السبت، 5 أكتوبر 2013

الجميع خائفون من دولة العراق و الشام الإسلامية

'فالجميع يخشون من ISIS.'

هل يوجد من يستطيع وقف تطرف المتمردين السوريين؟

بقلم جيمس تروب 4 أكتوبر 2013

قضيت الكثير من وقتي الأسبوع الماضي في أنطاكية، وهي مدينة قديمة، ومعروفة لدي المسيحيين البيزنطيين باسم أنتيوكAntioch، وتمثل الآن معسكرا مؤقتا  لاإقامة المقاتلين المتمردين السوريين ونقطة انطلاق للصحفيين والجهات الفاعلة الإنسانية العاملة في سوريا التي تقع علي بعد 20 كيلومتر إلى الغرب. هناك موضوع واحد  يشغل الجميع في البلدة التركية: ليس وحشية النظام في دمشق، ولكن العنف العدمي للجماعة الجهادية الخارجية المعروفة باسم دولة العراق و الشام الإسلامية  (ISIS).
وقال لي  فراس تميم ، وهو مواطن من مدينة اللاذقية السورية والذي يجلب الآن الإمدادات الطبية وغيرها من السلع إلى المنطقة، ، "أنا لا أريد أن أقول الأسد أفضل، ولكن على الأقل لم يعتقل أو يقتل الناس لأنهم كانوا يدخنون ". وأظهر تميم لي صورة على هاتفه لحشد من القرويين، بمن فيهم الأطفال، يشهدون ذبح دولة العراق و الشام الإسلامية  لشخص يزعمون أنه كافر .وقال "فكر ماذا يعني هذا بالنسبة لهؤلاء الأطفال"، .وقال تميم :  مع مرور الوقت أصبح  السوريين معتادين على ما كانوا يجدونه أمرا لا يوصف . 
يبدو أن  دولة العراق و الشام الإسلامية لديها حوالي 8،000 جندي في سوريا، وهو عدد ضئيل بالمقارنة مع المقاتلين المتمردين البالغين حوالي 100،000 أو نحو ذلك. ولكن ايدولوجية  العصور الوسطى للجماعة ، وكذلك هواجسها المرضية في فرض الاستقامة الاسلامية في البلدات والمدن التي يتسلل  اليها جنودها، جعلت منها مصدرا للإرهاب. في إحدى الليالي كنت جالسا في مقهى في الهواء الطلق حيث كان رجلا أشهب  يدخن الشيشة بشكل مطرد ويطلق  دخان التبغ من أنفه. ويدعي أبو عبد ، وكان مقاتلا مع لواء تابع للجيش السوري الحر  والقوات "المعتدلة" المدعومة من الغرب. تحدثنا عن الجهاديين. ثم قال شيئا آخر. قال لي المترجم "، يسأل أنك لم تذكر اسم فرقته" وقال  "الجميع خائفون من  دولة العراق و الشام الإسلامية".
تلقي الرئيس بشار الأسد هديتين هائلتين في الأشهر الأخيرة. الأولي هي الاتفاق الذي أبرم بوساطة الروسي لإزالة الأسلحة الكيميائية في سوريا، والتي يصرف الانتباه عن حملته بلا هوادة لقتل وترويع أعدائه واضطر أيضا الحكومات الغربية للعمل معه كحاكم شرعي للبلاد. والثاني هو الجميع خائفون من  دولة العراق و الشام الإسلامية  التي صرفت أيضا الانتباه بعيدا عن الحرب بين النظام والثوار، وبررت اكثر من أي شيء آخر ادعاءات  الأسد المستمرة أنه يواجه "الإرهابيين" وليس المعارضين السياسيين، كما ادعي وزير خارجيته وليد المعلم مؤخرا في الأمم المتحدة.

لهذا السبب، أصبح هناك قناعة ثابتة في أنطاكية أن دولة العراق و الشام الإسلامية  تمثل الذراع السرية للنظام. ويبدو هذا  وكأنه نظرية مؤامرة  ولكن حتى الدبلوماسيون الغربيون الذين  تحدثت اليهم  يرون هذا أمرا معقولا وان كان اثباته شبه مستحيل . في صيف عام 2012، افرج الأسد من السجن عن عددا من الجهاديين الذين حاربوا مع تنظيم القاعدة في العراق والذين يعتقد أنهم قد ساعدوا في تشكيل  دولة العراق و الشام الإسلامية .وذكر الصحفيين والنشطاء ومقاتلين أيضا أنه في حين قامت مدفعية النظام بدك مقر الجيش السوري الحر في حلب، تركت معسكر دولة العراق و الشام الإسلامية المجاور دون أن يمس حتى غادرت الجماعة الجهادية، وينطبق الشيء نفسه علي شرق مدينة الرقة. حامية الوطيس ، ولم تبزل  دولة العراق و الشام الإسلامية من جانبها  سوى القليل جدا لتحرير المناطق التي يسيطر عليها النظام، ولكنها  سيطرت على كل من الرقة وبلدة عزاز الحدودية من قوات الجيش السوري الحر.
ربما ما هي الا مجرد نظرية مؤامرة. آرون زيلين، هو محلل في الشأن السوري ويتابع عن كثب الديناميكية بين الجماعات المتمردة، يرفض الفكرة ويعتبرها "في جزء منها تحقيق للاماني وفي جزء اخر ما هي الا وهم ." ولكن ليس هناك شك في تأثير الفهم  المتشدد لدولة العراق و الشام للإسلام. لقد تحدثت إلى مجموعة من المقاتلين الجرحى الذين يتعافون في مستشفى في بلدة ريحاني التركية ، على بعد أميال قليلة من الحدود مع سوريا. وكان واحد منهم، الذي عرف نفسه باسم ابو عباس، ذهب إلى جامعة البعث في حمص مع مترجمي طماس الرفاعي. وقال انه يتابع الدراسة للحصول علي درجة الماجستير في الأدب الإنجليزي. وصدم الرفاعي بسبب دفاعه عن  دولة العراق و الشام وزعمه أن الجماعة تقاتل  المعتدلين لأنهم أضحوكة في يد الأمريكيين . وقال أبو عباس أن  الحل الوحيد لسوريا  هو حكم الشريعة.
التحول المتزايد الي الاسلام السياسي في الثورة السورية له علاقة   بدولة العراق و الشام  ، على الرغم من أن له علاقة اكبر بتزايد الشعور بالمرارة لدي المتمردين بسبب تخلي الغرب عنهم من جانب  وجماعات المنفى الذين يتشاجرون فيما بينهم في الفنادق التركية أو المصرية من جانب اخر . الإسلاميون  - وليس مجرد  دولة العراق و الشام-  يقولون : "ليس لنا ملجأ إلا الله،" والشبان مثل أبو عباس ليس لديهم سبب وجيه للتفكير خلاف ذلك.
أصبح المتمردين المعتدلة على نحو متزايد ضربا من الخيال . يوم 24 سبتمبر اصدرت 13 من المجموعات المقاتلة - بما في ذلك تنظيم جبهة النصرة التابعة للقاعدة و كتائب سلفية، وبعض العناصر الرئيسية الاخري  الإعلان الذي تعهدوا فيه بالعمل ضمن "إطار إسلامي" استنادا "الى حكم الشريعة وجعلها المصدر الوحيد للتشريع ".و في نفس الوقت، قطعوا كل العلاقات مع جماعات المجلس الوطني السوري وجماعة المنفى التي تتلقي الدعم الغربي. بدا التحالف  حالة من اليأس اكثر منه بادرة تضامن .
كان يمكن أن يكون خلاف ذلك. كان بامكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما دعم  القوى المعتدلة  زود المتمردين بالاسلحة منذ أكثر من عام، كما حث وطالبته وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون وغيرها. وبرفضه القيام بذلك، أفقد الثقة في المجلس الوطني السوري ، وانصراف الوحدات القتالية ، وخلق الفراغ الذي قد ملأه دولة العراق و الشام على نحو متزايد.  يرجع الفضل في الوقت الحالي الي حد ليس بالقليل  إلى هذا الفشل، أوباما كانت لديه أسباب أقوى بكثير من زي قبل  لحجب المساعدات العسكرية الأميركية. الرئيس لن يراهن كثيرا علي  ثورة لا تراهن علي القيم الغربية.
ما هو أكثر من ذلك هو الخوف من أن تقع الأسلحة المتطورة في أيدي المتطرفين، وهي المسألة التي كانت  منذ 18 شهرا مسألة مبالغ فيها أما الان  فمن المستحيل التقليل من شأنها . ويصر المقاتلين والنشطاء الذين تحدثت اليهم على أن الطريقة الوحيدة للتعامل مع دولة سوريا والعراق ، فضلا عن النظام، هو وجود إمدادات ثابتة من الأسلحة والذخائر. وهم على حق، لكن هذه  الحجة لن تنطلي علي واشنطن. وتبدو النتائج المترتبة على انتصار عسكري افتراضية أكثر وأكثر خطورة. أكد لي عماد ضاهرو ، وهو جنرال سابق في الشرطة الوطنية  انشق في العام الماضي، لي، كما فعل كثير من الناس، أن النظام سينهار في مواجهة هجوم صاروخي أمريكي مستدام. فسألته "ثم ماذا؟" . ألن تنقلب الجماعات المتمردة التي لا تعد ولا تحصى في الشمال علي بعضها البعض ؟  فقال: وهو يفكر للحظة "ربما".
وباختصارصعود دولة سوريا والعراق جعل الوضع أسوأ بكثير بالنسبة للمتمردين و أسوأ بكثير بالنسبة للغرب، وأفضل بكثير للنظام. سمعت أي عدد من السوريين يدعو لانشاء كتائب غير متشددة دينيا ، مع جماعة أساسية من جماعات الجيش السوري الحر، للانضمام الى القوات للتصدي لدولة سوريا والعراق . عندها فقط يمكنهم القيام بجهود متضافرة لخوض حرب ضد العدو الحقيقي - النظام. المؤكد أن المتمردين لن يحصلوا على مساعدة كبيرة من الغرب ما لم يغيروا عملية الأسلمة، على الرغم من أن هناك  ألوية مختارة سوف تستمر في تلقي الأسلحة والذخيرة من المملكة العربية السعودية، وقطر، وغيرها.
ولكن من المرجح أن يزداد التطرف ولن ا تقل. وسيتواصل تدفق المتطرفين الأجانب إلى سوريا (أ مقال في جريدة دير شبيجل قدر  عدد السكان الجهاديين  في مدينة عتمة، وهي بلدة سورية تقع علي الحدود بالقرب من مدينة ريحانلي Reyhanli التركية  ). وسيواصل الأسد استغلال التركيز على الأسلحة الكيميائية لارتكاب فظائع ضد المدنيين السوريين. وسوف يواصل  المتمردين استيعاب الخسائر والاضرار . وسيزيد سيل لا نهاية له من اللاجئين من زعزعة استقرار لبنان والأردن.
أوباما لم يحاول ابدا تقديم الحجة بأن مصالح أميركا الوطنية تكمن في منع مثل هذه الكارثة، من خلال الوسائل  العسكرية  الوسائل الدبلوماسية. والآن، ربما، فات الاوان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق