الخميس، 19 نوفمبر 2015

الحرب الاهلية الليبية سمحت بتعزيز موقف داعش هناك



قوبلت مجزرة باريس يوم 13 نوفمبر بخطاب عسكري واستعراض للعضلات من جانب زعماء العالم. وقد تعهد باراك أوباما وفرانسوا هولاند "تدمير" الدولة الإسلامية (داعش). كثفت فرنسا وروسيا غاراتهما الجوية على الجماعة. وتركز المعركة، حتى الآن، على العراق وسوريا، حيث تسيطر داعش علي مناطق شاسعة من الأراضي. لكن القضاء على هذا المعقل قد يكون مجرد بداية. فالجماعة لها فروعها في جميع أنحاء العالم، من الجزائر إلى الفلبين.

 والعديد من الفروع الرسمية لا يربطها بالقيادة المركزية إلا علاقات فضفاضة . ومعظمها يجد صعوبة في السيطرة على الاراضي، ولكن بعضها قوي جدا. وسمحت الحرب الأهلية في اليمن، التي كانت لفترة طويلة موطنا لأحد الفروع الدموية لتنظيم القاعدة، بظهور أحد فروع داعش من الأماكن في الأماكن التي لا تسيطر عليها الحكومة لمهاجمة الحكومة والجيش والأهداف الدينية. وعذب فرع مصر الذي يعمل في شبه جزيرة سيناء الوعرة حكومة عبد الفتاح السيسي وأعلن مسئوليته عن تفجير طائرة الركاب الروسية في 31 أكتوبر وقتل جميع الركاب وعددهم 224 ممن كانوا على متنها.

ولكن أكثر فروع الخلافة مدعاة للقلق قد تكون "المحافظات" الثلاثة الخاضعة لها في ليبيا، حيث تشير التقديرات إلى أنهم يملكون حوالي 3،000 مقاتل. استحوزت تلك الجماعة علي الاراضي هناك وسط فوضى الحرب الأهلية بين الحكومات المتنافسة والميليشيات المتحالفة معها، في شرق وغرب البلاد. هياكل الدولة لا وجود لها لمواجهة صعودها. وتكثر الأسلحة، من بنادق وصواريخ. والحدود يسهل اختراقها . وكتب فولفجانج بوستاي ملحق الدفاع النمساوي السابق إلى ليبيا: هذه هي"الظروف المثالية لحملة إرهابية" .

وكما هو الحال في سوريا، لا أحد يعطي أولوية لهزيمة داعش في ليبيا . فكلا جانبي الحرب الأهلية أولوياتهم القيام بهجمات على بعضهم البعض.  وكتب فريدريك هري من مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، وهو معهد أبحاث أن تقدم الجماعة الجهادية كان تقدما انتهازيا إلى حد كبير،. واستفادت من "التصدع والهاء وعدم قدرة الفصائل المتناحرة." وهذا يشبه كثيرا ما فعلته في سوريا، حيث حاولت داعش سرقة الأعضاء وإغراء المجندين عن طريق التفوق علي الجماعات الإسلامية الأخرى في التطرف . لم يحقق هذا نجاحا دائما. فبعد أن استولي مقاتلي داعش على مدينة درنة، وهي ميناء صغير في شرق ليبيا، وطبقت أسلوبها الوحشي للعدالة، واجهوا رد فعل عنيف وأجبرت في نهاية المطاف للخروج من المدينة علي يد قوات تحالف ضم جهاديين آخرين.

وفي الآونة الأخيرة عززت هذه الجماعة سيطرتها علي مناطق في وسط ليبيا، بما في ذلك مدينة سرت وجزء كبير من المنطقة الساحلية إلى الشرق، وفقا للأمم المتحدة. ويقاتل مسلحين اخرين من جماعة داعش الآن للحصول على موطئ قدم في بنغازي، وهي مدينة مقسمة بين الجيش والميليشيات والجماعات المتطرفة. ويقول من يقاتلون داعش انهم شهدوا تدفق الأجانب في صفوف داعش. ويأتي الكثيرون منهم من دول الجوار من تونس والجزائر ومصر. وفي ظل تصعيد الضغط على داعش في العراق وسوريا، يبدو أنه قد جري إعادة توجيه بعض المجندين إلى ليبيا، التي أصبحت مركزا للجهاديين.

يثير تقدم داعش في ليبيا قلقا بشكل خاص لأوروبا، التي تقع علي بعد حوالي 400 كيلو متر عبر البحر الأبيض المتوسط. وقال فيديريكا موغيريني، رئيس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، في وقت سابق من هذا العام"، وفي ليبيا يوجد مزيجا مثاليا جاهز للانفجار وفي حال ما انفجر سيبنفجر على أبواب أوروبا"، . زاد  وجود داعش على الساحل من مخاوف اختلاط الإرهابيين مع المهاجرين الفارين من الحرب على القوارب المتجهة إلى أوروبا.

لكن محللين يقولون ان هذه المخاوف مبالغ فيها، لأسباب ليس أقلها أن داعش لا تسيطر على نقطة الصعود الرئيسية لركوب السفن. الجماعة تشكل خطرا أكبر على دول الجوار التي تشعر بالقلق من ان يجد المتشددين الاسلاميين الأجانب أو من مواطني تلك الدول  الإلهام والتدريب والملاز في ليبيا. ويقال إن الجهاديين الذين نفذوا الهجومين القاتلين على السياح الأجانب في تونس هذا العام قد تدربوا في معسكرات ليبية. وتزعم السلطات التونسية أنها احبطت هجوما كبيرا آخر هذا الشهر دبر في ليبيا وسوريا .

ومع ذلك، المسؤولين في الغرب يدرسون القيام بعمل عدواني ضد داعش في ليبيا وقاموا بعض منها. ويعتقد أنه في 13 نوفمبر  قتلت غارة جوية أمريكية زعيم الجماعة أبو نبيل الانباري، وهو عراقي يقال أنه على اتصال مباشر مع القيادة المركزية للجماعة في سوريا. وكانت الضربة التي تم التخطيط لها قبل مذبحة باريس هي المرة الأولى التي تقوم فيها أمريكا بضربات خارج العراق وسوريا. ولم تستهدف الغارة الأمريكية التي تمت في وقت سابق من العام في ليبيا داعش بل استهدفت تنظيم القاعدة: وقتلت مختار بلمختار، أحد قادة الجماعة.

داعش صنعت العديد من الأعداء في ليبيا، مما قد يكون فيه نهايتها في نهاية المطاف . وقد أدخلتها محاولاتها للتوسع الي الدخول في صراع مع القبائل والميليشيات التي على استعداد لقتالها والتصدي لها . كما تم منعها من الحصول على أي من موارد الطاقة الهائلة في البلاد. معظم الليبيين هم من السنة، وبالتالي فإن الجماعة لن تتمكن من استغلال  التوترات الطائفية كما فعلت في أماكن أخرى. ولو ضربت في العراق وسوريا فستقل شعبيتها في الخارج. ولكن طالما تستنزف الفوضى ليبيا ، من المرجح أن يدوم بقاء جهادي داعش.


http://www.economist.com/news/middle-east-and-africa/21678761-chaos-libyas-civil-war-has-allowed-islamic-state-consolidate-its-position?fsrc=gp_en

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق