الخميس، 17 سبتمبر 2015

توسيع الوجود العسكري الروسي في سوريا






توسيع الوجود العسكري الروسي في سوريا

قد تضع نوايا روسيا في سوريا التي لا تتسم بالشفافية الكاملة حدا لرغبة تركيا الواضحة جدا في إقامة منطقة آمنة شمال حلب. وعلى الرغم سوريا الرسمية التزمت الصمت، تقول مصادر محلية أنه يبدو أن روسيا تهدف إلى إقامة أول قاعدة عسكرية جوية في المنطقة، وهناك تقارير غير رسمية عن تمديد ميناء طرطوس . هذه التغييرات يمكن أن تغير ميزان القوى في المنطقة.

"  سوريا أعادت بناء مطار اللاذقية بالكامل "، قال الصحافي تييري ميسان، الذي يكتب لصحيفة الوطن في رسالة بالبريد الالكتروني. "سويت الأرض. وتم بناء مدرج جديد للطائرات الروسية. و تم تركيب حظائر لإيواء الطائرات." وقال ميسان أن العمال أيضا يقومون ببناء المساكن.

وقال : " بدأ العمل في بداية أغسطس واستمر ليلا ونهارا. وينبغي أن ينتهي في غضون أيام قليلة"، مضيفا أن روسيا بدأت تسليم "أسلحة أكثر تطورا لا سيما صور الأقمار الصناعية ."

"هذه المعلومات ستغير الوضع تغيرا جوهريا . فحتى الآن كان الجهاديين فقط من يملكون صورا بالأقمار الصناعية."

وكتب الصحافي محمد صريم  المقيم في دمشق   تقريرا عن العمل المكثف الذي يتم في مطار اللاذقية في جبلة، والمعروفة رسميا باسم مطار باسل الأسد الدولي. أكد صريم، الذي شارك مع موقع المونيتور في بعض المعلومات التي تم الحصول عليها من مصادر محلية،  أن المدرج الذي يبلغ طوله 3 كيلو متر في جبلة قصير للغاية ولا يسمح بتواجد بعض الطائرات الروسية، لذلك جرى العمل بسرعة لتمديده. وهناك تكهنات محلية أنه يوجد هناك بالفعل حوالي  3000 من الأفراد الروس في اللاذقية.

ثم تأتي طرطوس. تقوم روسيا حاليا باستخدام قاعدة بحرية جنوب اللاذقية. وعلى الرغم من أنها غير صالحة للسفن الكبيرة بشكل خاص، تعتبر القاعدة كرمز للتعاون العسكري بين روسيا وسوريا. وهناك أيضا قاعدة الرادار الروسية في طرطوس. وقامت موسكو، التي كانت تقيم علاقات تعاون عسكري مع دمشق منذ عهد الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، بتجديد وترميم قاعدة طرطوس في عام 2009. وقال ميسان أنه سمع أن الميناء قد يمتد الى هناك، ويقول آخرون أن روسيا قد تخطط لنقل القاعدة برمتها.

وذكر صريم أن هناك حديث عن نقل القاعدة البحرية الروسية في طرطوس للرميلة شمال جبلة. وستضطر السفن الروسية الكبيرة في الوقت الراهن الي تفريغ حمولتها في اللاذقية. وسيحل نقل قاعدة الرميلة مشكلة الاستيعاب وسيوفر للانتشار العسكري الروسي  كيانا أكثر تكاملا.وإذا إنتقل الروس من ميناء طرطوس، الذي يملك اتصالات جيدة بالداخل السوري ، سيتم تحويله إلى ميناء دولي وإعلانه منطقة للتجارة الحرة.

بعض المصادر الغربية تفسر زيادة الوجود العسكري الروسي على أنها مجرد محاولة أخرى لدعم نظام بشار الأسد، أو تحرك نحو الانضمام إلى الائتلاف الدولي ضد داعش. ولكن يبدو أن هناك مزيدا من النشاط يجري.

كتبت صحيفة الوطن الموالية للحكومة تقريرا عن خطط روسية لبناء قاعدة عسكرية ثانية في جبلة. وذكر تيودور كاراسيك في مقال علي موقع قناة العربية أنه وفقا لمسؤول في مجلس التعاون الخليجي، ستشمل هذه الخطة نشر 2،000-3،000 روسي سيعملون كمدربين ومستشارين ومتخصصين في الخدمات اللوجستية، والكوادر الفنية وطيارين لطائرات ميغ 31 . وصرحت  روسيا التي أعترفت بأن لديها خبراء عسكريين في سوريا لمساعدة الجيش علي استخدام الأسلحة: "روسيا لم تخفي قط تعاونها العسكري التقني مع سوريا".

وبالتأكيد سيؤثر الموقع الاستراتيجي في جبلة على الأحداث على الأرض. الرادار الروسي يراقب حاليا تحركات قوى المعارضة السورية قرب الحدود التركية. ويمكن أن تمنح  قاعدة جبلة روسيا إمكانية تدخل أكثر فعالية وأسرع في الأزمات السورية.وجاء في تقارير صحيفة الوطن أن روسيا في الوقت الراهن تزود النظام بصور الأقمار الصناعية وتجمع المعلومات لتقييم نشر التحالف الدولي.

التحركات الروسية لها علاقة مباشرة بالجهود التي تبذلها تركيا لإنشاء منطقة آمنة شمال حلب في شمال سوريا. وتعارض روسيا انشاء هذه  المنطقة، والتي ستقع على بعد حوالي 93 ميلا من جبلة.

في الوقت الحاضر كرست أنقرة قدرتها العسكرية في عمليات ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني، لكنها لم تنس خططها وطموحاتها لانشاء المنطقة العازلة.  وحتى أزمة اللاجئين التي تجري في أوروبا تستغلها أنقرة للترويج لفكرة المنطقة الآمنة. فعلى سبيل المثال، قال رئيس الوزراء احمد داود اوغلو ، متحدثا من عن الطفل الكردي ايلان البالغ من  العمر 3 سنوات الذي جرفته الامواج الي الساحل التركي "  كنا نحاول من أربع سنوات إقناع الغرب لإقامة منطقة آمنة لحماية السوريين. وجسد الطفل الصغير فاقد الحياة  ايلان هو التحذير الأخير ".

وبينما يحاول الاتحاد الأوروبي مواجهة موجة اللاجئين، رحبت أنقرة بتصريحات رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون  بانه "يمكن نشر الجنود البريطانيين في مناطق آمنة تقام للاجئين السوريين." وهذه المنطقة لن تقام  دون موافقة  الولايات المتحدة ووجود شركاء على الأرض يمكن الاعتماد عليهم.

 الوجود العسكري الروسي يشكل مصدر قلق لتركيا بنفس القدر الذي يشكله لإسرائيل، التي تدخل أحيانا المجال الجوي السوري وتقصف أهداف هناك في بعض الأحيان. وذكرت صحيفة الأخبار اللبنانية أن الوجود العسكري الروسي جعل الأجواء السورية محظورة على الطائرات الإسرائيلية.

على الرغم من أنه قد يبدو أن النشاط الروسي في جبلة مخصص لتعزيز عمليات الجيش السوري وتعزيز الجهود السياسية للنظام ومكافحة داعش، إلا أن الهدف على المدى الطويل هو توازن استراتيجي عسكري جديد في المنطقة.

وتشير الإجراءات الامريكية الأخيرة أن واشنطن نأخذ التحركات العسكرية الروسية على محمل الجد.  أبرز المتحدث باسم البيت الابيض جوش ارنست يوم 8 سبتمبر مخاوف الولايات المتحدة من أن تؤدي التحركات العسكرية الروسية الي فقد المزيد من الارواح ومزيد من اللاجئين وإحتمال وقوع مواجهة مع التحالف المناهض لداعش. وفي اليوم التالي تحدث وزيرة الخارجية جون كيري  مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف، وكرر هذا الموقف.

وردا على الأنشطة العسكرية الروسية، طلبت واشنطن من بلغاريا واليونان إغلاق مجالهما الجوي طائرات الشحن الروسية. وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية اليوناني كونستانتينوس كوتراس موافقة اليونان علي طلب واشنطن إلغاء تصاريح للطائرات الروسية المتجهة الى سورية من 01-24 سبتمبر . ووافقت بلغاريا أيضا علي إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات الروسية. وردا على ذلك، فتحت إيران مجالها الجوي أمام  الرحلات الجوية الروسية، مما يلغي الحاجة للذهاب عبر بلغاريا واليونان.

وحيث أن موقف بغداد لا يختلف كثيرا عن موقف طهران، فإن طريق  إيران- والعراق سيعطي مجالا للمناورة لروسيا. فعندما أجبرت تركيا طائرات روسية على الهبوط لتفتيشها في أكتوبر 2012 أصبحت روسيا تتجنب المجال الجوي التركي في طريقها الى سوريا.

ويأتي النشاط العسكري لموسكو في وقت تمارس فيه روسيا ضغوطا لإيجاد حل سياسي للحرب السورية. وكانت موسكو تحاول منذ فنرة تحويل الأزمة السورية إلى مكافحة للإرهاب وتحاول ايجاد وسيلة لتمكين نظام الأسد من تشكيل شراكة مع جزء من المعارضة.

 ونقلت وكالة رويترز يوم 4 سبتمبر عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قوله "نريد بالفعل إقامة نوع من التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب والتطرف". وأضاف أن موسكو تبحث في الخيارات، مما يعني ان روسيا تعتزم أن تصبح لاعبا عسكريا في سوريا. كما تحدث بوتين عن قبول الأسد لخطة روسية لتسوية سلمية، قائلا: "إن الرئيس السوري يوافق علي [مكافحة الإرهاب جنبا إلى جنب مع العملية السياسية] وصولا الى اجراء انتخابات مبكرة، دعنا نقول، انتخابات برلمانية واقامة اتصالات مع ما يسمى بالمعارضة الصحية وإشراكهم في الحكم ".

ورغم انشغال بوتين في أوكرانيا لم يهمل الشرق الأوسط. فروسيا تفوم بتحركات متزامنة لتغيير ميزان القوى لصالح دمشق ومنحها موقف تفاوضي قوي على طاولة المفاوضات، لحماية مصالح موسكو، والأهم، لتضخيم فدرات موسكو العسكرية في المنطقة.
فهم


http://www.al-monitor.com/pulse/originals/2015/09/turkey-syria-russia-changing-rules-game-middle-east.html#

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق