واشنطن - يقول مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون أن المسؤولون في المخابرات الامريكية يشعرون بقلق متزايد من أن يقيم تنظيم القاعدة وغيرها من الجماعات الإسلامية المتطرفة ملاذا في سوريا يوفر لهم نوعا من المأوي علي غرار ما كانوا يتمتعون به ذات مرة في شمال غرب باكستان،.
ويقول مسؤولون ان البرنامج السري لوكلة المخابرات المركزية الامريكية الذي يوفر التدريبات الأولية والأسلحة إلى المتمردين المعتدلين سياسيا والمدعومين من الولايات المتحدة من غير المرجح أن يحد من تنامي قوة المتطرفين بين الميليشيات المعارضة التي تسعى للاطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد .
ورغم أن القتال يقتصر على سوريا الا أن المسؤولون يبحثون بالفعل في أسوأ حالات السيناريوهات إذا ما انقسمت البلاد الى جيوب تسيطر عليها الحكومة واخري يسيطر عليها المتمردون . وقد دق ناقوس الخطر مؤخرا عندما قام مسلحين من جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة والتي تعتبر الاكثر في الامكانيات والأفضل تسليحا، وحلفائها بالاستيلاء علي معبر حدودي بين سوريا والأردن بالقرب من مدينة درعا السورية.
وقال مسؤول أمريكي يطلع بانتظام على المعلومات الاستخبارية، مشيرا إلى المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية في باكستان، حيث تقوم القاعدة وحلفاؤها بالتخطيط للقيام بهجمات ضد الغرب حتى قضت الطائرة الأمريكية بدون طيار والجهود الأخرى المضادة للإرهاب علي قواتهم "اعتقد ان سوريا تتجه لتصبح مناطق قبلية تدار بشكل فيدرالي كما في باكستان ،".
وقال المسؤول الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته نظرا لتناوله معلومات استخباراتية نه يخشى ان يشكل الوجود المتزايد للمتشددين الاسلاميين مخاطر فريدة من نوعها علي الغرب بسبب "قرب سوريا من مصالح الولايات المتحدة الاستراتيجية، وسهولة السفر إلى أوروبا، وتوافر الأسلحة التقليدية وغير التقليدية المتطورة ".
ويساعد التهديد المتزايد للجماعات المتطرفة في سوريا في الدفع بالجهود الدولية بقيادة روسيا والولايات المتحدة، لتعطيل أو تدمير امدادات الأسد من مواد الحرب الكيميائية بسرعة . ويقول مسؤولون أمريكيون أن جميع ذخائر الغاز السام ومرافق انتاجه موجودة في المناطق التي تسيطر عليها قوات الأسد، لكن السيطرة على المدى الطويل غير مؤكد في ظل فوضى الحرب الأهلية .
وقال المسؤولون أن وكالة الاستخبارات المركزية تتوقع تصعيد الضغط على المتطرفين في سورية في حالة تحولهم من قتال الأسد إلى استهداف الغرب.
وقال مسؤول امريكي ثان لم يكن مخولا بالكشف عن هويته نظرا لتناوله معلومات استخباراتية "هناك قلق من أن يشكل بعض المتمردين، وخصوصا الأجانب التابعين لجبهة النصرة والفصائل المتطرفة الأخرى، تهديدا ارهابيا سواء في سوريا أو عند عودتهم إلى بلدانهم الأصلية"، وقال "لا شك أن كثيرين منهم يشاركون الجهاديين الدوليين التابعين لتنظيم القاعدة طموحاتهم ."
ويقول مسؤولون أمريكيون أن من 100 الي 500 مقاتل اجنبي يصل إلى سوريا كل شهر للانضمام الى الفصائل الاسلامية المتطرفة. لقد جاءوا من جميع أنحاء العالم، بما فيها الولايات المتحدة، كندا، استراليا، فرنسا، بريطانيا وهولندا، وكذلك بلدان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى.
ويقول مسؤولون امريكيون ان سوريا ستصبح مركزا محوريا عالميا للمسلحين الذين يريدون الجهاد لتتفوق علي أفغانستان وباكستان واليمن.
وقال المسؤول الامريكي الثاني أن جبهة النصرة ليس لديها سوى بضعة آلاف من الفدائيين، ولكن الائتلاف الثاني للوحدات الإسلامية المسمي أحرار الشام لديه لواء من حوالي 10،000 مقاتل "وتتعاطف بقوة مع وجهة نظر تنظيم القاعدة الدولي". ويقول محللون أن مؤسس الجماعة كانت اسلاميا معتقلا سياسيا لسنوات ولكن حكومة الأسد أطلقت سراحه كجزء من العفو الصادر في عام 2011.
ويقول المسؤولون الأمريكيون ان الجماعة الأكثر عنفا هي دولة العراق وسوريا الإسلامية وهو جماعة صغيرة ولا تحظى بشعبية.
وتتعاون جبهة النصرة أحيانا مع القوى العلمانية، ولكنها أيضا حاربت المتمردين الاكراد العلمانيين على طول الحدود التركية. وقال صالح مسلم محمد، وهو زعيم كردي، في مقابلة عبر الهاتف أن الاكراد أسروا العديد من قادة جبهة النصرة واعتقلت جبهة النصرة العشرات من المدنيين الأكراد ووضعتهم في السجون ردا عليهم.
وقال مسؤول في المخابرات الامريكية أن القاعدة وحلفائها الايديولوجيين يشكلون ما يقدر ب 35٪ من حركة التمرد السوري. ويعتقد أن المعارضة تضم حوالي 100،000 مقاتل .
تشعر حكومة الولايات المتحدة منذ فترة طويلة بالقلق إزاء المتطرفين في صفوف حركة المعارضة وهو القلق الذي أخذ في الاعتبار عند اتخاز القرار بعدم تقديم المزيد من المساعدة المباشرة للمتمردين. ويقول دعاة التدخل بقوة أكبر أن قرار الولايات المتحدة قد أضعف المعتدلين وعزز المتطرفين.
وكان الأسد منذ وقت طويل يتهم المتمردين الذين يستهدفون الاطاحة بحكومته محاولة تتخفي في قناع المسلحين الاسلاميين للسيطرة علي البلاد .
وجاءت أحدث انتكاسة لمصالح الولايات المتحدة في 24 سبتمبر عندما نأي 11 فصيل مسلح من أكبر الفصائل المسلحة في سوريا بأنفسهم عن التحالف المدعوم من الولايات المتحدة وشكلوا تحالفا مخصصة لإقامة دولة إسلامية.
قال النائب آدم شيف عضو لجنة الاستخبارات في مجلس النواب أن قدرة الولايات المتحدة على توجيه حركة التمرد اصبحت محدودة وربما تقلصت.
واضاف "اعتقد انه سيكون من الصعب للغاية بالنسبة لنا أن تؤثر على المزيج، .هناك الكثير من المال والذخائر والمقاتلين يتدفقون إلى سوريا، وإذا لم نتجهز لزيادة دعمنا العسكري بشكل كبير جدا سيصعب علينا مواكبة ذلك."
وسعت وكالة الاستخبارات المركزية مؤخرا جهودها لتدريب المقاتلين المعتدلين وزودتهم بالأسلحة الخفيفة من قواعد سرية في الأردن المجاورة. لكن تسليم الأسلحة تأخر لعدة أشهر، ولم يتم تدريب غير بضع مئات من المقاتلين كل شهر. وتأثيرهم حتى الآن كان محدودا في أحسن الأحوال.
قال مسؤول سابق في كالة المخابرات المركزية له خبرة في الشرق الأوسط والذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأن عملية التدريب عملية سرية "الرهان على شيء لا يحقق النتائج ليست جوابا، انها ليست سياسة" .
إدارة أوباما غير مستعدة لزيادة كبيرة في دعم للمجلس العسكري الأعلى، وهو تحالف المتمردين المدعومين من الولايات المتحدة، وذلك جزئيا بسبب مخاوف من استيلاء جبهة النصرة أو الميليشيات المتطرفة الأخرى على الأسلحة الأمريكية. سواء كان ذلك هو ما يحدث بالفعل على نطاق واسع أو علي أساس منتظم فهذا موضع خلاف.
وقال أحد أعضاء المجلس العسكري، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته نظرا لطبيعة المعلومات الاستخبارات "معظم الدعم الذي تقدمه الدول العربية الحليفة والغربية يذهب في النهاية إلى جبهة النصرة من خلال بعض النشطاء الذين يعملون معهم، ويقتسمون المعونة فيما بينهم"، .
ورفض العميد يحيى بيطار الذي يرأس شعبة المخابرات في المجلس العسكري هذه التقارير واعتبرها شائعات. وقال أن جميع شحنات الأسلحة : "يجري توزيعها مباشرة إلى الخطوط الأمامية وجماعاتنا التي تقاتل ."
ويقول مسؤولون في الادارة الامريكية ان هدف الولايات المتحدة هو توفير ما يكفي من الدعم للمتمردين لفرض الجمود العسكري في الحرب الأهلية، والتي راح ضحيتها حتى الآن أكثر من 100،000 شخص، وبالتالي تهيئة الظروف لإيجاد حل سياسي وحكومة ما بعد الأسد.
والتحدي الذي يواجه صناع السياسة الأمريكيين هو كيفية اجبار الأسد على التنحي ولكن بدون خلق فراغ في السلطة يمكن أن يسمح للجماعات الإرهابية للاستيلاء على السلطة في دمشق أو للسيطرة على المناطق المضطربة، خاصة في الشمال حيث الإسلاميين هم الأقوى.
وكان أصاب قرار الرئيس أوباما بعدم شن هجمات صاروخية لمعاقبة الأسد على ما تقول الولايات المتحدة له استخدم الغاز في الضواحي التي يسيطر عليها المتمردون في دمشق يوم 21 أغسطس الكثير من النشطاء بخيبة أمل .فقد اختار أوباما بدلا من ذلك العمل مع روسيا و الأمم المتحدة ومجلس الأمن من أجل القضاء على ترسانة الأسد من الأسلحة الكيميائية، وهي العملية التي بدأت الآن.
وقال نجيب غضبان، مبعوث المعارضة السورية لدى الأمم المتحدة، أن العديد من النشطاء يعتقدون أن "أحد أقوى حلفائنا يضحي بتطلعاتنا من اجل التغيير الديمقراطي في سوريالكي يحصل على الأسلحة الكيميائية التي لدي الأسد."
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق