البداية كانت بتقرير منظمة هيومان رايتس ووتش الذي ادعي أن مزابح العلويين في مدينة الازقية الخاضعة لسيطرة النظام السوري تمت علي يد جماعات معارضة مدعومة من الغرب عبرت الحدود التركية , ثم جاء مقال في صحيفة وول ستريت جورنال جاء فيه أن حقان فدان رئيس المخابرات الوطنية التركية كان يعمل بمثابة " ضابط مرور " لتوجيه شحنات الاسلحة . وقد ألصق ذلك بتركيا صفة " الدولة الراعية للجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة " . وبكل تأكيد , انكرت الحكومة التركية تماما كل تلك الاتهامات ..
ما يجري علي الحدود يقدم لنا رؤية مختلفة . قال لي أحد المصادر الموثوقة والذي يعمل في الاغاثة الانسانية علي الحدود : " قبل فترة جلبوا 160 مقاتل الي ميناء ميرسن في سفينة قادمة من اليمن . نقلتهم حافلات الركاب الي معبر اونكيبونار Oncupinar الحدودي . ومن هناك تم اجراء مكالمة تليفونية بقائد الجيش السوري الحر . وعندما جاء حدثت مساومات وطلب الوسيط 2 مليون دولار لتجنيد وشحن هؤلاء المقاتلين . تم اجراء مكالمات تليفونية بالسعودية وتم تحويل المبلغ المطلوب علي البنك . ثم عبر المقاتلون من معبر اونكيوبينار التركي الي معبر السلام السوري .
بصراحة , لن نتمكن من التحقق من هذا التقرير تماما , ولكن توجد قصص مشابهة يتم تداولها في مدن هاتايHatay و سانليوفرا Sanliurfa وكيليس Kilis و غازيانتيب Gaziantep . ولا يبدو الاندهاش عليهم حين سماعها .
يعد عضو البرلمان عن مدينة هاتاي محمد علي الديبغلو من حزب الشعب الجمهوري الذي يشكل المعارضة الرئيسية في تركيا من أفضل المراقبين لحركة التنقل علي الحدود . وأشار الي حوادث كثير تقدم بها بطاب احاطة في البرلمان . الا أن الحكومة بدلا من أن تستجيب لطلب الاحاطة تصدت له بأسئلة عن مدي مصداقيتها . الديبغلو لديه عدد كبير من التقارير . عندما اتصلت به قال لي :
" في 4 اغسطس 2012 رسي قارب الصيد الليبي الانتصار في ميناء الاسكندرون وأعلن انه يحمل شحنة بامدادات الاغاثة الانسانية . ونزل 24 مواطن ليبي وغادروا القارب متجهين صوب مدينة أنتاكيا في حافلة ركاب تحمل الرقم 31 s 4262 . اتصلت بمدير الامن وطلبت منه ان يوقف الحاقلة . وتوقفت عند مدخل انتاكيه وقالت لي الشرطة أنه لا خطر منهم فهم لا يحملوا اسلحة في الحافلة . ووصلت الحافلة انتاكيا ودخل الركاب فندق بيوك انتاكيا . وابحر القارب بالركاب .
" في 7 دسمبر 2012 هبطت رحلة طيران علي الطائرة التركية الاناضول غير مجدولة في مطار هاتاي وتحمل 200 شخص يتحدثون العربية . تم السماح بدخول 15 حافلة ركاب صغيرة الي مدرج الطائرة ليركب ال 200 عربي . ويوميا يصل العشرات من العرب الي مطار هاتاي من اسطنبول وانقرة . ليسو سوريين . اعمارهم تتراوح بين 20 و 30 عاما ومعظمهم يحمل بطاقات ال في اي بي VIP الخاصة بالدبلوماسيين . لا يمكن يكونوا كلهم دبلوماسيين . استفسرت لدي مسؤلين في المطاربصفتي عضو في البرلمان فقالوا لي " لدينا تعليمات من وزارة الخارجية ومن مكتب رئيس الوزراء " . اعدادهم قلت في الوقت الحالي . عادة كانت تتراوح ارقامهم من 50 الي 100 .يوميا "
كانت نقطة تحول تركيا لتصبح طرفا في الانتفاضة في الدولة المجاورة عندما استضافت المجلس الوطني السوري وعندما فتحت معسكر أبيدن حصريا للجنود السابقين في الجيش السوري وعائلاتهم . كانت هناك مزاعم لبعض الوقت أن المجلس الوطني السوري كان يستخدم المعسكر كمقر . لكن وفدا برلمانيا قرر أن المعسكر لم يستخدم للتدريبات العسكرية .
أشار اديبوغلو الي معسكرات اخري غير معسكر أبيدن : " مكتب منتجات التربة (المملوك للدولة ) بجوار استاد ريحانلي هو المكان الذي كان يتدرب فيه الاسلاميين المتطرفين ويتم تسليحهم وشحنهم عبر الحدود . المكتب به 10 فدادين من الارض ولا تستطيع رؤية ما بالداخل بسبب الجدران العالية . الجميع يتحدث عن معسكر أبيدن لكن المقر الحقيقي هنا . الدعم اللوجوستي يقدم من هنا حيث يحمل المقاتلين بالحافلات ليلا وترافقهم الشرطة الي كوساكلي وبوكولميز ليعبروا الي داخل سوريا .
" حتي عام مضي اعتاد الجهاديين علي الاقامة في انتاكيا . علي سبيل المثال فندق نورث هيل هوتل وفندق كوزوتيب وفندق عثمان وفتدق بيوك انتاكيا وفنادق نارين في انتاكيا . في تلك الفترة كان يتم نقل المقاتلين الي سوريا عبر قرية جوفيتشي Guvecci في مدينة ديلاداج Yayladag . وبزلت جهود مكثفة للاستيلاء علي معبر ديالاداج Yayladag الحدودي . وقاموا بثلاث هجمات خلال اسبوع واحد لكنهم لم يفلحوا لان الأرمن والتركمان الذين يعيشون في مدينة كيسيب Keseb علي الجانب السوري لم يساعدوا المهاجمين التابعين للمعارضة . الا أن المعارضة تمكنت من الاستيلاء علي معبر تشيلفيجوز Cilvegoz بسهولة لانهم هاجموه من الجوانب .
وعندما فشلوا في ديالاداج Yayladag وبدأ الناس في انتطاكيا يستجيبوا للاحداث تحول المقاتلين الي ريحانلي Reyhanli ومن وقتها اصبح مكتب منتجات التربة قاعدتهم العسكرية . واستأجروا ايضا فنادق ومنازل في ريحانلي . يوجد ما يقارب من 3000 الي 5000 عنصر متطرف في ريحانلي . ومنذ اصبح معبر تشلفيجوزو Cilvegozu مراقب باهتمام شديد في الوقت الحالي , معظمهم حاليا يستخدم الطريق المؤدي الي قرية بوكولمز Bukulmez . وقاموا بازالة الاسلاك الشائكة وأصلحوا الطرقات . قاموا في وقت سابق بتمهيد الطريق الغير شرعي الذي كان يستخدمه المهربين في ديالاداج . وهم يعبرون الان بسهولة امام الثكنة العسكرية في بوكولمز . ويقول المسؤلين في الجيش, " لا تسألنا اسأل المحافظ " . وقال المحافظ , " لا شيئ من هذا القبيل يحدث " وبصفتي عضو في البرلمان لا احصل علي أي اجابات "
أما بخصوص نقل الاسلحة فيقول اديبوغلو : " يشحنون حمولتهم في أوكرانيا ويتظاهرون ان وجهتهم مصر وبدلا من ذلك يأتون الي ميناء الاسكندرون ويفرغون شحنتهم " .
هذا هو الوضع الشاذ علي الحدود الذي جر تركيا الي الازمة السورية .
شحنات الاسلحة
نشرت الكثير من التقارير الاخبارية عن دور تركيا في شحت الاسلحة للمعارضة وكذلك المعابر الحدودية للمسلحين والمساعدات الغير قتالية . وظهر أهم التقارير الاخبارية في صحيفة النيو يورك تايمز في 24 مارس 2013 . وازدادت الشحنات بشكل خاص في بداية 2012 . بدأت شحنات الاسلحة بانزال طائرتي شحن عسكريتين قطريتين من نوع C-130 في اسطنبول .
وخلال 6 ابريل و4 مايو هبطت 6 طائرات قطرية اخري في مطار ايسينبوجا Esenboga في أنقرة . واستمر التدفق في الشهور المتعاقبة . في شهر نوفمبر 2012 دخلت الطائرات العسكرية الاردنية علي الخط . وحسب سجلات حركة النقل الجوي, هبطت طائرات شحن سعودية وقطرية واردنية 160 مرة في مطار ايسينبوجا Esenboga . وكانت وكالة المخابرات الامريكي, التي كانت تتولي تنظيم شراء الاسلحة من كرواتيا بتمويل من دول الخليج, تدير عملية مرور الاسلحة مع تركيا . وقدر هوج جريفيتيس Hugh Griffiths من معهد بحوث السلام الدولي ومقره ستوكهولم أن 3500 طن من المعدات العسكرية وصلت سوريا عبر تركيا . وذكرت وكالة رويترز للانباء أن المملكة العربية السعودية بالتعاون مع فرنسا وبريطانيا بدأت تسليم الصواريخ المحمولة علي الاكتاف الاوروبية الصنع الي الجيش السوري الحر عبر الاردن .
وبالرغم من ان المسؤلين الامريكيين ظلوا يقولون ان دور وكالة المخابرات الامريكية تمثل في" منع وصول هذه الاسلحة الي ايدي المقاتلين المتطرفين " يصعب القول أنه تم التفريق بين تلك الجماعات حتي وضعت امريكا جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة علي قائمة الجماعات الارهابية .
حتي لو كان هناك قلق حقيقي, فلم يكن سرا أن هذا القلق وتلك المخاوف لم تساعد عمليا . فالاسلحة التي يتسلمها الجيش السوري الحر تتنقل من خلال " المشاركة بالزخيرة في العمليات " او بالبيع . فعلي سبيل المثال, ذكر مسؤل في الجيش السوري الحر لصحيفة الديلي ستار THE DAILY STAR كيف تنتقل الصواريخ المضادة للدبابات الاوربية الصنع الي جبهة النصرة . " المملكة العربية السعودية دعمت الجيش الحر بصواريخ مضادة للدبابات تكلفة كل صاروخ 5000 دولار . وخلال بضعة ايام دفعت جبهة النصرة 15000 دولار . باختصار الاسلحة تأتي وتباع علي الفور " .
وشيئا فشيئا اصبحت الجماعات التي يعتبرها الحلفاء الغربيين " منظمات معتدلة تستحق الدعم " شركاء للقاعدة في ارض المعركة . ومن بين ال 13 منظمة التي اعلنت في 24 سبتمبر 2012 أنهم لن يعترفوا بالائتلاف الوطني السوري وطالبوا باتحاد يقوم علي الشريعة ضموا بالاضافة لجبهة النصرة لواء التوحيد وصقور الشام والالوية الاسلامية المدعومين غربيا . تلك الجماعات الثلاثة, التي لم تري عائقا في الاشتراك في عمليات مع تنظيم القاعدة بعد ان فقدوا الامل في التدخل العسكري الغربي, كانت فعليا جزءا من المجلس العسكري الاعلي التابع للجيش السوري الحر والذي تشكل في مدينة أنطاليا في ديسمبر 2012 .
تركيا وصلت الي مفترق الطرق . لكن ليس سهلا علي تركيا أن تنأي بنفسها عن تلك التطورات كما هو الحال مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا . الجماعات التي تقوم بعمليات داخل سوريا الان اصبحوا جيراننا علي الحدود . ويتوجب علي تركيا الان التعامل مع المشكلة التي صنعتها . الاختبار الحقيقي لتركيا لا يزال في بداياته .
.
http://www.al-monitor.com/pulse/originals/2013/10/jihadist-syria-border-turkey-radical-groups.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق