السبت، 26 أكتوبر 2013

نداء من مطران حمص عبر «السفير»: أهالي صدد محاصرون في ظروف صعبة

صهيب عنجريني
وجّه المطران مار سلوانس بطرس النعمة، مطران حمص وحماه وتوابعهما للسريان الأرثوذكس، نداءً عبر «السفير» إلى المنظمات الإنسانية العالمية، والمؤسسات المدنية القادرة على محاورة المسلّحين الذين سيطروا قبل أيام على بلدة صدد، من أجل التدخل لإقناعهم بالسّماح لأهالي البلدة بمغادرتها.
وأكّد المطران النعمة، في حديث هاتفي مع «السفير»، أن التصعيد الذي شهدته البلدة التاريخية أدّى إلى احتجاز زهاء ثلاثة آلاف من سكانها داخل بلدتهم. وقال إن «سكان صدد محاصرون منذ أربعة أيام، بلا كهرباء، ولا مياه، ولا يملكون من طعام إلا القليل، وهناك أطفال بحاجة الى حليب ومرضى بحاجة الدواء». وأوضح أن المعلومات المتوافرة في ظل تعذّر الاتصال مع سكان البلدة تشير إلى أنّ أحداً من المسلحين لم يتعرّض لهم بالأذى، ولكنهم يرفضون السماح لهم بالمغادرة، فيما استطاع عدد قليل من سكان الحارتين الشرقية والشمالية الخروج في اليوم الثاني من الاشتباكات.
وأضاف المطران نعمة أنه «سقط عدد من الضحايا في صفوف المدنيين، ويبدو أن ذلك ناجمٌ عن المعارك الدائرة في البلدة ومحيطها، لم نستطع التثبّت من العدد حتى الآن، لكننا تمكّنا من سحب جثتين، كما تمّ استحداث مشفىً ميدانيٍ على مقربة من البلدة لاستقبال الجرحى الّذين استطاع أقاربهم إخراجهم بصعوبة كبيرة، وتحت نيران الاشتباكات».
وشدّد المطران على «ضرورة قيام المنظمات الدولية بواجبها، وعدم الاكتفاء بالتنديدات والتصريحات». وأضاف «نناشدهم السعي إلى إجلاء المدنيين، ومحاورة المسلحين بأسلوب يساعد في إخراج أبنائنا، ولا يؤثر على سلامتهم». واختتم حديثه بالقول «نصلي إلى الرب أن يحفظ أهلنا وأبناءنا في صدد، أم السريان، وفي كلّ بقعة من وطننا السوري الحبيب، بمختلف أديانهم وطوائفهم».
ويأتي نداء المطران النعمة، وسط استمرار المعارك التي نشبت إثر سيطرة المسلّحين على صدد قبل أربعة أيام، حيث أعلن مسلحون ينتمون إلى فصائل مختلفة سيطرتهم على البلدة، في سياق ما سُمّي بـ«معركة أبواب الله لا تغلق».
وقالت مصادر من داخل المجموعات المسلحة لـ«السفير» إن «دخول المسلحين إلى صدد تمّ بهدوء، ومن دون التعرّض لسكّانها، وقد سلّم عناصر مخفر البلدة أنفسهم»، مضيفاً «نحمِّل النظام مسؤولية سقوط ضحايا من أبناء البلدة، فهم سيكونون بأمان إذا أوقفت محاولات استعادة البلدة بالعنف». وفي الوقت ذاته رفض المصدر الإجابة عن سبب منع المدنيين من المغادرة.
بدوره، أكّد مصدر عسكري سوري أنّ هذا الكلام لا نصيب له من الصحة، وأن دخول المسلحين تمّ تحت وابلٍ من النيران. وأشار إلى أنه «خير دليل على نياتهم هو قيامهم باحتجاز المدنيين»، لافتاً إلى أن «الجيش السوري مستعدٌّ لإيقاف العمليات العسكرية والسماح بخروج السكان، إذا أنهى المسلحون احتجازهم».
وحول الوضع داخل البلدة، قال أحد السكان الذين تمكنوا من المغادرة لـ«السفير» إن «الوضع يزداد سوءاً، وخصوصاً في الحارتين الغربية والجنوبية، المسلحون يتمركزون بأعداد كبيرة على بعض المحاور، وهناك بعض الضحايا والجرحى، ولكنني لم أستطع الحصول على معلومات دقيقة بسبب تعذر التواصل في ما بيننا، وقد علمتُ بوفاة سعدو فرح حيث أصيب بجراح خطيرة، وتعرضه لنزيف حاد، استمرّ طويلاً، وفشلت محاولات إيقافه».

صدد الآرامية

هي بلدة تاريخية تتبع إدارياً لمحافظة حمص، وتبعد عن مركز المحافظة حوالي 60 كيلومتراً إلى الجنوب الشرقي، فيما تبعد حوالي 110 كيلومترات شمالي مدينة دمشق. وتعود نشأتها إلى العام 1454 قبل الميلاد، حيث سكنها الآراميون.
ورد ذكرها في سفرين من أسفار العهد القديم، فجاء في «سفر العدد»، رقم 34 الآية 8، ما نصّه: «ومن جبل هور ترسمون إلى مدخل حماة، وتكون مخارج التخم إلى صدد»، فيما جاء في «سفر حزقيال»، رقم 48، الآية 15 أنه «من طريق حتلون يكون الوصول إلى صدد».
كان عدد سكان صدد قبل الأزمة يزيد عن عشرة آلاف سوري، جميعهم من السريان الأرثوذوكس، وقد انتشرت المسيحية فيها منذ النصـف الأول للقرن الأول الميلادي، على يد ميليا الخامس، أحد المبشرين السبعين.
وازدهرت في العصر الروماني وكانت موضعاً حربياً هاماً، ثم مركزاً مسيحياً بارزاً في العصر البيزنطي. وكشفت بعثات التنقيب في البلدة عن وجود معبد وثني قديم للإله «حدد»، بنيت على أنقاضه كنيسة مار جرجس الحالية، والتي تُعتبر بدورها معلماً تاريخياً هامّاً، وعلى جدرانها رسومات فنيّة بديعة، رسمها الأسقف ابراهيم اليازجي في القرن الثامن عشر.
وفي البلدة موقع برج روماني تهدم في العام 1933، وقناة ري رومانية جفت مياهها، وتل أثري في وسطها، فضلاً عن العـديد من المغاور والكهوف، التي يعتقد سكانها أن تاريخها يعـود إلى إنسان الكهف.
واحتضنت صدد رفات الشاعر أبي فراس الحمداني أكثر من ألف عام، حيث كانَ يُعرف بقبر الأمير، وكشفت الدراسات لاحقاً أنه قبر أبي فراس، ونُقلَ الرفات إلى مدينة حمص في العام 1997.
صهيب عنجريني
 http://www.assafir.com/Article.aspx?EditionId=2603&articleId=2455&ChannelId=62951&Author=%D8%B5%D9%87%D9%8A%D8%A8%20%D8%B9%D9%86%D8%AC%D8%B1%D9%8A%D9%86%D9%8A#.UmvoQqxP-XU

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق