الأحد، 12 فبراير 2017

عضوة مجلس اللوردات البريطاني البارونة كوكس عن زيارتها لسوريا وسياسات بريطانيا الخاصة بسوريا

السادة اللوردات،  أود أن أعبر عن شديد إمتناني لجميع اللوردات النبلاء الذين يتحدثون في هذا الحوار ولأشخاص، مثل صديقي النبيل اللورد رايت من ريتشموند، الذي أعرب عن دعمه ولكنه لم يتمكن من الحضور. كما أنني ممتن للسفيربيتر فورد سفير بريطانيا السابق في سوريا، ، الذي قدم إحاطة لا تقدر بثمن.

تنشأ مخاوفي من زيارة سبتمبر الماضي استجابة لدعوات من البطريرك ملكيت ومفتي سوريا وزعماء الطوائف المسيحية والإسلامية في حلب. ولم تقم الحكومة بتنظيم برنامجنا بل قام بترتيبه أصدقاء في سوريا ومنظمات غير حكومية .  التقينا العديد من السوريين في دمشق وحلب ومعلولا واللاذقية، ومنهم ممثلي الظوائف المسلمة، والمسيحية واليزيدية. وأعضاء في الحكومة وأحزاب المعارضة الداخلية؛ ومنظمات مجتمع مدني مثل مجلس كبار الأطباء في حلب. والنازحين في اللاذقية الذين فروا للنجاة بحياتهم من ميليشيات داعش والميليشيات التي لها صلات بداعش و. والناجين من هجمات داعش في معلولا.

كما التقينا الرئيس الأسد، وهو اللقاء الذي تعرضنا بسببه لانتقادات لاذعة في وسائل الإعلام ووزارة الخارجية. ونحن متمسكين بقرارنا بعقد لقاء مع الرئيس الاسد، ليس لأننا لأننا لا ننتقده بل لأن المرء لن يتمكن من طرح مخاوفه  والتعرف على السياسات الحالية والمقترحة.الا من خلال الاجتماع معه

وربما شاهد العديد من اللوردات النبلاء تغطية الصحف في نهاية هذا الاسبوع التي تدين الأسد بارتكاب فظائع منها قتل ١٣ ألف شخص في سجن صيدنايا نقلا عن تقرير نسب إلى مكتب منظمة العفو الدولية في بيروت. ولن يسمح لي الوقت الا أن أتناول بإختصار ثلاث قضايا تتعلق بتلك المزاعم.

أولا، واقع التعذيب في السجون السورية معروف جيدا، وهو مدعاة لقلق حقيقي ولا يجوز بأي حال من الأحوال التغاضي عنه، ولكن  هذه التقارير بها تناقضات ملحوظة. فلا توجد فيها أي إشارة للظروف التي يحتجز فيها الجنود السوريين والعديد من المدنيين على يد المتطرفين الاسلاميين أو للفظائع التي ترتكبها تلك الميليشيات، بما في ذلك التعذيب وقطع الرؤوس وذبح المدنيين من جراء التفجيرات الانتحارية. عندما كنا في سوريا، هاجم انتحاري نقطة تفتيش في حمص، مما أسفر عن مقتل أكثر من 30 شخصا، ويعتقد أن من بينهم عائلات أحرقوا أحياء في سياراتهم أثناء وقوفها في صفوف. ثانيا، هذه التقارير تقبل دون تمحيص علي أنها حقيقة .  ومع ذلك، ففي عام 2014 ثبت  أن عددا مماثلا من صور الجثث الغريبة هي خليط من أنصاف الحقائق. أما المسألة الثالثة فهي التوقيت. فهذا التقرير، الذي مر عليه عام على ما يبدو في فترة الحمل، ظهر الآن ليتسبب في أقصي ضرر لفرص نجاح عملية السلام في المحادثات التي جرت مؤخرا في أستانا.

التقرير الذي أعدته مجموعتنا التي زارت سوريا متاح على نطاق واسع، وأريد أن أسلط الضوء على أولويات مخاوفنا، التي لا تزال قائمة على الرغم من التغييرات المزلزلة التي حدثت منذ سبتمبر. أولا، كل الذين تحدثنا معهم في سوريا كانوا منزعجين بشدة من التزام حكومة المملكة المتحدة بتغيير النظام. لكن حكومة صاحبة الجلالة ملتزمة بلا حرج بعملية انتقال سياسي تتوج برحيل الرئيس الأسد. وبالتالي فالانتقال السياسي هو مجرد كناية عن تغيير النظام.

لو وضعنا الحق والباطل جانبا ، سنكون واهمين لو تظاهرنا بأن الأسد سوف يجبر علي التنحي. فبعد استعادة شرق حلب، هو الآن في موقف القائد في ساحة المعركة، مع الدعم المحلي والخارجي لتعزيز موقفه. وينبغي علي حكومة صاحبة الجلالة ​أن ندرك أن الأسد لو فعل ما يريدون فإن أول من سيعاني سيكون الشعب السوري.جميع الذين التقينا بهم يخشون بشدة أن يؤدي رحيل الأسد الي انهيار النظام، مما يؤدي إلى كوارث مماثلة لتلك الموجودة في العراق وليبيا.وأنا أسأل الوزير لماذا لا تصغي حكومة صاحبة الجلالة، على سبيل المثال، إلى رجال الدين في سوريا، سواء مسيحيين أومسلمين، وكلهم تقريبا يحثون المجتمع الدولي علي التعامل مع الحكومة السورية.

ثانيا، هناك غضب على نطاق واسع وفزع مفهوم من مواصلة تقديم المملكة المتحدة المساعدات العملية للميليشيات الاسلامية المعارضة ، ومنها التدريب والتسليح والمساعدة في الدعاية والدعم الدبلوماسي.  . المساعدة في  الحفاظ على المعارضة المسلحة لن تؤدي إلا إلى إطالة معاناة السوريين بلا أي غرض أيا كان. لذلك قال لنا الكثير من الناس : "الحرب رهيبة. الناس من كلا الجانبين يموتون من القصف . ولكنك هنا، تموت من القصف أو تموت من القصف وقطع الرؤوس. ونحن لا نريد قطع الرؤوس ". لذا أسأل الوزير لماذا تواصل المملكة المتحدة دعم "الثوار" الإسلاميين ، في الوقت الذي يؤكد فيه السوريين، الذين عانوا في ظل الطغيان الوحشي، أن "المعتدلين" لم يعد لهم وجود، والغالبية العظمى من هذه المجموعات  لديها أيديولوجيات متطرفة وليس لديها نية لخلق دولة ديمقراطية في سوريا.

ثالثا، كان هناك استياء واسع النطاق من التقارير الإخبارية من قبل بي بي سي ووسائل الإعلام الغربية الأخرى التي ينظر إليها على أنها منحازة للغاية وتركز فقط على المعاناة الناجمة عن الجرائم العسكرية التي يرتكبها الجيش السوري والجيش والروسي، مع عدم وجود تغطية مماثلة عن معاناة طال أمدها بسبب هجمات داعش وغيرها من الجماعات الإسلامية، والتي تشمل استخدام القنابل العنقودية والأسلحة الكيميائية . وتجاهل الاعلام الي حد كبير الحالة الأخيرة من حالات الاعتداء العشوائي علي السكان الأبرياء . وهي حالة التسمم لمدة شهر بوقود الديزل، ثم بعدها القطع الكامل لإمدادات المياه إلى دمشق عن طريق ما يسمى الجهاديين المعتدلين بين أواخر ديسمبر 2016 وأواخر يناير 2017. ولم تعود إمدادات المياه إلا بعد أن  قام الجيش السوري بتحويل عدد كبير من القوات من جبهات أخرى واستعاد ينابيع وادي بردى من الجهاديين في هجوم عسكري كبير.

يبدو أن المقصود من التحيز في التغطية الإعلامية تشويه صورة الرئيس الأسد وحكومته والتغطية على الأعمال الوحشية التي ترتكبها قوات الاسلاميين. ففي 13 ديسمبر عقد مجلس العموم جلسة طارئة بخصوص حلب. وأكد وزير الخارجية إدانتة الهجوم على شرق حلب، وعلى أهمية حماية المدنيين والالتزام المستمر بالتوصل إلى تسوية سياسية في سوريا. والبيان الذي أدلى به وزير الخارجية يثير العديد من التساؤلات. لماذا اختارت الغالبية العظمى من المدنيين في شرق حلب الفرار إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اذا كانوا جميعا مرعوبون من الحكومة، بصرف النظر عن قلة قليلة ممن انضموا إلى الإرهابيين الذين تم اجلائهم إلى إدلب؟ لماذا ، بعد أشهر من التباكي على محنة ٣٠٠ ألف  شخص من المدنيين في شرق حلب - وهو رقم مبالغ فيه الي حد كبير بالمناسبة وتبين أن عددهم  ١٣٠ ألف - لم يكن هناك إلا تغطية إعلامية ضئيلة لما يحدث هناك بالفعل ؟

وقد كان القس أندرو أشداون، الذي نظم لنا زيارة شهر سبتمبر ، متواجدا في حلب أثناء تحرير المدينة . وزار مناطق شرق حلب ومنها مركز جبرين ​لتسجيل اللاجئين ومراكز استقبال أخرى، وعشرات الآلاف من اللاجئين من شرق حلب إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. وأقتبس من تقريره التالي :

"" كانت أصوات المدنيين القادمين من المناطق التي كانت يسيطر عليها " الثوار " في شرق حلب  كلها موحدة عن القتل الوحشي والاعدامات التي يرتكبها الثوار ضد كل من يعارضهم.. وقتل الرجال والنساء والأطفال الذين حاولوا الفرار. تعذيب واغتصاب المدنيين بانتظام. وحرمان المدنيين من الطعام ، أو بيع المواد الغذائية بأسعار باهظة. حجب المساعدات الطبية عن المحتاجين حتى عندما يتوسلون للحصول على المساعدة. وكانوا يقولون للمدنيين أن الجيش السوري سيقتل المدنيين إذا فروا إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. وأنهم إذا لم يلتزموا بإيديولوجية "الثوار" فهم ليسوا  'مسلمين' حقيقيين بل 'كفار' يستحقون الموت. وقال هؤلاء اللاجئين الذين فروا من شرق حلب وكانوا يعرفون  من يطلق عليهم " أصحاب الخوذ البيضاء" (الكثيرين منهم لا يعرفونهم) مرارا وتكرارا أنهم "كانوا يساعدوا الإرهابيين فقط. " وكانوا جميعا تبدو عليهم السعادة واضحة بعد أن تحرروا، ويتم إعطاءهم الغذاء والمساعدة الطبية والمأوى لدى وصولهم. وتتعارض رواية هؤلاء الناس مع ما كانت تنقله وسائل الإعلام الغربية والتقارير الاخبارية في الأشهر الماضية ".

في الشهر الماضي  بدأت بالفعل جهود ترميم المرافق، وفتح المدارس وجعل المناطق في شرق حلب قابلة للسكن. ويتساءل الكثير من الناس لماذا لا أحد ينشر عن هذه التطورات الإيجابية عن حالات ما بعد الصراع في شرق حلب.

ويقترن موقف حكومة صاحبة الجلالة بالإصرارعلى الإبقاء علي العقوبات. وهذا يضر كثيرا المدنيين السوريين الذين لا يستطيعون الحصول على الإمدادات الطبية مثل الأطراف الاصطناعية، أكثر مما يضر الحكومة. وتتردد في  بعض الأحيان مزاعم أن الأسد في الحقيقة لا يحارب داعش. وردا علي ذلك أقول: قولوا هذا لمن يدافعون ببسالة عن دير الزور، ولشعب تدمر أو سكان دمشق وريف حمص، الذين تقف قوات الحكومة بينهم وبين قاطعي الرؤوس .

وأغتنم هذه الفرصة لأسجل بأن الشعب السوري يشعر بالامتنان العميق لروسيا التي أخذت داعش على محمل الجد وساعدتهم وتدافع عن شعبهم ضد همجيتهم .وأنا أسأل الوزير: ما هو موقف الحكومة صاحبة الجلالة فيما يتعلق بمحادثات أستانا، والتي يبدو أنها المبادرة الوحيدة حاليا التي من المرجح أن توفر سياسة قادرة على نزع فتيل الوضع الحالي؟

وفي الختام، أود فتح هذا النقاش بقلب مثقل وبحزن عميق لأنني شاهدت لمحة من معاناة الشعب السوري في ظل هجمة هجمات داعش والجهاديين الإسلاميين المرتبطين بها. ويحزنني أكثر أنني رأيت أن المعاناة تتفاقم بسبب سياسات دعم المملكة المتحدة للجهاديين، وأنا أشعر بحزن عميق لاستمرار التزام حكومة صاحبة الجلالة بتغيير النظام، تحت أي مسمى، وهو ما يخشاه الشعب السوري بشدة . فهل ستعيد حكومة صاحبة الجلالة النظر في موقفها الراسخ الذي فاقم من معاناة الشعب السوري، وهل ستسمح للشعب السوري بالحق في الديمقراطية والكرامة لاختيار مستقبلهم؟ إذا كان ذلك سنطوي على إعادة انتخاب الرئيس الأسد فهذا حقهم ويجب أن يحترم
 
 https://hansard.parliament.uk/lords/2017-02-09/debates/5474D17E-6083-449F-B8E3-F75D99A66D86/Syria

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق