الجمعة، 13 نوفمبر 2015

نهاية جيش الفتح ؟



تمكن أنجح تحالف للثوار في سوريا بالكاد من تحاشي الانهيار. خلال ربيع وصيف هذا العام أحرز تحالف جماعات الثوار السوريين المعروف باسم جيش الفتح سلسلة من الانتصارات الكبيرة علي نظام بشار الاسد في شمال غرب سوريا . ولكن في الأسابيع الماضية، بمجرد اعلان جيش الفتح عن شن هجوم جديد، انسحبت إحدي أكثر الفصائل تشددا، جند الأقصي، من الائتلاف .  وفضحت الحدة التي صاحبت انسحاب جند الأقصي - وهي فرع مفرط في التطرف من فروع جبهة النصر التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا - الانقسامات الدائمة وربما الغير قابلة للحل بين الثوار في سوريا . ولا يعني تصريح بعض أطراف الثوار أن جند الأقصي قد تعود لتنضم الي جيش الفتح أن هذه الانقسامات ستزول .

شكل ثوار الشمال غرف عمليات جيش الفتح، وهي نوع من خلايا التنسيق، في مارس 2015 بهدف الاستيلاء علي مدينة إدلب، عاصمة محافظة إدلب في شمال غرب سوريا . ويرتكز الائتلاف علي جبهة النصرة والثوار السلفيين في أحرار الشام، وتضم أيضا خمس فصائل اخري أصغر تتراوح بين ألوية أقل أيدولوجية وصولا الي جند الأقصي . وبفضل الدعم السخي من السعودية وقطر وتركيا وعودة التنسيق بينهم مجددا، لم يتمكن جيش الفتح من الاستيلاء علي ادلب خلال أيام في فصل الربيع الماضي بل استولي ايضا علي عدد من القواعد العسكرية للنظام وأوشك أن يطرد النظام بالكامل من المحافظة . وخلال أسابيع حقق جيش الفتح تقدما كافيا ليشكل خطرا علي معاقل النظام في وسط سوريا والمنطقة الساحلية

وأعلن ائتلاف الثوار في الشهر الماضي أنه سيشن هجوما جديدا للاستلاء علي محافظة حماة، رغم الهجوم المضاد الجاري للنظام بدعم روسي يبدو أنه يستهدف الي حد كبير جيش الفتح - وليس الدولة الاسلامية المزعومة ( داعش )، كما إدعت موسكو في البداية . وبعد أقل من اسبوعين أعلنت جند الأقصي انسحابها من الائتلاف فأثارت جدلا كبيرا. فهي لم تنسحب فقط بل اتهمت بعض من حلفائها السابقين بالكفر . وانتشرت إشاعات أن جبهة النصرة، ثاني أهم جماعة في الائتلاف، علقت دورها في الائتلاف.

وقالت جند الاقصي انها ستترك جند الفتح لأن بعض أعضاء الائتلاف لهم مواقف غير اسلامية وبسبب "الضغوط المتواصلة" من أحرار الشام لقتال داعش بالتحديد . وقال جند الأقصي أنه لن يعود الي الانضمام لجيش الفتح الا اذا لبي أعضائه مطالبهم بسقفها العالي، والتي شملت ان يعلن التحالف الحرب علي امريكا وروسيا والالتزام بالشريعة الاسلامية ( من المعروف ان جيش الفتح يتولي ادارة مدينة ادلب وفقا للشريعة الاسلامية الصارمة


ويبدو أن شكوي جند الأقصي بأن اعضاء في جيش الفتح يدعمون " مشاريع تتعارض مع الشريعة الاسلامية " تستهدف في غالبيتها أحرار الشام . تطورت هذه الجماعة الاسلامية الاخيرة مؤخرا من فصيل جهادي تقليدي الي شيئ أكثر تطورا وأكثر اهتماما بالمشاركة السياسية . لكن بعض أراءها أثارت انتقادات من عناصر جهادية متشددة . وبالتأكيد خمنت أحلرار الشام أنها هي المستهدفة من انتقادات جند الأقصي، فقد رد اثنين من كبار قادة احرار الشام ردا صيغ بكلمات لازعة وحادة


ومهما كانت المظالم التي حشد لها جند الأقصي، يبدو السبب الرئيسي لانسحابها هو رفضها قتال داعش . فأي هجوم يشنه جيش الاسلام في جنوب حماة سيصبح الثوار في النهاية وجها لوجه أمام داعش . وفي بيان جيش الفتح الذي اعلن فيه عن عملية حماة وعد بأنه سيقاتل أي قوة تقف في طريقه، ومن ضمنها الدولة الاسلامية . ورغم قول جند الأقصي أنها تري أن اعلان الدولة الاسلامية " الخلافة " باطل وأدانت تجاوزاتها المتطرفة، لم تقل الا أن صد عدوان الدولة الاسلامية "في المناطق التي نتواجد بها" كان مشروعا . واقترحت بدلا من ذلك هدنة بين الدولة الاسلامية والألوية الاسلامية في سوريا

بإستثناء الدولة الاسلامية، ربما تعد جند الأقصي من أكثر الجهاديين تطرفا في طيف الجماعات الجهادية في سوريا . وكانت دائما تثير الجدل، حيث يتهم ثوار سوريين اخرين مقاتليها بأنهم متعاطفين مع الدولة الاسلامية . وفي رد مسئول ديني كبير في احرار الشام علي انسحاب جند الأقصي ألمح الي أن أعضاء جند الأقصي لا يزالوا متعاطفين مع " أخوتهم " في الدولة الاسلامية ولا زالوا يأوون مقاتليهم . جند الأقصي رجموا النساء " الزانيات " وساعدت جبهة النصرة في التخلص من عدة ألوية ثورية اعتبروها مدعومة من الغرب واغتالوا قائدا عسكريا لعضو اخر في جيش الفتح .

ورغم كون جند الأقصي جماعة هامشية، إلا أنها ليست وحدها، وأعضائها ليسو الجهاديين الوحيدين في سوريا الذين لا يشعرون بالارتياح لقتال الدولة الاسلامية . وبهذا المعني، جيش الفتح كان نوعا ما حدثا جغرافيا طارئا وليس ائتلافا موحد الايدولوجية . ففي أوائل هذا العام كان لثوار سوريا في الشمال جبهة واحدة نشطة ضد الدولة الاسلامية، في ريف حلب الشمالي، وواجهوا في كل الجبهات الأخري النظام وحلفائه من حزب الله والميليشيات الشيعية التي تدعمها ايران . وفي غرب حلب كان بالمكان التخلي عن مسألة كيفية قتال الدولة الاسلامية في صالح مشروع مثل جيش الفتح يوحد فصائل الثوار الكبيرة التي لها هامش جهادي . لكن نجاح الائتلاف جعل هذا غير قابل الدفاع عنه . فكلما تقدمت ستجبر في نهاية المطاف علي مواجهة داعش وستتعري هذه التناقضات الداخلية .

نسبت نجاحات جيش الفتح في جزء كبير منها إلى التقارب الجديد بين المملكة العربية السعودية وتركيا وقطر. ولكن حتى الدعم الخارجي الكبير وزخم المعركة قد يفضي فقط إلى تماسك المتمردين الجهاديين الأكثر انتشارًا في سوريا مثل جند الأقصى وجبهة النصرة. لكن القوى الإقليمية تنفق الكثير من الجهد والموارد لجمع الفصائل المتنوعة فكريًا، وهؤلاء العملاء لهم أجنداتهم الخاصة في نهاية المطاف والتي ربما لا يمكن التوفيق بينها.

لن يصلح إعادة انضمام جند الأقصى إلى جيش الفتح ذلك بطريقة ما. وكجزء من الاتفاق الذي سيعيد جند الأقصى إلى التحالف مرة أخرى، يقال إن تحالف المتمردين بصدد إصدار نوع الميثاق الإسلامي الذي طالب به المتشددون. ولن يوفق ميثاق مصمم وفقًا لوجهة نظر جماعة جند الأقصى المتطرفة بين سياسات هذه الفصائل. ما يمكن أن يسببه ذلك هو النجاح في جعل أكثر أعضاء جيش الفتح الرئيسيين يبدون متطرفين أكثر أمام المجتمع الدولي، وبالتالي تخريب محاولاتهم في التواصل الدبلوماسي.

إن وحدة جيش الفتح لا يبدو أنه يمكن الدفاع عنها على المدى الطويل. فالقوى التي تفرق بين المتمردين والجهاديين في سوريا، من الأيديولوجيا وصولاً إلى المال والمصالح الشخصية، لا تزال فعالة، حتى في وجود مثل هذا التحالف النجاح. ومهما كانت الجهود المبذولة من قبل دول المنطقة والمتمردين أنفسهم، فقد لا يكون هناك شيء يمكن أن يبقي على تحالف هؤلاء المتمردين معًا.


http://www.worldpoliticsreview.com/articles/17163/the-end-of-the-army-of-conquest-syrian-rebel-alliance-shows-cracks

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق