الأربعاء، 22 أبريل 2015

الدفاع في العمق :






20 أبريل 2015

في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز، صرح الملك عبد الله الثاني ملك الأردن أن بلاده في حالة حرب مع "مجرمي الإسلام"، في إشارة إلى الحركة السنية المتطرفة التي تعرف باسم الدولة الإسلامية.

ونظرا لحرصة على تصوير بلاده حليفا رئيسيا للغرب، لذا لم يكن الملك عبد الله قادرا علي الاعتذار عن مشاركة الأردن في سوريا والعراق.وقال الملك "نحن في الوقت الحالي الدولة العربية الوحيدة التي تعمل جنبا الي جنب مع الولايات المتحدة في سوريا، "مضيفا أن الأردن " هي الدولة العربية الوحيدة التي تعمل جنبا إلى جنب مع العراقيين في العراق إلى جانب قوات التحالف. فالعراقيين وقوات التحالف ستزيد وتيرة العمليات في العراق في الأيام المقبلة ، لذلك ستزيد الأردن وتيرة  دعم العراق. وبالطبع لا استطيع ان ادخل في التفاصيل، ولكن هناك أشياء أخرى سيتم تناولها على الطاولة عند الحديث عن شرق سوريا "

الأردن زادت من مستوي مشاركتها في التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة للحرب علي داعش في وقت مبكر من هذا العام بعد أن قتلت الجماعة الارهابية أسير حرب أردني بحرقه حيا .

يبدو أن الخطاب الحالي للملك يوحي بمستوي مشاركة أكبر . في 15 أبريل كتب بسام البدارين رئيس مكتب صحيفة القدس العربي في لندن أن الاردن علي وشك أن تطلق استراتيجية جديدة تسمي " الدفاع في العمق " ستشمل عمليات عبر الخدود في الاراضي السورية والعراقية . وقبل هذا المقال بثلاثة أيام إلتقي الملك بمجموعة من البرلمانيين لمناقشة البشئون الاقليمية والداخلية . وحسب رواية بسام البدارين ، طرح الملك استراتيجية الدفاع في العمق . وذكر البدارين أن هذا المفهوم تم تداوله في أوساط النخبة السياسية الاردنية لبعض الوقت ، لكنه يري أن النقاش الذي دار حولها في 12 ابريل دليل علي أن الملك عبد الله قرر المضي قدما في تنفيذ هذه الاستراتيجية .

الحدود الاردنية بالطبع في حاجة للحماية . ففي الغرب الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين هو جرح متقرح كان يقوض استقرار الاردن منذ فترة طويلة .ورغم أهمية القضية الفسطينية جلبت السنوات الأخيرة معها المزيد من المشكلات العاجلة .

في الشرق إستولت الدولة الاسلامية علي معظم مستعمرات الصحراء في غرب العراق في صيف 2014 . وتم إخلاء نقطة الطريبيل الحدودية  مع الاردن منذ ما يقارب العام ، ونقلت الاردن قوات الي هناك لتعزيز الرقابة علي الحدود .

وعلي الجانب السوري في الشمال يسيطر المتمردين علي أجزاء كبيرة من الحدود . لكن معبر نصيب الحدودي ظل تحت سيطرة الرئيس السوري بشار الاسد حتي استولي عليه المتمردين فجأة في وقت مبكر من شهر أبريل . ومن الجماعات المنتصرة جماعة جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة . ولم ينسحب الجهاديين إلا بعد صراع داخلي قصير ومحير ، في وقت أصدر فيه المتمردين المدعومين من الغرب والاردن والخليج والولايات المتحدة بيانات تعلن فيها معارضتها لجبهة النصرة .

وحسب ما ورد في عدة تقارير صحفية ، دخل المتمردين معبر نصيب بعد تلقي اشارة البدأ من الدول الداعمة - ومنها الأردن التي تستضيف مقرات متعددة الجنسيات لتنسيق الدعم للمتمردين في جنوب سوريا . وفي الوقت نفسه تمكن ائتلاف من المتمردين الاسلاميين في شمال سوريا من الاستيلاء علي عاصمة محافظة إدلب أواخر شهر مارس .

كانت إدلب ثاني عاصمة محافظة تسقط في يد المتمردين طوال أربع سنوات من عمر الصراع ، بعد سقوط مدينة الرقة في شمال شرق سوريا . الان وقد سيطر الثوار علي معبر نصيب ، قد تصبح درعا هي المدينة الثالثة .  مدينة درعا قريبة جدا من الحدود الاردنية ولا يربطها بدمشق إلا ممر من الطرقات والبلدات الريفية .

وصف الكثيرين إقتحام المتمردين لإدلب والحدود الاردنية في سياق المساعي التي تقودها السعودية لتصعيد الضغط علي ايران وحلفائها مع اقتراب طهران من التوصل الي اتفاق نووي مع الولايات المتحدة وقوي أخري . وتصادف النكسات التي تعرض لها بشار الأسد مع التدخل العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن ويوجد ما يكفي من الأدلة علي وجود استراتيجية عربية خليجية أكثر قوة وعنفوانا - وهي استراتيجية سيكون لها تأثير علي الاردن .

تري الاردن أن الحرب السورية هي في حد زاتها زعزعة للاستقرار ، لكن التغيرات السريعة في أرض المعركة محملة بالمخاطر بشكل خاص . فالاردن تستضيف بالفعل مئات الالاف من اللاجئين السوريين ، وبلغ عددهم الان حوالي خمس سكان الاردن .وهذا يحمل الاقتصاد أعباءا كبيرة إضافة الي الأعباء الموجودة بالفعل ويوتر العلاقات الاجتماعية في المملكة وساهم بقدر كبير في إثارة مخاوف الاردن من الأوضاع الأمنية والهوية الوطنية  . ومما زاد الطين بلة أن الرأي العام منقسم بشأن الحرب .

ومع وجود بعض اللاجئين والقبائل والمهربين المحليين الذين يساعدون في تهريب الأسلحة والمتفجرات والناس ، السلطات الاردنية الان مجبرة علي بزل جهود كبيرة لمراقبة حركة الناس والبضائع عبر الحدود .والأسوأ من ذلك أن جماعات جهادية مثل جبهة النصرة - التي تضم في صفوفها عدد من الاردنيين علي قمة قيادتها - يستغلون الأوضاع في صمت للحصول علي مجندين لأجل الصراع السوري لتوطيد وجودهم في الاردن .

وصعود الدولة الاسلامية في الشرق يثير نفس المخاوف .فبالرغم  من أن تدفق اللاجئين من العراق كان محدودا نسبيا حتي الان ، قد يزيد ولا يتم السيطرة عليه . الدولة الاسلامية تحاول التسلل للاردن من عدة طرق . وقيامها بهجمات عبر الحدود ليس أكثر طرقها فاعلية لتوطيد نفسها ، بل الانضمام الي الفصائل الاردنية المتطرفة واستغلال السخط الاجتماعي للشباب الاردني

وللتصدي لهذه  النزعات ، سعت الحكومة لاستغلال الانقسامات بين القاعدة والدولة الاسلامية وأطلقت سراح بعض المشايخ المنتمين للقاعدة وسمحت لهم بقدر من الظهور الاعلامي .  لكن التلاعب بالجهادية السلفية المتطرفة قد يكون لها إثار سيئة .

ويبدو أن الملك عبد الله الان يشير أن أولوياته قد لا تلتقي مع اولويات السعودية وحلفاء الاردن التقليديين الذين يركزون علي محاربة ايران ووكلائها . وورد في الأخبار أن الملك دعا في اجتماعه البرلماني في 12 ابريل الي حل سياسي في اليمن وسوريا  رغم إتخازه موقفا أكثر حزما بخصوص العراق ودعمه " الحكومة العراقية في جهودها لمحاربة الارهاب والعصابات الارهابية " .

وفي لقائه مع قناة فوكس نيوز أظهر الملك عبد الله حزنه علي " إنهيار " سوريا وأعلن - مرددا تقييمات مسئولين أمريكيين في  السي أي إيه والأمن -  أن إسقاط الاسد ليس من أولوياته . وقال الملك عبد الله " عمليا يوجد حربين دائرتين في تلك اللحظة ، حرب علي النظام وحرب علي داعش . إذن فأيهما تحظي بالأولوية ؟ من وجهة نظري داعش فهم المشكلة الرئيسية "


الحدود الشمالية والشرقية للاردن ستظل موجودة طالما تمكنت المملكة الهاشمية من فرض الأمن فيها . ولأن الملك عبد الله يتنبأ بفترة طويلة قادمة من الإضطرابات في المنطقة لذا يبدو أن الملك عبد الله يرغب في تحفيز الاردنيين لقبول فكرة أن لا أحد غيرهم سيحافظ علي سلامة الحدود الاردنية وأن الوساطة عبر الحدود ستكون هي الحالة السوية .

وكما فسر البدارين في صحيفة القدس العربي استراتيجية الدفاع في العمق ، قد تشمل نتائج تلك الاستراتيجية القيام بعمليات عسكرية " في عمق العراق وسوريا "  . وحسب مصادر البدارين ، ناقش الملك ايضا فنيات إقامة "  حزام أمني لحماية حدود الاردن مع سوريا والعراق " . وفي مقال نشر في 19 ابريل أضاف البدارين أن هذا الحزام الأمني قد يصلح لتسكين اللاجئين علي الجانتب الاخر من الحدود بدلا من الاردن وأن هذا سيستلزم تعاونا ضمنيا مع الفصائل المقاتلة ومنها جبهة النصرة في سوريا .

وتبدو فكرة احتلال القوات البرية الاردنية لأجزاء من سوريا أو العراق فكرة خيالية . لكن لعب دور متزايد في التنسيق مع القبائل والمتمردين لتعزيز الأمن علي الحدود هي الأرجح - وقد تشمل هذه الاستراتيجية غارات الكر والفر علي القوي المعادية .

ومع ذلك لا داعي للقفز علي النتائج بناءا علي أحاديث قليلة ومقالات صحفية . فقد يعني مفهوم الدفاع في العمق وضع إطار جديد لمشاركة الاردن الحالية في الائتلاف المناهض للدولة الاسلامية كنوع من الدفاع عن النفس وليس مجرد عمليات للحرب علي الارهاب . وقد يفضل الملك ترك المعني الحقيقي للمصطلح بدون تعريف في الوقت الحالي لأن هذا سيساعده في ترك الخيارات مفتوحة في بيئة سريعة التغير


http://carnegieendowment.org/syriaincrisis/?fa=59840

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق