الخميس، 19 نوفمبر 2015

حوار أجرته مجلة فالور أكتويل الفرنسية مع الرئيس الأسد عقب أحداث باريس







السؤال 1 : أريد تعلقك علي التالي : عندما قال رئيسنا السيد هولاند أن الرئيس الأسد لن يكون الحل للمشكلة لأنه جزء من المشكلة . هل يمثل ذلك ر؟أيا عاما بالنسبة لك ؟ ما هو رد فعلك؟

الرئيس الأسد : أولا، الجزء الاول من رد فعلي هو كالتالي : هل عين الشعب السوري هولاند للحديث نيابة عنهم ؟ هذا هو السؤال الاول . وهل تقبل انت كمواطن فرنسي تعليقا مماثلا من أي سياسي اخر في هذا العالم يقول ان الرئيس هولاند لا يجب ان يكون رئيس فرنسا ؟ أليس هذا إذلالا للشعب الفرنسي .؟ نحن نراها علي هذا النحو نفسه . هو يهين الشعب السوري عندما يقول ذلك . ألا يعني ذلك انه لا يعترف بهم ؟
ثانيا، فرنسا كبلد تفخر دوما بتقاليد ومبادئ الثورة الفرنسية وربما الديمقراطية وحقوق الانسان، المبدأ الأول للديمقراطية أن يكون للشعب الحق في تقرير من يقوده . فإذن، عار عليه، وهو الذي يمثل الشعب الفرنسي، أن يفعل ويقول شيئا يتعارض مع الجمهورية الفرنسية والشعب الفرنسي .ثانيا: عار عليه أن يهين شعبا كالشعب السوري له تاريخ طويل من الحضارة منذ الاف السنين . إذن، هذا رد فعلي وأعتقد أنه لن يغير الحقائق في سوريا لأن الحقائق لا تتأثر بتصريحات معينة

السؤال 2 : إذا كانت لديك رسالة، رسالة واحدة، تريد أن توجهها للسيد هولاند والسيد فابيوس لا سيما بعد أحداث باريس، هل ستكون هذه الرسالة هي " من فضلكم إقطعوا علاقاتكم بشكل عاجل مع السعودية وقطر " ؟ .

الرئيس الأسد : أولا وقبل كل شيئ، هذه الرسالة تحمل عدة جوانب. الجزء الأول من الرسالة هو سؤال: هل هم مستقلين حتي أرسل لهم رسالة فيطبقوها ؟ في الواقع السياسة الفرنسية هذه الأيام ليست مستقلة عن السياسة الامريكية . هذا أولا . اذن فارسال رسالة لن تغير شيئا . ومع ذلك، لو كان عندي أمل في تغيير سياسي في فرنسا، فان الرسالة الأولي أوجهها الي فرنسا بسياساتها المستقلة الودية تجاه الشرق الأوسط وسوريا . ثانيا، ابتعدوا عن المعايير المزدوجة للامريكيين . فلو أردتم دعم الشعب السوري بخصوص الديمقراطية والحرية كما تزعمون فمن الأفضل أن تدعموا الشعب السعودي أولا .
إذا كانت لديكم مشكلة خاصة بالديمقراطية في دولة سوريا، فكيف يكون لكم صداقات وعلاقات جيدة مع أسوأ دولتين في العالم وأكثرها تخلفا في العالم  وهما دولتي السعودية وقطر ؟
ثالثا، من الطبيعي أن يعمل أي مسئول لمصلحة شعبه. .السؤال الذي أطرحه في رسالتي هو كالتالي : هل حققت السياسة الفرنسية خلال الخمس سنوات الماضية أي خير للشعب الفرنسي ؟ ما الفائدة التي تحققت؟ أثق أن الاجابة ستكون لا، والدليل علي هذه الاجابة هو ما قلته من سنوات قليلة، أن العبث بسوريا كالعبث بزلزال سيتردد صداه في بقية أنحاء العالم، وأولها اوروبا لأننا الساحة الخلفية لاوروبا، جغرافيا وجيوسياسيا، ولذلك قالوا في حينها " هل انت تهددنا ؟ " . لم أكن أهدد، وشارل إبدوا حدثت في بداية هذا العام فقلت بعد هذه الحادثة أنها قمة جبل الثلج، وما حدث بالأمس هو برهان اخر . إذن فهم بحاجة لتغيير سياساتهم لتحقيق مصالح شعبهم، وهنا تلتقي مصالحنا مع مصالح الشعب الفرنسي، خصوصا مكافحة الارهاب . اذن فالرسالة الاخيرة هي : كونوا جادين حين تتحدثون عن مكافحة الارهاب . هذه هي رسالتي .

السؤال 3 : يقول الخبراء الفرنسيين ان الارهابيين بكل تأكيد تلقوا تدريبا في الشرق الاوسط، ولدينا نقص في المعلومات . ماذا نحتاج لتحقيق التعاون بين باريس ودمشق ؟

الرئيس الأسد : قبل كل شيئ نحتاج الجدية . اذا لم تكن الحكومة الفرنسية جادة في مكافحة الارهاب فلن نضيع وقتنا في التعاون مع بلد أو لنقل حكومة بها مؤسسة تدعم الارهاب . فانت قبل كل شيئ تحتاج الي تغيير السياسات وأن يكون لك معيارا واحدا بهذا الخصوص وليس عدة معايير وأن تجعل هذه البلد جزءا من تحالف لا يحارب الا الارهاب . هذا تناقض . اذن فتلك هي الأسس الاولي لقيام أي تعاون . ونود ان يكون بيننا هذا التعاون، ليس مع فرنسا فقط، بل مع أي بلد . لكن هذا التعاون يحتاج الي مناخ سياسي . ويحتاج الي معايير وشروط محددة

السؤال 4 : واذا تغيرت الحكومة في المستقبل هل سيكون هذا ممكنا ؟

الرئيس الأسد : في السياسة لا توجد عواطف ولا صداقة بل مصالح . هذا هو دوري كسياسي وهذا دورهم كسياسيين في بلدك . الأمر ليس حبهم للأسد أو عدم حبهم لهوليس أن أحب هولاند او لا . الأمر ليس كذلك . مهمتي هي ما هو الأفضل للسوريين وما هو الأفضل لفرنسا، هذه مهمتنا . لذا ففي المستقبل لن تكون هناك مشكلة . المشكلة هي السياسات وليست المشاعر .

السؤال 5 : إلتقيت لتوك بالرئيس بوتن . أقصد، لا اريد أن اعرف ماذا قال لك لكني اريد ان أطرح عليك سؤالا، عندما قال شخص ما ان بوتن هو اخر شخص يدافع عن الغرب، هل تقول ذلك ؟ أن بوتن اخر رئيس دولة يدافع عن الحضارة الغربية .؟

الرئيس الأسد : اذن فهو يدافع عن اوروبا الغربية ؟

السؤال 6 : بالطبع .

الرئيس الأسد : عندما تتحدث عن الارهاب فهي ساحة واحدة . وهي ليست مجرد الساحة السورية او اليمنية او الليبية او الفرنسية . بل هي ساحة واحدة . اذن فالدافع وراء اعلان التحالف الروسي  قبل شهور قليلة ان يرسلوا جيشهم الي سوريا، هو إن لم نقاتل الارهاب في سوريا وربما مناطق اخري من العالم فسيضرب الارهاب في كل مكان ومنها روسيا، وهذا صحيح .  فعندما تحارب الارهاب في سوريا فانت تدافع عن روسيا وتدافع عن اوروبا والقارات الاخري . هذا صحيح . كانت هذه وجهة نظرنا لعقود منذا كنا نقاتل جماعة الاخوان المسلمين الارهابية في السبعينات والتسعينات . وكان لدينا هذا الانطباع وكنا نطالب دوما بتشكيل تحالف دولي لمحاربة الارهاب لان الارهاب لا يعترف بالحدود الدولية ولا يبالي بالاجراءات . ومهما اتخذتم من اجراءات في فرنسا بعد شارل ابدو، ما حدث بالأمس يثبت هذه النظرية . اذن فهذا صحيح ودقيق جدا . من يحارب الارهاب، سواء بوتن او غيره، ينفذ العالم كله

السؤال 7 : هناك مؤتمر في فيينا حول سوريا وغدا في أنقرة في قمة مجموعة ال 20 ، وقد قال رؤساء مختلفين في اوقات مختلفة : " الحل أن يغادر بشار الأسد سوريا " . هل انت مستعد شخصيا لترك السلطة اذا كان هذا هو الحل الأفضل لسوريا ؟

الرئيس الأسد : هذا السؤال مكون من جزئين . الجزء الأول هو هل في وسعي أن أفعل شيئا ردا علي المطلب الخارجي؟ اجابتي هي لا . لن أفعل مهما كان المطلب . سواء كان مطلبا صغيرا او كبيرا او هاما او غير هام، فهم لا شأن لهم بالقرار السوري . الشيئ الوحيد الذي فعلوه حتي الان هو دعمهم للارهابيين بأشكال مختلفة، بمنحهم مظلة سياسية وبالدعم المباشر . ولن يخلقوا غير المشاكل . وهم ليسوا جزءا من الحل . هذه الدول التي تدعم الارهابيين ليست جزءا من الحل في سوريا . لذا فكل ما يقولونه لا نرد عليه لأننا بكل صراحة لا نعيرهم إهتماما .

ثانيا، بالنسبة لي كسوري لا استجيب الا لارادة السوريين . وبالطبع عندما اتحدث عن ارادة السوريين لابد وان يكون هناك نوع من الاجماع، غالبية السوريين، والوسيلة الوحيدة لمعرفة ما يريده السوريين هي صندوق الاقتراع . هذا ثانيا . ثالثا، أي رئيس يأتي ويذهب في أي دولة تحترم نفسها، يحترم حضارتها ويحترم شعبها، من خلال عملية سياسية تعكس الدستور . الدستور يأتي بالرئيس والدستور هو من ينحيه من خلال البرلمان والانتخابات والاستفتاء وهكذا . هذه هي الطريقة الوحيدة لقدوم ورحيل الرئيس

السؤال 8 : ما كل هذه الأحاديث عن أن الحل الوحيد هو ليس تقسيم سوريا فقط بل العراق ولبنان ؟

الرئيس الأسد : يحاول الاعلام الغربي إعطاء إنطباع أن المشكلة في هذه المنطقة هي حرب أهلية بين مكونات وأديان وأعراق مختلفة لا ترغب في العيش معا . لذا فلماذا لا يقسمون وطنهم؟ .وبالتالي يمكنهم البقاء فيه . والواقع المشكلة ليست هكذا لأنه في مقدورك الان أن تري أن كل هذه المكونات تعيش معا حياة طبيعية في مناطق سيطرة الحكومة السورية . اذن لو أردت أن تقسم عليك أن ترسم خطوطا واضحة بين المكونات، سواء بين الطوائف أو بين الأعراق . وفي هذه الحالة اذا توفرت لك تلك الظروف واذا وصلت المنطقة لهذه الظروف، سأقول لك أن هذه الظروف سيؤدي الي انشاء دول صغيرة يقاتل بعضها البعض في حروب لا تنتهي وقد تستمر لقرون . وأي ظروف كتلك تعني حروب دائمة . وتعني لبقية العالم المزيد من مصادر تصدير عدم الاستقرار والارهاب حول العالم . هذه هي الظروف . لذلك هذا اسلوب تفكير يشكل خطورة . لا يوجد لدينا حاضنة اجتماعية الان للتقسيم . والواقع لو سألت أي سوري الان  سواء مع الحكومة أو ضد الحكومة سيقول لك انا مع وحدة سوريا .

السؤال 9 : تحدثت عن الدستور . في غضون شهور سيكون لديك انتخابات في سوريا . هل لديك إستعداد لوجود مراقبين دوليين للاشراف علي تلك الانتخابات ؟

الرئيس الأسد : نعم، لكننا قلنا أن المراقبة الدولية لا تعني منظمات الأمم المتحدة التي ليس لها مصداقية، حتي نكون صرحاء، لأنهم يخضعزن لسيطرة الامريكيين والغرب بشكل عام . لذا فعندما تتحدث عن المراقبة الدولية أو المشاركة أو التعاون فهذا يعني دولا معينة حول العالم لم تكن منحازة خلال الأزمة ولم تدعم الارهابيين ولم تحاول تسييس مواقفها بشأن ما يحدث في سوريا . تلك هي الدول التي يمكنها المشاركة في مثل هذا التنسيق أو المراقبة، لكننا ليس لدينا مشكلة من حيث المبدأ .

السؤال 10 : تطرقنا الي الحديث عن قطر والسعودية ولم نتحدث عن تركيا التي سمحت بوصول مئات الالاف من اللاجئين  الي اوروبا ويبدو ايضا أنهم سمحوا بدخول الجهاديين السوريين . فما هو دور تركيا ؟

الرئيس الأسد : الدور الأخطر في الموقف كله لأن تركيا قدمت كل أنواع الدعم لهؤلاء الارهابيين وكل أطياف الارهابيين . بعض الدول تدعم جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة ودول أخري تدعم داعش، بينما تركيا تدعم الإثنين وجماعات اخري في نفس الوقت . يدعمونهم بالموارد البشرية والتجنيد . يدعمونهم بالمال والخدمات اللوجستية والتسلح والمعلومات والتجسس وحتي بالقيام بمناورات عسكرية مع جيشهم علي الحدود أثناء عمليات القتال في سوريا . وحتي المال الذي يجمع من بقية العالم يمر عبر تركيا وبترول داعش يباع عبر تركيا، لذا فتركيا تلعب أسوأ دور في الازمة .

ثانيا، كل هذا مرتبط ارتباطا مباشرا بأردوغان وداوود أوغلو لأن كلاهما يعكس الايدولوجية الحقيقية التي يحملونها في قلوبهم، وهي ايدولوجية الاخوان المسلمين .

السؤال 11 : هل تعتقد أنه من الاخوان المسلمين ؟

الرئيس الأسد : ليس بالضرورة كونه عضوا تنظيميا بل العقلية هي عقلية الاخوان المسلمين مئة بالمئة . يهتم كثيرا بالاسلام السياسي الذي هو الجزء الانتهازي من الاسلام وليس الاسلام الحقيقي . هكذا نراه، لأنه لا يجب تسييس الدين . لذا فكل هذا مرتبط ارتباطا مباشرا به وبرغبته أن يحكم الاخوان المسلمين بقية العالم العربي فيتمكن من السيطرة عليهم بصفته سلطانا، والواقع سيسيطر عليهم بصفته إماما أكثر منه سلطانا . هذا هو الدور الذي تلعبه تركيا .

السؤال 12 : انت تعلم الموقف الذي نحن فيه الان وبالامس وقبله وشارل إبدو وقبله وقبله . قلت ذلك لكنني اريد تأكيدا منك : هل تعتقد ان فرنسا لا يمكنها محاربة الارهاب اذا احتفظت بعلاقتها بقطر والسعودية ؟

الرئيس الأسد : نعم . وأضيف انه لا يمكنك القتال ان لم يكن لك علاقات مع القوة التي تحارب داعش او الارهاب علي الارض . لن تتمكن من محاربة الارهاب وانت تتبع او تسير علي نفس السياسات التي تدعم في النهاية الارهاب بشكل مباشر او غير مباشر . ان لم تفعل كل تلك الامور لن تتمكن ولا نعتقد انها ستتمكن حتي الان .

الصحفيين : شكرا جزيلا سيادة الرئيس علي هذا الحوار

الرئيس الأسد : شكرا علي قدومكم


ترجمة اشرف محمد

http://sana.sy/en/?p=61879

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق