الجمعة، 13 نوفمبر 2015

هل تعود التجارة بين سوريا وتركيا الي سابق عهدها رغم الحرب ؟

إستمرار التجارة في سوريا رغم الحرب الأهلية وما صاحبها من خسائر بشرية ومادية ضخمة  يصيب المرء بالحيرة

فرغم توقف العلاقات الدافئة بين سوريا وتركيا بشكل مفاجئ بعد بداية الحرب الأهلية في عام 2011 ، إلا أن هذا على وشك التغير. ومن المتوقع أن يبقي جزء كبير من اللاجئين وعددهم  أكثر من 2 مليون نسمة في تركيا، حتى بعد انتهاء الحرب. بدأ رجال الأعمال السوريين في الاستقرار هناك وبدأت الشركات المملوكة لسوريين أو الشركات المشتركة تزدهر.

وفقا للسجل التجاري، الصادر عن الاتحاد التركي للغرف وتبادل السلع (TOBB)، حتى نهاية نوفمبر 2010 لم يوجد أي شركة مملوكة لسوريين تعمل في تركيا. في ديسمبر 2010، أنشئت أول شركة سورية .

توجهت معظم موجات اللاجئين الكثيفة التي صبت في تركيا لمحافظات سانليورفا وكيليس وغازي عنتاب وماردين وكهرمان ماراس وأديامان في جنوب شرق الأناضول وهاتاي وأضنة ومرسين في منطقة البحر الأبيض المتوسط. وبطبيعة الحال، فإن مثل هذه الهزة الديموغرافية يكون لها الأثر الكبير على الكيانات الاجتماعية والاقتصادية في أي منطقة.

ووفقا لبيانات TOBB، تم إنشاء 417 شركة من قبل أجانب في سبتمبر 2015، 144 منهم سوريين. وبين يناير وسبتمبر، أنشأ المستثمرين الأجانب 3736 مؤسسة وشركات محدودة في تركيا. 1148 منهم سوريين، ما يقدر بحوالي ثلث مجموع الشركات.

 يبلغ إجمالي رأسمال هذه الشركات السورية نحو 59 مليون دولار. وكانت محافظة غازي عنتاب، بما تتميز به من وجود قاعدة صناعية متقدمة بها، المصدر الرئيسي للصادرات الى سوريا والعراق ودول الخليج والشرق الأوسط بأكمله. ورغم تعرض الاقتصاد في غازي عنتاب ومحافظات أخرى في المنطقة في البداية للآثار السلبية نتيجة لموجات اللاجئين، تظهر البيانات الاقتصادية الراهنة أن الشركات السورية لها تأثير إيجابي على اقتصاد المنطقة.

في هذه الأيام، كل شركة من ستة شركات تأسست في غازي عنتاب وكل شركة من ثلاثة شركات في كيليس وسانليورفا أصحابها رجال أعمال سوريين .

وفقا لدراسة أجرتها مؤسسة أبحاث السياسات الاقتصادية لتركيا، وهي شركة تابعة لTOBB، وذلك نتيجة للنمو السريع للشركات السورية في المحافظات الجنوبية الشرقية حلت هذه المحافظات محل اسطنبول كمركز للصادرات إلى سوريا.

وصلت الصادرات إلى سوريا 1.9 مليار دولار بدأت مع بداية التقدم النيزكي في تدهور العلاقات الاقتصادية والتجارية بعد عام 2011 بسبب الحرب الأهلية العنيفة. ومع ذلك، بحلول عام 2014 عادت إلى مستوى 1.8 مليار دولار . كانت صادرات تركيا في انخفاض في جميع الأسواق الأخرى ولكن بقيت في ارتفاع في سوريا.

وفقا لأرقام أكتوبر 2015 الصادرة عن جمعية المصدرين التركية، انخفضت صادرات تركيا الإجمالية بنسبة 1.5٪ بينما ارتفعت صادرات غازي عنتاب بنسبة 4.8 في المائة. وسجلت زيادات مماثلة في المحافظات الإقليمية الأخرى مثل أضنة ومرسين وهاتاي.

وقال وزير الاقتصاد الأسبق كورسات توزمن لموقع المونيتور، "علينا ألا نفاجأ إذا رأينا في غضون الخمس إلى 10 سنوات القادمة رجال أعمال سورية بارزين وأصحاب نفوز داخل أوساط رجال الأعمال في تركيا." وإشتهر توزمن بإبتكار استراتيجية "التجارة مع الجيران " التي طبقتها حكومات حزب العدالة والتنمية في عام 2002 و 2007.

وقال: "إندمج اللاجئين السوريين في غازي عنتاب علي أفضل ما يكون. كنا قد أطلقنا برنامج "التجارة مع الجيران" عندما بدأ رجال أعمالنا في غازي عنتاب وهاتاي وسانليورفا التجارة مع أقاربهم وأصدقائهم في حلب وحمص ودمشق. السوريين فروا الى تركيا وحملوا معهم كل ما يستطيعون حمله، ولكن لديهم أقارب في سوريا يعملون بالتجارة، وبالتالي عادوا الي مهنة التجارة المربحة كما في الأيام السابقة ".

وقال توزمن أنه على مر التاريخ كان السوريين واللبنانيين تجارا ناجحين. وقال : "التجارة في جيناتهم. أتذكر كيف بعد انهيار الامبراطورية السوفياتية، تدفق الروس إلى تركيا لشراء كل ما في استطاعتهم وحملوا [مشترياتهم] في طريق عودتهم الى بلادهم في حقائب. حاولنا تسهيل مهامهم. الآن أصبح معظمهم من كبار رجال الأعمال والمستوردين، وأصبح صغار الباعة الأتراك الذين وفروا لهم البضائع مصدرين. أرى نفس الشيئ يحدث مع السوريين وأعتقد أننا يجب أن نساعدهم".

في الوقت الذي أصيب فيه النظام المصرفي السوري بالشلل، تمم معظم التجارة على أساس الدفع النقدي. وينقل المال ناقلين موثوق به. وهذا هو السبب في أنه من المرجح جدا أن الأموال المتداولة في هذه المعاملات التجارية غير المسجلة هي أعلى بكثير من الأرقام المسجلة رسميا.

وأكد رجل الأعمال ظافر إيرسوي من مدينة أديامان أنه لسوء حظ مدينته أن ترتبط في كثير من الأحيان بإرهاب الدولة الإسلامية. وقال أيضا أن السوريين حققوا حيوية حقيقية للاقتصاد في محافظته.

وقال إيرسوي"احيانا ينشئ السوريون شركاتهم الخاصة ويسجلونها. وفي كثير من الأحيان يصبحون شركاء في السر. أنهم يجلبون معهم كميات كبيرة من المال ولا يريدون الاعلان عن شراكاتهم. يسجلون شركاتهم بأسماء أقاربهم في تركيا.  وأعتقد أن هناك في الواقع شركات أكثر من الشركات المعترف بها من قبل TOBB ".

وأضاف: "رغم أنهم يعملون بشكل رئيسي في قطاعات المواد الغذائية والملابس الجاهزة، بعضهم دخل مجالات البناء والطاقة. سوريا دمرت.ولو وجدوا حلا سيصبح هناك سوق للبناء واسع النطاق، فالمقاولين السوريين بدأوا في الظهور شيئا فشيئا وينشئون شركاتهم الخاصة. في مجال الطاقة أصبحوا شركاء لمحطات الطاقة الكهرومائية التشغيلية ويستثمروا في مشاريع جديدة ".

باختصار، رغم  تدهور العلاقات السياسية بين البلدين وإمكانية مشاركة تركيا في تدخل عسكري في سوريا مع قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة، من المقرر أن تعود التجارة بين سورية وتركيا  إلى ما كان عليه .



http://www.al-monitor.com/pulse/originals/2015/11/turkey-syria-trade-level-increase-despite-civil-war.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق