اللازقية ,سوريا - قبل بزوغ فجر يوم 4 اغسطس استيقظ رائد شاكوحي, مزارع الزيتون وجوز الهند في قرية جبلية تسيطر عليها الحكومة بالقرب من الشاطئ السوري ويفصلها وادي عن مناطق الثوار, علي أصوات طلقات النار وصرخات " الله اكبر " .
وذكر السيد شاكوحي البالغ من العمر 42 عاما في حوار معه في الملجأ التابع للحكومة أنه اختبأ وسط الاشجار القريبة هو وزوجته وأطفاله الاربعة الصغار . وخرج في اليوم التالي ليجد عمه وقد قتل بالرصاص وممتلكات الاسرة سرقت او اتلفت والشوارع يتناثر عليها بقع الدماء وجثث حيوانات المزرعة . وحكي الكثير من جيرانه هنا في محافظة اللازقية والقري المحيطة التي معظمها من الاقلية العلوية قصص اسوأ منذلك .
ووفقا لتقرير منظمة هيومان رايتس ووتش الصادر يوم الجمعة قام عدد من الجماعات الثورية بقتال كتيبة صغيرة من قوات الحكومة في هجوم منسق واقتحموا القري وقتلوا 190 شخصا . وجاء في التقرير أنه قد ظهر أن 67 علي الاقل من القتلي اطلق عليهم الرصاص او زبحوا وهم عزل يحاولون الفرار وبينهم 48 امرأة و11 طفلا . ولا يزال هناك 200 من المدنيين مخطوفين كرهائن .
وقالت لاما فقيه نائب مدير المنظمة في بيروت والتي زارت في الشهر الماضي خمسة من هذه القري التي استعادتها الحكومة في 19 اغسطس : " هذه هي المرة الاولي التي نوثق فيها فعليا استهداف قوات المعارضة للمدنيين بشكل منظم " . وقد راجعت ايضا السجلات الطبية والتقت 19 من الشهود والاطباء ومسؤلين في الجيش واعضاء في المعارضة في التقرير المكون من 113 صفحة .
وقالت السيدة فقيه : " حتي الان لم نوثق شيئا يقترب من حجم الانتهاكات التي ارتكبت " علي يد المعارضة السورية واضافت أن طبيعة اعداد القتلي ومنهجية القتل تشكل " جريمة في حق الانسانية " .
كان يوجد تقارير اصغر في الحجم حول فظائع قوات المعارضة ومنها تصوير اعدام سبعة من جنود الجيش السوري العام الماضي . وقد قامت منظمة هيومان رايتس ووتش بتوثيق بعض من تلك الاعتداءات وكذلك ما اسمته " جرائم الحرب وجرائم ضد الانسانية " التي ارتكبتها قوات النظام ومنها قتل حوالي 250 شخص في شهر مايو في مدن بانياس والبيضا التي يشكل السنة الاغلبية فيها والتوسع في سياسة اعتقال وتعزيب نشطاء المعارضة .
وما كشف عنه التقرير الاخير يلقي بمزيد من ظلال الشك حول فاعلية الجهود الغربية لعزل المقاتلين الاجانب والمتطرفين الاخرين داخل الثورة السورية ودعم هيكل للسيطر والقيادة لقوات المعارضة المشتتة . ويبدو انهم مضطرين لتبني استراتيجية الحكومة في اقناع السوريين وزعماء العالم أن البديل عن حكمها هو الفوضي والتطرف .
وتضم الجماعات التي قامت بتنفيذ عملية اللازقية وارتكاب الحجم الاكبر من الفظائع الجماعة المتطرفة التي يقودها اجانب الدولة الاسلامية في العراق والشام -التي اشتبكت في صراع مسلح مع جماعات ثورية اخري - بالاضافة لجبهة النصرة واحرار الشام وجماعتين اسلاميتين تضمان مقاتيلين اجانب .
لا يوجد جماعة واحدة من تلك الجماعات التي ذكرنا أنها من المشاركين الاساسيين في العملية تقع تحت سيطرة المجلس العسكري الاعلي المدعوم غربيا والذي كافح ليظهر انه سيعيد أخذ زمام المبادرة علي الارض من المتطرفين . لكن التقرير ذكر أن هناك 20 جماعة علي الاقل شاركت في العملية وضمت بعض الجماعات المنتمية للجيش السوري الحر ,الذي يعتبر مجموعة مهلهلة من قوات الثوار السوريين التي يحاول المجلس تنظيمها .
وفي أحد الفيديوهات التي تم تصويرها في مكان قريب من مكان العملية يظهر الجنرال سالم ادريس قائد المجلس العسكري وهو يصر علي أن قواته لعبت دورا رئيسيا, في بيان رد فيه علي انتقادات الجماعات الاسلامية أن مقاتليه تخازلوا . وذكر التقرير انه لم يتضح بعد مشاركة قوات تابعة للجنرال ادريس في الهجوم الاول في 4 اغسطس عندما كشفت الادلة عن مقتل معظم المدنيين . ولكن التقرير ذكر ايضا ان اي شخص يواصل التنسيق مع تلك الجماعات سيكون متواطئ معها في جرائم الحرب .
ويتهم تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش الجماعات الخمسة الرئيسية التي تقاتل في سوريا بارتكاب جرائم ضد الانسانية وكشف التقرير عن اسماء بعض المانحين في الكويت ودول خليجية اخري مولت العملية وألقي باللوم علي تركيا لسماحها للمقاتلين باستخدام اراضيها وطالب بفرض حظر علي الاسلحة للجماعات الخمنسة بالاضافة لمطالبها السابقة بحظر الاسلحة للنظام السوري .
وقالت السيدة فقيه " لقد حان وقت قيام المجتمع الدولي بعمل موحد لوقف هذه التعديات والخروقات " وأوصت بتحويل جرائم الحرب في سوريا الي المحكمة الجنائية الدولية لتحقق مع جميع الاطراف .
زادت عمليات القتل من مخاوف السكان العلويين الذين يمثلون اكبر اقلية في سوريا . وفي لقاء مع علويين في اللازقية ذكروا أنه تم استهدافهم بلا تمييز لان الرئيس بشار الاسد وبعض زعماء الحكومة علويين . وفي اثناء احد الهجمات تم تدمير احد الاضرحة العلوية وقتل شيخها .
لم يجد التقرير دليلا علي طبخ الاطفال في القدر ولا نزع الاجنة من بطون امهاتهم او تعرض النساء للتشويه الجنسي كما ادعي بعض انصار النظام . لكن التقرير قام بتوثيق رواية شهادات عن اطلاق النار علي نساء واطفال وكبار السن وهم يحاولون الهرب وعن قتل المعوقين في منازلهم وادلة الطب الشرعي عن ضحايا تم ربطهم وقطعت رؤسهم او اطلق عليهم النار من مسافات قريبة .
وفي احد المدارس التي تحولت الي ملجأ للناس الذين فروا من القري أشار الناس الي رغبتهم في الكلام عن تجاربهم لكن مسؤلي الحكومة منعوا الصحفيين من أي شخص عدا السيد شاكوحي قائلين ان الطبيب النفسي قد امر أن الناجين تعرضوا لصدمة كبيرة مما يمنعهم الكلام عن تلك الاحداث ,
وقالت طبيبة في اللازقية طلبت عدم ذكر اسمه لدواعي امنية أن الحكومة تكتمت نسبيا علي تلك الاحداث وهو ما يثير العجب نظرا لرغبتها في ابراز ما تصفه بفظائع المعارضة وتعاونها مع منظمة هيومان رايتس ووتش . وقالت الطبيبة أنها وعلويين اخرين يثاورهم الشك أن الحكومة ترغب في تجنب التقارير الاخبارية التي قد تثير الفزع لدي العلويين وتدفعهم الي القيام بهجمات انتقامية مما يزعزع استقرار المنطقة ويحجب غضب العلويين من عدم توفير الحماية الكافية لتلك القري .
وذكر التقرير أن المهاجمين استخدموا المدافع والصواريخ والرشاشات العربات المصفحة والدبابات التي استولوا عليها من الجيش وهاجموا موقعا للجيش وقتلوا 30 جندي بعد أن انضم اليهم جنديين وقتلا زملاؤهم من الخلف .
ثم سار مقاتلين يرتدون اللباس الاسود او الرداء الباكستاني في القري وهاجموا الناس بلا مبالاة ,كما جاء علي لسان الشهود .
وذكر بشير شبلي احد سكان قرية بلوطه لهيومان رايتس ووتش انه سمع خارج المنزل يقول باللغة العربية الفصحي مما يدل انه اجنبي يقول : " لنقتل كل من بالمنزل " وعندما فر شبلي هو وزوجته واطفاله الاربعة اندلع اطلاق النار . وتعرض عدة مرات لطلقات النار وقتلت زوجته وتركوا ابنهم البالغ من العمر اربعة اعوام فاخذوه رهينة .
وقال غازي ابراهيم بدور من قرية بارودة أن المقاتلين فتحوا النار عندما فر هو وزوجته وابناءه العشرة .
وقال : " لقد قتلوا ابنتي صفاء بدور الحاصلة علي ماجستير في الادب العربي وابنتي سارة الحاصلة علي دبلوم في الفلسفة " . وتؤكد صور التشريح روايته عن اطلاق رصاصة علي رأس ابنته سارة ورصاة في صدر صفاء .
امرأة اخري تدعي سعدة منصور قطعوا يديها ليسهل عليهم سرقة أساور كانت ترتديها . وقال احد اقاربها كما جاء في التقرير :" كانت الاساور من القصدير " .
وفي الملجأ قال السيد شاكوحي أن المهاجمين خربوا بستان الزيتون الخاص به وفرغوا براميل زيت الزيتون من المخزن وبعثروا صور عائبته وحطموا اله العود التي كان يعزف عليها .
ومع ذلك يقول انه يريد تسوية لانهاء الحرب . وقال " لو توصلنا لتسوية فسيكون نصرا للوطن "
وعند سؤاله هل سيتمكن من العيش مع سكان القري القريبة الذين ساندوا الثوار قال السيد شاكوحي نعم يستطيع واضاف لو كان منهم بعض من شارك في العتداءات فلابد وانه قد اجبر علي ذلك او غسلوا عقله .
وقال : " كل من يعرف ماذا تعني سوريا هو اخي " .
http://www.nytimes.com/2013/10/11/world/middleeast/syrian-civilians-bore-brunt-of-rebels-fury-report-says.html?pagewanted=1&_r=0&adxnnl=1&ref=middleeast&adxnnlx=1381848752-LGC2P3McLJjjnU4FUjAK%20g
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق