الاثنين، 10 أبريل 2017

لمن غاز السارين ؟ بقلم سيمور هيرش

لمن غاز السارين ؟
 19 ديسمبر 2013

لم يروي باراك أوباما هذا الخريف القصة الكاملة عندما كان يحاول تبرير أن بشار الأسد كان المسئول عن الهجوم بالأسلحة الكيماوية بالقرب من دمشق في 21 أغسطس . وأخفي في بعض الحالات معلومات إستخباراتية مهمة وفي حالات أخري قدم فرضيات علي أنها حقائق. والأهم من ذلك كله فشله في الاعتراف بشيء معروف لدي أجهزة الإستخبارات الأمريكية : وهو أن الجيش السوري ليس الطرف الوحيد في الحرب الأهلية السورية الذي يمتلك غاز السارين، وهو غاز الأعصاب الذي خلص تقرير الأمم المتحدة – دون تحديد المسئولية – الي أنه استخدم في هجوم الصواريخ. وفي الشهور التي سبقت الهجوم أعدت وكالات المخابرات الأمريكية عدد من التقارير شديدة السرية، والتي توجت بالتقرير المسمي " نظام العمليات "، وهو عبارة عن وثيقة لوضع خطط تسبق القيام بغزو بري، واستشهدوا بأدلة تشير الي أن جبهة النصرة، وهي جماعة جهادية مرتبطة بتنظيم القاعدة، تمكنت من إتقان صنع غاز السارين وقادرة علي تصنيعها بكميات كبيرة . وعندما وقع الهجوم كان يجب الاشتباه في جبهة النصرة، إلا أن الإدارة الأمريكية تلاعبت بالمعلومات الإستخبارية لتبرير توجيه ضربة للأسد.

وفي خطابه المتلفز عن سوريا في 10 سبتمبر الذي أذيع علي مستوي الأمة الأمريكية ألقي أوباما باللوم الشديد علي حكومة الأسد علي الهجوم بغاز الأعصاب في ضاحية الغوطة الشرقية التي يسيطر عليها الثوار، وأوضح أنه مستعد لتنفيذ تحذيراته المعلنة سابقا والتي صرح فيها أن أي استخدام للأسلحة الكيماوية هو عبور " الخط الأحمر " . وقال : " حكومة الأسد استخدمت الغاز في قتل حوالي ألف شخص. نحن نعلم أن نظام الأسد هو المسئول ....... وهذا هو ما دفعني، بعد مداولات متأنية، أن أقرر أن من مصلحة الأمن القومي الأمريكي الرد علي استخدام الأسلحة الكيماوية من خلال توجيه ضربة عسكرية موجهة " . أوباما كان ذاهبا إلي الحرب لينفذ تهديدا معلنا، لكنه كان يفعل ذلك دون أن يعلم يقينا من فعل ماذا في الصباح الباكر من 21 أغسطس .

واستشهد بقائمة مما يبدو أنها أدلة دامغة علي ارتكاب الأسد لتلك الجريمة. " نحن نعلم أنه في الأيام التي سبقت 21 أغسطس كان أفراد من المسئولين عن أسلحة الأسد الكيماوية يجهزون لهجوم بالقرب من منطقة كانوا يخلطون فيها غاز السارين. ووزعوا أقنعة الغاز علي قواتهم. ثم أطلقوا الصواريخ من منطقة يسيطر عليها النظام علي 11 حي كان يحاول النظام ينظفها من قوات المعارضة " . وحينها ردد دينيس ماكدونو، رئيس موظفيه، يقين أوباما عندما قال لصحيفة نيويورك تايمز : " لا أحد ممن تحدثت إليهم يشكك في المعلومات الاستخباراتية" التي تربط الأسد ونظامه مباشرة بهجمات غاز السارين .

لكني وجدت في الحوارات التي أجريتها مؤخرا مع ضباط في الجيش والمخابرات والمستشارين سواء السابقين أو الحاليين قلقا شديدا، وفي بعض الحالات وجدت غضبا عارما، بسبب تكرار مشاهد التلاعب المقصود بالمعلومات الاستخباراتية . وكتب ضابط مخابرات رفيع المستوي رسالة بريدية الي زميل له قال له فيها أن تأكيدات الإدارة الأمريكية عن مسئولية الأسد هي مجرد " خدعة " . وكتب أيضا أن الهجوم " لم يكن نتيجة النظام الحالي " . وقال لي مسئول كبير سابق في المخابرات أن إدارة أوباما غيرت المعلومات المتاحة لديها – بالنسبة لتوقيتها وتسلسلها – لتمكين الرئيس ومستشاريه لجعل المعلومات الاستخباراتية التي تم استرجاعها بعد أيام من الهجوم تبدو وكأنه قد تم جمعها وتحليلها في الوقت الفعلي، أثناء حدوث الهجوم. وقال لي أن هذا التحريف ذكره بحادثة خليج توكنكن سنة 1964، عندما غيرت ادارة الرئيس جونسون تسلسل المعلومات الاستخباراتية التي رصدتها وكالة الأمن القومي لتبرير أول عمليات قصف شمال فيتنام. وقال نفس المسئول ان هناك خيبة أمل كبيرة بين  أفراد  الجيش والمخابرات. " هؤلاء الأفراد يرفعون أيديهم الي السماء قائلين : " كيف نساعد هذا الشخص ؟ " – أوباما – " بينما هو وزبانيته يواصلون التلاعب بالمعلومات الاستخباراتية علي طول الطريق "   

وتركز الشكاوي علي ما لا تملكه واشنطون : والمتمثل في أي تحذير مسبق من المصدر المفترض عن الهجوم . ويقوم جهاز المخابرات العسكرية منذ سنوات بإعداد موجزا للمعلومات الاستخباراتية شديد السرية يقدم في الصباح الباكر، معروف باسم " تقرير الصباح"، ويقدم الي وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان، وتذهب نسخة لمستشار الأمن القومي ومدير المخابرات الوطنية. ولا يضم تقرير الصباح معلومات اقتصادية أو سياسية بل يقدم ملخصا للأحداث العسكرية الهامة حول العالم والمعلومات الاستخباراتية المتاحة الخاصة بها. وقال لي مستشار كبير في المخابرات أنه راجع التقارير الخاصة بالهجوم من 20 أغسطس إلي 23 أغسطس . وخلال هاذين اليومين – من 20 إلي 21 أغسطس – لم يكن هناك ذكر لسوريا. وفي تقرير الصباح المقدم في 22 أغسطس كانت الفقرة الرئيسية تتعلق بمصر، والفقرة التالية تتناول التغيير الداخلي في هيكل القيادة لإحدى الجماعات الثورية في سوريا. ولم يذكر شيء عن استخدام غاز الأعصاب في دمشق في هذا اليوم. ولم يصبح استخدام غاز السارين هو القضية الرئيسية إلا في 23 أغسطس، رغم انتشار مئات الصور والفيديوهات الخاصة بالمذبحة طوال ساعات علي اليوتيوب والفيس بوك وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي. وحتى هذه اللحظة لم تكن الإدارة الأمريكية تعلم أكثر مما يعلمه الجمهور.

وغادر أوباما واشنطون في وقت مبكر في 21 أغسطس في جولة استغرقت يومين لإلقاء كلمة في نيويورك وبنسلفينيا . وذكر المكتب الصحفي للبيت الأبيض أن قد تم إبلاغه في هذا اليوم بالهجوم وحالة الغضب التي سادت الإعلام والجمهور. وقد ظهر انعدام أي معلومات استخباراتية فورية من الداخل في 22 أغسطس عندما قال جين بساكي، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، للصحفيين : " لم نتمكن بشكل قاطع من تحديد استخدام ( الأسلحة الكيماوية ) . لكننا نركز في كل دقيقة لكل يوم مر منذ وقوع هذه الأحداث علي فعل ما في وسعنا في نطاق سلطتنا لجمع الحقائق " .  واشتدت نبرة الإدارة الأمريكية في 27 أغسطس، عندما قال جاي كارني، السكرتير الصحفي لاوباما، للصحفيين – دون أن يقدم أي معلومات محددة – أن أي اقتراحات بأن الحكومة  السورية غير مسئولة " هي اقتراحات خرقاء مثلها مثل الاقتراح بأن الهجوم لم يقع " .

ويبين غياب الإنذار الفوري داخل جهاز المخابرات الأمريكية  أنه لم تتوافر أي معلومات استخباراتية عن النوايا السورية في الأيام التي سبقت الهجوم. وهناك علي الأقل وسيلتين علمت الإدارة الأمريكية عن طريقهما بالهجوم بشكل مسبق : وكلاهما تطرق إليهما أحد وثائق المخابرات الأمريكية شديدة السرية التي نشرها في الشهور الأخيرة إدوارد سنودن، المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأمريكية.

وفي 29 أغسطس نشرت صحيفة الواشنطون بوست مقتطفات من الميزانية السنوية المخصصة لكل برامج المخابرات الوطنية، وكالة تلو الوكالة، والتي وفرها سنودن. وبالتشاور مع إدارة أوباما، اختارت الصحيفة نشر جزء بسيط فقط من الوثيقة المكونة من 178 صفحة، والمصنفة وثيقة أعلي من سرية للغاية، لكن الصحيفة لخصت ونشرت جزءا يتناول المناطق التي تشكل إشكالية. ومن المناطق التي تشكل إشكالية فجوة في استهداف مكتب الأسد. وذكرت الوثيقة أن أجهزة التصنت الالكترونية التابعة لوكالة الأمن القومي علي مستوي العالم كانت لديها " القدرة علي مراقبة الاتصالات الغير مشفرة بين المسئولين العسكريين الكبار في بداية الحرب الأهلية هناك " . لكن هذه الأجهزة كانت " من الهشاشة حتى أن قوات الرئيس بشار الأسد اكتشفتها فيما بعد " . وبمعني أخر، لم يعد لوكالة الأمن القومي قدرة علي التجسس علي محادثات القيادات العسكرية الكبرى في سوريا، وهي محادثات قد تحتوي علي اتصالات مهمة خاصة بالأسد، مثل أوامر استخدام غاز الأعصاب في الهجمات. ( لم تدعي ادارة اوباما في تصريحاتها المعلنة منذ 21 أغسطس أن لديها معلومات محددة حول علاقة الأسد نفسه بالهجوم )

وقدم لنا تقرير الواشنطون بوست أول مؤشر علي وجود نظام تجسس سري داخل سوريا، الذي صمم لتوفير إنذار مبكر عند حدوث أي تغيير في وضعية مستودعات الأسلحة الكيماوية الخاصة بالنظام. وأجهزة التجسس يراقبها مكتب الاستطلاع القومي، وهي وكالة تتحكم في كل أقمار التجسس الامريكية التي تدور في الفلك. وجاء في الموجز الذي نشرته الواشنطون بوست أن مكتب الاستطلاع القومي مكلف " باستخلاص البيانات من أجهزة التصنت الموضوعة علي الأرض " داخل سوريا. وقال لي مسئول المخابرات الكبير، الذي علي إطلاع مباشر بهذا البرنامج، أن أجهزة التصنت الخاصة بمكتب الاستطلاع القومي قد زرعت بالقرب من كل مواقع المواد الكيماوية في سوريا. وقد صممت هذه الأجهزة لتوفير مراقبة دائمة لحركة الرؤؤس الحربية الكيماوية التي خزنها الجيش. لكن الأهم من ذلك - فيما يتعلق بالإنذار المبكر - هو قدرة هذه الأجهزة علي تحذير المخابرات الأمريكية والإسرائيلية عند تحميل الرؤؤس الحربية بغاز السارين.( فإسرائيل كدولة جارة حذرة دوما من حدوث تغيير في ترسانة الأسلحة الكيماوية السورية وتعمل عن قرب مع المخابرات الأمريكية بخصوص الإنذار المبكر ) . عند تحميل الرؤؤس الحربية الكيماوية بغاز السارين فإنه يبقي نشطا بضعة أيام أو أقل - وبعدها يبدأ غاز الأعصاب في التهام الصاروخ علي الفور تقريبا. وقال لي مسئول المخابرات الكبير : " الجيش السوري ليس لديه ثلاثة أيام ليتجهز لهجوم كيماوي " . " لقد أنشأنا نظام التجسس لأجل رد الفعل المباشر، مثل الإنذار بقيام غارة جوية أو تحذير بإطلاق النار. لن تتمكن من الحصول علي إنذار بعد ثلاثة أيام لأن كل المشاركين سيكونوا من الأموات. الأمر هو إما الآن أو تصبح تاريخا. لن تقضي ثلاثة أيام للاستعداد لإطلاق غاز الأعصاب" . وقال المسئول السابق أن أجهزة التجسس لم تكشف أي حركة في الشهور والأيام التي سبقت 21 أغسطس. وبالطبع هناك احتمال أن يكون الجيش السوري قد حصل علي غاز السارين بوسائل أخري، لكن عدم وجود إنذار يعني أن واشنطون لم تكن قادرة علي مراقبة الأحداث في شرق الغوطة عندما ظهرت للعيان.

في الماضي كانت أجهزة التجسس تعمل وكانت القيادة السورية علي علم كامل بها. وفي شهر ديسمبر الماضي التقطت أجهزة التجسس مؤشرات علي ما بدي أنه إنتاج غاز السارين في أحد مستودعات الأسلحة الكيماوية. ولم يتبين علي الفور ما إذا كان الجيش السوري يحاكي عملية إنتاج غاز السارين كجزء من أحد التدريبات ( كل الجيوش تمارس هذه التدريبات ) أو كان بالفعل يستعد للقيام بهجوم. وفي تلك الفترة حذر أوباما سوريا علنا من أن استخدام غاز السارين " غير مقبول تماما "، وتم تمرير رسالة مماثلة علي يد وسائل دبلوماسية. ثم ثبت لاحقا أن هذه الواقعة كانت في إطار سلسلة من التدريبات، وفقا لما ذكره مسئول المخابرات الكبير. " إذا كان ما رأته أجهزة التجسس في ديسمبر الماضي ذو أهمية كبيرة لدرجة أن الرئيس نادي وقال " دمروها " فلماذا لم يصدر الرئيس نفس التحذير قبل ثلاثة أيام من هجوم شهر أغسطس ؟ "

وقال المسئول السابق أن وكالة الأمن القومي ستراقب الأسد علي مدار الساعة إن استطاعت. وستكون الاتصالات الأخرى التي تجريها عدة وحدات قتالية في الجيش السوري أقل أهمية بكثير ولن يتم تحليلها في حينها. وقال : " يوجد حرفيا ألاف من ترددات الراديو التكتيكية تستخدمها الوحدات التي تقاتل في الميدان في سوريا في الاتصالات الروتينية العادية، وهي تحتاج إلي عدد ضخم من الفنيين في فك الشفرات التابعين لوكالة الأمن القومي لتنصت عليها وستكون الاستفادة منها صفر " . لكن " الدردشات " تخزن بشكل روتيني في الكمبيوترات. وبمجرد أن علمت وكالة الأمن القومي بحجم الإحداث التي وقعت في 21 أغسطس بذلت جهودا مكثفة بحثا عن أي روابط لها علاقة بالهجوم، وفتشت في الأرشيف الكامل للاتصالات المخزنة. يتم اختيار كلمة افتتاحية أو كلمتين ثم يستخدم مرشح للعثور علي المحادثات المطلوبة. وقال المسئول السابق الكبير : " ما حدث هنا هو أن أفراد من المخابرات التابعين لوكالة الأمن القومي بدءوا بحدث - وهو استخدام غاز السارين - وبحثوا عن دردشات قد يكون لها علاقة بتلك الحادثة . ولم يؤدي هذا إلي تقييم يحظي بثقة عالية، إلا إذا بدأت بثقة عالية بالقول أن بشار الأسد هو من أصدر الأوامر، فبدأوا في البحث عن أي شيء يؤيد هذا المعتقد " .  وكانت عملية التلاعب شبيهة بالعملية التي استخدمت لتبرير الحرب علي العراق .

واحتاج البيت الأبيض تسعة أيام ليجمع حججه ضد الحكومة السورية. وفي 30 أغسطس استضاف البيت الأبيض مجموعة منتقاة من الصحفيين في واشنطون ( ولم توجه الدعوة لصحفي ناقد واحد علي الأقل، وهو جوناثان لانداي، المراسل الصحفي لصحيفة مكالاتشي المتخصص في شئون الأمن القومي ) وسلموهم وثيقة حملت اسما أختير بعناية وهو " تقييم الحكومة " وليس تقييما قامت به أجهزة المخابرات. وضمت الوثيقة ما هو بالأساس رأي سياسي لدعم حجة الإدارة الأمريكية ضد حكومة الأسد. ومع ذلك كانت الوثيقة محددة أكثر مما كان عليه أوباما لاحقا في خطابه الذي ألقاه في 10 سبتمبر. ونصت الوثيقة أن المخابرات الأمريكية كانت علي علم أن سوريا بدأت في " تجهيز الذخيرة الكيماوية " قبل ثلاثة أيام من الهجوم. وفي خطاب عنيف ألقاه لاحقا في نفس اليوم وفر لنا جون كيري المزيد من التفاصيل. لقد قال أن " الأفراد المسئولين عن الأسلحة الكيماوية في سوريا كانوا موجودين علي الأرض، في المنطقة، يقومون بالتجهيزات في 18 أغسطس " . وقال : " نحن نعلم ان عناصر من النظام السوري قيل لها أن تتجهز للهجوم بأن ترتدي أقنعة الغاز وأن تأخذ احتياطاتها المرتبطة بالأسلحة الكيماوية " . تقييم الحكومة وتصريحات كيري جعلت الأمر يبدو وكأن الإدارة الأمريكية كانت تتعقب هجوم غاز السارين عند وقوعها.  وكانت هذه الرواية للأحداث، وهي رواية غير حقيقية وان كانت محل خلاف، هي الرواية التي تنشر في الصحف علي نطاق واسع .

وجاء أحد ردود الأفعال غير المتوقعة في شكل شكاوي من قيادة الجيش السوري الحر وآخرين بشأن عدم وجود إنذار. وقالت رزان زيتونة، وهي من أعضاء المعارضة كانت تعيش في احدي المدن التي تعرضت لهجوم غاز السارين، لصحيفة الفورين بوليسي : " إنه لأمر لا يصدق ألا يفعلوا شيئا لإنذار الناس أو محاولة منع النظام من ارتكاب تلك الجريمة " . وكانت صحيفة الميل أكثر جرأة حيث كتبت : " تقرير للاستخبارات يقول أن مسئولين أمريكيين كانوا علي علم بهجوم غاز الأعصاب قبل ثلاثة أيام من مقتل 1400 شخص من هذا الهجوم - وبينهم أكثر من 400 طفل " . ( اختلفت أرقام القتلى المنسوبين للهجوم بشكل واسع، وتراوح عددهم من 1429 كما زعمت إدارة اوباما في البداية إلي عدد أقل بكثير. ونشرت منظمة حقوق إنسان سورية أن عدد القتلى بلغ 502 وذكرت منظمة أطباء بلا حدود أن العدد هو 355، وحصر تقرير فرنسي 281 من الضحايا المعروفين. ونشرت صحيفة الوول ستريت جورنال فيما بعد العدد الإجمالي الدقيق الصاعق الذي حصرته الولايات المتحدة والذي لم يكن مبنيا علي العد الفعلي للجثث بل مبنيا علي استقراء محللي السي اي ايه الذين فحصوا أكثر من مئة مقطع فيديو علي اليوتيوب من الغوطة الشرقية داخل نظام كمبيوتر وبحثوا عن صور القتلى. وبمعني أخر، لم يكن أكثر من تخمين )

  وبعد خمسة أيام رد المتحدث الرسمي لمدير مكتب المخابرات القومية علي الشكاوي. وذكر بيان نشرته وكالة الاسوشيتد برس أن المعلومات الاستخباراتية وراء مزاعم الإدارة الأمريكية المبكرة لم تكن معروفة في وقت الهجوم بل استخلصتها فيما بعد. " علينا أن نكون واضحين. الولايات المتحدة لم تكن تراقب بشكل مباشر عندما وقع هذا الهجوم . تمكن جهاز المخابرات من جمع وتحليل المعلومات بعد الحادثة وقرر أن عناصر من نظام الأسد اتخذت إجراءات للاستعداد قبل استخدام الأسلحة الكيماوية. " . ولكن بعد أن نشرت كتيبة الصحافة الأمريكية القصة لم يلقي التراجع عن تلك القصة إلا اهتماما ضئيلا. ففي 31 أغسطس نشرت الواشنطون بوست علي صفحتها الأولي، معتمدة علي تقرير الحكومة، أن المخابرات الأمريكية تمكنت من تسجيل " كل خطوة " لهجوم الجيش السوري في حينها، " من الاستعدادات المكثفة لإطلاق الصواريخ إلي تقييمات ما بعد العملية علي يد المسئولين السوريين " . ولم تنشر التصحيح الذي نشرته وكالة الاسوشيتد برس واحتفظ البيت الأبيض بالسيطرة علي رواية الأحداث.

لذا فعندما قال اوباما في 10 سبتمبر أن إدارته كانت تعلم أن أفراد مسئولين عن الأسلحة الكيماوية تابعين للأسد كانوا يجهزون مقدما للهجوم، لم يكن يبني تصريحاته علي معلومات استخباراتية تم رصدها أثناء حدوثها بل بناء علي اتصالات تم تحليلها بعد مرور أيام علي 21 أغسطس . وأوضح مسئول المخابرات السابق أن البحث عن المحادثات المطلوبة تعود إلي التدريب الذي تم اكتشافه في شهر ديسمبر السابق والذي، كما قال أوباما لاحقا للناس، حشد فيه الجيش السوري الأفراد المسئولين عن الأسلحة الكيماوية ووزع علي قواته أقنعة الغاز. ولم يكن تقييم الحكومة الذي قدمه البيت الأبيض ولا خطاب اوباما توصيفا لأحداث محددة سبقت هجوم 21 أغسطس، بل مجرد رواية لتسلسل يتبعه الجيش السوري عند وقوع أي هجوم كيماوي. وقال المسئول السابق : " لقد جمعوا قصة قديمة وهناك الكثير من القطع والأجزاء المختلفة. النموذج الذي استخدموه هو نموذج يعود إلي شهر ديسمبر " . وهناك احتمال بالطبع ان اوباما لم يكن يعلم أن هذه الرواية تم الحصول عليها من تحليل لبروتوكولات الجيش السوري عند إجراء هجوم بالغاز، وليس من أدلة مباشرة. وفي كلتا الحالتين يكون قد توصل الي حكم متعجل.

وحذت الصحافة حذو الإدارة الأمريكية. كان تقرير الأمم المتحدة الذي أكد استخدام غاز السارين حريصا علي ذكر أن الإذن بدخول المحققين لمواقع الهجوم، الذين جاءوا بعد خمسة أيام من الهجوم بالغاز، كانت تتحكم فيه قوات الثوار. وجاء في التقرير التحذير التالي : " أما بالنسبة للمواقع الأخري فإن هذه المواقع كان يتردد عليها أفراد آخرين قبل وصول البعثة ... وأثناء الفترة التي قضيناها في تلك المواقع كان يصل أفراد يحملون ذخيرة مشبوهة مما يشير الي أن هذا الدليل المحتمل قد تم نقله وربما تم التلاعب به." .  ومع ذلك استغلت صحيفة نيويورك تايمز التقرير، كما فعل المسئولين الأمريكيين والبريطانيين، وزعمت أنه يقدم أدلة دامغة تؤكد مزاعم الإدارة الأمريكية. وضم مرفق في التقرير صورا للذخيرة التي تم معالجتها والتي تم إعادة إنتاجها من مقاطع فيديو علي موقع اليوتيوب، وضمت تلك الصور صورة لصاروخ " يطابق بشكل واضح " تفاصيل صاروخ مدفعي عيار 330 مم . وكتبت النيويورك تايمز أن وجود الصواريخ يثبت أن الحكومة السورية هي المسئولة عن الهجوم " لأن الأسلحة المعنية لم توثق في السابق ولم يرد من قبل أنها في حوزة الثوار " .    

راجع تيودور بوستول، الأستاذ الجامعي المتخصص في التكنولوجيا والأمن القومي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، صور الأمم المتحدة مع مجموعة من زملائه وتوصل الي أن الصاروخ من العيار الكبير كان صاروخا مرتجلا والاحتمال الأكبر أنه قد صنع محليا. وقال لي أنه " شيء تستطيع أن تصنعه في ورشة قدراتها متواضعة " . وأضاف أن الصاروخ الموجود في الصورة لا يطابق مواصفات صاروخ مماثل ولا حتي أصغر صاروخ من تلك  الصواريخ المعروف أنها موجودة في المستودعات السورية . ومرة أخري حللت النيويورك تايمز، معتمدة علي بيانات تقرير الأمم المتحدة، مسار طيران صاروخين مستنفرين كان يعتقد أنهما كانا يحملان  غاز السارين، وتوصلت الي أن زاوية الهبوط " كانت تشير بشكل مباشر " الي أنهما أطلقا من قاعدة عسكرية للجيش السوري من علي بعد أكثر من تسعة كيلو متر من منطقة الهبوط . وقال بوستول، الذي خدم كمستشار علمي لرئيس العمليات البحرية في وزارة الدفاع، أن مزاعم التايمز وصحف أخري " لم تكن مبنية علي ملاحظات فعلية " . وتوصل إلي أن مسار الطيران بشكل خاص كان، كما ذكر في أحد رسائله البريدية، " غباء مطلق " لأن الدراسة المتأنية بينت أن مدي الصواريخ المرتجلة " من المستبعد " أن يصل إلي أكثر من 2 كيلو متر . ونشر بوستول وزميل له يدعي ريتشارد لويد تحليلا بعد أسبوعين من 21 أغسطس وقيموا فيه بشكل صحيح أن الصواريخ المعنية كانت تحمل حمولة من السارين أكبر مما كان يقدر في السابق.  وكتبت التايمز تقريرا مطولا عن هذا التحليل ووصفت بوستول ولويد بأنهما " من رواد خبراء الأسلحة " . وأرسل الاثنان الدراسة التي أجرياها عن مسارات رحلة الصواريخ ومداها، والتي تتناقض مع تقرير التايمز السابق، إلي الصحيفة في الأسبوع الماضي بالبريد الالكتروني. ولم تنشر عنها حتى الآن

واقترن تحريف البيت الأبيض لما كان يعلمه عن الهجوم باستعداده لتجاهل المعلومات الاستخباراتية التي كانت ستضعف روايته. هذه المعلومات تخص جبهة النصرة، وهي جماعة إسلامية تابعة للثوار وتصنفها الولايات المتحدة والأمم المتحدة منظمة إرهابية. ومعروف عن جبهة النصرة أنها نفذت العشرات من العمليات الانتحارية ضد المسيحيين وضد مسلمين آخرين من غير الطائفة السنية واعتدت علي حلفائها الشكليين في الحرب الأهلية، الجيش السوري الحر. وهدفها المعلن هو إسقاط نظام الأسد وإقامة الشريعة. ( في 25 سبتمبر انضمت النصرة لعدد من الجماعات الاسلامية التابعين للثورة وتبرؤوا من الجيش السوري الحر وفصيل آخر يسمي الائتلاف الوطني السوري )      

ويرجع تركيز الاهتمام الأمريكي علي جبهة النصرة وغاز السارين الي عدد من الهجمات بالأسلحة الكيماوية ارتكبت علي نطاق ضيق في شهر مارس وأبريل. ففي تلك الفترة أصرت الحكومة والثوار معا علي تحميل المسئولية للطرف الآخر . وتوصلت الأمم المتحدة في نهاية المطاف إلي أن أربع هجمات بالكيماوي تم تنفيذها، لكنها لم تحمل أي طرف المسئولية. وفي أواخر شهر أبريل قال مسئول من البيت الأبيض للصحافة أن أجهزة المخابرات أجرت تقييما " علي درجة متفاوتة من الثقة " وتوصلت الي أن الحكومة السورية كانت هي المسئولة عن الهجمات. وتخطي الأسد " الخط الأحمر " الذي رسمه أوباما. واحتل التقييم الذي أجرته المخابرات العناوين الرئيسية للصحف، لكن بعض التحذيرات المهمة ضاعت في الترجمة. واعترف المسئول المجهول الذي يقدم التقرير الموجز أن تقييم جهاز المخابرات " ليس كافيا لوحده ". وقال : " نريد أن نحقق أولا وقبل كل شئ في ذلك التقييم لنجمع الحقائق حتى نتمكن من وضع مجموعة من المعلومات المؤكدة ذات المصداقية لنتمكن من إطلاع صانعي القرار عليها " . وبمعني آخر، البيت الأبيض لم يكن لديه أدلة مباشرة علي تورط الحكومة أو الجيش السوري، وهي حقيقة لم تكن تذكر في التغطيات الصحفية إلا من حين لأخر. وأثر  كلام اوباما القاسي في المواطنين والكونجرس الذي يعتبر الأسد مجرم بلا رحمة.

وبعد شهرين أعلن بيان أصدره البيت الأبيض عن تغير بشأن اتهام سوريا وقال أن جهاز المخابرات لديه الان " ثقة عالية " أن حكومة الأسد هي المسئولة عن وفاة أكثر من 150 شخص بسبب الهجوم بغاز السارين. وتولد عن هذا البيان المزيد من العناوين الرئيسية في الصحف وقيل للصحافة أن أوباما قد أمر بزيادة المساعدات بالأسلحة الغير فتاكة للمعارضة السورية، ردا علي المعلومات الاستخبارية الجديدة. ومرة أخري صدرت إنذارات مهمة. فقد ضمت المعلومات الاستخبارية تقريرا ذكر أن المسئولين السوريين خططوا ونفذوا الهجوم. ولم يقدم التقرير أي تفاصيل ولم يحدد هوية من قدموا التقارير. وذكر بيان البيت الأبيض أن التحليل المعملي أكد استخدام غاز السارين، وأكد أيضا أن النتائج الايجابية لغاز الأعصاب " لا تذكر لنا كيف وأين تعرض هؤلاء الأفراد له ولا من قام بنشره " . وأضاف تصريح البيت الأبيض : " ليس لدينا تقارير يقينية موثوقة تشير الي أن المعارضة السورية حصلت علي أو استخدمت الأسلحة الكيماوية " . وهذا البيان كان يتناقض في حينها مع الأدلة التي كانت تنهال علي وكالات المخابرات الأمريكية.

وقال لي مستشار المخابرات الكبير أنه في أواخر شهر مايو أطلعت السي اي ايه إدارة الرئيس أوباما علي جبهة النصرة وتصنيعها لغاز السارين، وأرسلت تقارير تحذيرية أن جماعة أصولية سنية نشطة في العراق، وهي جماعة تنظيم القاعدة في العراق، أصبح لديها هي أيضا دراية بتصنيع غاز السارين. وفي تلك الفترة كانت جبهة النصرة تعمل في مناطق قريبة من دمشق، ومن ضمنها الغوطة الشرقية. وقد تناولت وثيقة إستخبارية صدرت في منتصف الصيف بشكل مكثف زياد طارق أحمد، خبير الأسلحة الكيماوية سابقا في الجيش العراقي، والذي قيل أنه انتقل إلي سوريا ويعمل في الغوطة الشرقية. وقال لي المستشار أنهم عرفوا طارق " كشخص تابع لتنظيم لقاعدة لديه سجل في صنع غاز الخردل في العراق وهو شخص متورط في صناعة واستخدام غاز السارين " . وهو يعد هدفا معروفا لدي الجيش الأمريكي.

وفي 20 يونيو وصلت برقية شديدة السرية مكونة من أربع صفحات تلخص ما عرف عن جبهة النصرة من قدرات خاصة بغاز الأعصاب إلي ديفيد شيد، نائب مدير وكالة مخابرات الدفاع. وقال المستشار : " ما أبلغ به شيد كان مكثفا وشاملا . لم تكن مجرد " نحن نعتقد " " . وقال لي أن البرقية لم تقدم تقييما بشأن ما إذا كان الثوار أو الجيش السوري هو من بادر بالهجمات التي شنت في شهر مارس وأبريل، إلا أنها أكدت التقارير السابقة التي ذكرت أن جبهة النصرة لديها القدرة علي الحصول علي غاز السارين. وتم اكتشاف عينة من غاز السارين الذي استخدم - بمساعدة عميل إسرائيلي - ولكن، حسب ما ذكر المستشار، لم تظهر تقارير عن العينة في المراسلات بالبرقيات.

وعدا عن هذه التقييمات، طالب رئيس هيئة الأركان بإجراء تحليل شامل لكل المصادر للتهديد المحتمل، بعد أن اعتقد أن القوات الأمريكية قد يصدر لها الأوامر بدخول سوريا لمصادرة الأسلحة الكيماوية في مخازن الأسلحة التابعة للحكومة. وشرح لي مسئول المخابرات السابق قائلا : " أمر العمليات يقدم الأساس الذي يبني عليه تنفيذ المهمة العسكرية، في حالة تم إصداره. ويضم هذا احتمال الحاجة إلي إرسال الجنود الأمريكيين إلي موقع الأسلحة الكيماوية في سوريا لحمايتها من استيلاء الثوار عليها. فإذا تمكن الثوار الجهاديين من السيطرة علي الموقع، كان الافتراض هو أن الأسد لن يقاتلنا لأننا نمنع الثوار من الحصول علي الكيماوي. وتحتوي كل أوامر العمليات علي مكون من مكونات التهديد الاستخباراتي. لدينا محللين تقنيين من وكالة المخابرات المركزية ووكالة استخبارات الدفاع وأفراد متخصصين في الأسلحة وأفراد متخصصين في المؤشرات والتحذيرات يعملون علي هذه المشكلة.... وتوصلوا إلي أن قوات الثوار كانت قادرة علي الهجوم علي قوة أمريكية بغاز السارين لأنهم كانوا قادرين علي إنتاج الغاز الفتاك. واعتمد هذا التحليل علي إشارات ومعلومات استخباراتية بشرية، وكذلك علي النوايا المعلنة والقدرات التقنية للثوار " .

وهناك أدلة تشير إلي أن بعض أعضاء هيئة الأركان المشتركة كانوا منزعجين في الصيف من احتمال القيام بغزو بري لسوريا ومنزعجين كذلك من رغبة أوباما المعلنة بإعطاء فصائل الثوار دعم بالأسلحة غير الفتاكة.  وفي شهر يوليو قدم الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان، تقييما قاتما، حيث قال للجنة الخدمات المسلحة التابعة لمجلس الشيوخ في شهادة علي الملأ أن " ألافا من قوات العمليات الخاصة وغيرها من القوات البرية " ستكون هناك حاجة إليها لمصادرة ترسانة الأسلحة الكيماوية المبعثرة في كل سوريا، بالإضافة لمئات الطائرات والسفن والغواصات والأسلحة الأخرى. وبلغت تقديرات البنتاغون لعدد القوات سبعون ألفا، لأن القوات الأمريكية ستضطر إلي حراسة أسطول الصواريخ السوري. فالوصول إلي أحجام كبيرة من الكيماويات التي تصنع غاز السارين دون وسيلة لتسليمها لن يكون ذا قيمة كبير بالنسبة لأي قوة من قوات الثوار. وفي خطاب أرسله ديمبسي الي عضو مجلس الشيوخ السيناتور كارل ليفين حذر فيه من أن اتخاذ قرار بالاستيلاء علي ترسانة الأسلحة السورية قد يكون له عواقب غير مقصودة، حيث قال : " لقد تعلمنا من العشر سنوات الماضية أنه ببساطة لا يكفي تغيير ميزان القوة العسكرية دون الأخذ في الاعتبار ما يلزم لبقاء الدولة وقيامها بوظائفها .... ولو انهارت مؤسسات الدولة في غياب معارضة قابلة للحياة قد نمكن دون قصد المتطرفين أو نطلق العنان لنفس الأسلحة الكيماوية التي تسعي للسيطرة عليها " .

امتنعت السي اي ايه عن التعليق علي هذا المقال، وقال المتحدثين باسم وكالة مخابرات الدفاع ومكتب مدير المخابرات الوطنية أنهم لا علم لهم بتقرير شيد، وعندما قدمنا لهم علامات محددة خاصة بالبرقية قالوا أنهم لم يتمكنوا من العثور عليها. وقال شون تيرنر، رئيس الشئون العامة لمكتب مدير المخابرات الوطنية، أن لا يوجد وكالة مخابرات، ومن ضمنها وكالة مخابرات الدفاع، " وضعت تقييما أن جبهة النصرة نجحت في تطوير قدرات علي تصنيع غاز السارين " .

لم يكن مسئولي الشئون العامة في الإدارة الأمريكية يشعرون بالقلق بشأن القدرات العسكرية لجبهة النصرة كما كان يشعر شيد في تصريحاته العامة. ففي أواخر شهر يوليو قدم رواية مزعجة عن قوة جبهة النصرة وذلك في منتدى أسبين الأمني السنوي في كولورادو. وقال شيد وفقا لتسجيل لكلمته التي ألقاها في المنتدى : " قمت بعد ما لا يقل عن 1200 جماعة مختلفة في المعارضة. وجبهة النصرة داخل المعارضة هي الأكثر تأثيرا وتكتسب قوة " . وقال أن هذا " يسبب لنا قلقا شديدا. وينتابني قلق شديد أنها لو تركت دون ضبط فإن أكبر العناصر المتشددة" - ويقصد تنظيم القاعدة في العراق - " سيستولون علي الحكم " . وواصل قائلا أن الحرب الأهلية " لن تزيد إلا سوءا مع الوقت ... وستحدث أعمال عنف لا يصدقها عقل" . لم يتطرق شيد إلي الأسلحة الكيماوية في كلمته، لكنه لم يكن ليسمح له بذلك. فالتقارير إلي استلمها مكتبه كانت سرية للغاية.

وذكرت مجموعة من الرسائل السرية التي جاءت من سوريا خلال فصل الصيف أن أعضاء الجيش الحر يشتكون لأفراد المخابرات الأمريكية بشأن الهجمات المتكررة التي تتعرض لها قواتهم من جبهة النصرة ومقاتلي تنظيم القاعدة. وقال مستشار المخابرات الكبير الذي قرأ تلك الرسائل أن هذه التقارير قدمت أدلة علي أن الجيش السوري الحر " ينتابهم شعور بالقلق من هؤلاء المهاوييس أكثر من شعورهم بالقلق من الأسد" . ويتكون الجيش السوري الحر بدرجة كبيرة من المنشقين عن الجيش السوري. وسعت إدارة اوباما، التي التزمت بإنهاء نظام الأسد وواصلت دعمها للثوار، في تصريحاتها العلنية منذ الهجوم إلي التقليل من شأن نفوذ الفصائل السلفية والوهابية. وفي أوائل شهر سبتمبر صدم جون كيري جلسة لمجلس الشيوخ بزعمه المفاجئ أن جبهة النصرة وجماعات إسلامية أخري يشكلون أقلية في المعارضة السورية . وتراجع عن هذا الزعم في وقت لاحق.

وتجاهلت الإدارة الأمريكية في مؤتمراتها الصحفية التي عقدتها بعد 21 أغسطس المعلومات الاستخباراتية المتاحة لديها عن احتمالية امتلاك جبهة النصرة لغاز السارين وواصلت الزعم بأن حكومة الأسد هي الوحيدة التي تمتلك الأسلحة الكيماوية. كانت هذه هي الرسالة التي تم تناقلها في عدة بيانات سرية مختلفة والتي استلمها أعضاء في الكونجرس بعد أيام من الهجوم، عندما كان اوباما يسعي إلي الحصول علي تأييد لهجومه الصاروخي الذي خطط له ضد المنشئات العسكرية السورية. وقال لي أحد المشرعين الذي لديه خبرة لأكثر من عشرين سنة في الشئون العسكرية أنه عاد لتوه من احدي تلك المؤتمرات مقتنعا أن " حكومة الأسد هي الوحيدة التي تملك غاز السارين وأن الثوار لا يملكونه " . وبالمثل، قالت سامنزا باور، سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، عقب صدور تقرير الأمم المتحدة في 16 سبتمبر الذي أكد استخدام غاز السارين في 21 أغسطس، في مؤتمر صحفي : " من المهم جدا ذكر أن نظام الأسد هو وحده من يمتلك السارين وليس لدينا أدلة تشير إلي امتلاك المعارضة للسارين " .

ولا نعلم ما إذا كانت التقارير شديدة السرية عن جبهة النصرة كانت متاحة لمكتب باور أم لا، لكن تصريحها كان انعكاسا لموقف ساد الإدارة الأمريكية كلها . وقال لي المسئول الكبير السابق في المخابرات : " كان الإفتراض الفوري أن الأسد هو من فعلها. توصل مدير السي أي ايه الجديد جون برينان إلي هذا الاستنتاج ... وقاد سيارته إلي البيت الأبيض وقال " انظروا إلي ما حصلت عليه "  . الأمر كله كان مجرد كلام شفهي. هم مجرد لوحوا بالقميص الملطخ بالدماء. كان هناك الكثير من الضغوط السياسية لإحضار أوباما إلي الطاولة لمساعدة الثوار، وكانت هناك أمنيات بأن يجبر هذا ( ربط الأسد بهجوم غاز السارين ) أوباما علي تقديم يد المساعدة. " وكانت هذه هي برقية زمرمان الخاصة بالثورة السورية وبإمكان اوباما الآن أن يقوم برد فعل " . وهي أمنية جناح سامنزا باور في الإدارة الأمريكية. ولسوء الحظ كان هناك أعضاء من هيئة الأركان ممن تم إبلاغهم انه سيقوم بهجوم لم يكونوا مطمئنين إلي أن هذا عمل جيد "    

ولم يحظي الهجوم الصاروخي المقترح علي سوريا بتأييد شعبي وتوجه اوباما بسرعة إلي الأمم المتحدة والاقتراح الروسي بنزع ترسانة الأسلحة الكيماوية السورية. وتم التخلي تماما عن أي احتمال بالقيام بعمل عسكري في 26 سبتمبر عندما انضمت الادارة إلي روسيا في الموافقة علي مشروع قرار للأمم المتحدة يدعو حكومة الأسد إلي التخلي عن ترسانة الأسلحة الكيماوية. وأدي تراجع اوباما إلي شعور الكثير من الضباط الكبار بالارتياح . ( وقال لي مستشار رفيع المستوي في العمليات الخاصة أن الهجوم الصاروخي الأمريكي سيئ الإعداد علي المطارات العسكرية السورية ومواقع صواريخها، كما تصوره البيت الأبيض في البداية، كان سيكون " أشبه بتوفير الغطاء الجوي لدعم جبهة النصرة " )

ويثير تحريف الإدارة الأمريكية للحقائق الخاصة بهجوم غاز السارين سؤالا لا غني عنه : هل حصلنا علي القصة الكاملة لرغبة اوباما التراجع عن تهديد " الخط الأحمر " وقصف سوريا ؟ لقد ادعي أن لديه أدلة دامغة وفجأة وافق علي تحويل القضية إلي مجلس الشيوخ وبعدها وافق علي عرض الأسد بالتخلص من الأسلحة الكيماوية. ويبدو أنه ربما ووجه في مرحلة ما بمعلومات متناقضة : أدلة كافية لإقناعه بإلغاء خطة الهجوم وتحمل النقد الذي سيوجه له بالطبع من الجمهوريين.  

تناول قرار الأمم المتحدة الذي تبناه مجلس الأمن في 27 سبتمبر بشكل غير مباشر فكرة أن قوات الثوار مثل جبهة النصرة ستكون ملزمة بنزع أسلحتها حيث جاء في القرار : " لا يجوز لأي طرف في سوريا استخدام أو تطوير أو إنتاج أو الحصول علي أو تخزين أو نقل الأسلحة الكيماوية " . وطالب القرار أيضا بإبلاغ مجلس الأمن فورا في حالة حصول " أطراف غير تابعة للدولة " علي الأسلحة الكيماوية. لم تذكر أي جماعة بالاسم. وفي الوقت الذي يواصل النظام السوري التخلص من ترسانة أسلحته الكيماوية، المفارقة هي أنه بعد تدمير مستودعات الأسلحة الكيماوية الخاصة بالأسد قد تصبح جبهة النصرة وحلفائها الإسلاميين هم الوحيدين الذين يمتلكون المكونات التي يصنع منها السارين، وهو سلاح استراتيجي سيكون مختلفا عن أي سلاح آخر في منطقة الحرب . وربما يكون هناك حاجة للمزيد من التفاوض .

بقلم سيمور هيرش

https://www.lrb.co.uk/v35/n24/seymour-m-hersh/whose-sarin

الخميس، 9 مارس 2017

أطباء سويديين لحقوق الانسان : فيديو أصحاب الخوذات البيضاء هو تلاعب مروع بالأطفال الموتي وتمثيل هجوم بالأسلحة الكيماوية لتبرير انشاء " منطقة حظر جوي " في سوريا

بقلم : الدكتور مارسيلو فيرادا دي نولي، رئيس منظمة أطباء سويديين لحقوق الانسان


كشف بحث حول فيديو نشره أصحاب القبعات البيضاء أجراه أطباء بشريين سويديين متخصصين في عدة مجالات، منها طب الأطفال، أن الاجراءات التي اتبعت في الفيديو في عملية انقاذ حياة الضحايا ليست اجراءات صحيحة - بل في الحقيقة تشكل خطورة عليهم - أو ببساطة هي اجراءات ملفقة، ومن هذه الاجراءات أساليب التنفس الصناعي المصطنعة التي استخدمت مع أطفال فقدوا الحياة بالفعل



                               الهجوم المزعوم علي مدينة سرمين


شنت مؤخرا حملة دعاية مكثفة استفادت بحصولها علي جائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي  متحت لمنظمة ممولة من الناتو ودول الخليج، تسمي الخوذات البيضاء ومنتجي شركة نيتفليكس Netflix للأفلام الوثائقية. ( 1 ) وفازت الخوزات البيضاء في السابق ب " جائزة نوبل البديلة "، منحت لهم في السويد في 2016 . (2 ) وحرصت هذه الجوائز الممتنوعة علي اعادة توزيع فيديوهات الخوذات البيضاء التي من صنع الخيال والخاصة ب  " إنقاذ حياة الأطفال " في كل وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي، وهو ما يشكل انقلابا كبيرا لدعاية رعاة هذه المنظمة المشبوهة

 ووسط حملة الدعاية تلك وقبيل حفل توزيع جوائز أوسكار، نشرت هيومن رايتس ووتش تقريرا "بأثر رجعي" في 13 فبراير 2017، ركزت فيه على روايات زائفة عن هجمات كيماوية على مدينة حلب التي مؤخرا . وأعادت هيومان رايتس ووتش بأسلوبها المألوف في استخدام الدعاية تدوير تقرير سابق صدر في أبريل 2015 يتناول تفاصيل هجوم مزعوم بغاز الكلور في سرمين وإدلب [4].

ولم يتقدم بمقاطع عن أثار هذا الهجوم  في تلك الفترة غير الخوزات البيضاء، وهو ما يعيدنا الي الفيديو المريع الذي نشرته هذه المنظمة التي كانت أول من استجاب لهذا الهجوم علي اليوتيوب في 15 مارس 2015 . (5) 

تقرير " هجوم سرمين " الذي نشرته هيومان راتس ووتش في ابريل 2015 هو في حد ذاته إنجاز رائع لهندسة الأدلة. فهيومان راتس ووتش تشير الي شاهدين - عبارة عن مواطنين من سرمين " مجهولي الهوية - ذكرا أنهما " سمعا " طائرات هيليكوبتر " قبل الهجوم بوقت قصير " . وذكر كلا الشاهدين أنهما لم يسمعان " أي انفجارات " . ( 4) ولم يرد في كل تقرير هيومان رايتس ووتش أي ذكر لرؤية طائرة هليوكوبتر، والتي يجب أن تعد عنصرا أساسيا من عناصر مزاعم الخوزات البيضاء، وهو ما أعادت هيومان رايتس ووتش انتاجه دون تمحيض ولم يثير شكوك الأمم المتحدة أبدا .


ومن الشهود الرئيسيين الذين استعان به تقرير هيومان رايتس ووتش الذي نشرته في ابريل 2015 أحد نشطاء الخوزات البيضاء وأسمه ليث فارس : 

           "وقال ليث فارس، وهو من عمال الاغاثة الذين يعملون مع الدفاع المدني السوري، لهيومان رايتس ووتش : " طائرة هيليكوبتر تلقي دائما برميلين . وكما تعلم، كنا في البداية سعداء حقا فعادة عندما لا تكون هناك تفجيرات يكون خبرا سعيدا " . (4) 

 ومن عوامل الغرابة الملحوظة في هذا الفيديو الذي نشرته الخوزات البيضاء عن الهجوم المزعوم أنهم لم يصوروا أي مشاهد خارجية للهجوم نفسه، رغم تحسبهم المعلن لوقوع هجوم عليهم عند " سماعهم " طائرات هيليكوبتر 

وبدلا من ذلك كان مقطع الفيديو الوحيد عن الهجوم في مكان داخلي مغلق دون تصوير لحيثيات تدل علي مكان وجودهم في سوريا أو علي أن هجوما وقع للتو. البيئة الداخلية تشبه بكل تأكيد غرفة طواريئ في مستشفي ميداني. " المسعفين " من الخوزات البيضاء يستعرضون جيئة وذهابا، ويتعاملون بخشونة ويناورون ثلاثة جثث أطفال رخوة هامدة .  ولا يوجد علي هذه الجثث العارية للأطفال أي جروح خارجية مرئية ولم تصدر عنهم أي استجابة عندما أجري عدة " مسعفون " كل الاجراءات الظاهرية ل " إنقاذ الحياة "، في محاولة عشوائية لاعادة الحياة لهؤلاء الأطفال


                                                               

II


"مشهد بشع"

لكي أحصل علي أراء معملية مؤهلة أرسلت الفيديو الذي نشرته الخوزات البيضاء الي متخصصين بارزين في الطب البشري في السويد. وأكدت عليهم أن يركزوا بشكل خاص علي إجراء استخدام إبرة حقنة السرنجة ( وهو علي ما يبدو حقن داخل القلب ) الذي أجري علي أحد الأطفال. ( اضغط علي المقطع التالي لتشاهد المشهد الخاص بحقنة السرنجة )







 ( المقاطع الموجودة في الفيديو أعلاه تشكل جزءا من الفيديو الكامل الذي نشرته الخوزات البيضاء علي اليوتيوب ويمكن مشاهدته هنا )  

ولخص الدكتور ليف اليندر، وهو طبيب بشري سويدي معروف ومؤلف كتب ومتخصص في طب الأطفال، رده علي النحو التالي : (7)

  " بعد فحص مادة الفيديو وجدت أن الاجراءات التي طبقت علي هؤلاء الأطفال، الذين كان بعضهم جثث بلا حياة، غريبة ولا علاقة لها بالطب ولا بعملية انقاذ الحياة بل وحتي ضارة لعملية انقاذ حياة الأطفال " . 



علاوة علي أني استلمت تقريرا معمليا مفصلا من دكتورة لينا أوسكي، وهي طبيبة بشرية سويدية وممارسة عامة. أشارت دكتورة اوسكي في تقريرها لعملية الحقن المفترض بالادرينالين التي أجريت في فيديو الخوزات البيضاء ( يوجد مقتطفات منها في الفيديو أعلاه ) . وذكرت في رأيها المتخصص أن الاجراء الذي اتبع في فيديو الخوزات البيضاء غير صحيح وغير مؤهل. ووصفت علاوة علي ذلك التقييم الأولي للاجراء الذي اتخذه الزميل الذي كان يصرخ : " لو لم يكن مات بالفعل فهذه الحقنة ستقتله " 


مقتطفات من تقرير دكتورة لينا الذي ارسلته لمنظمة أطباء سويديين لحقوق الانسان : (8)

" الحقن داخل الجلد بالأدرينالين قد يستخدم في حالة عدم نجاح أي إجراء اخر في إعادة الحياة. خصوصا في ظل ظروف غير مستقرة - كما هو الحال في مراكز الطوارئ الميدانية - حيث يصعب استخدام طرق أكثر أمانا لإجراء العلاج  (علي سبيل المثال، عن طريق القصبة الهوائية، عن طريق الوريد، أو داخل العظم )  أو قد تكون غير متوفرة. ولكن ليس بالطريقة التي ظهرت في شريط الفيديو ".
" ولكي تجري عملية الحقن لابد من وقف عملية انعاش القلب ثم تستأنف عملية انعاش القلب بعدها مباشرة. وهو ما لم يتم في الاجراءات الموجودة في الفيديو " .

وأضافت المتخصصة السويدية في اشارة الي الاجراء الطبي الصحيح :

" التكنيك المتبع سهل. إبرة طويلة وسرنجة بها 1 مللي جرام أدرينالين وابحث عن المساحة الرابعة أو الخامسة بين الضلعين وأدخل الإبرة تماما بالقرب من عظم القفص الصدري، علي الجانب الأيسر، وتضع العلاج بعد أن تتأكد أنك في المكان الصحيح ( شفط الدم وعدم وجود مقاومة )، ثم أخرج الإبرة وقم علي الفور بعملية إنعاش القلب ! لذا فالطبيب الذي كتب تعليقا قال فيه : " لو لم يكن مات بالفعل فهذه الحقنة ستقتله " كان علي صواب . ياله من مشهد بشع وكم يثير الحزن " . (8) 


[ كلا من الزميلين، دكتور ليف اليندر ودكتورة لينا أوسكي، أعضاء بارزين في منظمة أطباء سويديين لحقوق الانسان، ونيابة عن مجلس ادارة المنظمة أوافق تماما علي التحليل الذي توصل اليه كلا منهما ]



                                                  III


علاقات " الخوزات البيضاء " مع جبهة النصرة، تنظيم القاعدة في سوريا 


من الأهمية بمكان إبراز أن من يطلق عليهم الخوزات البيضاء الذين منحوا أنفسهم لقب الدفاع المدني السوري، هم في الحقيقة يقلدون عن طريق الاحتيال الدفاع المدني السوري الحقيقي الذي أنشيئ في سوريا ( وليس تركيا ) سنة 1953، وهو الدفاع المدني الوحيد المعترف به رسميا كدفاع مدني من منظمة الدفاع المدني الدولية ( التابعة للامم المتحدة ) ومقرها جنيف  

 وقد أجرت الصحفية المستقلة فانيسا بيلي تحقيقات موسعة عن مشروع بناء الدولة الذي تديره الولايات المتحدة وبريطانيا في الظل في سوريا . (9) ويخدم الدفاع المدني السوري المعتمد ما يقدر بثمانين بالمئة من السكان داخل سوريا ممن يعيشون تحت حماية الدولة السورية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة

وعلي العكس من ذلك، الخوزات البيضاء تعمل حصريا في المناطق التي تسيطر عليها داعش وجبهة النصرة الارهابيتين وبالتالي تقدم خدمات لعشرين بالمئة ممن تبقي من السكان السوريين المدنيين، عندما نضع في الحسبان أعداد المرتزقة الأجانب والمسلحين الذين يحتلون تلك المناطق. بالاضافة الي تلك المناطق التي يسيطر عليها المتطرفين " المعتدلين" تتضاءل باستمرار في ظل تحرير القوات المسلحة السورية وحلفائها للأراضي الوطنية السورية وتخليصها من قبضة الارهاب الممول من الخارج. وفي كل مرة تطرد الفصائل الارهابية من المناطق المحررة، مثل شرق حلب، نري جليا رحيل الخوزات البيضاء في أعقابهم .

وقد تم توثيق الادلة علي ارتباط الخوزات البيضاء بعدة فصائل ارهابية بشكل مكثف. ويوجد تقارير موثقة بالأدلة بشأن أحد أبرز قادة الخوزات البيضاء، وهو مصطفي الحاج يوسف، في خان شيخون بإدلب التي فر اليها الكثير من الارهابيين من شرق حلب مع دفاعهم المدني. (11) وتوفر لنا هذه التقارير تفاصيل عن اعلانهم الولاء لفصائل ارهابية متعددة مثل أحرار الشام المسئولة عن الكثير من مذابح التطهير الطائفي في كل سوريا. وقد دعا مصطفي الحاج يوسف علنا الي قصف المدنيين في دمشق أثناء انتخابات 2014 . ودافع عن عمليات السرقة والنهب والعقوبات الطائفية والقتل في ظل ظروف معينة. تخيل ان مسئولا في الصليب الأحمر يدعو الي هذه العمليات الانتقامية وستفهم مدي غرابة هذا السلوك بالنسبة لمنظمة مجتمع مدني انسانية " محايدة وغير سياسية وغير منحازة " فازت بالأوسكار
               
انتماءات مصطفي الحاج يوسف وسلوكه ليس استثناءا، فمعظم نشطاء الخوزات البيضاء أظهروا نفس الولاءات الايدولوجية للمتطرفين والجماعات المسلحة في سوريا


مسرح الأمم المتحدة للبشاعة :


المشهد الاخير في هذه " الدراما " هو الجلسة المغلقة في مجلس الامن التابع للامم المتحدة، حيث احتل فيديو الخوزات البيضاء الذي أشرنا اليه صدارة المسرح في العرض الذي أدته سفيرة الولايات المتحدة السابقة في الامم المتحدة سامانثا باور

وكما هو متوقع، تأثر صانعي القرار بالامم المتحدة عاطفيا من المشاهد الصادمة لجثث الأطفال الهامدة التي يتم التلاعب بها وترتيبها بالاضافة لعمليات التدخل المسرحية والغير مجدية تماما ل " انقاذ الحياة " - كما يصورها فيلم الخوزات البيضاء .  وبعبارة سامانثا باور:

" لم أري أحدا في الغرفة بلا دموع. ولو كان هناك عين جافة واحدة فأنا لم أراها "  (12)

ومع الأسف كان مسئولي الأمم المتحدة مشتتين بسبب الأداء البشع الذي كانوا شهودا عليه للتو حتي أنهم لم يفكروا في طلب ترجمة للتعليمات المتعددة التي كان يصدرها " المسعفين " في الفيلم. فمن الأمور البديهية عند اجراء أي تحقيق توضيح السياق، لا سيما عندما تكون النتيجة الشروع في تصعيد صراع مرعب بين الولايات المتحدة وروسيا علي الارض السورية 

وقد استغرقت منظمة أطباء سويديين لحقوق الانسان وقتا في ترجمة فيلم الخوزات البيضاء: في الدقيقة 1:16 يقول الطبيب :

" ضم في الصورة الأم تحت والأولاد فوق . إجعل الأم تحتها. "

ربما لو وضعت ترجمة للفيديو لتساءل مسئولي الأمم المتحدة حول هذا التمثيل والتدبير الصريح لحادثة يفترض أنها فوضوية ومروعة ومزعجة. ولربما اكتشفوا أنه من الغرابة أن ينشغل أحد المسعفين في خضم هجوم ب " الاسلحة الكيماوية " وهو يحاول انقاذ أرواح بترتيب مكان الجثث أمام الكاميرا


الهدف : انشاء منطقة حظر جوي :


تزامن عرض مقطع فيديو الخوزات البيضاء في مجلس الامن التابع للامم المتحدة مع دعوة دولية لااقامة منطقة حظر جوي من " ثوار معتدلين " وجماعات ارهابية تمولهم دول الخليج والناتو، ممن يعتمدون علي الخوزات البيضاء للدفاع المدني. ونالت الحملة الدولية لاقامة منطقة حظر جوي زخما بعد الدموع التي زرفت في مجلس الأمن بسبب فيلم الخوزات البيضاء عن الهجوم المزعوم بغاز الكلور في سرمين، وحتي الاعلام السويدي أيده . (13)

وفي تقرير بثته القناة الرابعة لاحقا حول الهجوم المزعوم بغاز الكلور في سرمين، الذي بثوا خلاله مقطعا مختصرا ومنقحا من فيديو الخوزات البيضاء، صرحت سامنثا باور قائلة :

" هذه الوثيقة التي نسجلها الان سنستخدمها في مرحلة ما في المحكمة وعلي مرتكبي هذه الجريمة ان يضعوا ذلك في الحسبان " (14)



 

 




http://theindicter.com/swedish-doctors-for-human-rights-white-helmets-video-macabre-manipulation-of-dead-children-and-staged-chemical-weapons-attack-to-justify-a-no-fly-zone-in-syria/

الثلاثاء، 7 مارس 2017

الحرب السورية اوشكت علي النهاية وسوريا انتصرت




مع استعداد القوي المناهضة لداعش للقيام بهجوم يهدف الي إستعادة الرقة، عاصمة داعش في سوريا، بدأ ظهور الرابحين والخاسرين فيما قد يكون المرحلة الأخيرة من الحرب الأهلية السورية. يقول المقاتلين السوريين الذين يقودهم الأكراد أنهم سيطروا علي جزء من الطريق جنوب الرقة وفصلوا داعش عن مناطقها في أقصي الشرق

داعش دخلت في مواجهة مع عدد من الأعداء الذين يتقدمون نحو الرقة، إلا أن هؤلاء الأعداء منقسمين ولهم طموحات وأجندة متعارضة . وبدأت قوات سوريا الديمقراطية، التي تشكل وحدات الحشد الشعبي الكردي السورية قوتها القتالية الرئ
يسية، والمدعومة من قوة نيران التحالف الجوي بقيادة الولايات المتحدة، الإقتراب من الرقة ومن المرجح أن تستلم دعما امريكيا إضافيا. ونشرت الولايات المتحدة حاليا حوالي 500 من قوات العمليات الخاصة في شمال شرق سوريا وقد تتحرك مصحوبة بمدفعية الثقيلة يديرها امريكيين لتعزيز الهجوم علي الرقة

وهذه أخبار سيئة بالنسبة لتركيا التي بدأت عمليتها العسكرية في شمال سوريا التي أطلقت عليها درع الفرات في شهر أغسطس، في الوقت الذي تتعرض فيه لضغوط من كل الأطراف. وعلي الأخص، هناك لعبة شطرنج عسكرية وسياسية تلعب حول مدينة منبيج التي سيطرت عليها قوات سوريا الديمقراطية العام الماضي. وتهدف هذه اللعبة الي استبعاد تركيا التي صرحت انها ستكون هدفها القادم. وأولوية تركيا في سوريا احتواء وإن أمكن تقليص أو القضاء علي قوة الاكراد السوريين الذين تعتبرهم أنقرة داعمين للمقاومة الكردية في تركيا

تركيا ستجد صعوبة شديدة في القيام بهجوم علي منبيج التي استعادتها قوات سوريا الديمقراطية من داعش بعد قتال ضاري العام الماضي، لأن قوات سوريا الديمقراطية قالت يوم الأحد أنها تحت حماية التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. وقد ظهر في وقت مبكر من الاسبوع الماضي ان الأكراد تفوقوا علي الاتراك في المناورة عندما سلموا قري في غرب منبيج كانت قد بدأت تتعرض لهجوم من ميليشيا الجيش السوري الحر المدعوم من تركيا الي الجيش السوري الذي يتقدم من الجنوب بدعم من القوات الجوية الروسية.

ويبدو  أن داعش تتعرض لضغوط عسكرية أكثر من قدرتها علي التحمل فهي تتعرض لهجمات من جميع الجوانب رغم مواصلة مقاتليها المقاومة بقوة . وفي النهاية خسرت مدينة الباب الاستراتيجية الواقعة شمال شرق حلب لصالح الاتراك في 23 فبراير، لكنها لم تخسرها الا بعد أن قتلت حوالي 60 جندي تركي وحوالي 469 من الجيش الحر وجرح 1700 . وحول دفاع داعش الطويل عن الباب ما كانت تركيا تخطط لان يكون استعراضا للقوة الي استعراض للضعف. ولم يتمكن الجيش الحر المدعوم من تركيا من التقدم دون دعم مباشر من الجيش التركي وتأخر سقوط المدينة طويلا حتي أن تركيا لم تلعب غير دور محدود في خر المعارك في شرق حلب المجاورة في شهر ديسمبر .

تركيا كانت تأمل أن يتخلي الرئيس ترامب عن تعاون الرئيس اوباما الوثيق مع الاكراد السوريين باعتبارهم الحليف الرئيسي لامريكا علي الارض في سوريا. ولم يظهر حتي الان مؤشر ان ذلك سيحدث وتؤكد صور المركبات العسكرية الامريكية التي بدأت تدخل منبيج من الشرق إصرار امريكا علي التصدي للاشتباكات بين التراك والاكراد مما يعطل الهجوم علي الرقة. ولم تظهر الولايات المتحدة أي اعتراض علي الجيش السوري و " القوافل الانسانية " الروسية التي تتقدم داخل منبيج من الجنوب .

هناك مؤشرات اخري علي ان الخلطة التقليدية للتعاون والتنافس التي ميزت العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة في سوريا بدأت تتحول نحو التعاون بشكل أكبر . واستعاد الجيش السوري تدمر بدعم من روسيا وحزب الله وبمساعدة الغارات الجوية الامريكية. وفي السابق لم تكن الطائرات الامريكية تهاجم داعش عندما كانت تقاتل قوات الحكومة السورية . وقد كان استيلاء داعش علي تدمر للمرة الثانية منذ ثلاثة شهور هو التقدم الملموس الوحيد الذي حققته داعش منذ 2015

باستطاعة تركيا ان توجه ضربات للرقة من الشمال، علي أمل أن تتمكن من المرور من المناطق الكردية، لكن هذه ستكون مغامرة خطرة من المرجح ان تقاومها القوات الكردية وتعارضها الولايات المتحدة وروسيا. وعدا ذلك، ستشهد تركيا والداعمين الكبار للمعارضة السورية المسلحة، السعودية وقطر، تضاؤل تأثيرهم في سير الأحداث بشكل سريع في سوريا . وايران وحزب الله اللبناني الداعمين الاجنبيين الرئيسيين للرئيس بشار الاسد ليس لهما نفس التأثير في دمشق منذ التدخل الروسي هذا العام .

وقد تخلت بريطانيا وامريكا عن طموحاتهم في أن يشهدا اسقاط السيد الأسد من السلطة وأظهرت الحكومة السورية كل المؤشرات علي رغبتها في استعادة كل سوريا. ولو خسرت داعش الموصل والرقة في الشهور القليلة القادمة لن يتبقي الا القليل من الخلافة التي اعلنتها داعش في شهر يونيو  2014 ككيان يسيطر علي أراضي

 الأمر المهم المتبقي الذي لم يحسم في سوريا والعراق هو مستقبل العلاقات بين الحكومة المركزية في بغداد ودمشق وأقلياتهم الكردية. فقد أصبح هؤلاء أكثر أهمية كحلفاء للولايات المتحدة مما كانوا قبل صعود داعش. لكنهم قد لا يتمكنوا من الاحتفاظ بالاراضي الممتدة التي استعادوها في فترة ما بعد داعش علي عكس الحكومتين السورية والعراقية اللتان استجمعتا قوتهما .

الكاتب البريطاني باتريك كوكبيرن


















http://www.independent.co.uk/news/world/middle-east/isis-syria-civil-war-bashar-al-assad-raqqa-manbij-turkey-russia-us-coalition-a7614706.html

الجمعة، 24 فبراير 2017

" تنظيم القاعدة يلتهمنا " : المتطرفين يهزمون الثوار في سوريا







23 فبراير 2017

غازي عنتاب، تركيا -- بدأت اخر أكبر المعاقل المتبقية للثوار في شمال سوريا تسقط تحت سيطرة جماعات متطرفة مرتبطة بتنظيم القاعدة وسط موجة من الاقتتال الداخلي بين الثوار تهدد ما تبقي من الثوار المعتدلين.

ويتزامن صعود المتطرفين في محافظة ادلب في شمال غرب سوريا مع تعليق المساعدات لجماعات الثوار المعتدلين من حلفائهم الدوليين

وقال خمسة من قادة تلك الجماعات أنه قد قيل لهم في وقت مبكر من هذا الشهر من مندوبي الولايات المتحدة والسعودية وتركيا أنهم لن يستلموا أسلحة ولا زخيرة حتي يتوحدوا ويشكلوا جبهة متماسكة تتصدي للجهاديين، وهو هدف استعصي علي الثوار المنقسمين طوال ستة سنوات من الحرب

وقال مسئولين امريكيين ان تجميد الامدادات ليس له علاقة بتغير السلطة في واشنطون حيث ادارة ترامب منشغلة بمراجعة السياسة الامريكية في سوريا . وقال دبلوماسيين وقادة عسكريين من الثوار أن هذا لا يعني ايضا التخلي الكامل عن دعم الثوار الذين يواصلون استلام مرتباتهم

وقال قادة عسكريين من الثوار أنه قد قيل لهم أن الهدف هو ضمان عدم وقوع الاسلحة في يد المتطرفين، عن طريق الضغط علي الثوار لتشكيل قوة أكثر كفاءة

وبدلا من أن يتوحد الثوار رص المتطرفين صفوفهم وانقلبوا علي الثوار المدعومين من الولايات المتحدة، مما جعل الجماعات المتطرفة المرتبطة بتنظيم القاعدة التي تعايش معها الثوار المعتدلين في السابق تسيطر علي مساحات واسعة من الاراضي في محافظة ادلب التي تعد أهم معقل للثوار يأملون ان يساعدهم في تحدي الرئيس السوري بشار الاسد

لا يزال الثوار المعتدلين يسيطرون علي اراضي في جنوب سوريا، وعلي جيوب حول دمشق ومناطق في محافظة حلب حيث يقاتلون الدولة الاسلامية مع قوات الجيش التركي

لكن خسارة إدلب لصالح المتطرفين قد يطيل - أو علي الأقل يحول - مسار الحرب في وقت تعقد فيه الامم المتحدة محادثات السلام في جنيف بهدف التوصل الي تسوية سياسية. وبدأت المحادثات يوم الخميس دون مؤشر علي احتمال تحقيق تقدم 

ويقول محللين أن الحكومة السورية وحليفتها روسيا ستتمكنان الان من تبرير تصعيد الغارات الجوية علي تلك المنطقة، ربما بالتحالف مع الولايات المتحدة، التي تنقوم بالفعل بتنفيذ غاراتها الجوية ضد أهداف لتنظيم القاعدة في أدلب .

وقال الباحث أرون لوند من مركز أبحاث مؤسسة القرن Century Foundation " تم التخلي بالأساس عن ادلب الان للجهاديين. وقد تكون تلك نهاية المعارضة كما يفهمها داعمي المعارضة في الخارج. لن يكون لهم أي مبرر لدعمهم " .

ويبدو ان الدافع وراء الهجوم المدعوم من تنظيم القاعدة هو ضغط روسيا في الشهر الماضي لصنع سلام مع نفس جماعات الثوار المعتدلين الذين حاولت الولايات المتحدة في الماضي حمايتهم من الغارات الجوية الروسية ولم تنجح . ومنذ ذلك الحين قامت جماعة جبهة فتح الشام فرع تنظيم القاعدة في سوريا - التي لا تزال معروفة علي نطاق واسع باسمها القديم جبهة النصرة -  بشن سلسلة من الغارات وعمليات الخطف والقتل ضد الثوار المعتدلين والنشطاء والمجالس المحلية المدعومة من الغرب في كل أنحاء محافظة ادلب

وانضمت أكثر الجماعات الثورية المتطرفة الي تحالف جديد شكلته جبهة النصرة يسمي هيئة تحرير الشام . وسعت الجماعات الأكثر اعتدالا الي حماية نفسها بالتحالف مع جماعة من أكبر الجماعات الغير تابعة لتنظيم القاعدة وهي جماعة أحرار الشام التي تنتمي للمدرسة السلفية الجهادية التي تعتبر شديدة التطرف بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها الغربيين مما يصعب عليهم تأييدها

وقال ذكريا ملاحفجي من جماعة فإذا أمرت فإستقم المدعومة من الولايات المتحدة مفسرا سبب قرار جماعته الانضمام لتحالف أحرار الشام : " تنظيم القاعدة يلتهمنا. وهذا مجرد تحالف عسكري لحمايتنا من تنظيم القاعدة . ونحن لا نشاركهم أراءهم السياسية" .

وهناك عشرات من الجماعات التي لم ترضخ للضغوط وتنضم لتحالف المتطرفين لكنهم أقروا ان قضيتهم ميئوس منها

وقال العقيد أحمد سعود، وهو ضابط في الجيش السوري انشق ويتولي قيادة وحدة من الثوار في جماعة جيش ادلب الحر المدعوم من الولايات المتحدة وهي من الجماعات التي نأت بنفسها عن  الجهاديين، أن المتشددين " يسيطرون علي كل جوانب الحياة والمساجد والمدارس. ويجعلون الاولاد في سن 14 سنة يعتنقون الفكر المتطرف. وفكر تنظيم القاعدة ينتشر في كل مكان. وتم التخلي عنا " .
وقال القادة العسكريين للجماعات الثورية أن تعليق الامدادات لن يضمن غير استمرار تمدد تنظيم القاعدة. وقال ملاحفجي : " بالطبع لو قطعت الامدادات عن الثوار المعتدلين ستزداد قوة تنظيم القاعدة " .

يخول البرنامج الذي بدأته الولايات المتحدة منذ ثلاث سنوات استلام الجماعات الثوار الذين فحصتهم السي اي ايه الدعم في شكل مرتبات وأسلحة خفيفة وزخيرة وكميات محدودة من الصواريخ المضادة للدبابات. الامدادات يشرف عليها مركز العمليات العسكرية المعروف باسم " الموم " ويتكون من مندوبين من تحالف اصدقاء سوريا المدعومين من الولايات المتحدة

ولكن حتي لو تم استئناف الامدادات ليس من الواضح ما اذا كان الثوار في وضع يمكنهم من تحدي تنظيم القاعدة. وإحدي جماعات الثوار فضلت حرق مخازن زخيرتها علي ان تسمح باستيلاء جبهة النصرة عليها. وأظهر فيديو نشره تحالف جبهة النصرة الجديد علي موقع يوتيوب هذا الاسبوع مقاتليها وهم يدمرون موقعا لبنادق الحكومة مستخدمين صواريخ التاو المضادة للدبابات المصنوعة في الولايات المتحدة والتي استلمها الثوار المعتدلين، وربما استولي عليها حلفائهم من تنظيم القاعدة

وقال تشارلز ليستر من معهد الشرق الاوسط ان الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة لم تسيطر بعد علي المعابر الحدودية الرئيسية لدخول سوريا من تركيا، لكنهم يسيطرون علي طرق الوصول والمدن والقري التي حولها مما يمكنهم من التحكم في أي امدادات تمر عبرها

وقال ليستر أن تحالف تنظيم القاعدة " يسيطر سيطرة كاملة الان علي ما يمر عبر الحدود . فلابد من توحد الثوار أكثر قبل أن يخاطر المجتمع الدولي " .

الثوار يواجهون حاليا خيارا وجوديا - الانضمام للجماعات المتطرفة والمخاطرة بفنائهم من الجو علي يدالطائرات الروسية والامريكية أو ان يتوحدوا للدخول في مواجهة مع تنظيم القاعدة وحلفائها والمخاطرة بالهزيمة علي الارض علي يد الميليشيات الاسلامية الأفضل تسليحا والأعلي دوافعا

وتعرض تركيا، الحليف الأقرب للثوار، خيارا ثالثا: ترك منطقة إدلب برمتها والتوجه شرقا للانضمام الي
العملية العسكرية المدعومة من تركيا التي يطلق عليها درع الفرات التي تم شنها ضد الدولة الاسلامية - وهي جماعة منافسة لتنظيم القاعدة . وتقوم تركيا بالضغط لاقناع الولايات المتحدة انها قادرة علي حشد قوة قادرة علي تقديم البديل عن الاكراد السوريين للمشاركة في معركة الرقة عاصمة الدولة الاسلامية، وتقوم في الوقت نفسه بتجنيد الثوار المعتدلين في ادلب

 وقال الكابتن مهند جنيد من من جماعة جيش النصر، وهي جماعة اخري مدعومة من الولايات المتحدة وفقدت 69 من أفرادها في مذبحة للثوار المعتدلين الاسبوع الماضي علي يد جماعات تابعة لتنظيم القاعدة،  أن ثوار ادلب لا يريدون تسليم اراضيهم للجهاديين ليذهبوا ويقاتلوا في جبهة مختلفة

وقال : " كل إدلب ستلون باللون الاسود وهذا سيعطي مبررا لقيام طائرات النظام والروس بقصفها " .

وقال سعود أنه حتي مع تعرض الثوار المعتدلين للفناء المرجح، لا تزال الخلافات فيما بينهم قائمة مما يحول دون التحالف الذي يسعي اليه داعموهم الدوليين. وهو يشعر بالتشاؤم من احتمالات نجاة الثوار

وقال : " اذا لم نواصل الحصول علي الدعم سنظل نقاتل بعضنا البعض ونقتل بعضنا البعض حتي نموت جميعا. والنظام سيتفرج علينا وهذا ما يريدونه " .


صحيغة الواشنطون بوست

المصدر



https://www.washingtonpost.com/world/middle_east/al-qaeda-is-eating-us-syrian-rebels-are-losing-out-to-extremists/2017/02/23/f9c6d1d4-f885-11e6-aa1e-5f735ee31334_story.html?tid=sm_tw_pw&utm_term=.747d4471b1ba

الأحد، 12 فبراير 2017

صعود وسقوط عميل سوري للسي اي ايه



                         

 صعود وسقوط أحد قادة الثورة السورية المدعومين من الولايات المتحدة الامريكية

مرت فترة كان فيها " أبو أحمد "، الرجل الضخم الذي به عرج كبير، يستقبل المعجبين في المقهي المليئة بالدخان في جنوب تركيا. كان قادة المعارضة السورية يلجأون اليه طلبا للعون. وكان ضباط المخابرات الاجنبية يطلبون رأيه. وعندما كان يعبر الي داخل سوريا كان يحمل حقائب ممتلئة بالدولارات من فئة المئة دولار ليسلمها الي المقاتلين الثوار. وإستلم رفقاؤه صواريخ مضادة للدبابات، تم تسليمها سرا علي الحدود

كان بعض الثوار يسمونه رجل السي اي ايه في سوريا. والان يناضل من أجل أن يرد أحد علي مكالماته التليفونية. وتذكر قائد اخر من قادة الثورة المدعومين من الولايات المتحدة قائلا : " كنا نقول نكتة، ‘ لو أردت شيئا من باراك اوباما اتصل بأبو أحمد, . لو أراد أحد من المعارضة ان يلتقي الامريكيين يذهبون اليه. والان ذهب أشخاص مثلنا الي مزبلة التاريخ " .

وبعد عامين من عمله " وسيطا " للسي اي ايه، يوزع الاسلحة ويخطط العمليات العسكرية في سوريا، ألقي أبو أحمد في السجن. وبعد اطلاق سراحه أجبر علي الاختباء مؤقتا، ثم أصبح عارا في عيون رفاقه الثوار. ولأسباب أمنية، طلب تغيير اسمه وأسماء اخرين شاركوا في مناقشة قصته، وطلب الامتناع عن ذكر مكانهم بشكل دقيق

قصة صعوده وسقوطه تعطينا فكرة عن كيف كانت السي اي ايه تعمل ضمن حدود سياسة الرئيس اوباما الفاترة الخاصة بسوريا. وتكشف هذه القصة كيف فاقمت المنافسات بين البيروقراطيين في الولايات المتحدة - بل والأهم منها تزايد التباعد بين واشنطون وحليفتها تركيا - من الحرب السورية

 *** 

تحول الصراع السوري خلال الستة سنوات الماضية من مظاهرات احجاجية في الشوارع ضد بشار الأسد الي حرب أهلية وحولت معها المنطقة والعالم. أربعة من الخمسة أعضاء الدائمين في مجلس الأمن قصفوا الأراضي السورية. وصبت القوتين الاقليميتين، ايران والسعودية، مليارات الدولارات داخل ما أصبح حربا بالوكالة. واستغلت جماعة داعش الجهادية الفوضي لتصدير العنف حول العالم. وشجع اللاجئون السوريون الذين اغرقوا اوروبا موجة الشعبوية للجناح اليميني في كل انحاء القارة الاوروبية والولايات المتحدة

وورث الرئيس دونالد ترامب، الذي دخل واشنطون علي نفس موجة المشاعر الشعبوية تلك، المستنقع السوري. وهو يصور الصراع السوري أنه مفاضلة بين داعش والأسد

والواقع أكثر تعقيدا من ذلك، ولو كان لهذه الرؤية مزيدا من المصداقية اليوم، فهذا راجع جزئيا الي الخيارات التي اتخذتها ادارة اوباما

الاصرار علي عدم التورط في الحرب في سوريا، بالاضافة الي الاعتراف بأهميتها الاقليمية، جعل واشنطون تتردد - وهو الموقف الذي سيثبت علي المدي الطويل أنه موقف استشكالي مثلما هو الحال في حالة التدخل العسكري الكامل

ويجسد السوريين من أمثال أبو أحمد عواقب هذه المعضلة. ففي 2013 انضم الي البرنامج السري للسي اي ايه الذي وضع لنقل الاسلحة والاموال الي الثوار المعتدلين. وراهن هو وقادة عسكريين سوريين اخرين ان التعامل مع الولايات المتحدة سيجلب لهم في نهاية المطاف دعما يشابه الدعم الذي ساعد الثوار الليبيين علي اسقاط معمر القذافي في 2011 . وخسر الرهان بشدة

ويستيقط أبو احمد في هذه الايام في الساعة 7 صباحا، فهو لا يزال ملتزما بالروتين الذي تدرب عليه منذ فترة طويلة بصفته ضابط في الجيش. وهو يقود سيارة بالية استعارها ليصل بها الي المنطقة الصناعية في المدينة الواقعة جنوب تركيا، علي الحدود السورية. ويلوح لأطفال من اللاجئين السوريين الذين يغسلون السيارات بخراطيم المياه ويسأل أصحاب الجراجات ما اذا كانوا يحتاجون الي اصلاح سياراتهم. ثم يتوجه الي وسط البلد حيث يقوم ببعض الأعمال الحسابية في بضعة شركات محلية - أو أي عمل ليلبي إحتياجاته.

 قال لي خلال موسيقي البوب التركية الصاخبة وقرقرة الشيشة في مقهي قريب من منزله : " كنت اعتقد ان امريكا هم من تحكم الكون. واذا سألتني هل كنت مخطيئ؟ نعم، كنت مخطيئ. " .

" ما كان يشغلني هو اقامة علاقة طيبة مع الامريكيين. اعطوني السلاح فاحضرته الي سوريا. ولم يكن يشغلني سواء كان الاتراك لا يحبون الامريكيين او الامريكيين لا يحبون الاتراك. لم يكن لي علاقة بذلك. ومع الأسف الأمور لا تسير علي هذا النحو " .

لم يتبقي لواشنطون غير قليل من الخيارات الجيدة في سوريا، كما تبين من سقوط اخر المعاقل الحضرية للمعارضة في حلب مع اقتراب نهاية 2016 . فلم يكن انتصار الاسد وحليفته روسيا مجرد مأساة انسانية للمدنيين الذين قصفوا وطردوا من منازلهم، بل كان رمزا لتراجع النفوز الامريكي في المنطقة . وهمشت الجهود الدبلوماسية لانهاء الحرب التي تقودها موسكو وأنقرة واشنطون

وكان اوباما ومساعديه قد دافعوا عن موقفهم في الشرق الاوسط باعتباره قطيعة مع تركة امريكا المكلفة في التدخلات العسكرية المرتجلة - خصوصا غزو جورج بوش للعراق. لكن قصة ابو أحمد تبين لنا أن حتي التدخلات العسكرية المحدودة قد تكون مرتجلة ايضا - ويدفع فيها الحلفاء المحليين الثمن الأكبر.

وعبر مسئولين امريكيين سابقين اجرينا معهم لقاءات خاصة بهذه القصة عن احساسهم بخيبة الأمل من أنهم كانوا دائما يلعبون لعبة في سوريا، وهم يراقبون الوزارات الامريكية المختلفة تتشاجر حول أهداف صيغت بطريقة غامضة.  ويقول بعضهم انهم لم يتمكنوا طوال سنوات من فهم سياسة اوباما علي الاطلاق

الثوار والبلوماسيين في المنطقة علي السواء يشاطرون نفس مشاعر الغضب . وقال دبلوماسي من المنطقة : " الناس لديهم هذا المفهوم ان الولايات المتحدة لم تكن مشاركة بشدة ( في سوريا ) لكن هذا غير حقيقي - لقد كانوا مشاركين وبأدق التفاصيل لفترة في أماكن مثل حلب عندما بدأ ( برنامج السي اي ايه ). مشكلة السياسة الامريكية في سوريا كانت نفس المشكلة كما كان الحال دوما : كلها تكتيكات ولا يوجد استراتيجية . كانت فوضي " .


***

رغم جو البهجة والضحك من القلب، الدوائر التي تحيط بعيني أبو أحمد داكنة مثل ندبات القذيفة التي أصابت ساقيه. وخلال اجتماعاتنا كان يرتدي نفس التيشيرت يومين علي التوالي ويتناول 1600 ملي جرام من عقار ايبوبروفين ليتمكن من السير كل يوم.

من السهل ان تري لماذا انجذب المسئولين الامريكيين نحوه. فخلافا للتدين المتزايد لدي بعض الثوار المكتئبين وقلقهم الراسخ من التدخل العسكري الامريكي، أبو أحمد يحب ممازحة " أصدقاءه الأجانب " . ويصف نفسه أنه صريح ولا يتسامح مع الفساد ولا يثق في الاسلاميين - أو حسب قوله " أي شيئ له ذقن " . ويسميه ثوار اخريين اجرينا معهم لقاءات للتأكد من قصته بسخرية أنه " علماني متطرف " .

وقال الدبلوماسي : " اذا كان لديك سؤالا عن معركة يود أن يقوم بها الثوار، سيقول أبو أحمد علي الفور كم عدد الطلقات التي ستحتاجونها وكم عدد المقاتلين الموجودين هناك بالفعل وما الطريقة التي سيتبعونها. وأكلها الامريكيين كلها " .

عندما خرج المتظاهرين السوريين الي الشوارع في 2011 للتظاهر ضد عقود من حكم عائلة الأسد، كان لدي أبو أحمد وظيفة مريحة كضابط جيش في وسط سوريا. ثم بدأت قوات الأمن اطلاق النار علي المتظاهرين. وشكل مزارعين ومنشقين عن الجيش وتجار محليين جماعات تحولت الي وحدات مسلحة لقتال قوات الأمن، واندلع تمرد مسلح واسع النطاق

وانشق أبو أحمد وانضم للثوار في المناطق التي يسيطرون عليها في شمال سوريا حاملا معه مسدس. ويقول : " كنت ساذجا. كنت أعرف بالكاد كيف أطلق النار من مسدس. لم أكن أهتم علي الاطلاق بالتدريبات علي الأسلحة "

لكنه كان يملك مهارات أخري ستجذب اليه فيما بعد الشركاء الامريكيين.  كانت لديه مهارات في اللوجستيات والتكتيكات. يقول : " كنت أستطيع ان أقول كم عدد المقاتلين الموجودين علي الأرض بالفعل وكم من الذخيرة سيستخدمون - والأهم، كم عدد الرجال الذين سيقاتلون بالفعل. " .

ويقول أبو أحمد أنه كان يحسب إستخدام الأسلحة المخزنة لدي القادة العسكريين بناءا علي التقييم الذي يقدمه رجاله وأسلوب قوات الأسد في الهجوم . وقال وهو يرفع تليفونه الذي كان يلعب عليه لعبة الشطرنج أثناء اجراء الحوار معه : " الأمر بالنسبة لي كلعبة الشطرنج. انا أحب لعبة الشطرنج " . 

وفي 2012 جرح أبو أحمد في غارة جوية وسقط فاقدا للوعي لمدة 10 أيام. واستيقط في المستشفي علي قضيب حديدي في ساقه. وتتذكر زوجته أم أحمد، وهي امرأة رشيقة تضع أدوات تجميل باحتراف شديد الإتقان، وهي تجلس معه ليل نهار، تحاول مساعدته علي الوقوف أو تناول الطعام أو الكلام. وقالت : " ولما جاء مجموعة من المقاتلين لزيارته وقف علي الفور وتحدث وضحك معهم.وعندها أدركت أنه من الان فلاحقا سنكون ثلاثة مرتبطين بعلاقة : أنا وهو والثورة " .

***

ثم عاد أبو أحمد لاحقا بعد شهور قليلة الي أرض معركة اختلفت اختلافا جزريا. عجزت جماعات الجيش الحر المتعددة الأطياف أن تصبح قوة لها أي شبه بما يطمح اليه اسمها. فقد أصابت عدوي الفساد الكثير من الجماعات. وأصبحت الجماعات الاسلامية في الصدارة بدعم حلفاء الولايات المتحدة مثل قطر وتركيا، اللتان اعتبرتهم العملاء الأكثر تنظيما وأكثر جدارة بالثقة من نظرائهم الذين لهم دوافع أيدولوجية أقل

وعزز هذا المناخ، بالاضافة لسياسة الحدود المفتوحة التي اتبعتها تركيا، صعود الجهاديين المسنودين من المقاتلين الأجانب. وتمكنت جبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة في سوريا، وجماعة أخري منشقة عنها، الدولة الاسلامية في العراق والشام ( داعش )، من تحقيق قدرات عسكرية متفوقة، وطورتا برنامجا ايدولوجيا للهيمنة. ( جبهة النصرة غيرت اسمها منذ ذلك الحين مرتين، واخر اسم أطلقته علي نفسها مؤخرا هو جبهة تحرير الشام، وتقول انها قطعت علاقتها بتنظيم القاعدة، ومع ذلك لا يري ذلك إلا القليلين )

وقال أبو أحمد وهو يهز رأسه : " كنا أغبياء جدا. كنت غبيا جدا. كيف كنت أفكر ؟ كنت اعتقد ان النظام سيسقط وسنعود من حيث بدأنا. وعندما عدت وجدت جبهة النصرة وداعش تنتشران ولديهما كل تلك الخطط. وعندها علمت أننا سنحتاج في نهاية المطاف الي القيام بعملية مضادة ضد هؤلاء الأشخاص أيضا " .

بعض قادة الجماعات الاسلامية بدأوا يشكوا في أبو احمد بسبب انتشار شائعات أنه لا يصلي. فلما خاف بعض من رفاقه من القادة العسكريين علي سلامته أرسلوه عبر الحدود ليساعد في المجهودات الحربية من تركيا. والتقي أبو أحمد في هذه المنطقة الحدودية التي اصبحت تعج بالنشاط مؤخرا، حيث تمتلئ مدنا كانت هادئة في السابق مثل كيليس وغازي عنتاب وهاتاي بعمال الإغاثة الانسانية، بضابط مخابرات سعودي يسعي لتنسيق عملية يقوم بها الثوار لطرد داعش.   

وفي أواخر 2013 كانت هذه الجماعة الجهادية تهدد الاراضي التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا وتتوسع بثبات في دولة العراق المجاورة. كان ابو احمد ينسق بين السعوديين والثوار الذين تمكنوا في أوائل 2014 من طرد داعش من محافظة إدلب في شمال غرب سوريا.

وكانت تلك هي الفترة التي تلقي فيها اتصالا تليفونيا من أعضاء في البرنامج السري للسي اي ايه المتواجدين في مدينة أدنة الواقعة علي الساحل التركي. إلتقي به ثلاث رجال في أحد المطاعم. وتذكر قائلا : " كانوا لطيفين فعلا. كانوا يعلمون كل شيئ بالفعل عني " .

رفضت السي اي ايه التعليق علي قصة أبو أحمد، لكن مصدرا من جهاز المخابرات متواجد في واشنطون أكد أن أبو أحمد كان يعمل مع وكالة المخابرات. لكنه قلل من شأن أهميته قائلا أنه كان مجرد " وسيط سوري " . وأكد لنا ثوار ونشطاء ودبلوماسيين - رفضوا جميعا ذكر أسماءهم - قصة أبو أحمد وتفاصيل علاقته بالسي اي ايه.

قدم الامريكيين دعوة لأبو أحمد للانضمام لغرفة العمليات السرية التي كانوا يشكلونها مع حلفائهم ومنهم بريطانيا وفرنسا والاردن وقطر والسعودية وتركيا لدعم الثوار المعتدلين. وكان مركز العمليات المعروف باسم مركز العمليات المشتركة ( الموم ) علي طراز مركز العمليات المشتركة الذي أقيم في الاردن قبلها بعام.

وتعرضت العملية منذ البداية لعقبات كبيرة . الحدود التركية مع سوريا التي تبلغ 800 كيلو متر يصعب السيطرة عليها. علاوة علي أنه بحلول 2014 ترسخ دور الجهاديين والعلاقات بين الداعمين الأجانب والعملاء السوريين بشدة فأصبح شبه مستحيل السيطرة علي تدفق الأسلحة.

وقال نوح بونسي، من مجموعة الأزمات الدولية، وهي من المنظمات غير الحكومية : " طوال فترة هذا البرنامج كانت توجد خلافات كبيرة بين الدول، بل وحتي داخل الحكومات. هل فشل الثوار فشلا زريعا ؟ بكل تأكيد. هل الدول الداعمة كانت منقسمة مثلها مثل الثوار ؟ بكل تأكيد " .

الكثير من الثوار كانوا يعتبرون أن مركز العمليات المشتركة في تركيا ( الموم ) ليس إلا موضع قدم للمخابرات الاجنبية داخل المعارضة . لكن البعض الاخر، مثل أبو أحمد، كان لديهم أمل أن يقوي من سيطرة الثوار علي شمال سوريا وأن ضمن أن يكون لهم موقفا أقوي في مفاوضات السلام.

وكان مقر العملية في فيلا مجهولة في جتوب تركيا، حيث كان القادة العسكريين الثوار يجتمعون بضباط المخابرات حول طاولة بيضاء طويلة لإقتراح خطط المعارك وممارسة الضغوط للحصول علي الأسلحة.

الثوار الذين يتم الموافقة عليهم باعتبارهم " معتدلين " أيدولوجيا يحصلون علي راتب شهري حوالي 150 دولار للمقاتل و 300 دولار للقائد العسكري. وتذكر أبو أحمد قائلا : " كانوا لا يقولوا لنا أبدا الي أين سنذهب. كانوا يضعونا في سيارة مغطاة بالستائر. كان أشبه بفيلم جاسوسية. لكن هذا كان أقرب الي المزاح، فقد كنا قد تعلمنا الطريق مع مرور الوقت. " .

  في البداية كان الجو يعج بالمرح. كان الاتراك يسمحون للقادة العسكريين بالنوم في المبني الذي يحتوي علي مطبخ وبه طباخ، لكي يتمكنوا من الانتهاء من جلسات الليل المتأخرة أثناء دراسة الخرائط والخطط. وبعد فترة قصيرة أصبحت بيروقراطية الموم تشكل مشكلة للثوار. فالمعارك قد تبدأ خلال ساعات بينما قد يستغرق المندوبين الاجانب أحيانا أسابيع ليتفقوا علي الخطط وليحصلوا علي الموافقات علي تسليم الامدادات مثل الزخيرة والمواد الطبية والأحذية العسكرية. ولجأ الثوار للاعلام ليطلعوه علي قصص بخل الموم

لكن بعض شخصيات المعارضة ودبلوماسيين يرون أن المشكلة كانت علي العكس من ذلك . قالت شخصية من المعارضة قريبة من القادة العسكريين المدعومين من الموم : " الموم أصبحت أداة لإفساد الجيش السوري الحر، ليس لأنهم كانوا يعطونهم القليل بل لأنهم كانوا يعطونهم أكثر من حاجتهم " .

وقال أن القادة العسكريين اعتادوا ان يضخموا من أعداد قواتهم ليضعوا في جيوبهم رواتب إضافية، وبعضهم كان يخزن الأسلحة ليبيعها في السوق السوداء. وحتما وصل الكثير منها في نهاية المطاف الي يد داعش. وجماعات أخري عقدت اتفاقات مع جبهة النصرة لتتحاشي اعتدائها عليها. " وبالطبع السي اي ايه كانت علي علم بذلك، وكل من كان في الموم كان علي علم. كان هذا هو ثمن عقد الصفقات التجارية " . 

واتهم أبو أحمد صراحة زملائه من القادة العسكريين بقيامهم بتلك الأنشطة التي قال عنها أنها كانت تعجب الأمريكيين. وتذكر قائلا : " كنت أقول لهم هذا الشخص يزعم أن لديه 300 مقاتل لكنه ليس لديه غير 50 مقاتل. وهذا الشخص يفعل كذا وكذا. فكنت أسبب إحراجا للجميع. السوريين كانوا يشعرون بخيبة الأمل وكانوا يقولون: إنه عميل أمريكي ومخبر - كيف يتحدث عنا بهذه الطريقة؟ لكن تفكيري كان أنهم كانوا يسرقون من ثورتنا " .

من الصعب التحقق ما اذا كان أبو أحمد نظيفا كما يدعي، لكن وضعه الحالي يتناقض مع وضع الكثيرين من القادة العسكريين الثوار الذين يملكون شققا سكنية كبيرة في تركيا ويستقلون سيارات جديدة ويملكون أجهزة أيفون أحدث موديل.

أبو أحمد وزوجته وطفلاهما يعيشون في شقة صغيرة مع والديه وأسرة أخيه. وأحيانا يسرح بخياله في مرارة متأملا كيف كانت ستصبح حياته اذا تواطأ مع قادة عسكريين اخرين ليحصل علي حصة لنفسه. وقال : " عندها لن أكون خائنا . وكان الناس سيرفعون صورتي. وكنت سأحصل علي أفضل السيارات. كنت استطيع أن أفعلها بهذه الطريقة لكني لم أفعل. وبدلا من ذلك تعرضت للزل " . 

وربما كان تزايد المنافسات بين الداعمين الاجانب للموم أكثر ضررا من الفساد. فمع بداية الانقسامات تحركت كل قوة الي دعم القادة العسكريين المفضلين لديها

 ويقول أبو عمر، وهو صديق لأبو أحمد وقائد عسكري من الثوار المدعومين من الولايات المتحدة ( وهو ليس اسمه الحقيقي ) : " أي طفل صغير يستطيع دخول غرفة الموم ويستطيع ان يقول من هو الشخص الذي تفضله الولايات المتحدة ومن الذي يريده الاتراك ومن الذي يفضله السعوديين. أصبحت الموم الوجه القانوني للتغطية علي كل الدعم الاضافي الذي يعطوه لتلك الجماعات من خلف ظهور بعضهم البعض " .

وأسوأ خلاف قد وقع كان بين الولايات المتحدة وتركيا. زادت التوترات بينهم بعد ان استولت داعش علي مدينة الموصل ثاني أكبر مدينة عراقية في يونيو 2014 وقيامها بحرب خاطفة في سوريا والعراق. وبدأت واشنطون بجملة جوية بقيادة البنتاغون ضد داعش، إلا أنها اعتمدت علي ميليشيات كردية سورية تعرف باسم وحدات الحماية الكردية ( واي بي جيه YPG) بدلا من اعتمادها علي الثوار

ووجد البنتاغون في الوحدات الكردية شركاء لهم جاذبية لأنهم لن يقلقوا من اختراق الاسلاميين لهم - ولم يخوضوا حربا علي الأسد، علي عكس الثوار . لكن أنقرة كانت ساخطة. فقد كانت تقاتل التنظيم الأم للوحدات الكردية، حزب العمال الكردستاني ( بي كيه كيه  PKK ) في حرب دامت اربع عقود، بسبب طموح الأكراد في الحصول علي الحكم الذاتي في جنوب شرق تركيا، ولأن أنقرة اعتبرت ان تعاظم منطقتهم علي الحدود تهديدا لها

وقال بونسي، من مجموعة الازمات الدولية : " لقد صعقت من مدي إخلاص المسئولين الامريكيين والاتراك في عدم فهمهم لبعضهم البعض. فأحيانا لا يفهم المسئولين الامريكيين بصدق لماذا يشكل دعم الوحدات الكردية خطورة علي تركيا" .

" وبالمثل، المسئولين الاتراك لم يبدو عليهم انهم فهموا مدي إنزعاج الامريكيين من عجزهم عن إضعاف قدرات الجماعات الجهادية التي تستخدم حدودها. كانوا يتحدثون من خلف ظهور بعضهم البعض " .

وشعر الثوار الذين تدعمهم الولايات المتحدة أنهم عالقين في المنتصف. ففجأة اعتبرتهم تركيا التي تستضيفهم والجماعات الاسلامية التي تدعمها " خونة " . وبدأ أبو أحمد يكره زيارة الموم . وقال مازحا : " كنت عالقا بين أبوين متخاصمين " .

وتذكر اجتماعا سأله فيه مسئولا تركيا بلهجة حادة، أمام نظرائه الامريكيين، لماذا كانت الضربات الامريكية ولا تساعد الثوار أمثاله. وجلس مسئولي السي اي ايه ملتزمين الصمت ثم تدخلوا قائلين ان الضربات وجهها البنتاغون، وهو كيان منفصل.

وقال أبو عمر أن شرح غموض السياسة الامريكية للثوار المحتقنين، الذين زاد تعاطفهم بالفعل مع الاسلاميين، لا سيما بعد استيلاء الوحدات الكردية علي عدة مدن كانت خاضعة لسيطرة الثوار بالقرب من قاعدته العسكرية في شمال غرب سوريا في شتاء 2016 ، أصبح أكثر صعوبة.

وقال : " لدي 57 مقاتل قتلوا في خط الجبهة، ومثلهم مرتين فقدوا أطرافهم. فكيف أشرح لهم أن الوحدات الكردية تعني دعم البنتاغون ؟ وأن الموم يعني دعم السي اي ايه ؟ هؤلاء أولاد من ريف سوريا - هم لا يفهمون هذه الأمور " .

ووجد قادة عسكريين مرتبطين بالسي اي ايه مثل أبو أحمد وأبو عمر صعوبة أكبر في العمل من داخل تركيا. فعندما حاول أبو عمر تجديد تصريح الاقامة أخبروه انه علي قائمة المراقبين أمنيا. وعندما طلب من الامريكيين ان يثيروا الموضوع مع المسئولين الاتراك قالوا له ان المسألة خرجت عن سيطرتهم

***

وبلغت مشكلات أبو أحمد حد الهزل. فيقول أنه في بدايات الموم كان المسئولين الاتراك يرافقوه علي الحدود لعقد الاجتماعات. وبعد خلافهم مع الامريكيين قالوا انهم لن يواصلوا تقديم العون. فبدأ يدفع الأموال للمهربين ليصل الي تركيا لعقد الاجتماعات الدولية.

 وتذكر وصوله ذات يوم في الوقت المناسب ليري أحد القادة العسكريين المفضلين لدي تركيا يقفز داخل سيارة متجهة الي احدي الاجتماعات المنعقدة . وقال أبو أحمد : " لوح لي وقال:باي . فوقفت هناك أحملق " . وعندما اشتكي للامريكيين ضحكوا وقالوا مرة اخري ليس في وسعهم عمل شيئ

وفي تلك الفترة شكل الثوار تحالفا جديدا أسموه الجبهة الشامية، سعيا الي تنظيم قواتهم المنقسمة. وكانوا يأملون أن يقلل هذا التحالف من حرب الشد والجذب بين الولايات المتحدة وتركيا. وبدلا من ذلك زادت الأمر سوءا، وأجبر التحالف علي الخروج من البرنامج السري.

وقال قائد ثوري اخر من حلب طلب عدم ذكر اسمه : " امريكا كانت تضغط علينا بسيطرتها علي مساعدات الموم. وتركيا كانت تضغط علينا بسيطرتها علي المنافذ الحدودية. انهما ليسوا حليفين. انهما كاذبين. عندما يكون لديك حلفاء مثل حلفاء السوريين فأنت لست بحاجة الي أعداء . " .

وفضل أبو أحمد تقديم استقالته علي الانضمام للجبهة الشامية ولكن سرعان ما طلب منه الامريكيين ان يكون مستشارا لهم وقدموا له راتبا شهريا 1000 دولار. وأصبح معروفا لدي السوريين بأنه هو الشخص الذي يرتب الاجتماعات. وكان منتقديه يصرون علي انه كان يساعد السي اي ايه في التخطيط لمحاولات الاغتيال الفاشلة ضد قادة جبهة النصرة وإضعاف الجماعات المدعومة من تركيا. وينكر أبو أحمد اشتراكه في أي مؤامرة، لكنه اعترف انه عمل علي إغراء بعض الجماعات لتعود وتنضم الي الموم

وفي صيف 2015 دشنت الولايات المتحدة برنامج " التدريب والتسليح " التابع للبنتاغون لاختيار المقاتلين الثوار. وكلف هذا البرنامج 500 مليون دولار وفشل فشلا زريعا. يقول أبو أحمد : " لقد صددمت. جاء البنتاغون وبدأ عقد اجتماعات مع أشخاص في مدينة غازي عنتاب وإختاروا أشخاص كانت السي اي ايه والموم يرونهم فاشلين " .

وبعد ان اختطفت جبهة النصرة المجموعة الاولي من مقاتلي برنامج التدريب والتسليح، راودته الشكوك ان الوزارات الامريكية لا تتقاسم المعلومات. ثم استسلمت المجموعة الثانية التي أرسلت تحت قيادة قائد عسكري جديد لجبهة النصرة .

ويقول : " وعندها أدركت ان الامريكيين يعملون في اتجاهين متضادين. " . وبدأ يسأل الدبلوماسيين الاجانب ليشرحوا له النظام السياسي في امريكا. فحدثوه عن الكونجرس والبيت الابيض والأفرع المخابراتية والعسكرية المختلفة. وقال ضاحكا : " اذا سار اوباما بهذه الطريقة وسار اعضاء الكونجرس بهذه الطريقة وقال الناس علي الأرض : هذا يصلح وهذا لا يصلح. فهل سيتخذ قرار بهذه الطريقة ؟  ربما هذا هو حال الافراط في الديمقراطية" .

  وفي الوقت نفسه زاد الخلاف التركي الامريكي اثناء مناقشة احتمال فرض حظر جوي شمال سوريا. وكان أحد نقاط الخلاف في هذه الخطة الفاشلة التي حوت العديد من النقاط حول من سيكون وسيطهم في سوريا. السي اي ايه كانت تريد أبو أحمد، وفقا لما ذكره لنا العديد من القادة العسكريين. الاتراك كانوا يريدون شخصا مقربا منهم.

ويقول أبو أحمد أنه قبل يوم من اجتماع الموم الذي ساده الخلافات لمناقشة هذه المسألة جاءت سيارة شرطة تركية أمام منزله . فخاف ودس كل أمواله في جيوبه عندما دق ضباط الشرطة علي الباب

وبالقبض عليه تكون دولة عضو في حلف الناتو ألقت القبض علي أحد الحلفاء المحليين لواشنطون. وتنقل أبو أحمد طوال ساعات بين مختلف المقرات الأمنية . ويقول : " طلبوا مني أن أخبرهم لماذا قبضوا علي ؟ فقلت لهم انا لا أعرف مثلكم. انتم من أحضرتموني الي هنا وانتم من يفترض ان تقولوا لي ما تهمتي " .

 ***

وفي النهاية ألقي به في سجن قريب، حيث كان ينتظر طوال أيام بينما زوجته واصدقاءه كانوا يجرون اتصالات هاتفية محمومة بالمسئولين الامريكيين. ولم تتمكن السي اي ايه من تأمين الافراج عنه. ويقول المصدر المخابراتي المقيم بواشنطون : " حاولوا مساعدته للافراج عنه، لكن ليس من المرجح ان تكون محاولاتهم قد صعدت للمستويات العليا نظرا لأنه كان يساعد في عملية للسي اي ايه يفترض انها سرية " .

وسرعان ما أدرك أبو أحمد أن السبيل الوحيد للخروج هو ان يوافق علي ترحيله الي سوريا - وهو ما يعني في الحقيقة حكما بالإعدام نظرا لكثرة الاسلاميين الذين يكرهونه. لكنه وقع علي الأوراق المطلوبة وألقي به علي الحدود. " استخدمت الاموال التي معي ودفعت اموالا لاحد المهربين لأتسلل عائدا الي تركيا " .

وإختبأ في منزل علي الحدود لأكثر من شهر. وفي النهاية وعده الأتراك أن يتركوه وشأنه طالما سيتوقف عن العمل مع الامريكان والثوار. كان قلبه ينفطر لكنه قبل الشروط، ومن حينها وهو يعيش علي هامش المجتمع السوري في تركيا، معتمدا علي أصدقاء مثل أبو عمر يقرضوه المال.

وفي أمسية من أمسيات الصيف أخذنا أبو أحمد في سيارته الي منزل أبو عمر علي الساحل التركي من أجل " استذكار أيام الثورة الجميلة " . وكان أبو عمر مظهره أنيق وشعره قصير ويرتدي قميص البولو ويحمل تليفون محمول أيفون جديد. وأخذنا للخارج لتناول صينية السمك وبدأ علي الفور في العويل.  

يقول أن جماعته خسرت الأرض والشعبية لصالح جبهة النصرة، ولم يعد هناك أحد يبالي بالعمل مع الامريكان. ويقول : " الاتراك يعاملوني وكأني أمريكي. جبهة النصرة تعاملني معاملة الخائن. لا أحد يعاملني مثلما أجلس مع الامريكيين لأنني سوري يود أن يبذل كل ما في وسعه من أجل قضيته. وأتساءل كيف يراني الامريكيين؟ هل يروني وطني ؟ هل يروني مرتزقا ؟ " .

ظلت العلاقة الامريكية التركية مشحونة رغم تجديد الرئيس ترامب مناقشة فرض حظر للطيران وموافقة واشنطون الضمنية علي التدخل العسكري التركي في شمال سوريا لتطهيرها من داعش وطرد الوحدات الكردية من علي طول حدودها. ويقول المحلل السياسي أرون شتاين، من مجلس الأطلنطي في واشنطون : " هناك تحسن في العلاقات بنسبة 1000 بالمئة - ولا تزال فظيعة " .

وأصبح الإجهاد النفسي، بالنسبة لأبو أحمد، إجهادا بدنيا . وتقول زوجته أن قيادتة السيارة الي المنزل بدأت تثير قلقها. وتقول أنه أوقف السيارة خلال الشهور القليلة الماضية ثلاثة مرات فشعرت بالقلق ان يكون قد أصيب بنوبة قلبية .وتقول زوجته : " لا يعاني من أي شيئ . الأطباء قالوا أنها نوبة فزع " . 

وتمر علي أبو أحمد أيام يفكر فيها في مغادرة المنطقة برمتها . لكن الأمر ليس سهلا. ألمانيا رفضته بسبب علاقاته في الماضي بجماعة ثورية متهمة بارتكاب جرائم حرب

ويقول أنه طلب من بعض المسئولين الامريكيين في العام الماضي ان يساعدوه في الانتقال الي الولايات المتحدة. أخبروه ان يسجل نفسه كلاجيئ في أحد مكاتب الأمم المتحدة . وبعدها لم يسمع منهم أي رد . وزاد القرار التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترامب مؤخرا من صعوبة دخوله الولايات المتحدة .




المصدر موقع صحيفة الفاينانشيال تايمز   https://www.ft.com/content/791ad3bc-ecfc-11e6-930f-061b01e23655