتي لو كان الائتلاف يرغب في ذلك الا أنه لا يملك القدرة علي التأثير . لا يوجد تواصل بين القوات المقاتلة الرئيسية علي الارض مثل الجبهة الاسلامية " . 

تصاعد التوترات 


بدأت داعش الخلاف مع الجماعات الثورية الاخري - وحتي بشكل اكبر مع المدنيين - تقريبا بمجرد دخولها المشهد منذ حوالي عام تقريبا . 

وبمجرد دخولها المشهد بفترة قصيرة وجه اليها اتهام بصب اهتمامها علي احتكار السيطرة علي المناطق " المحررة" وفرض فهمها المتطرف للحكم الاسلامي اكثر من اهتمامها بقتال النظام، مما عرضها لاتهامات لم يتم التؤكد منها بأنها مخترقة من المخابرات السورية والحرس الثوري الايراني وتتلاعب بها . 

وقال مصدر من المعارضة " ما كانت تفعله هو بالضبط ما كان يفعله النظام - تقتل وتسجن النشطاء وتعذب الناس وتسحق الحرية بشكل عام " 

ومع تواصل تعزيز داعش من وجودها بشكل اكبر، بدأت بالاصطدام بالجماعات الثورية المنافسة، فاحتلت قواعدهم وقامت بخطف مقاتليهم واحيانا كانت تقوم بقتلهم وكانت تحاول أن تسيطر علي طرق الامداد من تركيا . 

واتهمتها جبهة الثوريين السوريين، وهي احدي الجماعات التي تقاتل داعش، بخطف وقتل حوالي 400 مقاتل ثوري علي الأقل وبسجن حوالي 2000 اخرين . 

ووصل تصعيد التوترات زروته في 31 ديسمبر عندما سلمت داعش جثة مشوهة للدكتور حسين السليمان الذي يحظي بالاحترام والشعبية والمعروف بأبو ريان، قائد جماعة احرار الشام، التي هي واحدة من المكونات الاساسية للجبهة الاسلامية . قامت داعش بخطفه قبل ثلاثة أسابيع . 






وكانت تلك هي القشة التي قصمت ظهر البعير حيث حركت سلسلة من الهجمات علي قواعد ومواقع داعش بقيادة مجموعة من الجماعات القتالية، ضمت الجبهة الاسلامية وائتلافين مسلحين اخرين تشكلا مؤخرا وهما جيش المجاهدين وجبهة الثوريين السوريين . 

وكان قتال داعش علي يد ذلك الائتلاف المتفاوت المكون من جماعات تشكل مظلة لهذا الائتلاف يحمل سمات الانفجار التلقائي لمشاعر الاحباط المكبوتة أكثر منها حملة منظمة منسقة من الخارج . 

وتختلف الظروف والمشاركين من منطقة لمنطقة في بعض الاماكن، خصوصا الرقة، حيث قاد الهجوم جماعات مرتبطة بجبهة النصرة التي هي نفسها جماعة مرتبطة بالقاعدة . 

وفي مناطق اخري كانت النصرة تلعب دور الوسيط بين داعش وفصائل اخري . 

" نكسة وليست هزيمة" 


القتال سيتواصل لكن الواضح أن داعش خسرت كثيرا من الارض في معظم المناطق وتتعرض لضغوط في معقلها الرئيسي الرقة الواقعة في الشمال الشرقي وهي المحافظة الوحيدة التي فقدت الحكومة السيطرة عليها بشكل كامل . 

ويعزو بعض المحللين انهيارها المفاجئ والسريع في كثير من المناطق الي عدم الانتشار الكبير لداعش وضالة اعدادهم نسبيا - ربما يصل العدد الاجمالي لهم الي أقل من 8000 الي 9000 - رغم الشهرة الواسعة التي تلقاها . 

لكن قليلا من المحللين يري أن الجماعة ستختفي بشكل كامل . 

قال احد الدبلوماسيين " انها نكسة لداعش وليست هزيمة لها " 






ويري البعض انها ستنسحب الي مناطق حول دير الزور في شرق سوريا قريبة من الحدود العراقية، الظهير الاستراتيجي للجماعة في غرب العراق 

ومن الواضح ان ارتحالهم الي هناك سيتوقف عليه الكثير حيث تحاول بغداد أن تسترد سلطتها هناك 

هناك مخاوف من تكثيف داعش لتفجير السيارات المفخخة ضد الجماعات الثورية الاخري والتي أطلقتها بالفعل مؤخرا . 

وقال مصدر من المعارضة :" الوضع سيصبح مخيفا فعلا " 

وحتي الان لا يوجد مؤشرات قوية علي جعل الثوار هدفا سهلا لهجمات النظام 

ويبدو أنه من المرجح أن تكون النتيجة الاجمالية قص أجنحة داعش وربما تدفعها الي تعديل طريقتها في السعي  لاحتكار السلطة وفرض رؤيتها المتشددة للدولة الاسلامية . 

وربما قد تم التوصل الي نموزج من هذا النوع في محافظة الحسكة في شمال شرق سوريا حيث اعلنت داعش وأربع جماعات اخري ضمنها الجبهة الاسلامية يوم الخميس أنهم سيقيمون هيئة شرعية موحدة وسينسقون كل انشطتهم العسكرية . 

"محاربة الارهاب " 


وبخصوص المخاوف الغربية والروسية من تنامي التطرف الاسلامي داخل المعارضة، قد لا يحدث كبح جماح داعش فرقا كبيرا .

فجبهة النصرة التي هي بالفعل فرع القاعدة الرسمي في سوريا ستبقي مندمجة بعمق في صفوف الثوار وأثبتت انها أكثر تناغما للعمل والتعاون في البيئة السورية من داعش القادمة من الخارج . 

وقد وصفت الولايات المتحدة ودول اخري والامم المتحدة جبهة النصرة بالمنظمة الارهابية 

ويوجد الكثير من الجماعات الاسلامية المتشددة داخل حركة الثوار والكثير منها تجمعوا في الجبهة الاسلامية . وقد اختارت معظمها، علي النقيض من داعش، أن تضع رؤيتها لسوريا ما بعد الاسد جانبا حتي يتغير النظام . 

وقلما تجد فصيلا مقاتلا من الفصائل الرئيسية الموجودة علي الارض يؤيد فكرة الذهاب لجنيف والتوصل لتسوية مع النظام . 

لذا فان الغياب المحتمل لداعش في سوريا سيكون له تأثير ضعيف علي المحادثات في سويسرا، لو افترضنا ذهابهم . 

لكن غياب داعش سيؤثر بشكل ضئيل علي ترجيح كفة الائتلاف السوري، لو انتهي بها المطاف الي الذهاب لجنيف، في بيئة سياسية يركز فيها الانتباه دوليا وداخل سوريا الي الحاجة الي مكافحة "الارهاب" . 

وقال احد المسؤلين في الائتلاف " فمع حديث النظام عن الحاجة الي مكافحة الارهاب وأن جنيف 2 يجب أن تخصص لهذا الامر، سيكون القتال الحقيقي  لهذا النظام علي يد المعارضة . لذا فمن الافضل أن نستثمر ذلك ونضعه علي الطاولة " 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق