الأربعاء، 2 ديسمبر 2015

تركيا تقامر بالتركمان




تركيا تقامر بالتركمان

توسيع الجيش السوري التدريجي لمنطقة عملياته بدعم من روسيا وحشد الولايات المتحدة للتحالف العربي الكردي-السرياني (ويعرف أيضا باسم القوى الديمقراطية السورية) سيقيد من خيارات تركيا في سوريا

وشهدت تركيا مشاكل في دعم الجهاديين السلفيين بسبب ردود الفعل الدولية مما جعلها تغير حساباتها بشأن التركمان منذ الصيف.

ردا على الخطط التي وضعتها وحدات حماية الشعب الكردية (YPG) للتحرك غربا وطرد الدولة الإسلامية من جرابلوس، أعلنت تركيا أن نهر الفرات خط أحمر بالنسبة للأكراد. وبمجرد تطهيرها من داعش، تخطط تركيا لاستخدام التركمان للسيطرة على هذه المناطق وخط عزاز حلب، التي كان مخططا أن تصبح منطقة عازلة. وكان من الطبيعي أن ترفع هذه الخطط من قيمة  بطاقة التركمان. فتركيا لجأت للتركمان عندما لم تعد قادرة على منع القصف الروسي ضد الجماعات المدعومة من الغرب والخليج، .

لكن الروس تجاهلوا التحركات التركية ووسعوا نطاق عملياتهم في جبل التركمان.

وبمجرد سيطرة الجيش السوري على جبل التركمان بالدعم الجوي الروسي فإنه سيسجل عدة نقاط هامة:

-    سيسهل علي الجيش السوري دخول إدلب وجسر الشغور، التي هي الآن تحت سيطرة جيش الفتح بمكوناته الرئيسية من جبهة النصرة وأحرار الشام بدعم من تركيا والسعودية وقطر .

-    سيتم قطع خطوط الخدمات اللوجستية لقوات المعارضة في المنطقة. فقد كانت طرق التهريب من يايلاداغ-هاتاي في تركيا تستخدم بمثابة طرق الإمداد الرئيسية للمعارضة في بيربوجاك على مدى السنوات الأربع الماضية.

-  سيبقي أمل المعارضة في الوصول الي البحر الأبيض المتوسط حلم بعيد المنال.

- عند خسارة جبل التركمان ستتوقف الهجمات على اللاذقية التي نشر فيها الروس قواتهم.

-    بمجرد سيطرة  الجيش السوري على جبل التركمان سيصوب أسلحته نحو  المنطقة المحمية التي تتطلع اليها تركيا.

جبل الاكراد المجاور لا يقل أهمية عن جبل التركمان . وتسيطر جبهة النصرة وأحرار الشام وجماعة أنصار الشام حاليا عل جبل الأكراد ويشنون من وقت لاخر عمليات مشتركة مع التركمان.

على الرغم من أن السبب الفني لإسقاط الطائرة الروسية  كان انتهاك المجال الجوي، السبب الحقيقي هو خطر فقدان  الممر اللوجستي  - المنطقة التي تسيطر عليها الآن جماعات المعارضة - وزيادة احتمال فقدان السيطرة على منطقة محررة بالكامل.

فخلال الأسابيع القليلة الماضية استعاد الجيش السوري قري كاتل معاف وفرينليق وأجيسو وكيزيلداغ شمال جبل التركمان وسوانيل ودير خان وتوروس جنوب جبل التركمان. وتغيرت السيطرة علي كيزيلداغ عدة مرات. وإذا تمكن النظام من الاستيلاء علي كيزيلداغ فسيسهل عليه السيطرة على 17 قرية تركمانية في المنطقة.

تركيا تعلق أهمية استراتيجية علي السيطر على هذه المنطقة، ويعولوا على التركمان لمواجهة داعش في ريف حلب. وكان استيلاء التركمان علي هرجله ودلهه نتيجة لهذه الخطة.

ولكن الكثير يتساءل عن مدى قوة بطاقة التركمان التي تستخدمها أنقرة وعن مدى فعاليتها . خلفية بسيطة قد تساعد في فهم الوضع:

عندما بدأت الانتفاضة السورية في عام 2011، بدأ التركمان السوريين تنظيم أنفسهم في المجالات المدنية والعسكرية بدعم من تركيا. حتى ذلك الحين، لم يكن التركمان، الذين كانوا يعيشون بشكل عام في القرى ويعملون في الزراعة، مجتمعا مسيسا ولا منظما. لم يكن للتركمان في قرى حمص واللاذقية ودمشق والرقة وحماة وإدلب ودرعا قاعدة حضرية، على النقيض من الأكراد الذين سيطروا علي القامشلي. التركمان الذين استقروا في تركيا، وكانت لهم الريادة في جهود ما بعد عام 2011 في إنشاء حركة سياسية بنكهة الشتات. كانت المنظمة الأولى التي ظهرت في عام 2011 هي حركة التركمان السوريين التي حاولت جعل التركمان ينزلون الى الشوارع للاحتجاج على النظام. وبعد ذلك، أنشأ 180من التركمان الذين كانوا يعيشون في تركيا اتحاد تركمان سوريا . واتحدت هاتين المنظمتين في نوفمبر 2011 تحت اسم تجمع التركمان السوريين لتعزيز قدرتهم التمثيلية. ولكنهما انفصلا في نهاية المطاف، ونشأت  الحركة التركمانية الديمقراطية السورية  في مارس 2012.

كانت الحركة التركمانية الديمقراطية السورية أكثر نشاطا في حلب، في حين يركز  تجمع التركمان السوريين على باياربوجاق . وتدار أنشطة تجمع التركمان السوريين من مكاتب في المحافظات الحدودية التركية. وتوجه أنشطتها في اللاذقية من مدينة  يايلاداغ وفي الرقة من أقجة قالي وفي حلب من مدينة غازي عنتاب .  وخصص المجلس الوطني السوري الخاضع لنفوز تركيا القوي  16 مقعدا للتركمان في الوقت الذي عرض الائتلاف الوطني السوري عليهم ثلاثة مقاعد.

وبالإضافة لهاتين الجماعتين التركمانيتين الرئيسيتين، شكل بعض التركمان من اصحاب النفوز الذين يعيشون في تركيا جماعة اسموها منبر التركمان السوريين. وكان لهذا المنبر الخاضع لوصاية وزارة الخارجية التركية الريادة في إنشاء المجلس السوري التركماني الذي يسعى إلى توحيد التركمان.

في 15 ديسمبر 2012، حضر رئيس البرلمان التركي حينئذ جميل جيجك ووزير الخارجية حينئذ أحمد داود أوغلو اجتماع التوحيد في اسطنبول. تأسس المجلس السوري التركماني رسميا في اجتماع مارس 2013 وحضره رئيس الوزراء التركي آنذاك رجب طيب أردوغان وداوود أوغلو. وفي الدورة الثانية للمجلس التي عقدت في أنقرة من 09-10 مايو 2014، تم انتخاب مجلس تشريعي مكون من 42  شخص ومجلس تنفيذي من 13 شخص من بين نحو 350 مندوبا. أقر البرلمان التركي  المجلس السوري التركماني كممثل شرعي للتركمان.

أما بالنسبة للأنشطة العسكرية للتركمان، تم إنشاء العديد من الوحدات المسلحة حتى بعد عام 2012. وشاركت وحدات التركمان في  عملية الأنفال  في 21 مارس عام 2014، علي يد جماعات جماعات جهادية للاستيلاء على المدن الأرمينية كساب وسمرة.

وتمت مداهمة قري العلويين في العمليات التي تمت من 04-19 أغسطس 2013، وقتل فيها نحو 200 من المدنيين. وانضم داعش وجبهة  النصرة أيضا للتركمان في هذه الهجمات. وفي الوقت نفسه، كان هناك هجمات صاروخية متكررة من جبل  التركمان  باتجاه اللاذقية.

ألقي التركمان الذين كان يشتبه في كونهم "تركة العثمانيين" عندما تم إنشاء سوريا بأنفسهم في حلقة النار من خلال المشاركة في المقاومة المسلحة بتوجيه من تركيا.

وبصرف النظر عن بعض الذين جاءوا إلى تركيا للدراسة ثم استقروا فيها، لم يكن للتركمان علاقات سياسية قوية مع تركيا. وكانت الحكومة التركية تشعر بقلق أكبر علي التركمان في كركوك  والموصل في العراق من التركمان في سورية. ولكن بعد التخلي عن التركمان العراقييين لداعش، قررت تركيا أنه يمكن الاستفادة من التركمان السوريين في اقامة علاقات وثيقة مع التركمان المتمركزين في حي بابا عمرو في حمص التي تعتبر عاصمة الثورة.

لو فرض الجيش السوري سيطرته على المنطقة سيواجه التركمان السوريين خطرا يتمثل في تسميتهم "الطابور الخامس" لتركيا، مع كل ما تعنيه هذه التسمية. وعلاوة على ذلك، ستغرس خطة لعبة تركيا ضع التركمان كحاجز صد لوحدات الدفاع الشعبي الكردية   بذور العداوة بين الاكراد والتركمان.

http://www.al-monitor.com/pulse/originals/2015/11/turkey-syria-russia-turkmen-card-against-kurds-ypg.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق