الأربعاء، 30 أكتوبر 2013

الإبراهيمي: السعودية عقبة رئيسية أمام «جنيف»




زياد حيدر
فضلت السلطات السورية انتظار ما يصدر عن المبعوث الدولي والعربي الأخضر الإبراهيمي قبل تحديد موعد لقائه بالرئيس السوري بشار الأسد، والذي من المرجح أن يجري صباح اليوم، فيما فضل الأول تجنب توجيه أي انتقادات للسلطة خلال اجتماعاته أمس، والتي شملت وفوداً من المعارضة ومسؤولين رسميين بينهم وزير المصالحة الوطنية علي حيدر ووزير الخارجية وليد المعلم الذي أعلن أن دمشق ستشارك في مؤتمر «جنيف 2» انطلاقاً من حق الشعب السوري «الحصري» باختيار قيادته، مشيراً إلى أن المؤتمر سيكون «بين السوريين وبقيادة سورية».
وقلل الإبراهيمي من أهمية تصريحات نقلتها مجلة «جون أفريك» الفرنسية عشية زيارته إلى دمشق، واعتبر فيها أن الأسد يستطيع أن يشارك في العملية الانتقالية لما بعد «جنيف 2»، لكن من دون أن يقودها. وفضلت السلطات السورية أن تنقل النفي عبر شاشتها الرسمية، على لسان المبعوث الأممي الذي كان بدوره يستعد للقاء المعلم، في موعد رتب سريعاً، بعد لقاء الزائر بكل من وفد «هيئة التنسيق» المعارضة وحيدر.
وقال الإبراهيمي، للتلفزيون السوري، أن ما نُقل عن لسانه ليس دقيقاً، مشدداً على أن «الحوار يجب أن يُقرأ كاملاً» وأنه «لم يتطرق» لدور الأسد في العملية الانتقالية. وأوضح أن قناعته، هي أن «المشاركة في «جنيف 2» يجب أن تكون من دون شروط مسبقة لكل الأطراف»، والتي سيكون على عاتقها مهمة تحديد مسار العملية وهدفها عبر التفاوض. وشدد على أن الحكومة السورية هي «طرف أساسي في المؤتمر» الذي يحاول في زيارته التحضير له. وقال «الكلام الذي أقوله دائماً هو أننا نعمل حول جنيف 2، ومؤتمر جنيف أساساً لقاء بين الأطراف السورية، والأطراف السورية هي التي ستحدد المرحلة الانتقالية وما بعدها وليس أنا».
وتجنّب الإبراهيمي خلال لقائه وفداً من المعارضة السورية توجيه أية انتقادات للحكومة السورية، فيما كان مساعدوه ينتظرون رداً من الرئاسة السورية والخارجية لتحديد مواعيد اللقاءات. ووفقاً لمصادر معارضة انتقد الإبراهيمي الدور السعودي في الأزمة السورية، معتبراً أنه «من أكبر العقبات التي تواجه تحقيق تسوية سياسية». ورغم ذلك عبر خلال لقاءاته عن «تفاؤل»، حيث «عبرت كل الدول التي زرناها عن إيمانها بضرورة الحل السياسي، وأبدت مواقف إيجابية».
وناقش الإبراهيمي معارضين ومسؤولين على قاعدة أن «جنيف 2» يجب أن يبنى على خلاصة «جنيف 1». وترك نافذة مفتوحة للطرفين «لقراءة البيان كما يريدان. ما هو واضح تمّ الاتفاق عليه. ما هو غامض يمكن التفاوض حوله»، وذلك في إشارة لأبرز نقاط الخلاف الأميركي - الروسي حول الاجتماع الشهير، والتي تدور حول دور الأسد وممثلي النظام في المرحلة الانتقالية.
وعبر المبعوث الأممي عن قناعة أخرى، تتمثل في رغبة الطرفين الأقوى في الأزمة، وهما الولايات المتحدة وروسيا، في الوصول إلى عتبة «جنيف 2». وأكد أن الجانب الروسي يمارس الضغط على حلفائه، فيما وعدت واشنطن بفعل أمر مشابه.
ووفقاً للإبراهيمي، فإن حضوره في دمشق، يمثل نتيجة إيجابية لموقف الروس من القضية السورية، فيما يبقى على الأميركيين أن يبرهنوا قدرتهم في التأثير على المعارضة. ونقل معارض التقى الإبراهيمي أن المفاوض الدولي، عبر عن «شكوكه في إمكانية إقناع السعودية في دعم التسوية السياسية». وقال الإبراهيمي أن «الأميركيين وعدوه بممارسة ضغط على المملكة، وعلى المعارضة معاً» من اجل تسهيل انعقاد المؤتمر. كما نوّه بأنه لم يُبلّغ سبب رفض الرياض استقباله، فيما فهم لاحقاً أن موقف الإمارات المماثل جاء نتيجة رغبة سعودية.
ورأى الإبراهيمي أن «مشكلة السعودية الأساسية هي أنها ترفض دخول اللعبة، فيما يعلن النظام أنه داخل اللعبة، ولكن مع هامش للمناورة». والعقبة الأخرى، في وجه التسوية السياسية، وفقاً للمبعوث الأممي، «تتمثل في تشتت المعارضة، فيما يشكل انتشار المنظمات المتطرفة وتنامي نفوذ تنظيم القاعدة خطرين عالميين وليس سوريين فقط».
وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن المعلم بحث والإبراهيمي «الجهود المبذولة لعقد المؤتمر الدولي في جنيف». ونقلت عن المعلم تأكيده أن «سوريا ستشارك في هذا المؤتمر انطلاقاً من حق الشعب السوري الحصري في رسم مستقبله السياسي، واختيار قيادته، ورفض أي شكل من أشكال التدخل الخارجي وأن الحوار في جنيف سيكون بين السوريين، وبقيادة سورية». وشدّد على «رفض كل التصريحات والبيانات التي صدرت بعناوين ومسمّيات مختلفة، بما فيها بيان لندن حول مستقبل سوريا باعتبارها اعتداء على حق الشعب السوري واستباقاً لنتائج حوار بين السوريين لم يبدأ بعد».
ونقلت الوكالة عن الإبراهيمي نفيه لما نقل على لسانه بالإعلام، وقوله أن «وجهات النظر كانت متفقة حول أهمية وقف العنف والإرهاب واحترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها»، مشيرة إلى أن الإبراهيمي أكد أنه يتوقع «أن يتوافق السوريون على هذه المبادئ باعتبارها مبادئ أساسية في نجاح المؤتمر».
كما التقى الإبراهيمي بحيدر بصفته «أحد أعضاء الائتلاف السوري لقوى التغيير» وفق توصيف الأخير، والذي اعتبر أن «مَن يضع شروطاً مسبقة لا يريد الذهاب إلى عملية سياسية»، في إشارة إلى اشتراط «الائتلاف الوطني السوري» المعارض أن يتمحور أي حوار حول حصول عملية انتقالية ديموقراطية في سوريا.
وعن تصريحات الإبراهيمي حول وجوب مشاركة المعارضة بوفد موحّد في جنيف، قال حيدر «لا يمكن توحيد المعارضة. من دون شك، لن نذهب تحت مظلة الائتلاف، لأننا نختلف اختلافاً جذرياً بالطرح»، واصفاً فكرة توحيد المعارضة بـ«الخيالية».
وقال حيدر، تعليقاً على ما تناقلته وسائل الإعلام عن اجتماع عُقد في جنيف بين السفير الاميركي روبرت فورد ونائب رئيس الحكومة السورية للشؤون الاقتصادية المُقال قدري جميل، «أظنّ أن واشنطن تفكّر جدياً بفتح قنوات مع سوريا. لكن من المبكر التكلم عن ذلك، خصوصاً أن أميركا لم تتوقف عن الدعم السياسي والإعلامي (للمعارضة السورية في الخارج) وحتى التكلم عن التسليح والتمويل والتدريب». وأضاف «نتمنى أن يكون التغيير في الموقف الأميركي حقيقياً لا شكلياً». وقال حيدر، لموقع «بلدنا»، أنه تعرّض لمحاولة اغتيال أمس الأوّل على طريق حمص - دمشق، أثناء عودته إلى دمشق، موضحاً أنّ سيارته تلقت رصاص قناصة في منطقة «التحويلة» قرب حمص.
من ناحية أخرى، التقى الإبراهيمي وفداً يمثل «هيئة التنسيق الوطنية» يضم سبعة أشخاص، لساعة ونصف الساعة. ووفقاً لأمين سر «الهيئة» رجاء الناصر فإن الوفد أبلغه بطبيعة الوفد الذي سيمثل الهيئة في «جنيف 2» في حال حصوله.
وقال الناصر، لـ«السفير»، أن المنسق العام حسن عبد العظيم سيترأس الوفد، فيما سيترأس المنسق الخارجي هيثم مناع العملية التفاوضية. ورجّح أن يكون تعداد وفد الهيئة عشرة، مشدداً على أن الهيئة لن تقبل بتمثيل أصغر من أية جهة أخرى، في تعليق على أنباء حول وفد أكبر لـ«الائتلاف» يحتمل تشكيله. وعرض الوفد أمام الإبراهيمي آراءه حيال المناخات التي يمكن تأمينها أن يساعد «جنيف 2»، ومن بينها إطلاق سراح معتقلين ومعتقلات، وتبريد بعض الجبهات الساخنة، وإغاثة المحاصرين لدى الطرفين، وتحرير متبادل للمخطوفين.
ويلتقي الإبراهيمي، اليوم، بممثلين عن «الهيئة الكردية العليا» التي تمثل تجمع أحزاب كردية عدة، كما يلتقي بممثلي بعثات ديبلوماسية أجنبية وعربية، ومن المتوقع أن تزوره وفود شعبية تمثل شرائح اجتماعية من مناطق منكوبة وآمنة للاستماع إلى آرائها، وذلك بانتظار أن تمنحه الرئاسة السورية موعداً للقاء الأسد.
وفي إطار تسهيل عقد «جنيف 2»، أصدر الأسد مرسوم «عفو عام» عن المتخلفين عن الالتحاق بخدمة العلم والجنود الفارين من الخدمة، شرط تسليم أنفسهم خلال مهل معينة.
وجاء في نص المرسوم أن «رئيس الجمهورية، بناء على أحكام الدستور يمنح عفواً عاماً عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 29 تشرين الأول (أمس) عن كامل العقوبة» بالنسبة إلى جرائم التخلف عن الالتحاق بالخدمة الإلزامية أو الفرار منها، «إذا تمت تسوية أوضاعهم التجنيدية أصولاً خلال ثلاثين يوماً» أو «إذا التحقوا بوحداتهم» خلال هذه المهلة.
كما يشمل العفو «عن كامل العقوبة عن مرتكبي جرائم الفرار الداخلي والخارجي» أي الجنود الذين يتركون قطعهم العسكرية ولا يعودون للالتحاق، من يبقى منهم داخل البلاد أو من يغادرها، شرط أن «يسلموا أنفسهم خلال ثلاثين يوماً بالنسبة للفرار الداخلي وتسعين يوماً بالنسبة للفرار الخارجي».
من جهة أخرى، ذكرت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، ان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الاميركي جون كيري بحثا، في مكالمة هاتفية، التحضير لمؤتمر «جنيف 2 والجانب الإنساني في سوريا».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق