الثلاثاء، 8 أكتوبر 2013




دمشق، سوريا - كان بيانا غير عادي لأنه خرج من نائب رئيس مجلس الوزراء السوري، حيث قال أن الأزمة في البلاد  بدأت "حركة شعبية" من المتظاهرين السلميين الغاضبين بسبب الفوارق الاقتصادية ثم انحدرت  لتتحول  الى الحرب لأن المسؤولين أبطأوا في إحداث تغييرات وفشلوا  في إدراك أن "قمع الحركة الشعبية" من شأنه أن يؤدي إلى كارثة.

الآن و بعد أيام من تصريح المسؤول  قدري جميل  في المقابلة أعلن الرئيس بشار الأسد  أنه وحكومته ارتكبوا  أخطاء، وانهم يتحملون  بعض اللوم عن الأزمة مع المتمردين. وقال الرئيس الأسد للمجلة الألمانية دير شبيغل ، في مقابلة ستنشر يوم الاثنين، إنه لا يستطيع أن يدعي أن المتمردين "فعلوا كل شيء ونحن لم تفعل شيئا." وقال الحقيقة لها "ظلال رمادية."
وبعد سنوات من وصف الحرب الأهلية في البلاد باللونين الأبيض والأسود وأنها  مؤامرة إرهابية دولية، يبدو أن المسؤولين السوريين في الايام الاخيرة يحاولن أن يبدو اكثر ميلا للمصالحة، بينما تحاول قوى عالمية الترتيب لمحادثات سلام في جنيف لانهاء الجمود الدموي،وبينما بدأ مفتشي الاسلحة الدوليين يوم الاحد تدمير الترسانة الكيميائية السورية.

السيد الأسد لم يحدد أخطائه، على الأقل في المقتطفات التي نشرتها المجلة، وتشدد في موقفه بطريقة او باخري ويبدو أنه يستبعد المفاوضات مع المعارضة المسلحة. لكن السيد جميل،وهو  واحد من الوزراء الاثنين من أحزاب المعارضة الذين سمحا رسميا بتعيينهما خلال الأزمة، أمضى جزءا كبيرا من المقابلة التي استغرقت 90 دقيقة في الأسبوع الماضي في توجيه النقد المفصل للحكومة، بما في ذلك قوات الأمن.
وقال ان "النظام السوري هو بطل الفرص الضائعة"، .
كان السيد جميل يتحدث من  مكتبه  تحت صورة للسيد الأسد. ومع ذلك قال انه لا يتحدث بصفته عضوا في الحكومة ولكن بوصفه عضوا في المعارضة السورية التي لا تتبني العنف  وقال انه يهدف، في الانتخابات المقبلة، إلى "جعل الأغلبية الحالية أقلية."
وحتي مؤيدي الحكومة يرون السيد جميل،رجل  الاقتصاد الذي تلقى تدريبه في الاتحاد السوفياتي، لا يحمل سلطة اتخاز القرارات السياسية، ويلقي سخرية منمؤيدي اللانتفاضة كجزء من المعارضة التي  بلا أسنان والتي شكلتها الحكومة لخلق مظهر من الانفتاح.
وقال انه ليس أول مسؤول سوري يشير إلى واجب الحكومة في تلبية بعض مطالب المعارضة؛  ففاروق الشرع نائب الرئيس حذر في العام الماضي في صحيفة لبنانية ان الحكومة لا يمكن ان تنتصر عسكريا، ودعا الى تشكيل حكومة ائتلاف واسعة، ليتم حجبه من المشهد العام ويستبعد  من أعلى منصب في حزب البعث الحاكم.
ووصف السيد جميل صراعا داخليا على السلطة بين "قوات نظيفة" تضغط من أجل تغييرات جوهرية و "قوى الفساد"، والتي قال أنها تشمل رجال الأمن المتشددين المعارضين لإيجاد حل سياسي، وكذلك الناس على كلا الجانبين للاستفادة ماليا من الفوضى .
وقال "هناك قطاعات معينة داخل النظام، على غرار القطاعات الأخرى داخل المعارضة لا يريدون حلا سياسيا . وهذا إما بسبب العقليات الضيقة أو أنهم تحولوا الي تجارا للازمة  ."
وأضاف أن "المتطرفين على كلا الجانبين" سوف "يقاتلون بعضهم  بعضا بالنهار ويجلسون بالليل لتقسيم الغنائم ."
على الرغم من أنه لم يذكر اسم السيد الأسد باعتباره واحدا من المصلحين فقد فعلها أحد مستشاريه وتناغمت تعليقات السيد الجميل مع الرأي الشعبي المنتشر بين أنصار الرئيس أنه كان دائما يهدف إلى الإصلاح ولكن  المتشددين كانوا يعرقلونه.
وأكد على أنه لن يواجه أي مخاطر بسبب هذه التصريحات. "، وعلى الغرب أن يعتاد على سوريا جديدة".
السيد جميل رجل اجتماعي ويتحدث  الروسية بطلاقة  ويدير مكتبه بمساعدة أعضاء من حزبه الشيوعي المتسامح حزب ارادة  الشعب. وكان يردد خط الحكومة حول العديد من القضايا، مثل رفض التدخل الأجنبي ودعوته الغرب إلى اعتماد سوريا كحليف ضد الإسلاميين "الفاشيين الجدد" وصرح بأن خلع الاسد بوسائل خلاف الانتخابات سيقضي علي  الديمقراطية .

لكنه أضافرأيه الخاص. فقد اعترض علي قول الحكومة أن السيد الأسد هو الرئيس المنتخب ديمقراطيا، قائلا سوريا لم يكن بها قط انتخابات حرة أو شفافة.
وقال "،لم يسأل أحد الناس حتى الآن"، .
وقال يجب أن يتوقف تدفق الأسلحة الأجنبية والاموال  والمتمردين "من أي جانب" ، وليس الجهاديين المتطرفين فقط الذين يقاتلون الحكومة ولكن أيضا المقاتلين اللبنانيين و الإيرانيين والعراقيين الداعمة لها. وقال "إذا كان هناك أي" من هؤلاء المقاتلين فقد جاءوا ردا على تسلل الجهاديين في وقت سابق.
واضاف "اننا لن أقول 'البادي أظلم ' ولكن دعونا نقول 'الجميع أظلم،" .

وقال ان سوريا تحتاج الى تغييرات  "اجتماعية واقتصادية عميقة وجذرية وتدريجية وسلمية وديمقراطية وشاملة" تغييرات من شأنها أن تشكل "المرحلة الثانية من الحركة الشعبية العربية التي بدأت في تونس في عام 2011."

وقال "، في تونس سقط الرئيس وظل النظام نفسه. نحن في سوريا نرغب في تحقيق العكس."
وقال السيد جميل أن حزبه كان يعتقد منذ وقت طويل أن سياسات التحرر الإقتصادي التي كانت محور سياسة سيادة الرئيس الأسد فى وقت مبكر  "ستؤدي إلى انفجار اجتماعي."
وقال ان تلك التدابير خلفت 44 في المئة من السوريين تحت وطأة الفقر، نقلا عن أرقام الأمم المتحدة من 2009، وارتفاع مستويات البطالة إلى 20 في المئة. وقال أن تلك السياسات  دمرت المنتجين المحليين في أماكن مثل ضواحي دمشق وزملكا وحرستا ودوما - التي تمثل الآن مراكز المعارضة - في حين غزت نمو الأثرياء الجدد، الذين كما قال  لهم نفوز ليس فقط في الحكومة ولكن أيضا في المعارضة في المنفى.
وقال :"كل تلك المدن التي نسمع أسماءها الآن تشبه مدينة ديترويت في أمريكا، .فكيف لا يتوقع أن يحدث استياء في دوائرهم؟ ولكن لم يري أحد ذلك في الوقت المناسب ".
وقال أن حزبه شارك في "جميع الأنشطة السلمية للحركة الشعبية" التي بدأت مع احتجاجات مارس 2011 وأدت الي حملة القمع من الحكومة.
وقال "لدينا عشرات من الشهداء ومئات المعتقلين"، .
وقال أن الحكومه حاولت اخماد الحركه بالقوة، والاعتماد عن طريق الخطأ على تجربتها في قمع انتفاضة الإخوان المسلمين العنيفة في الثمانينات - وهي الفترة  التي كانت قلة من السوريين لديهم وعيا سياسيا.
واضاف "الان لدينا حركة شعبية ونشاط سياسي عالي، . لو قرأت المخابرات السورية التاريخ لفهموا أن مثل هذه الحركة الشعبية لا ينبغي أن تعامل بالقمع."
وقال أن الكارثة حلت لان كلا الجانبين يريد التوصل ألي حل سريع، فالحكومة "كانت تكرر كل يوم أنهم قد أجهزوا علي المؤامرة" وكانت "الفصائل المتطرفة من المعارضة" تقول "يوم الجمعة المقبل سيسقط  النظام ."
وقال كلا الجانبين "كانوا حالمين"،
وقال ان الحرب التي حصدت ارواح 100000 من السوريين ودمرت نصف الانتاج الزراعي والصناعي كان بالمكان تجنبها عن طريق تنفيذ تغييرات بعد مؤتمر " للحوار القومي " في يوليو 2011 . وقال : لو تم تعديل الدستور علي الفور ولو تم اطلاق سراح المعتقلين الذين لم يحملوا السلاح ولو تم تعويض الناس علي الاضرار التي لحقت بهم ولو كنا اجرينا انتخابات مبكرة لتجنبنا تلك الحرب " . 
وخلص الي القول : " انها مأساة " . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق