الاثنين، 28 أكتوبر 2013

أعداد الاحزاب السياسية في سوريا بلغت عنان السماء




سوريا، حلب  -- كانت المقاعد الموجودة في المكتب الذي أفتتحه حديثا حزب التحرير الاسلامي لا تزال مغطاة بالبلاستيك وكانت الجدران لا يكسوها عدا ثلاث اعلام اسلامية عليها اللون الابيض والاسود معلقة خلف هشام بابا، المتحدث الرسمي باسم الحزب . وتوجد كتيبات سياسية خرجت لتوها من الطابعة وتحتاج الي الطي . 

وقتل في هذا اليوم الذي كان يجهز فيه ببا عروضا سياسية ودينية علي الكمبيوتر لمحمول اكثر من 20 شخصا داخل حلب وحولها . 

وحتي في الوقت الذي تحتدم فيه الحرب الاهلية في عامها الثالث مع احتمالات ضعيفة للتوصل الي تسوية، تناور الجماعات الاسلامية والعلمانية والقومية وغيرها من الجماعات في المناطق التي يسيطر عليها الثوار لتقديم نفسها علي أنها البديل الأفضل لحكم الاسد . 

وكان أعضاء المعارضة يتحدثون منذ الايام الاولي للثورة عن مستقبل البلاد باعتباره " سوقا للأفكار" حيث يختار الشعب من بين عدد من الجماعات السياسية والايدولوجية . وحتي عندما فتت الحرب الدموية الدولة وقسمتها علي أسس طائفية وأيدولوجية، لا زال الكثيرين متمسكين بهذه الفكرة حتي لو بدا الاحتمال خافت . 

وقد تقوضت نظرية" السوق" تلك نتيجة حالة الفوضي والعنف التي تسود البلاد حاليا . ويري كثيرين أن فراغ السلطة قد يفتح الباب أمام قبضة حديدية تحل محل القبضة الموجودة فعلا، خصوصا في ظل جماعات يدعي كل منها أنه يتحدث باسم الجماهير . 

حتي مع استمرار المعارك وقصف قوات الحكومة وضرباتها الجوية بشكل يومي يتواصل تشكيل الاحزاب السياسية بشيئ من العجلة، يدفعها الي ذلك الاعتقاد بأن الانتظار طويلا يعرضها لخطر التنازل عن الاجندة السياسية للاخرين،سواء كانوا غربيين او سياسيين سوريين يعيشون في الخارج ومدعومين من الغرب أو غيرهم ممن يعتنقون ايدولوجية مختلفة . 

ويقدر اعضاء في المعارضة أعداد الاحزاب التي انشئت بالفعل بحوالي 200 حزب، رغم أن القليل منهم له وجود داخل سوريا . ويقال أن المؤتمرات السياسية تعقد عدة مرات في الشهر للاعلان عن انشاء احزاب جديدة، والتي زادت اعدادها مع اعلان الولايات المتحدة عن ضربة وشيكة لسوريا . 

وقال احمد بريمو المنسق الاعلامي لحزب التحلرير الاسلامي المحظور في كل الدول العربية منذ عقود " انها فرصة كبيرة . ولزاما علي الاحزاب السياسية أن تقدم رؤيتها وبرنامجها بدلا من انتظار أن يأتي الغرب ليفرض علينا سياساته " 

وقد شهدت الجماعات الاسلامية بشكل خاص بعد عقود من القمع علي يد حزب البعث العلماني . 

الشهر الماضي، شكلت ما يقرب من عشر جماعات ثورية تحالفا اسلاميا وطالبت المعارضة أن تكون ممثلة من أولئك الذين يقاتلون في سوريا وأن تكون للشريعة الإسلامية هي أساس أي حكومة مستقبلية. في الوقت نفسه، ندد التحالف بالائتلاف الوطني السوري، وهو مجموعة تشكل مظلة المعارضة المدعومة من الغرب، واعتبرته غير ممثل للشعب السوري . . 

قال عمرو عزام، المعارض السوري والاستاذ في العلوم السياسية : " انت لا تستطيع أن تنتظر حتي يسقط النظام والمرحلة الانتقالية جارية وتقول : حسن الان سنشكل حزبا سياسيا . " 

وقال عزام، وهو عضو مؤسس في احد الاحزاب السياسية العلمانية التي لم يعلن عنها بعد، أن كثير من النشطاء والسياسيين الصاعدين يتعلمون الدروس من تجربة مصر، حيث مثل المتنافسين علي الرئاسة الاخوان المسلمين وفلول نظام حسني مبارك . 

وفتح الاخوان المسلمين، التي كانت محظورة في سوريا منذ عقود وتعرض اعضائها للسجن، مكتبا لها في حلب، لكنها تحاشت القيام بحملات سياسية علنية . وشكلت منذ 3 شهور جناحا سيساسيا ، أسمته حزب الوعد . 

وتظل سوريا التي كان يسيطر عليها تنظيم سياسي واحد لأكثر من 4 عقود " صحراءا سياسية "، كما قال هشام مالح، المعارض والسجين السياسيس لمدة طويلة . 

وقال مالح الذي يرأس لجنة الشؤن القانونية في الائتلاف الوطني السوري " هذا طيب بالنسبة لهم أن يشعروا بالتقدم الي الامام " .

وفي نفس الوقت تتقدم الحكومة بجدولها الزمني . فهي تخطط لاجراء انتخابات رئاسية في 2014 وقال الاسد أنه يفكر هل سيترشح في الانتخابات القادمة أم لا . ولم يتضح بعد هل ستكون الانتخابات بين مرشح واحد فقط كما كان في السابق أم لا .

ويعمل حزب التحرير الذي أنشيئ في 1953 في القدس في السر منذ عقود . واستفاد في الوقت الحالي من سيطرة المعارضة علي شمال وشرق سوريا وفتحت مكاتب لها وبدأت الدعوة في المساجد والمنازل الخاصة حيث تعطي دروسا دينية وتوزيع الكتب .

ويعتنق هذا الحزب تفسيرا صارما للاسلام يغطي كل جوانب الحياة . وفي ظل حكمها سيتم الفصل بين الجنسين في الجامعات وسيتم حظر تناول الطعام في نهار رمضان . وقال أحد أعضائه، وهو طبيب يدير فصولا دراسية في ضواحي حلب، أن كل الفروض الاسلامية ستكون اجبارية للمسلم .

وبدأت الجماعة في اظهار مادة وثائقية تبرز دورها في الثورة السورية .

بدءا من الاجتماعات الدينية والسياسية في القرى والمدن الصغيرة ، حقق أعضائها نجاحات في حلب وغيرها من المدن.

ولم يحقق الحزب نجاح يذكر في التأثير على مجريات الاحداث في الشرق الأوسط. ولا يزال لاعبا سياسيا قاصر حتى في البلدان القادرة الان على العمل علنا وقانونيا،، وهو ما يجعل سوريا تمثل فرصة ذهبية له.

وقال بريمو :" أصبحت رغبة الثورة في اقامة الخلافة الاسلامية واضحة للعيان فالعلم الاسود حاضر في كل المظاهرات "

لكن الحزب لا يؤيد اجراء الانتخابات لاختبارمدي قوة الحزب  وبدلا من ذلك يعلم الناس أن الخلافة الاسلامية هي الطريق الوحيد لترسيخ احترام ومكانة الحزب في العالم، حسب ما ذكر .وقال احمد رحيم، استاذ الدراسات الاسلامية في جامعة فرجينيا والمتخصص في حركات الجماعات الاسلامية، 

وقبل عام بدأ ظهور مجالس المدن في المناطق التي يسيطر عليها الثوار في سوريا كوسيلة لوقف تيار انعدام القانون والفوضي بسبب غياب الحكومة المحلية . وقد اقيم علي الاقل مجلسي محافظة هذا العام لكنهما لم يحققا أي نجاح حيث يعملان كمنظمات غير حكومية اكثر منها منظمات حكومية .

وتبدو المحاكم التي عينت نفسها .بنفسها، والتي تتلقي دعما مباشرا من جماعات ثورية مسلحة بعينها مثل حزب التحرير، أنها تملك سلطات واسعة، الأمر الذي يطرح الشكوك حول صلاحية دولة سوريا المدنية في المستقبل .

ويقول بابا المتحدث الرسمي أن الخلافة تحتاج رجال أشداء من الجماعات الثورية الاسلامية التي ستتولي السلطة وتضمن قيام دولة اسلامية . وقد حصل الحزب علي تطمينات  حول المستقبل من جماعات ثورية متعددة، من ضمنها جماعة متحالفة مع القاعدة ، حسب قوله .

وقال بابا " حزب التحرير هو الحزب الوحيد الذي يملك خطة لدولة اسلامية . كنا مستعدين منذ اكثر من نصف قرن " .

 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق