الأحد، 22 مايو 2016

من الذين يتكلمون نيابة عن المعارضة السورية ؟







بتاريخ 12 يوليو 2012


هناك كابوس يتكشف في كل أنحاء سوريا، في منازل مدينة الحيفة وشوارع مدينة الحولة. وكلنا نعلم كيف ستنتهي القصة: قتل الالاف من الجنود والمدنيين وتدمير المنازل والعائلات وضرب الرئيس الأسد حتي الموت في أحد المصارف

تلك هي قصة الحرب في سوريا ولكن هناك قصة أخري سنرويها. قصة أقل دموية، ومع ذلك فهي قصة مهمة. إنها قصة عن رواة القصص : المتحدثين الرسميين و " الخبراء المتخصصين في الشأن السوري " و " نشطاء الديمقراطية " ، وصانعي البيانات . الناس الذين " يحثون " و " يحذرون " و " يدعون للتحرك "

إنها قصة تتحدث عن أكثر الناس الذين ينقل عنهم من أعضاء المعارضة وعلاقاتهم بالبزنس الانجلو اميريكي لصناعة المعارضة. أغلب وسائل الاعلام واسعة الانتشار  كانت سلبية بشكل ملحوظ عندما يتعلق الأمر بالمصادر السورية. وتصف تلك المصادر بكل بساطة بصفتهم " المتحدثين الرسميين " أو " نشطاء حقوق انسان "، في الغالب دون التدقيق في بياناتهم او خلفياتهم أو علاقاتهم السياسية

ومن الأهمية بمكان التأكيد علي التالي : التحقيق في خلفية المتحدثين الرسميين السوريين لا يعني التشكيك في معارضتهم للأسد. لكن شغفهم بكراهية نظام الأسد ليس ضمانة لإستقلالهم. وبالفعل هناك عدد من الشخصيات البارزة في حركة المعارضة السورية من المنفيين في الخارج منذ فترة طويلة ويتلقون تمويلا من الحكومة الامريكية لتقويض حكومة الأسد قبل فترة طويلة من اندلاع الربيع العربي .

ورغم أن الحكومة الامريكية لم تقر أن سياستها المعلنة في سوريا إسقاط الأسد بالقوة، إلا أن هؤلاء المتحدثين الرسميين يدافعون بصوت مرتفع عن التدخل العسكري الاجنبي لسوريا مما يجعل منهم حلفاء طبيعيين للمحافظين الجدد في امريكا الذين أيدوا غزو بوش للعراق ويضغطون الان علي ادارة اوباما للتدخل في سوريا .

قالت هيلري كلينتون يوم الأحد : " الرمال نفذت من زجاج الساعة " . لذا، فمع اشتداد القتال في سوريا، وإبحار السفن الحربية الروسية نحو طرطوس، فقد حان الوقت لإلقاء نظرة عن كثب علي هؤلاء الذين يتحدثون نيابة عن الشعب السوري .


 المجلس الوطني السوري


الممثلين الرسميين للمجلس الوطني السوري هم أكثر المتحدثين الرسميين التابعين للمعارضة الذين يتم النقل عنهم . والمجلس الوطني السوري ليس جماعة المعارضة الوحيدة - لكنها الجماعة المعترف بها عموما بصفتها " إئتلاف المعارضة الرئيسي " ( حسب البي بي سي ) . وتصفها صحيفة الواشنطون تايمز بأنها " جماعة تشكل مظلة لفصائل متنافسة متواجدة خارج سوريا ". وبالطبع المجلس الوطني السوري هو من أكثر جماعات المعارضة لتي لها علاقات وثيقة مع القوي الغربية - وطالبت بالتدخل الدولي من المراحل الاولي للإنتفاضة . وفي شهر فبراير من هذا العام أثناء افتتاح قمة أصدقاء سوريا في تونس صرح ويليم هيغ بالتالي : " سأجتمع بقادة المجلس الوطني السوري في ظرف دقائق . ونحن سنعاملهم ونعترف بهم، بالإشتراك مع الدول الاخري، كممثل شرعي للشعب السوري " .

ومن أبرز المتحدثين الرسميين للمجلس الوطني السوري هي الأكاديمية السورية التي تعيش في فرنسا بسمة قدماني .



بسمة قدماني :





ها هي بسمة قدماني شوهدت تغادر مؤتمر بيلدربيرغ الذي انعقد هذا العام في مدينة شانتيلي بولاية فيرجينيا .

قدماني عضو في المكتب التنفيذي ورئيسة الشئون الخارجية للمجلس الوطني السوري. وقدماني مقربة من هيكل السلطة في المجلس الوطني السوري وواحدة من أكثر المتحدثين الرسميين في المجلس الوطني . وصرحت هذا الاسبوع قائلة : " لا إمكانية للحوار مع النظام الحاكم ولن نناقش إلا كيفية الانتقال الي نظام سياسي مختلف " . وقالت هنا نقلا عن وكالة الانباء الفرنسية : " الخطوة التالية يجب أن تكون قرار بموجب الفصل السابع، والذي يسمح باستخدام كل الوسائل المشروعة، والوسائل القسرية، وحظرا على الأسلحة، فضلا عن استخدام القوة لإجبار النظام علي الامتثال ".

 وترجم هذا التصريح في العنوان التالي "السوريون يطالبون بقوات حفظ السلام المسلحة" (صحيفة استراليا هيرالد صن). عندما يتم استدعاء عمل عسكري دولي واسع النطاق فمن المنطق أن نسأل: من بالضبط الذي يطالب بذلك؟ يمكننا أن نقول ببساطة، "المتحدث الرسمي باسم المجلس الوطني السوري"، أو يمكننا أن نلقي عليها نظرة عن قرب 

في هذا العام حضرت قدماني للمرة الثانية مؤتمر بيلدربيرغ . وفي المؤتمر الذي عقد في 2008 كانت قدماني في قائمة الحضور بصفتها مواطنة فرنسية. وبحلول 2012 إختفت فرنسية قدماني ووضعت في قائمة حضور المؤتمر بكل بساطة كمواطنة " دولية " - وأصبح وطنها هو عالم العلاقات الدولية . 

ولو عدنا للوراء سنوات قليلة، في 2005 كانت قدماني تعمل لصالح مؤسسة فورد في القاهرة، حيث كانت تتولي منصب مدير برنامج التعاون الدولي والحوكمة . مؤسسة فورد منظمة كبيرة مقرها نيويورك وكانت قدماني بالفعل عضو بارز فيها. لكنها كانت علي وشك ان تقفز خطوة للأمام . 

وفي تلك الأثناء إنهارت العلاقات السورية الامريكية في 2005 وإستدعي الرئيس بوش السفير الامريكي من دمشق . ويرجع تاريخ الكثير من مشاريع المعارضة لهذه الفترة . وقالت صحيفة الواشنطون بوست : " بدأت الأموال الأمريكية تدفق الي المعارضة السورية في ظل حكم الرئيس جورج بوش بعد أن جمد فعليا العلاقات السياسية مع دمشق في 2005 "

 وفي سبتمبر 2005 تم تعيين قدماني المدير التنفيذي للمبادرة العربية للإصلاح
(ARI) ، وهي برنامج بحثي أطلقه لوبي قوي في الولايات المتحدة هو مجلس العلاقات الخارجية (CFR).

مجلس العلاقات الخارجية من نخبة مراكز الأبحاث الامريكية الخاصة بالسياسة الخارجية ويصف المبادرة العربية للاصلاح علي موقعه بصفتها " مشروعا خاصا بمجلس العلاقات الخارجية " وبشكل أكثر تحديدا، المبادرة العربية للإصلاح أطلقتها مجموعة داخل مجلس العلاقات الخارجية تسمى "مشروع الولايات المتحدة / الشرق الأوسط" - وهي هيئة من كبار الدبلوماسيين وضباط الاستخبارات والممولين، والهدف المعلن منها هو القيام ب "تحليل السياسات" الإقليمية من أجل " منع الصراعات وتعزيز الاستقرار ". ويسعي مشروع الولايات المتحدة / الشرق الأوسط لتحقيق هذه الأهداف بتوجيه من هيئة دولية برئاسة الجنرال (المتقاعد) برنت سكوكروفت.

برنت سكوكروفت (الرئيس الفخري) هو مستشار الأمن القومي السابق للرئيس الأمريكي - تولى المنصب بعد هنري كيسنجر. ويجلس إلى جانب سكوكروفت في الهيئة الدولية زميله الجيوستراتيجي، زبيغنيو بريجنسكي، الذي خلفه في منصب مستشار الأمن القومي، وبيتر ساذرلاند، رئيس مجلس إدارة بنك جولدمان ساكس الدولية. لذا ففي أوائل عام 2005 أصبح لدينا  جناحا كبيرا من أجنحة المؤسسة الاستخباراتية والمصرفية الغربية اختار قدماني لادارة مشروع بحثي في الشرق الأوسط. ,في سبتمبر من ذلك العام تم تعيين قدماني مديرا متفرغا للبرنامج. وفي عام 2005 كلف مجلس العلاقات الخارجية مركز الإصلاح الأوروبي بتولي "الاشراف المالي" علي المشروع . وهنا يأتي الدور البريطاني.

 مجلس الاصلاح الاوربي يشرف عليه اللورد كير، نائب رئيس شركة رويال داتش شل. وكير هو رئيس سابق للسلك الدبلوماسي، وهو مستشار بارز في تشاتام هاوس (وهو مركز أبحاث بعرض أفضل عقول المؤسسة الدبلوماسية البريطانية).

 المسؤول عن مجلس الاصلاح الاوربي بشكل يومي هو تشارلز غرانت، المحرر السابق في شئون الدفاع في صحيفة الاكونومست، وفي هذه الأيام هو عضو في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، وهو  "مركز أبحاث أوروبي" مليئ بالدبلوماسيين ورجال الصناعة، وأساتذة جامعات ورؤساء وزارات. وستجد على قائمة الأعضاء اسم: "بسمة قدماني (فرنسا / سوريا) - المدير التنفيذي للمبادرة العربية للإصلاح ".

 اسم آخر في القائمة: جورج سوروس - الممول الذي تعد "مؤسسات المجتمع المفتوح" الخاصة به مصدر التمويل الرئيسي للمجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية. على هذا المستوى، تشابكت عوالم الصرافة، والدبلوماسية، والصناعة، والاستخبارات والمعاهد المختلفة للسياسات وفي وسط كل هؤلاء كانت قدماني

المغزي هو أن قدماني ليست مجرد " ناشطة من أنصار الديمقراطية " عشوائية وجدت نفسها بالصدفة أمام الميكروفون . وهي لديها أوراق اعتماد دبلوماسية دولية لا تشوبها شائبة: فهي تتولى منصب مدير الأبحاث في أكاديمية ديبلوماتيك انترناسيونال - وهي "مؤسسة مستقلة ومحايدة تكرس جهودها لتعزيز الدبلوماسية الحديثة". ويرأسها الأكاديمي جان كلود كوسران، الرئيس السابق لجهاز  المخابرات الخارجية الفرنسية.

وتبرز صورة قدماني كجندي يحظي بثقة صناعة ترويج الديمقراطية الانجلو امريكية . وجاء في موقع المجلس الوطني السوري أن " محافظة المنشأ " التي نشأت فيها هي دمشق 
 ولكن كانت لها علاقات مهنية طويلة ووثيقة مع القوي التي طالبتها بالتدخل في سوريا 


والعديد من رفاقها من المتحدثين الرسميين لديهم بالمثل علاقات جيدة بهم 





رضوان زيادة : 
 

ومن الممثلين الاخرين للمجلس الوطني السوري الذين كثيرا ما ينقل عنهم هو رضوان زيادة - مدير العلاقات الخارجية في المجلس الوطني السوري. زيادة لديه سيرة زاتية تثير الاعجاب: فهو زميل بارز في مركز أبحاث في واشنطون ممول من الحكومة الفيدرالية، وهو المعهد الامريكي للسلام ( يمتلئ مجلس ادارة المعهد الامريكي للسلام بخريجين من وزارة الدفاع ومجلس الأمن القومي، ورئيسه هو ريتشارد سولومون، المستشار السابق لكيسنجر في مجلس الأمن القومي).

وفي شهر فبراير من هذا العام انضم زيادة لحفنة من نخبة الصقور في واشنطون لتوقيع خطاب يطالب اوباما بالتدخل في سوريا . ويضم زملاؤه الموقعين علي الخطاب جيمس وولسي (رئيس المخابرات السابق)، كارل روف (معالج بوش الابن)، كليفورد ماي (من لجنة الخطر الداهم) واليزابيث تشيني، الرئيس السابق لمجموعة عمليات إيران وسوريا في البنتاغون.

زيادة شخص منظم بشدة ومطلع ببواطن الأمور في واشنطون ومحل ثقة وتربطه علاقات بأقوي مراكز الأبحاث. وتمتد علاقات زيادة لتصل الي لندن. في 2009 أصبح زميل زائر في معهد تشاتام هاوس، وفي شهر يونيو من العام الماضي ظهر في قائمة إحدي المناسبات الخاصة به - وكتب بحثا بالاشتراك مع زميله في المجلس الوطني السوري أسامة منجد ( وسنتحدث عن اسامة منجد فيما بعد ) حمل العنوان التالي " وضع تصور للمستقبل السياسي لسوريا "

وعرفت صحيفة وول ستريت جورنال غضبان بصفته وسيط بين حكومة الولايات المتحدة والمعارضة السورية في المنفى: "تم أول اتصال بين البيت الأبيض وجبهة الخلاص الوطني علي يد نجيب غضبان، أستاذ العلوم السياسية في جامعة أركنساس ". كان هذا في عام 2005. العام الفاصل.

في الوقت الحالي غضبان عضو في الأمانة العامة للمجلس الوطني السوري، وعضو في المجلس الاستشاري للهيئة السياسية ومقرها واشنطون ويطلق عليها المركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية (SCPSS) - وهي منظمة شارك زيادة في تأسيسها

كان زيادة يقوم بصنع اتصالات كتلك طوال سنوات . في 2008 شارك زيادة في اجتماع لشخصيات من المعارضة في مبني للحكومة في واشنطون : وكان مؤتمرا مصغرا أطلقوا عليه " التحول في سوريا " . الاجتماع كان برعاية هيئة مقرها الولايات المتحدة تسمي مجلس الديمقراطية وبرعاية منظمة مقرها بريطانيا تسمي حركة العدالة والتنمية . كان يوما حافلا لحركة العدالة والتنمية - فرئيسها أنس العبدة سافر الي واشنطون من لندن ليشارك في هذه المناسبة وبرفقته مدير العلاقات العامة للحركة . وهنا وصف الحركة لذلك الحدث علي موقع الحركة : " شهد المؤتمر إقبالا غير مسبوق حيث امتلأت الصالة المخصصة بالضيوف من مجلس النواب ومجلس الشيوخ وممثلين عن مراكز الدراسات والصحفيين وسوريين في الخارج موجودين في الولايات المتحدة "

افتتح اليوم بكلمة إفتتاحية ألقاها جيمس برنس، رئيس مجلس الديمقراطية. وكان زياده في لجنة يرأسها جوشوا مورافتشيك (من دعاة التدخل العسكري المتطرفين وكاتب مقال " إقصفوا ايران "  سنة 2006 ). وكان موضوع النقاش "نشأة المعارضة المنظمة ". وكان يجلس بجانب زياده في اللجنة مدير العلاقات العامة لحركة العدالة والتنمية - وهو الرجل الذي أصبح لاحقا زميله في المجلس الوطني السوري - إنه أسامة المنجد.


 أسامة المنجد


يعد أسامة المنجد، بالاضافة لقدماني وزيادة، أحد أهم المتحدثين الرسميين في المجلس الوطني السوري. ويوجد اخرين بالطبع - فالمجلس الوطني السوري كائن ضخم ويضم الاخوان المسلمين. 
المعارضة للأسد واسعة النطاق، لكن هؤلاء من الأصوات الأساسية. يوجد متحدثين رسميين اخرين لهم سيرة سياسية طويلة، مثل جورج صبرا من حزب الشعب الديمقراطي - تعرض صبرا للإعتقال والسجن لفترة طويلة خلال صراعه مع " النظام الشمولي القمعي في سوريا " . ويوجد أصوات من المعارضة من خارج المجلس الوطني السوري، مثل الكاتب ميشيل كيلو الذي يتحدث بطلاقة عن أعمال العنف التي تمزق وطنه، حيث قال : " سوريا تدمر، الشارع تلو الشارع، المدينة تلو المدينة، القرية تلو القرية. أي نوع من الحل هذا ؟ أمن أجل أن تبقي جماعة صغيرة في السلطة تدمر البلد بالكامل " 







ولكن مما لا شك فيه أن المجلس الوطني السوري هو الهيئة الرئيسية للمعارضة، وفدماني وزيادة ومنجد هم في الغالب من يتحدثون نيابة عنه. ويظهر منجد من وقت لاخر علي القنوات التليفزيونية الاخبارية بصفته معلق سياسي. فهنا يتحدث في البي بي سي من مكتبهم في واشنطون. منجد لا يجمل رسالته : " نحن نشاهد علي شاشات التليفزيون كل يوم المدنيين يزبحون والأطفال يقتلون والنساء يغتصبن " 



وفي الوقت نفسه يتحدث منجد الي قناة الجزيرة عن " ما يحدث بالفعل، في الواقع، وعلي الأرض" من " ميليشيات الأسد " الذين " يأتون ويغتصبون النساء ويذبحون الأطفال ويقتلون كبار السن " 





وتبين منذ أيام قليلة أن منجد له مدونة علي موقع صحيفة الهافنغتون بوست المخصصة لبريطانيا
 شرح فيها بشكل مطول :  "  لماذا يجب أن يتدخل العالم في سوريا " وطالب بتقديم  " مساعدات عسكرية مباشرة " و " مساعدات عسكرية من الخارج " . لذلك، مرة أخري، نظرح السؤال الوجيه التالي : من هو هذا المتحدث الرسمي الذي يطالب بالتدخل العسكري ؟ 

منجد عضو في المجلس الوطني السوري ومستشار لرئيسه، وجاء في السيرة الذاتية الخاصة به علي موقع المجلس الوطني السوري التالي : " مؤسس ومدير قناة بردي " - وهي قناة فضائية تابعة للمعارضة مقرها مدينة فوكسهول بجنوب لندن . في 2008، بعد شهور قليلة من حضوره مؤتمر " التحول في سوريا " ، عاد منجد الي واشنطون وتلقي دعوة للغداء مع الرئيس جورج بوش مع حفنة من المعارضين المفضلين. ( يمكنك أن تري هنا منجد في صورة تذكارية، وهو الثالث علي اليمين الذي يضع رابطة العنق الحمراء بجوار كونداليزا رايس )

وفي هذه الفترة في 2008 كانت وزارة الخارجية الامريكية تعرف منجد بصفته " مدير العلاقات العامة لحركة العدالة والتنمية التي تقود الكفاح من أجل التغيير الديمقراطي والسلمي في سوريا  "

فلنلقي نظرة عن قرب علي حركة العدالة والتنمية. في العام الماضي حصلت صحيفة الواشنطون بوست علي قصة من موقع ويكيليكس الذي نشر كمية كبيرة من البرقيات الدبلوماسية المسربة. وتكشف هذه البرقيات عن تدفق ملحوظ للأموال من وزارة الخارجية الامريكية وحركة العدالة والتنمية التي مقرها لندن.  وجاء في تقرير الواشنطون بوست التالي : " قناة بردي مرتبطة ارتباط وثيق بحركة العدالة والتنمية، وهي شبكة من السوريين في الخارج ومقرها لندن. وكشفت البرقيات الدبلوماسية الامريكية السرية أن وزارة الخارجية مولت تلك الجماعة بحوالي 6 مليون دولار منذ 2006 لانشاء قناة فضائية وتمويل أنشطة اخري داخل سوريا "

ورد متحدث رسمي من وزارة الخارجية علي هذه القصة بقوله : " محاولة ترويج التحول الي عملية أكثر ديمقراطية في هذا المجتمع لا يقوض بالضرورة الحكومة القائمة " . وهم محقين بالفعل، فهي ليست " بالضرورة " كذلك .

وعندما سئل منجد نفسه عن أموال وزارة الخارجية قال أنه " لا يستطيع ان يؤكد " تمويل وزارة الخارجية لقناة بردي، لكنه قال " لم أتلقي بنفسي بنسا واحدا " . وأصر مالك العبده، الذي كان حتي وقت قريب مدير قناة بردي، قائلا : " ليس لنا معاملات مباشرة مع وزارة الخارجية " . ومعني الجملة يتمحور حول كلمة " مباشرة " . وجدير بالذكر أن مالك العبدة هو أيضا أحد مؤسسي حركة العدالة والتنمية ( التي كانت من المستفيدين من مبلغ 6 مليون دولار من وزارة الخارجية، حسب البرقية المسربة ) وهو أخو أنس العبدة رئيس حركة العدالة والتنمية . كما أنه شريك في ملكية العلامة التجارية  MJD ( وهي اختصار لحركة العدالة والتنمية ) : ما إعترف به مالك العبده هو أن قناة بردي تتلقي جزءا كبيرا من تمويلها من منظمة امريكية لا تسعي للربح، وهي منظمة مجلس الديمقراطية. وهي من المنظمات من رعاة مؤتمر التحول في سوريا. إذن فمن رأيناهم في 2008 في نفس الاجتماع هم بالضبط قادة تلك المنظمات الذين ذكرتهم برقيات ويكيليكس باعتبارهم حلقة الوصل ( مجلس الديمقراطية ) والمستفيدين ( حركة العدالة والتنمية ) من كميات كبيرة من أموال وزارة الخارجية . 

ويصنف مجلس الديمقراطية ( وهي منظمة مسئولة عن توزيع المنح الامريكية ) وزارة الخارجية باعتبارها أحد مصادر تمويلها . والعملية تتم بهذه الكيفية : مجلس الديمقراطية يعمل كوسيط لادارة المنح بين " مبادرة شراكة الشرق الأوسط " التابعة لوزارة الخارجية و " الشركاء المحليين " ( مثل قناة بردي) كما ورد في صحيفة الواشنطون بوست كالتالي : 

" كشفت عدة برقيات دبلوماسية امريكية من السفارة في دمشقأن معارضين سوريين في الخارج استلموا اموالا من برنامج تابع لوزارة الخارجية يسمي مبادرة شراكة الشرق الاوسط. ووفقا للبرقيات، نقلت وزارة الخارجية اموالا لجماعة من المعارضين في الخارج من خلال مجلس الديمقراطية، وهي منظمة غير ربحية مقرها لوس أنجليس " 

وألقي نفس التقرير الضوء علي برقية صادرة في 2009 من السفارة الامريكية في سوريا تقول أن مجلس الديمقراطية استلم مبلغ 6.3 مليون دولار من وزارة الخارجية لادارة برنامج خاص بسوريا يسمي " مبادرة تعزيز المجتمع المدني " . وتصف البرقية هذا البرنامج بأنه " جهد تعاوني منفصل بين مجلس الديمقراطية والشركاء المحليين " ويهدف، ضمن أشيء أخري، الي انتاج " مفاهيم بث مختلفة " . وجاء في الواشنطون بوست التالي : " وبينت برقيات أخري أن أحد هذه المفاهيم هو قناة بردي " 

حتي شهور قليلة مضت كان يشرف علي مبادرة شراكة الشرق الاوسط التابعة لوزارة الخارجية تمارا كوفمان ويتيس ( حاليا موجودة في معهد بركينز الذي يعد أحد مراكز الأبحاث المؤثرة في واشنطون ) . وقالت أن مبادرة شراكة الشرق الأوسط " خلقت إنطباعا ايجابيا عن جهود ترويج الولايات المتحدة للديمقراطية " . وأثناء عملها هناك قالت : " يوجد الكثير من المنظمات في سوريا ودول اخري تسعي الي التغيير في حكوماتهم .... هذه أجندة نؤمن بها وسندعمها " . وتقصد بالدعم المال 


الأموال



هذا الأمر ليس بجديد. عد الي الوراء الي اوائل 2006 وستعرف أن وزارة الخارجية الامريكية أعلنت عن فرصة جديدة للتمويل أطلقوا عليها " برنامج الديمقراطية في سوريا " . وقدمت منحا " تقدر ب 5 مليون دولار للسنة المالية 2006 "

في تلك الأيام كانت الأموال تتدفق أكثر من أي وقت مضي. في بداية شهر يونيو 2012 دشن قادة المعارضة ومنهم وائل ميرزا ( الأمين العام للمجلس الوطني السوري ) منتدي الأعمال السوري في الدوحة. وقال ميرزا : " تم انشاء هذا الصندوق لدعم كل مكونات الثورة في سوريا " . ما هو حجم الصندوق ؟ حوالي 300 مليون دولار. ولا توجد وسيلة أيا كانت لنعرف من أين أتت هذه الأموال، مع أن ميرزا ألمح الي " الدعم المالي القوي من دول الخليج للصندوق الجديد " ( وفقا للجزيرة ) . وأثناء انطلاقة المنتدي قال ميرزا أنه تم بالفعل إنفاق 150 مليون دولار وذهب جزء منها الي الجيش السوري الحر .

وظهرت مجموعة ميرزا من رجال الأعمال السوريين في مؤتمر المنتدي الاقتصادي الدولي الذي حمل العنوان " برنامج للتعاون الدولي " والذي عقد في اسطنبول في نوفمبر 2011 .وبعدها أصبح المجلس الوطني السوري، علي حد تعبير ويليم هيغ، " الممثل الشرعي للشعب السوري " - وقادر علي إدارة تلك الأموال علي الملأ

حملة الدعاية من أجل بناء الشرعية للمعارضة والتمثيل والتدخل هي الحملة الأساسية

وفي مقال كتبه السفير دينيس روس في صحيفة يو اس توداي في فبراير هذا العام صرح قائلا : " حان الوقت للارتقاء بوضعية المجلس الوطني السوري ". وما كان يريده بشكل عاجل هو كالتالي : " خلق هالة من الحتمية حول المجلس الوطني السوري كبديل للأسد " . هالة من الحتمية. كسب المعركة مقدما

المحارب الرئيسي في هذه المعركة لكسب العقول والقلوب هو الصحفي الامريكي والمدون علي موقع صحيفة التليغراف، مايكل فايس


                            مايكل فايس



من الخبراء في الشأن السوري ومن أكثر من ينقل عنهم - وأحد المتحمسين للتدخل الغربي - مايكل فايس الذي ردد كلام السفير روس بقوله : " التدخل العسكري في سوريا ليس إختيارا بقدر ما هو حتميا"

ونجد بعض كتابات فايس الداعية للتدخل العسكر علي موقع "NOW Lebanon" ( لبنان الان ) ومقره بيروت والمقرب من واشنطون الذي يعد قسم " سوريا الان " فيه مصدرا هاما لمستجدات الاخبار السورية . في 2007 أنشأ المدير التنفيذي لشركة Saatchi & Saatchi، ايلي الخوري، موقع " لبنان الان " .ووصفت صناعة الاعلانات خوري أنه " خبير في الاتصالات الاستراتيجية ومتخصص في تحسين صورة الشركات والحكومات "

وفي شهر مايو قال فايس لموقع لبنان الان أنه بفضل تدفق الأسلحة للثوار السوريين " بدأنا بالفعل نشهد بعض النتائج " . وقد كان قد أظهر رضا مماثلا عن التطورات العسكرية قبل شهور قليلة، ففي مقالة له في صحيفة نيو ريبابليك كتب التالي : "في الأسابيع القليلة الماضية قطع الجيش السوري الحر وألوية الثوار الأخري المستقلة أشواطا كبيرة" - وبناء عليه وضع " خطة للتدخل العسكري في سوريا "، كما يفعل أي مدون . 

لكن فايس ليس مجرد مدون. فهو ايضا مدير الاتصالات والعلاقات العامة في جمعية هنري جاكسون، وهو مركز أبحاث متخصص في العلاقات الخارجية ومشكل من الصقور شديدي التطرف . 


ويضم الرعاة الدوليين لجمعية هنري جاكسون : جيمس ويلسي ( الرئيس السابق للسي اي ايه )، مايكل شيرتوف ( الأمن الداخلي ) ، ويليام كريستول ( مركز أبحاث PANC وهي اختصار " مشروع للقرن الأمريكي الجديد وهو مركز أبحاث مكون من المحافظين الجدد ) ، ويليام كريستول ( من نفس مركز PANAC ) ، روبرت كاجان ( أيضا من مركز PANAC )، جشوا مورافيتشيك ( صاحب مقال " اقصفوا ايران " ) وريتشارد بيرل ( أمير الظلام ) . ويدير الجمعية ألان مندوزا، رئيس مستشاري مجموعة برلمانية من كل الأحزاب معنية بالأمن الدولي وأمن الأطلسي

جمعية هنري جاكسون لا تساوم في " استراتيجيتها الجريئة " نحو الديمقراطية. ويتولي فايس توصيل الرسالة. وجمعية هنري جاكسون فخورة بالتأثير بعيد المدي لرئيس العلاقات العامة بها حيث قالت : " هو من كتب التقرير المؤثر : " هل نتدخل في سوريا؟ تقييم المشروعية واللوجستيات والمخاطر . " والذي عدله وصدق عليه المجلس الوطني السوري "

أعيد كتابة إسم تقرير فايس فأصبح " مناطق امنة لأجل سوريا " - وفي نهاية المطاف نشر علي الموقع الرسمي للمجلس الوطني السوري   syriancouncil.org ، كجزء من الأدبيات الاستراتيجية الخاصة بالمكتب العسكري. تولي تعديل تقرير جمعية هنري جاكسون مؤسس والمدير التنفيذي لمركز الاتصالات والابحاث الاستراتيجية (SRCC) - وهو أسامة منجد

اذن فأسامة منجد مؤسس قناة بردي هو من عدل تقرير فايس ونشره من خلال منظمته الخاصة  به (SRCC) وسلمه للمجلس الوطني السوري بدعم من جمعية هنري جاكسون .

وفي نهاية المطاف تولي منجد إجراء " لقاءات صحفية مع مايكل فايس "  . وفايس ليس الخبير الاستراتيجي الوحيد الذي وضع خريطة الطريق لهذه الحرب ( فكثير من مراكز الأبحاث فكرت فيها وكثير من الصقور تحدثوا عنها )، لكن خريطة الطريق التي وضعها فايس كانت الأكثر تفصيلا



                                المرصد السوري لحقوق الانسان




مبرر " حتمية " التدخل العسكري في سوريا هو وحشية نظام الرئيس الأسد: الجرائم والقصف وانتهاكات حقوق الانسان . وهنا تأتي أهمية المعلومات. وهناك مصدر يعلو علي كل المصادر يوفر لنا البيانات الخاصة بسوريا. وعند كل منعطف يتم النقل عنه : " قال رئيس المرصد السوري لحقوق الانسان لقناة صوت امريكا أن القتال والقصف أدي لمقتل 12 شخص علي الأقل في محافظة حمص "

يستخدم المرصد السوري لحقوق الإنسان كمصدر مستقل للحصول على الأخبار والإحصاءات. وفي  هذا الأسبوع وحده نقلت وكالة الأنباء الفرنسية هذه القصة: "نشرت احدي المنظمات التي تراقب الأوضاع في سوريا أن القوات السورية قصفت محافظات حلب ودير الزور وقتل ما لا يقل عن 35 شخصا يوم الاحد في جميع أنحاء البلاد، بينهم 17 مدنيا."  وأدرجت فظائع وأرقام مختلفة للضحايا ، وكلها من مصدر واحد: "وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس عبر الهاتف".

وتصب الاحصائيات الرهيبة تلو الاحصائيات من " المرصد السوري لحقوق الانسان ومقره لندن " ( وكالة الاسوشيتد برس ) . ويصعب ايجاد تقرير إخباري عن سوريا لا ينقل عنه. ولكن من هؤلاء ؟.  " إنهم " شخص يدعي رامي عبد الرحمن يعيش في مدينة كوفينتري.

وجاء في تقرير رويترز في ديسمبر العام الماضي : " عندما لا يتلقي عبد الرحمن اتصالات من وسائل الاعلام الدولية يذهب عبد الرحمن الي محل الملابس الذي يديره مع زوجته والذي يبعد مسافة دقائق "

عندما نقلت مدونة الشرق الأوسط علي صحيفة الغارديان عن " رامي عبد الرحمن من المرصد السوري لحقوق الانسان " وضعت رابطا لمقالا متشككا نشر في صحيفة مودرت توكيو تايمز - وهو مقال يقترح علي وسائل الاعلام أن تكون " أكثر موضوعية بخصوص مصادرها " عند النقل عن " هذا الكيان المزعوم "، المرصد السوري لحقوق الانسان .

يبدو اسم " المرصد السوري لحقوق الانسان " اسما فيه عظمة ولا يرقي اليه الشك وموضوعي. ولكن عندما تكون منظمة عبد الرحمن التي مقرها بريطانيا هي المصدر الوحيد للكثير من قصص وكالات الأنباء بخصوه موضوع مهم كهذا فمن المنطق البتدقيق في هذه المنظمة

والمرصد ليس بأي حال من الأحوال مصدر الأخبار السوري الوحيد الذي ينقل عنه بحرية مع قليل من التدقيق أو بدون تدقيق



                                            حمزة فاخر 



بإمكاننا فهم العلاقة بين أسامة منجد والمجلس الوطني السوري وصقور جمعية هنري جاكسون ووسائل الاعلام من خلال حالة حمزة فاخر. ففي 1 يناير كتب نيك كوهين في الاوبزيرفر : " لكي تدرك حجم الهمجية استمع الي حمزة فاخر، وهو ناشط من دعاة الديمقراطي، الذي يعد من أوثق المصادر عن جرائم النظام التي يخفيها التعتيم الاعلامي " 

وواصل تكرار رواية القصص الفظيعة التي يرويها فاخر عن التعذيب والقتل الجماعي. وتحدث فاخر الي كوهين عن وسيلة تعذيب جديدة بالألواح الساخنة سمع عنها : " تخيل اللحم الذائب يصل العظام قبل أن يسقط المعتقل علي اللوحة الساخنة " . وفي اليوم التالي بدأ شاميك داس في الكتابة علي مدونته Left Foot Forward التقدمية " المبنية علي الأدلة " ونقل عن نفس المصدر : " حمزة فاخر الناشط المدافع عن الديمقراطية يصف الواقع المثير للغثيان .... " وتكررت الرواية التي رواها فاخر لكوهين عن الفظائع 

إذن من هو بالضبط الناشط حمزة فاخر المدافع عن الديمقراطية ؟ 

تبين أن فاخر شارك في كتابة تقرير " الثورة في خطر " - وهو " تقرير استراتيجي لجمعية هنري جاكسون " نشر في فبراير من هذا العام. وشارك في كتابة التقرير مع مدير الاتصالات في جمعية هنري جاكسون، مايكل فايس. وعندما لا يشارك فاخر في كتابة تقارير جمعية هنري جاكسون يعمل جاكسون مدير الاتصالات في مركز التواصل والأبحاث الاستراتيجية ومقرها لندن ( ملحوظة من المترجم : المركز حزف موقعه علي الانترنت لذلك وضعت رابط صفحتهم علي الفيس بوك ). وجاء في موقعهم التالي : " إنضم الي المركز في 2011 وتولي المنتجات واستراتيجية التواصل " 

وكما تتذكرون، مركز التواصل والابحاث الاستراتيجية يديره أسامه منجد: " أسس السيد المنجد المركز في 2010 . وينقل عنه وتجري معه لقاءات بشكل واسع في الصحافة الدولية ووسائل الاعلام . كان يعمل في السابق مستشارا للتواصل في اوروبا والولايات المتحدة وعمل في السابق مديرا لقناة بردي .... " 

                                
                                      منجد رئيس فاخر 


وإذا لم يكن هذا كافيا لإثبات تلاعب واشنطون، ففي مجلس ادارة مركز التواصل والأبحاث الاستراتيجية يجلس مرهف جويجاتي، وهو أستاذ في جامعة الدفاع الوطني في واشنطون - وهي " المركز الرئيسي للتعليم العسكري المهني المشترك (JPME) " وهي " تحت إشراف رئيس هيئة الأركان المشتركة " 

اذا تصادف وخططت للقيام برحلو الي " مركز التواصل والدراسات الاستراتيجية " الخاص بمنجد فستجده علي العنوان التالي :
Strategic Research & Communication Centre, Office 36, 88-90 Hatton Garden, Holborn, London EC1N 8PN

وفي هذا العنوان ستجد مقرات لشركات اخري في لندن مثل مقر شركة الصباغة المقلدة The Fake Tan Company وشركةSupercar 4 U Limited وشركة  Moola للقروض وشركة Ultimate Screeding لتجليخ البلاط ومدرسة لندن للجازبية - وهي " شركة تدريب مقرها لندن تساعد الرجال علي اكتساب المهارات والثقة بالنفس للقاء النساء " . وحوالي مئة من الشركات الاخري . وتبين أن مكتب مركز التواصل والدراسات الاستراتيجية هو مكتب افتراضي. هناك شيئ غريب في هذا الأمر. " مركز التواصل " ليس له حتي مركز - اسم فخم ليس له وجود مادي

هذه هي حقيقة حمزة فاخر. في 27 مايو نقل شاميك داس صاحب مدونة Left Foot Forward عن فاخر رواية أخري عن الجرائم التي وصفها الان بعتبارها " رواية من شاهد عيان " وهو ما تحول الان ليصبح " سجل نظام الأسد "  
اذن فتقريرا عن الفظائع قدمه خبير استراتيجي من جمعية هنري جاكسون،  وهو مدير التواصل في قسم العلاقات العامة، اكتسب ثقلا وأصبح "سجلا" تاريخيا.

 وهذا لا يعني أن رواية الفظائع ربما تكون غير حقيقية، ولكن كم من هؤلاء الذين تداولوها تفحصوا مصادرها ومنشأها؟

دعونا لا ننسي، فمهما تعرض مجال الأخبار والرأي العام من عدم استقرارفإنه يكون مضاعفا علي الأرض. فنحن نعلم ( علي أقل تقدير ) أن " وكالة المخابرات المركزية ووزارة الخارجية الأمريكية يساعدون الجيش السوري الحر التابع للمعارضة علي انشاء طرق لوجستية لنقل الامدادات داخل سوريا وتوفير التدريب علي التواصل " 


 أبواب القنابل مفتوحة. ورسمت الخطط 

كان هذا يختمر منذ فترة من الزمن. استغلال كل الطاقات والتخطيط الدقيق لتغيير هذا النظام - أمر يحبس الأنفاس. القوة الناعمة والتواصل السياسي للمؤسسات الكبري والكيانات السياسية ضخم، لكن التدقيق لا يحترم الألقاب والأسماء الخداعة ولا الدرجات الجامعية ولا " التقارير الاستراتيجية " . وعملك في مجال  " حقوق الانسان " أو " الديمقراطية " لا يعفيك من التدقيق 


وعندما تكون " مديرا للتواصل " فهذا يعني أنك ينبغي أن تزن كلامك بحرض زائد. فاخر وفايس كلاهما مديرين للتواصل - ومحترفين في العلاقات العامة. في المؤتمر الذي عقده مركز
تشاتام هاوس للأبحاث في يونيو 2011 سجلوا المنجد علي النحو التالي : " أسامة المنجد، مدير التواصل، المبادرة الوطنية للتغيير " وكان رئيسا للعلاقات العامة لحركة التنمية والعدالة . ايلي الخوري صانع موقع لبنان الان الاخباري هو المدير التنفيذي للاعلانات في شركة Saatchi . هذين المديرين للتواصل يعملان بجد لخلق ما أسمته تامارا ويتيس " علامة إيجابية " 


إنهم يبيعون فكرة التدخل الاجنبي وتغيير النظام ووسائل الاعلام الشهيرة لديها نهم لشرائها. والكثير من " النشطاء " والمتحدثين الرسميين الذين يمثلون المعارضة السورية مرتبطين ارتباط وثيق ( وفي أحيان كثيرة مرتبطين ماديا ) بالولايات المتحدة ولندن - وكلتاهما هما من سيقومان بالتدخل . وهو ما يعني أن المعلومات والاحصائيات من هذه المصادر ليست بالضرورة أخبارا نقية طاهرة - بل هي حملة علاقات عامة 

ولكن لم يفت الأوان لطرح الأسئلة والتدقيق في المصادر . طرح الأسئلة لا يجعل منك مؤيدا للأسد - تلك حجة كاذبة. هذا سيجعل منك أقل عرضة للخداع. الخبر السار هو أنه مع كل دقيقة يولد متشككون . 


بقلم تشارلي سكيلتون 
بتاريخ 12 يوليو 2012 
صحيفة الجارديان البريطانية







http://www.theguardian.com/commentisfree/2012/jul/12/syrian-opposition-doing-the-talking

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق