الأحد، 6 ديسمبر 2015

الولايات المتحدة في صراع حول ماذا تفعل متي كان الثوار السوريين علاقة بتنظيم القاعدة










في شهر يوليو الماضي أحدثت جماعة سورية ثورية اسلامية متطرفة صخبا بعرضها صراحة العمل مع القوي الغربية لايجاد حل للحرب الاهلية في سوريا وبناء " مستقبل معتدل " ، وهي مبادرة مفاجئة من قوة تحارب بانتظام جنبا الي جنب الموالين لتنظيم القاعدة .

وفي الشهر التالي نعت نفس الجماعة الثورية الملا عمر، رئيس طالبان الذي وفر المأوي لاسامة بن لادن قبل وبعد هجمات 11 سبتمبر، ووصفته بالمقاتل الصامد الذي جسد " المعاني الحقيقية للجهاد والاخلاص "

تشكل الرسائل المختلطة التي ترسلها أحرار الشام معضلة لادارة اوباما وحلفائها بينما يحددون أي من الميليشيات الثورية شركاء مقبولين في الجهود الدبلوماسية المتجددة لايجاد حل للصراع السوري .

أحرار الشام من أكبر وأكثر القوي الثورية كفاءة، واشراكها - أو استبعادها - من مفاوضات السلام قد يقرر نجاح أي تسوية يتم التوصل اليها من خلال سلسلة من المفاوضات في فيينا . وقال مسئولين ومحللين يراقبون الصراع  أن أهمية الجماعة أكبر من أن يتم استبعادها من المحادثات حول مستقبل البلاد 

لكن هذا يشكل واقعا صعبا علي الدبلوماسيين الامريكيين الذين علي علم أن الكثير من اعضاء احرار الشام لا يزالوا متشبثين بأيدولوجية متشددة مما جعل وزير الخارجية الامريكية جون كيري يشبههم بالدولة الاسلامية وجبهة النصرة التابعة للقاعدة وحماس - وكلها جماعات مصنفة تنظيمات ارهابية . ويقولون أنه علي ما يبدو أن هناك صعود لفصيل اصلاحي لا يقدم إلا القليل من التشجيع .

ويقول فيصل عيتاني، وهو متخصص في شئون سوريا في مركز رفيق الحريري للشرق الاوسط في معهد  أتلانتك كانسيل  ومقره واشنطن ، أن أحرار الشام نفسها يعصف بها جدل حول أي اتجاه ستسير.

وقال : " البعض داخل الجماعة يرون ان الجماعة ستستفيد من التعاطي مع الغرب، تماما كما يري البعض في الغرب أنه من الحكمة التعاطي مع احرار الشام . وهم في نهاية المطاف سلفيين مسلحين، " وهو توصيف يضع احرار الشام مع التيار المحافظ للمسلمين .

 ولكن عيتاني قال أن هذا الاستنتاج قد لا يستبعد أحرار الشام من القبول في محادثات السلام. وقال  "السؤال الحقيقي هو هل يمكننا أن نعيش معهم في سوريا"،  وأضاف. "تبدو الإجابة هي "على الأرجح"، ولا يبدو أن لدينا الكثير من الخيارات. "

ومن المؤشرات الصغيرة علي تعاطي ادارة اوباما مع هذه الفكرة أن الجماعة ضمن كتل المعارضة التي من المقرر أن تجتمع مع مايكل راتني، المبعوث الامريكي الخاص لسوريا، في تركيا يوم السبت . ولن يناقش المسئولين في وزارة الخارجية الاجتماع عدا عن التأكيد علي أن راتني من المتوقع ان يجتمع " بمجموعة عريضة " من ممثلي المعارضة في اسطنبول .

ولم يتضح بعد ما ان كانت احرار الشام قبلت الدعوة ام لم تقبلها، رغم دخول بعض الاصلاحيين داخل الجماعة في حوارات مغازلة مع بعض المسئولين الامريكيين .

من يفضلون اشراك أحرار الشام في محادثات السلام يصفونها بأنها جماعة أكثر تسامحا وتركيزا علي الداخل السوري من جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة . وييستشهدون بدور احرار الشام في التفاوض في اتفاقيتين لوقف اطلاق النار بدعم ايراني كدليل علي الخط البراغماتي للجماعة، برغم ان الاتفاقين كانا معقدين وحققا نتائج مختلطة .

ويعتبر مقاتلي ميليشيا أحرار الشام - التي يتراوح عدد مقاتليها بين 7 الالف الي 27 الف كما تدعي الجماعة - مقاتلين محترفين ومنضبطين ومسلحين بشكل جيد . ويشكلون في عدة مواقع استراتيجية القوة التي تمنع هيمنة جبهة النصرة والدولة الاسلامية علي الثوار الذين تدعمهم امريكا .ويتلقون ايضا دعما من دول صديقة مثل قطر وتركيا العضو في حلف الناتو .

 وقد منحهم ذلك قوة بدأ قادتهم يستغلونها

قال محلل يتواجد في تركيا يجري دراسة علي جماعة احرار الشام لصالح احدي المنظمات التي لا تسعي للربح وتحدث شريطة عدم الكشف عن اسمه لاسباب امنية :  " بدأوا يفهموا مدي اهميتهم بالنسبة لفضية المعارضة . وبدأوا يدركوا انه ‘ بدوننا ستضيع القضية الثورية بالفعل . ونحن السبب الوحيد الذي يمنع جبهة النصرة من الاستيلاء علي كل حلب وادلب ‘ "

وقال مسؤول في وزارة الخارجية طلب عدم نشر اسمه وفقا للبروتوكول الدبلوماسي لم يطرأ أي تغيير في موقف الولايات المتحدة من أحرار ولن تناقش أي من مبادرات صدرت عن الجماعة في الآونة الأخيرة. وشدد على أن الولايات المتحدة لم تعمل مع ولم تقدم أي مساعدة للأحرار الشام، وأنه رغم عدم تصنيف الولايات المتحدة الجماعة منظمة إرهابية، "لا تزال لدينا مخاوف فيما يتعلق بعلاقات الجماعة مع المنظمات المتطرفة".

اعترض لبيب نحاس من أحرار الشام علي هذا النوع من الصياغة في عمود للرأي نشر في صحيفة واشنطن بوست والذي أعلن فيه أن أحرار الشام جزء من التيار العام لحركة الثواروقال ان الجماعة اتهمت زورا بأن لها صلات بتنظيم القاعدة. وقال ان الولايات المتحدة تستخدم تسمية "المعتدلين" "بطريقة تعسفية ضيقة تستبعد الجزء الأكبر من التيار العام للمعارضة ".

لكن الروابط بين أحرار الشام وتنظيم القاعدة ليست روابط من صنع الخيال . اعترف أحد كبار قادتها، الراحل أبو خالد السوري، بصلتة بتنظيم القاعدة في بيان على الانترنت في عام 2014، وكان العديد من المحللين يعتبرونه الممثل الرئيسي لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في سوريا قبل اغتياله في فبراير 2014. وقال عيتاني، الباحث في معهد اتلانتك كانسيل، أن الطبيعة الدقيقة لعلاقة الجماعة مع تنظيم القاعدة غير واضحة لكنها "كافية لتسبب قلقا لوزارة الخارجية".

وقال عيتاني أنه في الوقت الذي لا تسعي فيه احرار الشام لاقامة دولة اسلامية علي الحدود الوطنية أو تعلن ان خصومها كفرة يستحقون الموت، " إلا أنها مع ذلك تظل جماعة اسلامية مسلحة " . " وهي بكل تأكيد ليست جماعة ‘معتدلة ‘ بالمعني الذي نفهمه " إلا أنها مع ذلك " تختلف عن تنظيم القاعدة "

ولا ينكر القادة العسكريين لاحرار الشام، كما العديد من الجماعات الثورية الاخري، تنسيقها مع جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة في العمليات المشتركة في المعارك . لكنهم كانوا يشتبكون مع اخوتهم الاسلاميين

اشترك روبرت فورد، السفير الأمريكي السابق في سوريا، وزميله في معهد الشرق الأوسط علي ياسر في كتابة مقال في يوليو لتشجيع الولايات المتحدة علي الحوار مع أحرار الشام، بحجة أن الوقت قد حان لإدارة أوباما للتخلي عن الأمل في "ظهور فارس المعارضة الابيض" وأن رفض الولايات المتحدة  التحدث إلى أحرار الشام أضعف من نفوزها.

وذكر فورد وياسر في المقال حوادث شقاق بين احرار الشام وجبهة النصرة حول دور المسلحين في ادارة وحكم المناطق التي استولوا عليها وحول عمليات قتل المدنيين من الاقليات السورية وحول انتماء جبهة النصرة لتنظيم القاعدة .

وذكروا أن أحرار الشام أزنبت ايضا بارتكاب تعديات، مثل عملية قتل المدنيين من الطائفة العلوية التي ينتمي اليها  الرئيس بشار الأسد في عام 2013 وتدنيس الأماكن المسيحية في عام 2014.

كتب فورد وشريكه ياسر أن احرار الشام اصدرت هذا العام "شريط فيديو يظهر مقاتليها يقومون بزيارة الكهنة في أبريل 2015 لطمأنة المسيحيين على سلامتهم"، لكن السجل المتقلب يجعل الثوار المدعومين من الولايات المتحدة يشعرون بالقلق، على الرغم من أنهم يعملون أحيانا مع الأحرار في غياب بديل أفضل.

وقال سنان حتاحت، الباحث السوري في مركز ابحاث عمران للدراسات الاستراتيجية ومقره اسطنبول :  "يعتقدون أن أحرار الشام تلعب دورا سياسيا كبيرا وقريبة جدا من جبهة النصرة هوما يروق للجماعة. وفي الوقت نفسه، يفهمون أنه إذا سقطت أحرار الشام، واذا  صنفت كجماعة إرهابية أو حل بها شيئ سيئ، ستكون جبهة النصرة هي المستفيدة. لذا ما يفعلونه هو محاولة مساعدة المعتدلين داخل أحرار الشام علي السيطرة".

 ويتفق المحللون على أن أحد العوامل المحفزة لدفع القوات الأكثر اعتدالا لإصلاح أحرار الشام كان الانفجار الغامض في سبتمبر 2014 الذي قضي على القيادات البارزة لأحرار الشام حيث كانوا مجتمعين للمشاركة في اجتماع رفيع المستوى . واقتنص أعضاء المكتب السياسي من الاصلاحيين في أحرار الشام، ممن وصفهم أحد المحللين قبل الانفجار  بأنهم "مكتب الجبهة"  الضعيفة،  الفرصة لإثبات ذاتهم وتوجيه الجماعة في اتجاه جديد.

 في العام الماضي أحدثت الجماعة تغييرات في صورتها وقيادتها، في واحدة من أجرأ الخطوات التي اتخذها السلطات الجديدة ، تخلصت في 17 نوفمبر من المستشار الديني للجماعة، الذي كان يوقع على جميع البيانات، وتراكمت له سلطات هائلة. تم استبداله بلجنة الارشاد الديني في خطوة قال محللون أنها صممت لمنع المواقف المحرجة في المستقبل مثل تعزية حركة طالبان.

 لكن المحللين للجماعة يؤكدون  أنه من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت مثل هذه المبادرات تدل على التحول الحقيقي لأحرار الشام أم  ما إذا كان سينتهي الصراع في نهاية المطاف بتقسيم الجماعة علي أسس عقائدية - وهو التطور الذي سيجلب الكثير من المخاطر.

وقال الباحث في شئون احرار الشام لصالح احدي المنظمات الغربية والمقيم في اسطنبول  "بالنسبة للاسلاميين في سوريا، إذا لم تنضم الى جبهة النصرة أو داعش فستنضم الي أحرار الشام .  وهذا يعتبر الخيار الأقصي وهو خيار أكثر أمانا، وهو الخيار الذي له فرصة للبقاء . وقد يكون لهذه الجماعة مستقبلا ".

http://www.mcclatchydc.com/news/nation-world/world/article48058665.html#storylink=cpy

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق