تزايد حدة الانقسام بين الجماعات الإسلامية المعارضة في سوريا
لينا سنجاب
بي بي سي
آخر تحديث: الأحد، 29 سبتمبر/ أيلول، 2013، 17:42 GMT
اندلعت الأسبوع الماضي في بلدة أعزاز شمالي سوريا مواجهات دامية بين جماعة جهادية لها علاقة بتنظيم القاعدة في العراق والشام وبين قوات تابعة للجيش السوري الحر الذي يلقى دعما من الغرب.
وعلى الرغم من أن ذلك القتال قد يبدو دليلا على تزايد حدة الانشقاق في صفوف قوات المعارضة المناوئة لنظام الأسد، فإن العديد من المراقبين يعتبرونه أول علامة ظاهرة على وجود ثورة ارتجاعية مناوئة لتواجد القاعدة في الأراضي السورية.
وبدت علامات ذلك الرفض بمجرد تكون تنظيم القاعدة في العراق والشام في إبريل/نيسان الماضي.
وكانت هذه الجماعة الجهادية، التي تضم مقاتلين من خارج البلاد، قد ظهرت في البداية في تحالف ضم دولة العراق الإسلامية، وهي غطاء مسلح يضم تنظيم القاعدة في العراق، وجبهة النصرة وهي جماعة جهادية سورية تقاتل إلى جانب المعارضة.
إلا أن الإعلان عن ذلك التحالف كان قد قوبل سريعا برفض من زعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني، إذ رفض أن يتلقى الأوامر من أبي بكر البغدادي زعيم جيش دولة العراق الإسلامية أو من أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة.
ومنذ ذلك الحين، استعادت الجماعتان مرة أخرى هويتيهما المنفصلتين، وأضحى الانشقاق الأيديولوجي بينهما أكثر وضوحا.
متمردون ضد متمردين
ولم تكن المواجهات في أعزاز هي الأولى التي وقعت ما بين تنظيم القاعدة في العراق والشام وبين مقاتلي الجيش السوري الحر.
فبعد أن وقعت مدينة الرقة الشمالية تحت سيطرة كتائب الجيش السوري الحر ولواء أحفاد الرسول، وهي جماعة إسلامية مستقلة يعتقد أنها تتلقى دعما من قطر، سرعان ما تعرض الاثنان للهجوم من مقاتلي تنظيم القاعدة في العراق والشام الذين تمكنوا في النهاية من السيطرة على زمام الأمور في البلدة.
كما وقعت بعض المواجهات بين جبهة النصرة ومقاتلي تنظيم القاعدة في العراق والشام على حقول النفط في مقاطعة الحسكة التي تقع في الشمال الشرقي من البلاد.
كما اعتقل العديد من المدنيين والنشطاء والصحفيين أيضا من قبل قوات تنظيم القاعدة في العراق والشام، ووجه الاتهام إليها أيضا بالمسؤولية عن عدد من الفظائع التي ارتكبتها قوات المعارضة خلال ذلك الصراع.
وقالت ميزار، وهي إحدى الناشطات في مدينة الرقة: "يتبنى تنظيم القاعدة في العراق والشام أجندة عنصرية، فهم يقتلون ويذبحون أي أحد لا يشبههم. هم بالتأكيد لا يمثلون ثورتنا، بل يتسببون في تشويه صورتها والقيم التي جاءت بها."
أزمة غربية
وقد أسهم الانقسام الذي تعاني منه المعارضة المسلحة في زيادة حالة الفوضى في مناطق واسعة من الأراضي السورية خارج سيطرة الحكومة.
وذكرت دراسة نشرت مؤخرا لتشارلز ليستر، وهو محلل في مؤسسة "آي اتش اس جينز" المختصة بالمعلومات الأمنية، أن هناك نحو ألف جماعة مسلحة معارضة، تضم مائة ألف مقاتل.
ويرى ليستر أن نحو 10 آلاف من الجهاديين يقاتلون في صفوف تنظيم القاعدة في العراق والشام وجبهة النصرة، بينما ينتمي نحو ثلاثين ألفا إلى أربعين ألفا من المقاتلين إلى جماعات تأتي من خلفيات إسلامية أكثر اعتدالا.
وقد عبرت القوى الغربية التي تدعم المعارضة عن تخوفها من تنامي قوة الجهاديين والإسلاميين المتعصبين.
وفي العام الماضي، بذلت تلك القوى جهدا لتوجيه دعمها ليكون منحصرا نحو الجماعات الإسلامية المعتدلة والجماعات العلمانية التي تحمل أجندات وطنية.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني عام 2012، عقد اجتماع في تركيا لدعم المجموعات التي تعارض فكرة العنصرية.
وشارك في الاجتماع ممثلون عن جميع الكتائب والسرايا، باستثناء جبهة النصرة ولواء أحرار الشام، وهي جماعة متشددة انبثقت عنها فيما بعد الجبهة الإسلامية السورية.
وتمخض ذلك الاجتماع عن تكوين المجلس العسكري الأعلى وهيئة الأركان العامة للجيش السوري الحر، بقيادة الجنرال سليم إدريس.
وقسمت الخارطة السورية أيضا إلى خمس جبهات، تقع كل منها تحت حكم مجلس عسكري يعمل بالتنسيق مع المجموعات المختلفة على الأرض.
أما غرف العمليات لكل من تلك الجبهات فحددت مواقعها في تركيا أو في المناطق التي تقع تحت سيطرة قوات المعارضة.
أما تحديد عدد المقاتلين التابعين لذلك المجلس فيعتبر أمرا صعبا للغاية، خاصة وأنه يعرف عن الجماعات الصغيرة أن ولاءها يتغير تبعا للجهة التي يمكنها أن تقدم دعما أكبر من المال والذخائر.
كما أن هناك تشككا بشأن نفوذ الجنرال إدريس والمجلس العسكري الأعلى ومدى سيطرتهما على مجريات الأحداث على الأرض.
بل أصبح من الصعب أيضا تحديد ما إذا كانت هناك جماعات بعينها إسلامية أم علمانية. حيث ظهرت بعض الجماعات القومية في المعارك، بما فيها كتائب الوحدة الوطنية في محافظة إدلب.
كما قال العديد من أفراد جماعات المعارضة إنهم أو جماعاتهم كانوا مجبرين على تبني بعض المسميات والشعارات الإسلامية حتى يتمكنوا من تأمين حصولهم على بعض التمويل.
"العديد من المقاتلين في الألوية الأكثر تشددا حتى لا يصلون، لكنهم يجب أن يقولوا ألله أكبر أمام الكاميرا كي يحصلوا على المال"، يقول أحمد، وهو مواطن يهوى الصحافة، من محافظة إدلب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق