الثلاثاء، 15 سبتمبر 2015

الغرب تجاهل عرضا روسيا في 2012 لتخلي الأسد عن السلطة




اقترحت روسيا منذ أكثر من ثلاث سنوات أن يتنحي الرئيس بشار الأسد ضمن اتفاق سلام ، وفقا لما ذكر أحد المفاوضين الكبار المشاركين في المباحثات في تلك الفترة .

وقال مارتي أتيساري رئيس فنلندا السابق والحاصل علي جائزة نوبل للسلام أن الغرب فشل في التمسك بهذا الاقتراح . ومنذ عرض هذا الاقتراح قتل عشرات الالاف وشرد الملايين ، مما تسبب في أسوأ أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية .

كان أتيساري قد عقد في فبراير 2012  محادثات مع 5 مبعوثين من الاعضاء الدائمين في مجلس الامن . وقال أن السفير الروسي فيتالي تشوركين وضع أثناء تلك المحادثات خطة من ثلاث نقاط ، والتي ضمت اقتراحا بتخلي الاسد عن السلطة بعد محادثات سلام بين الحكومة والمعارضة .

لكنه قال أن الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا كانوا مقتنعين أن الرئيس الاسد علي وشك السقوط ، وتجاهلوا الاقتراح .

وقال أتيساري " لقد كانت فرصة خسرناها في 2012 "

رسميا ، كانت روسيا تدعم بقوة الأسد طوال اربع سنوات ونصف من الحرب في سوريا وتصر علي ألا يكون تخليه عن السلطة ضمن تسوية سلمية . وكان الاسد يقول ان روسيا لن تتخلي عنه . وبدأت روسيا مؤخرا ارسال قوات ودبابات وطائرات لاستقرار نظام الاسد وقتال الدولة الاسلامية

 حصل أتيساري علي جائزة نوبل " لجهوده في عدة قارات طوال ثلاث عقود لحل الصراعات الدولية " مثل ناميبيا واندونيسيا والعراق وكوسوفو .

في 22 فبراير 2012 تم ارساله للقاء مبعوثي الخمسة دول الاعضاء الدائمين في مجلس الامن ( امريكا وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين ) في مقر الامم المتحدة في نيويورك في حضور مجموعة الحكماء ، وهي مجموعة من رؤساء دول العالم السابقين الداعين الي السلام وحقوق الانسان والتي ضمت نيلسون مانديلا وجيمي كارتر والامين العام السابق للامم المتحدة كوفي عنان .

وقال أتيساري : " كان أكثر اللقاءات اثارة للاهتمام هو لقائي مع وزير الخارجية الروسي فيتالي تشوركن فقد كنت أعرف هذا الرجل . ونحن بالضرورة لا نتفق حول كثير من القضايا لكن كان باستطاعتنا الكلام بصراحة . شرحت له ماذا كنت أفعل هناك فقال لي : ‘ إجلس يا مارتي وسأقول لك ماذا علينا أن نفعل  ‘  "

" وقال ثلاث أشياء : أولا : لا يجب أن نعطي المعارضة أسلحة . ثانيا : لابد من إقامة حوار بين المعارضة والأسد علي القور . ثالثا : لابد من ايجاد وسيلة لائقة لتخلي الأسد عن السلطة . "

ورفض تشوركن التعليق علي ما قال أنه " محادثة خاصة " مع أتيساري . لكن رئيس فنلندا السابق أصر علي طبيعة المحادثات .

وقال " ليس هناك شك لأني عدت وسألته للمرة الثانية "  مؤكدا أن تشوركن كان قد عاد لتوه من رحلة الي موسكو وأنه بلا شك أثار الاقتراح في الكرملين .

وقال أتيساري انه نقل الرسالة الي المبعوثين الامريكيين والانجليز والفرنسيين ، لكنه قال : " لم يحدث شيئ لأني أعتقد أن هؤلاء وكثيرين اخرين كانوا مقتنعين ان الاسد سيسقط خلال اسابيع فلا حاجة لعمل أي شيئ " .

وبينما كان أتيساري لا يزال في نيو يورك تم تعيين كوفي عنان مبعوثا خاصا بسوريا لصالح الامم المتحدة وجامعة الدول العربية . وقال أتيساري : " اضطر كوفي لقبول مهمة المبعوث الخاص . وأقول اضطر لأنه لم يكن شديد الحرص عليها . فسرعان ما رأي أن لا أحدا يساند شيئا "

في يونيو 2012 ترأس عنان المحادثات الدولية في جنيف حيث تم الاتفاق علي خطة سلام بموجبها يتم تشكيل حكومة انتقالية " بالاتفاق المشترك " بين الحكومة والمعارضة . لكن هذا الاتفاق سرعان ما انهار بسبب خلافات حول تخلي الاسد عن السلطة . وبعدها بأقل من شهر استقال عنان وأصبح المصير الشخصي للاسد حجر العثرة الاساسية لكل مبادرات السلام منذ ذلك الحين .

وفي الاسبوع الماضي اقترح وزير خارجية بريطانيا فيليب هاموند أن يبقي الاسد في السلطة ضمن اتفاق سلام خلال "  فترة انتقالية " ستة شهور لكن هذا الاقتراح سرعان ما رفضته دمشق .

رفض دبلوماسيين غربيين في الامم المتحدة الحديث علنا عن مزاعم أتيساري لكنهم أشاروا أن القوات السورية ارتكبت عدة مزابح بعد عام من الصراع في سوريا وأن جماعات المعارضة الرئيسية رفضت قبول أي اقتراح يسمح ببقائه في السلطة . وبعد أيام قليلة من زيارة أتيساري لنيويورك وصفت هيلري كلينتون ، وزيرة خارجية امريكا حينها ، الزعيم السوري بمجرم حرب .

وقال السير جون جينكينز ، المدير السابق لقسم الشرق الاوسط في وزارة الخارجية البريطانية والذي كان يستعد لتسلم منصب سفير بريطانيا في السعودية في النصف الاول من 2012 ، أنه خلال تجربته كانت روسيا ترفض اي مبادرة لوضع مصير الأسد علي طاولة المفاوضات " ولم أري أي تحول محتمل لموقف روسيا "

وقال جينكينز ، المدير الحالي لفرع الشرق الاوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ، في رسالة عبر البريد الالكتروني : " بالفعل كان الشعور العام السائد أن الاسد لن يستمر . لكني لا افهم لماذا أدي ذلك لصدور قرار برفض عرض الروس بأن يذهب بسرعة طالما كان هذا العرض صادقا

" النقطة الأضعف هي ادعاء أتيساري ان تشوركين كان يتحدث الي السلطات في موسكو . أعتقد انه لو قال لي ما قاله له تشوركين لقلت له أود سماعها من الرئيس فلاديمير بوتن أيضا قبل أن أخذ الأمر علي محمل الجد . وحتي حينئذ كنت سأود التأكد أنها ليست حيلة من بوتن لإدخالنا في عملية تحافظ في النهاية علي دولة الأسد في ظل قائد مختلف ولكن مع نفس النتائج "

وقال دبلوماسي اوروبي كان في المنطقة في 2012 : " في تلك الفترة كان الغرب مصرا علي اسقاط الاسد . كما لو كانت تلك بداية ونهاية الاستراتيجية ثم يستتب الأمر . الروس كانوا يرون دائما أن الأمر لا يتعلق بالاسد ولكن لو كنا مصرين علي ذلك فسيتحدثون معنا بشأن الاسد في ظل خطة او عملية شاملة "

لكن الدبلوماسي أضاف : " لكني اشك كثيرا ان تكون الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا رفضوا العرض الروسي في تلك الفترة . المسائل كانت تتعلق أكثر بالتسلسل - بداية ونهاية العملية - وبقدرة روسيا علي جعل الاسد يتخلي عن السلطة "

في فترة زيارة أتيساري لنيو يورك كانت حصيلة قتلي الصراع السوري تقدر ب 7500 قتيل . وتري الامم المتحدة ان حصيلة القتلي بلغت 220 ألف قتيل مع بداية هذا العام ومستمرة في الصعود . وأدت الفوضي الي ظهور الدولة الاسلامية . واضطر 11 مليون سوري الي ترك منازلهم .

وقال أتيساري :

" كان يتوجب علينا منع حدوث ذلك لان هذه الكارثة من صنعنا مما أدي الي تدفق اللاجئين الي بلداننا الاوربية . ولا أري أي خيار اخر عدا عن رعاية هؤلاء الناس المساكين . نحن ندفع الفواتير التي جلبناها علي أنفسنا "

ترجمة اشرف محمد
http://www.theguardian.com/world/2015/sep/15/west-ignored-russian-offer-in-2012-to-have-syrias-assad-step-aside?CMP=share_btn_tw

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق