الجمعة، 24 فبراير 2017

" تنظيم القاعدة يلتهمنا " : المتطرفين يهزمون الثوار في سوريا







23 فبراير 2017

غازي عنتاب، تركيا -- بدأت اخر أكبر المعاقل المتبقية للثوار في شمال سوريا تسقط تحت سيطرة جماعات متطرفة مرتبطة بتنظيم القاعدة وسط موجة من الاقتتال الداخلي بين الثوار تهدد ما تبقي من الثوار المعتدلين.

ويتزامن صعود المتطرفين في محافظة ادلب في شمال غرب سوريا مع تعليق المساعدات لجماعات الثوار المعتدلين من حلفائهم الدوليين

وقال خمسة من قادة تلك الجماعات أنه قد قيل لهم في وقت مبكر من هذا الشهر من مندوبي الولايات المتحدة والسعودية وتركيا أنهم لن يستلموا أسلحة ولا زخيرة حتي يتوحدوا ويشكلوا جبهة متماسكة تتصدي للجهاديين، وهو هدف استعصي علي الثوار المنقسمين طوال ستة سنوات من الحرب

وقال مسئولين امريكيين ان تجميد الامدادات ليس له علاقة بتغير السلطة في واشنطون حيث ادارة ترامب منشغلة بمراجعة السياسة الامريكية في سوريا . وقال دبلوماسيين وقادة عسكريين من الثوار أن هذا لا يعني ايضا التخلي الكامل عن دعم الثوار الذين يواصلون استلام مرتباتهم

وقال قادة عسكريين من الثوار أنه قد قيل لهم أن الهدف هو ضمان عدم وقوع الاسلحة في يد المتطرفين، عن طريق الضغط علي الثوار لتشكيل قوة أكثر كفاءة

وبدلا من أن يتوحد الثوار رص المتطرفين صفوفهم وانقلبوا علي الثوار المدعومين من الولايات المتحدة، مما جعل الجماعات المتطرفة المرتبطة بتنظيم القاعدة التي تعايش معها الثوار المعتدلين في السابق تسيطر علي مساحات واسعة من الاراضي في محافظة ادلب التي تعد أهم معقل للثوار يأملون ان يساعدهم في تحدي الرئيس السوري بشار الاسد

لا يزال الثوار المعتدلين يسيطرون علي اراضي في جنوب سوريا، وعلي جيوب حول دمشق ومناطق في محافظة حلب حيث يقاتلون الدولة الاسلامية مع قوات الجيش التركي

لكن خسارة إدلب لصالح المتطرفين قد يطيل - أو علي الأقل يحول - مسار الحرب في وقت تعقد فيه الامم المتحدة محادثات السلام في جنيف بهدف التوصل الي تسوية سياسية. وبدأت المحادثات يوم الخميس دون مؤشر علي احتمال تحقيق تقدم 

ويقول محللين أن الحكومة السورية وحليفتها روسيا ستتمكنان الان من تبرير تصعيد الغارات الجوية علي تلك المنطقة، ربما بالتحالف مع الولايات المتحدة، التي تنقوم بالفعل بتنفيذ غاراتها الجوية ضد أهداف لتنظيم القاعدة في أدلب .

وقال الباحث أرون لوند من مركز أبحاث مؤسسة القرن Century Foundation " تم التخلي بالأساس عن ادلب الان للجهاديين. وقد تكون تلك نهاية المعارضة كما يفهمها داعمي المعارضة في الخارج. لن يكون لهم أي مبرر لدعمهم " .

ويبدو ان الدافع وراء الهجوم المدعوم من تنظيم القاعدة هو ضغط روسيا في الشهر الماضي لصنع سلام مع نفس جماعات الثوار المعتدلين الذين حاولت الولايات المتحدة في الماضي حمايتهم من الغارات الجوية الروسية ولم تنجح . ومنذ ذلك الحين قامت جماعة جبهة فتح الشام فرع تنظيم القاعدة في سوريا - التي لا تزال معروفة علي نطاق واسع باسمها القديم جبهة النصرة -  بشن سلسلة من الغارات وعمليات الخطف والقتل ضد الثوار المعتدلين والنشطاء والمجالس المحلية المدعومة من الغرب في كل أنحاء محافظة ادلب

وانضمت أكثر الجماعات الثورية المتطرفة الي تحالف جديد شكلته جبهة النصرة يسمي هيئة تحرير الشام . وسعت الجماعات الأكثر اعتدالا الي حماية نفسها بالتحالف مع جماعة من أكبر الجماعات الغير تابعة لتنظيم القاعدة وهي جماعة أحرار الشام التي تنتمي للمدرسة السلفية الجهادية التي تعتبر شديدة التطرف بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها الغربيين مما يصعب عليهم تأييدها

وقال ذكريا ملاحفجي من جماعة فإذا أمرت فإستقم المدعومة من الولايات المتحدة مفسرا سبب قرار جماعته الانضمام لتحالف أحرار الشام : " تنظيم القاعدة يلتهمنا. وهذا مجرد تحالف عسكري لحمايتنا من تنظيم القاعدة . ونحن لا نشاركهم أراءهم السياسية" .

وهناك عشرات من الجماعات التي لم ترضخ للضغوط وتنضم لتحالف المتطرفين لكنهم أقروا ان قضيتهم ميئوس منها

وقال العقيد أحمد سعود، وهو ضابط في الجيش السوري انشق ويتولي قيادة وحدة من الثوار في جماعة جيش ادلب الحر المدعوم من الولايات المتحدة وهي من الجماعات التي نأت بنفسها عن  الجهاديين، أن المتشددين " يسيطرون علي كل جوانب الحياة والمساجد والمدارس. ويجعلون الاولاد في سن 14 سنة يعتنقون الفكر المتطرف. وفكر تنظيم القاعدة ينتشر في كل مكان. وتم التخلي عنا " .
وقال القادة العسكريين للجماعات الثورية أن تعليق الامدادات لن يضمن غير استمرار تمدد تنظيم القاعدة. وقال ملاحفجي : " بالطبع لو قطعت الامدادات عن الثوار المعتدلين ستزداد قوة تنظيم القاعدة " .

يخول البرنامج الذي بدأته الولايات المتحدة منذ ثلاث سنوات استلام الجماعات الثوار الذين فحصتهم السي اي ايه الدعم في شكل مرتبات وأسلحة خفيفة وزخيرة وكميات محدودة من الصواريخ المضادة للدبابات. الامدادات يشرف عليها مركز العمليات العسكرية المعروف باسم " الموم " ويتكون من مندوبين من تحالف اصدقاء سوريا المدعومين من الولايات المتحدة

ولكن حتي لو تم استئناف الامدادات ليس من الواضح ما اذا كان الثوار في وضع يمكنهم من تحدي تنظيم القاعدة. وإحدي جماعات الثوار فضلت حرق مخازن زخيرتها علي ان تسمح باستيلاء جبهة النصرة عليها. وأظهر فيديو نشره تحالف جبهة النصرة الجديد علي موقع يوتيوب هذا الاسبوع مقاتليها وهم يدمرون موقعا لبنادق الحكومة مستخدمين صواريخ التاو المضادة للدبابات المصنوعة في الولايات المتحدة والتي استلمها الثوار المعتدلين، وربما استولي عليها حلفائهم من تنظيم القاعدة

وقال تشارلز ليستر من معهد الشرق الاوسط ان الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة لم تسيطر بعد علي المعابر الحدودية الرئيسية لدخول سوريا من تركيا، لكنهم يسيطرون علي طرق الوصول والمدن والقري التي حولها مما يمكنهم من التحكم في أي امدادات تمر عبرها

وقال ليستر أن تحالف تنظيم القاعدة " يسيطر سيطرة كاملة الان علي ما يمر عبر الحدود . فلابد من توحد الثوار أكثر قبل أن يخاطر المجتمع الدولي " .

الثوار يواجهون حاليا خيارا وجوديا - الانضمام للجماعات المتطرفة والمخاطرة بفنائهم من الجو علي يدالطائرات الروسية والامريكية أو ان يتوحدوا للدخول في مواجهة مع تنظيم القاعدة وحلفائها والمخاطرة بالهزيمة علي الارض علي يد الميليشيات الاسلامية الأفضل تسليحا والأعلي دوافعا

وتعرض تركيا، الحليف الأقرب للثوار، خيارا ثالثا: ترك منطقة إدلب برمتها والتوجه شرقا للانضمام الي
العملية العسكرية المدعومة من تركيا التي يطلق عليها درع الفرات التي تم شنها ضد الدولة الاسلامية - وهي جماعة منافسة لتنظيم القاعدة . وتقوم تركيا بالضغط لاقناع الولايات المتحدة انها قادرة علي حشد قوة قادرة علي تقديم البديل عن الاكراد السوريين للمشاركة في معركة الرقة عاصمة الدولة الاسلامية، وتقوم في الوقت نفسه بتجنيد الثوار المعتدلين في ادلب

 وقال الكابتن مهند جنيد من من جماعة جيش النصر، وهي جماعة اخري مدعومة من الولايات المتحدة وفقدت 69 من أفرادها في مذبحة للثوار المعتدلين الاسبوع الماضي علي يد جماعات تابعة لتنظيم القاعدة،  أن ثوار ادلب لا يريدون تسليم اراضيهم للجهاديين ليذهبوا ويقاتلوا في جبهة مختلفة

وقال : " كل إدلب ستلون باللون الاسود وهذا سيعطي مبررا لقيام طائرات النظام والروس بقصفها " .

وقال سعود أنه حتي مع تعرض الثوار المعتدلين للفناء المرجح، لا تزال الخلافات فيما بينهم قائمة مما يحول دون التحالف الذي يسعي اليه داعموهم الدوليين. وهو يشعر بالتشاؤم من احتمالات نجاة الثوار

وقال : " اذا لم نواصل الحصول علي الدعم سنظل نقاتل بعضنا البعض ونقتل بعضنا البعض حتي نموت جميعا. والنظام سيتفرج علينا وهذا ما يريدونه " .


صحيغة الواشنطون بوست

المصدر



https://www.washingtonpost.com/world/middle_east/al-qaeda-is-eating-us-syrian-rebels-are-losing-out-to-extremists/2017/02/23/f9c6d1d4-f885-11e6-aa1e-5f735ee31334_story.html?tid=sm_tw_pw&utm_term=.747d4471b1ba

الأحد، 12 فبراير 2017

صعود وسقوط عميل سوري للسي اي ايه



                         

 صعود وسقوط أحد قادة الثورة السورية المدعومين من الولايات المتحدة الامريكية

مرت فترة كان فيها " أبو أحمد "، الرجل الضخم الذي به عرج كبير، يستقبل المعجبين في المقهي المليئة بالدخان في جنوب تركيا. كان قادة المعارضة السورية يلجأون اليه طلبا للعون. وكان ضباط المخابرات الاجنبية يطلبون رأيه. وعندما كان يعبر الي داخل سوريا كان يحمل حقائب ممتلئة بالدولارات من فئة المئة دولار ليسلمها الي المقاتلين الثوار. وإستلم رفقاؤه صواريخ مضادة للدبابات، تم تسليمها سرا علي الحدود

كان بعض الثوار يسمونه رجل السي اي ايه في سوريا. والان يناضل من أجل أن يرد أحد علي مكالماته التليفونية. وتذكر قائد اخر من قادة الثورة المدعومين من الولايات المتحدة قائلا : " كنا نقول نكتة، ‘ لو أردت شيئا من باراك اوباما اتصل بأبو أحمد, . لو أراد أحد من المعارضة ان يلتقي الامريكيين يذهبون اليه. والان ذهب أشخاص مثلنا الي مزبلة التاريخ " .

وبعد عامين من عمله " وسيطا " للسي اي ايه، يوزع الاسلحة ويخطط العمليات العسكرية في سوريا، ألقي أبو أحمد في السجن. وبعد اطلاق سراحه أجبر علي الاختباء مؤقتا، ثم أصبح عارا في عيون رفاقه الثوار. ولأسباب أمنية، طلب تغيير اسمه وأسماء اخرين شاركوا في مناقشة قصته، وطلب الامتناع عن ذكر مكانهم بشكل دقيق

قصة صعوده وسقوطه تعطينا فكرة عن كيف كانت السي اي ايه تعمل ضمن حدود سياسة الرئيس اوباما الفاترة الخاصة بسوريا. وتكشف هذه القصة كيف فاقمت المنافسات بين البيروقراطيين في الولايات المتحدة - بل والأهم منها تزايد التباعد بين واشنطون وحليفتها تركيا - من الحرب السورية

 *** 

تحول الصراع السوري خلال الستة سنوات الماضية من مظاهرات احجاجية في الشوارع ضد بشار الأسد الي حرب أهلية وحولت معها المنطقة والعالم. أربعة من الخمسة أعضاء الدائمين في مجلس الأمن قصفوا الأراضي السورية. وصبت القوتين الاقليميتين، ايران والسعودية، مليارات الدولارات داخل ما أصبح حربا بالوكالة. واستغلت جماعة داعش الجهادية الفوضي لتصدير العنف حول العالم. وشجع اللاجئون السوريون الذين اغرقوا اوروبا موجة الشعبوية للجناح اليميني في كل انحاء القارة الاوروبية والولايات المتحدة

وورث الرئيس دونالد ترامب، الذي دخل واشنطون علي نفس موجة المشاعر الشعبوية تلك، المستنقع السوري. وهو يصور الصراع السوري أنه مفاضلة بين داعش والأسد

والواقع أكثر تعقيدا من ذلك، ولو كان لهذه الرؤية مزيدا من المصداقية اليوم، فهذا راجع جزئيا الي الخيارات التي اتخذتها ادارة اوباما

الاصرار علي عدم التورط في الحرب في سوريا، بالاضافة الي الاعتراف بأهميتها الاقليمية، جعل واشنطون تتردد - وهو الموقف الذي سيثبت علي المدي الطويل أنه موقف استشكالي مثلما هو الحال في حالة التدخل العسكري الكامل

ويجسد السوريين من أمثال أبو أحمد عواقب هذه المعضلة. ففي 2013 انضم الي البرنامج السري للسي اي ايه الذي وضع لنقل الاسلحة والاموال الي الثوار المعتدلين. وراهن هو وقادة عسكريين سوريين اخرين ان التعامل مع الولايات المتحدة سيجلب لهم في نهاية المطاف دعما يشابه الدعم الذي ساعد الثوار الليبيين علي اسقاط معمر القذافي في 2011 . وخسر الرهان بشدة

ويستيقط أبو احمد في هذه الايام في الساعة 7 صباحا، فهو لا يزال ملتزما بالروتين الذي تدرب عليه منذ فترة طويلة بصفته ضابط في الجيش. وهو يقود سيارة بالية استعارها ليصل بها الي المنطقة الصناعية في المدينة الواقعة جنوب تركيا، علي الحدود السورية. ويلوح لأطفال من اللاجئين السوريين الذين يغسلون السيارات بخراطيم المياه ويسأل أصحاب الجراجات ما اذا كانوا يحتاجون الي اصلاح سياراتهم. ثم يتوجه الي وسط البلد حيث يقوم ببعض الأعمال الحسابية في بضعة شركات محلية - أو أي عمل ليلبي إحتياجاته.

 قال لي خلال موسيقي البوب التركية الصاخبة وقرقرة الشيشة في مقهي قريب من منزله : " كنت اعتقد ان امريكا هم من تحكم الكون. واذا سألتني هل كنت مخطيئ؟ نعم، كنت مخطيئ. " .

" ما كان يشغلني هو اقامة علاقة طيبة مع الامريكيين. اعطوني السلاح فاحضرته الي سوريا. ولم يكن يشغلني سواء كان الاتراك لا يحبون الامريكيين او الامريكيين لا يحبون الاتراك. لم يكن لي علاقة بذلك. ومع الأسف الأمور لا تسير علي هذا النحو " .

لم يتبقي لواشنطون غير قليل من الخيارات الجيدة في سوريا، كما تبين من سقوط اخر المعاقل الحضرية للمعارضة في حلب مع اقتراب نهاية 2016 . فلم يكن انتصار الاسد وحليفته روسيا مجرد مأساة انسانية للمدنيين الذين قصفوا وطردوا من منازلهم، بل كان رمزا لتراجع النفوز الامريكي في المنطقة . وهمشت الجهود الدبلوماسية لانهاء الحرب التي تقودها موسكو وأنقرة واشنطون

وكان اوباما ومساعديه قد دافعوا عن موقفهم في الشرق الاوسط باعتباره قطيعة مع تركة امريكا المكلفة في التدخلات العسكرية المرتجلة - خصوصا غزو جورج بوش للعراق. لكن قصة ابو أحمد تبين لنا أن حتي التدخلات العسكرية المحدودة قد تكون مرتجلة ايضا - ويدفع فيها الحلفاء المحليين الثمن الأكبر.

وعبر مسئولين امريكيين سابقين اجرينا معهم لقاءات خاصة بهذه القصة عن احساسهم بخيبة الأمل من أنهم كانوا دائما يلعبون لعبة في سوريا، وهم يراقبون الوزارات الامريكية المختلفة تتشاجر حول أهداف صيغت بطريقة غامضة.  ويقول بعضهم انهم لم يتمكنوا طوال سنوات من فهم سياسة اوباما علي الاطلاق

الثوار والبلوماسيين في المنطقة علي السواء يشاطرون نفس مشاعر الغضب . وقال دبلوماسي من المنطقة : " الناس لديهم هذا المفهوم ان الولايات المتحدة لم تكن مشاركة بشدة ( في سوريا ) لكن هذا غير حقيقي - لقد كانوا مشاركين وبأدق التفاصيل لفترة في أماكن مثل حلب عندما بدأ ( برنامج السي اي ايه ). مشكلة السياسة الامريكية في سوريا كانت نفس المشكلة كما كان الحال دوما : كلها تكتيكات ولا يوجد استراتيجية . كانت فوضي " .


***

رغم جو البهجة والضحك من القلب، الدوائر التي تحيط بعيني أبو أحمد داكنة مثل ندبات القذيفة التي أصابت ساقيه. وخلال اجتماعاتنا كان يرتدي نفس التيشيرت يومين علي التوالي ويتناول 1600 ملي جرام من عقار ايبوبروفين ليتمكن من السير كل يوم.

من السهل ان تري لماذا انجذب المسئولين الامريكيين نحوه. فخلافا للتدين المتزايد لدي بعض الثوار المكتئبين وقلقهم الراسخ من التدخل العسكري الامريكي، أبو أحمد يحب ممازحة " أصدقاءه الأجانب " . ويصف نفسه أنه صريح ولا يتسامح مع الفساد ولا يثق في الاسلاميين - أو حسب قوله " أي شيئ له ذقن " . ويسميه ثوار اخريين اجرينا معهم لقاءات للتأكد من قصته بسخرية أنه " علماني متطرف " .

وقال الدبلوماسي : " اذا كان لديك سؤالا عن معركة يود أن يقوم بها الثوار، سيقول أبو أحمد علي الفور كم عدد الطلقات التي ستحتاجونها وكم عدد المقاتلين الموجودين هناك بالفعل وما الطريقة التي سيتبعونها. وأكلها الامريكيين كلها " .

عندما خرج المتظاهرين السوريين الي الشوارع في 2011 للتظاهر ضد عقود من حكم عائلة الأسد، كان لدي أبو أحمد وظيفة مريحة كضابط جيش في وسط سوريا. ثم بدأت قوات الأمن اطلاق النار علي المتظاهرين. وشكل مزارعين ومنشقين عن الجيش وتجار محليين جماعات تحولت الي وحدات مسلحة لقتال قوات الأمن، واندلع تمرد مسلح واسع النطاق

وانشق أبو أحمد وانضم للثوار في المناطق التي يسيطرون عليها في شمال سوريا حاملا معه مسدس. ويقول : " كنت ساذجا. كنت أعرف بالكاد كيف أطلق النار من مسدس. لم أكن أهتم علي الاطلاق بالتدريبات علي الأسلحة "

لكنه كان يملك مهارات أخري ستجذب اليه فيما بعد الشركاء الامريكيين.  كانت لديه مهارات في اللوجستيات والتكتيكات. يقول : " كنت أستطيع ان أقول كم عدد المقاتلين الموجودين علي الأرض بالفعل وكم من الذخيرة سيستخدمون - والأهم، كم عدد الرجال الذين سيقاتلون بالفعل. " .

ويقول أبو أحمد أنه كان يحسب إستخدام الأسلحة المخزنة لدي القادة العسكريين بناءا علي التقييم الذي يقدمه رجاله وأسلوب قوات الأسد في الهجوم . وقال وهو يرفع تليفونه الذي كان يلعب عليه لعبة الشطرنج أثناء اجراء الحوار معه : " الأمر بالنسبة لي كلعبة الشطرنج. انا أحب لعبة الشطرنج " . 

وفي 2012 جرح أبو أحمد في غارة جوية وسقط فاقدا للوعي لمدة 10 أيام. واستيقط في المستشفي علي قضيب حديدي في ساقه. وتتذكر زوجته أم أحمد، وهي امرأة رشيقة تضع أدوات تجميل باحتراف شديد الإتقان، وهي تجلس معه ليل نهار، تحاول مساعدته علي الوقوف أو تناول الطعام أو الكلام. وقالت : " ولما جاء مجموعة من المقاتلين لزيارته وقف علي الفور وتحدث وضحك معهم.وعندها أدركت أنه من الان فلاحقا سنكون ثلاثة مرتبطين بعلاقة : أنا وهو والثورة " .

***

ثم عاد أبو أحمد لاحقا بعد شهور قليلة الي أرض معركة اختلفت اختلافا جزريا. عجزت جماعات الجيش الحر المتعددة الأطياف أن تصبح قوة لها أي شبه بما يطمح اليه اسمها. فقد أصابت عدوي الفساد الكثير من الجماعات. وأصبحت الجماعات الاسلامية في الصدارة بدعم حلفاء الولايات المتحدة مثل قطر وتركيا، اللتان اعتبرتهم العملاء الأكثر تنظيما وأكثر جدارة بالثقة من نظرائهم الذين لهم دوافع أيدولوجية أقل

وعزز هذا المناخ، بالاضافة لسياسة الحدود المفتوحة التي اتبعتها تركيا، صعود الجهاديين المسنودين من المقاتلين الأجانب. وتمكنت جبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة في سوريا، وجماعة أخري منشقة عنها، الدولة الاسلامية في العراق والشام ( داعش )، من تحقيق قدرات عسكرية متفوقة، وطورتا برنامجا ايدولوجيا للهيمنة. ( جبهة النصرة غيرت اسمها منذ ذلك الحين مرتين، واخر اسم أطلقته علي نفسها مؤخرا هو جبهة تحرير الشام، وتقول انها قطعت علاقتها بتنظيم القاعدة، ومع ذلك لا يري ذلك إلا القليلين )

وقال أبو أحمد وهو يهز رأسه : " كنا أغبياء جدا. كنت غبيا جدا. كيف كنت أفكر ؟ كنت اعتقد ان النظام سيسقط وسنعود من حيث بدأنا. وعندما عدت وجدت جبهة النصرة وداعش تنتشران ولديهما كل تلك الخطط. وعندها علمت أننا سنحتاج في نهاية المطاف الي القيام بعملية مضادة ضد هؤلاء الأشخاص أيضا " .

بعض قادة الجماعات الاسلامية بدأوا يشكوا في أبو احمد بسبب انتشار شائعات أنه لا يصلي. فلما خاف بعض من رفاقه من القادة العسكريين علي سلامته أرسلوه عبر الحدود ليساعد في المجهودات الحربية من تركيا. والتقي أبو أحمد في هذه المنطقة الحدودية التي اصبحت تعج بالنشاط مؤخرا، حيث تمتلئ مدنا كانت هادئة في السابق مثل كيليس وغازي عنتاب وهاتاي بعمال الإغاثة الانسانية، بضابط مخابرات سعودي يسعي لتنسيق عملية يقوم بها الثوار لطرد داعش.   

وفي أواخر 2013 كانت هذه الجماعة الجهادية تهدد الاراضي التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا وتتوسع بثبات في دولة العراق المجاورة. كان ابو احمد ينسق بين السعوديين والثوار الذين تمكنوا في أوائل 2014 من طرد داعش من محافظة إدلب في شمال غرب سوريا.

وكانت تلك هي الفترة التي تلقي فيها اتصالا تليفونيا من أعضاء في البرنامج السري للسي اي ايه المتواجدين في مدينة أدنة الواقعة علي الساحل التركي. إلتقي به ثلاث رجال في أحد المطاعم. وتذكر قائلا : " كانوا لطيفين فعلا. كانوا يعلمون كل شيئ بالفعل عني " .

رفضت السي اي ايه التعليق علي قصة أبو أحمد، لكن مصدرا من جهاز المخابرات متواجد في واشنطون أكد أن أبو أحمد كان يعمل مع وكالة المخابرات. لكنه قلل من شأن أهميته قائلا أنه كان مجرد " وسيط سوري " . وأكد لنا ثوار ونشطاء ودبلوماسيين - رفضوا جميعا ذكر أسماءهم - قصة أبو أحمد وتفاصيل علاقته بالسي اي ايه.

قدم الامريكيين دعوة لأبو أحمد للانضمام لغرفة العمليات السرية التي كانوا يشكلونها مع حلفائهم ومنهم بريطانيا وفرنسا والاردن وقطر والسعودية وتركيا لدعم الثوار المعتدلين. وكان مركز العمليات المعروف باسم مركز العمليات المشتركة ( الموم ) علي طراز مركز العمليات المشتركة الذي أقيم في الاردن قبلها بعام.

وتعرضت العملية منذ البداية لعقبات كبيرة . الحدود التركية مع سوريا التي تبلغ 800 كيلو متر يصعب السيطرة عليها. علاوة علي أنه بحلول 2014 ترسخ دور الجهاديين والعلاقات بين الداعمين الأجانب والعملاء السوريين بشدة فأصبح شبه مستحيل السيطرة علي تدفق الأسلحة.

وقال نوح بونسي، من مجموعة الأزمات الدولية، وهي من المنظمات غير الحكومية : " طوال فترة هذا البرنامج كانت توجد خلافات كبيرة بين الدول، بل وحتي داخل الحكومات. هل فشل الثوار فشلا زريعا ؟ بكل تأكيد. هل الدول الداعمة كانت منقسمة مثلها مثل الثوار ؟ بكل تأكيد " .

الكثير من الثوار كانوا يعتبرون أن مركز العمليات المشتركة في تركيا ( الموم ) ليس إلا موضع قدم للمخابرات الاجنبية داخل المعارضة . لكن البعض الاخر، مثل أبو أحمد، كان لديهم أمل أن يقوي من سيطرة الثوار علي شمال سوريا وأن ضمن أن يكون لهم موقفا أقوي في مفاوضات السلام.

وكان مقر العملية في فيلا مجهولة في جتوب تركيا، حيث كان القادة العسكريين الثوار يجتمعون بضباط المخابرات حول طاولة بيضاء طويلة لإقتراح خطط المعارك وممارسة الضغوط للحصول علي الأسلحة.

الثوار الذين يتم الموافقة عليهم باعتبارهم " معتدلين " أيدولوجيا يحصلون علي راتب شهري حوالي 150 دولار للمقاتل و 300 دولار للقائد العسكري. وتذكر أبو أحمد قائلا : " كانوا لا يقولوا لنا أبدا الي أين سنذهب. كانوا يضعونا في سيارة مغطاة بالستائر. كان أشبه بفيلم جاسوسية. لكن هذا كان أقرب الي المزاح، فقد كنا قد تعلمنا الطريق مع مرور الوقت. " .

  في البداية كان الجو يعج بالمرح. كان الاتراك يسمحون للقادة العسكريين بالنوم في المبني الذي يحتوي علي مطبخ وبه طباخ، لكي يتمكنوا من الانتهاء من جلسات الليل المتأخرة أثناء دراسة الخرائط والخطط. وبعد فترة قصيرة أصبحت بيروقراطية الموم تشكل مشكلة للثوار. فالمعارك قد تبدأ خلال ساعات بينما قد يستغرق المندوبين الاجانب أحيانا أسابيع ليتفقوا علي الخطط وليحصلوا علي الموافقات علي تسليم الامدادات مثل الزخيرة والمواد الطبية والأحذية العسكرية. ولجأ الثوار للاعلام ليطلعوه علي قصص بخل الموم

لكن بعض شخصيات المعارضة ودبلوماسيين يرون أن المشكلة كانت علي العكس من ذلك . قالت شخصية من المعارضة قريبة من القادة العسكريين المدعومين من الموم : " الموم أصبحت أداة لإفساد الجيش السوري الحر، ليس لأنهم كانوا يعطونهم القليل بل لأنهم كانوا يعطونهم أكثر من حاجتهم " .

وقال أن القادة العسكريين اعتادوا ان يضخموا من أعداد قواتهم ليضعوا في جيوبهم رواتب إضافية، وبعضهم كان يخزن الأسلحة ليبيعها في السوق السوداء. وحتما وصل الكثير منها في نهاية المطاف الي يد داعش. وجماعات أخري عقدت اتفاقات مع جبهة النصرة لتتحاشي اعتدائها عليها. " وبالطبع السي اي ايه كانت علي علم بذلك، وكل من كان في الموم كان علي علم. كان هذا هو ثمن عقد الصفقات التجارية " . 

واتهم أبو أحمد صراحة زملائه من القادة العسكريين بقيامهم بتلك الأنشطة التي قال عنها أنها كانت تعجب الأمريكيين. وتذكر قائلا : " كنت أقول لهم هذا الشخص يزعم أن لديه 300 مقاتل لكنه ليس لديه غير 50 مقاتل. وهذا الشخص يفعل كذا وكذا. فكنت أسبب إحراجا للجميع. السوريين كانوا يشعرون بخيبة الأمل وكانوا يقولون: إنه عميل أمريكي ومخبر - كيف يتحدث عنا بهذه الطريقة؟ لكن تفكيري كان أنهم كانوا يسرقون من ثورتنا " .

من الصعب التحقق ما اذا كان أبو أحمد نظيفا كما يدعي، لكن وضعه الحالي يتناقض مع وضع الكثيرين من القادة العسكريين الثوار الذين يملكون شققا سكنية كبيرة في تركيا ويستقلون سيارات جديدة ويملكون أجهزة أيفون أحدث موديل.

أبو أحمد وزوجته وطفلاهما يعيشون في شقة صغيرة مع والديه وأسرة أخيه. وأحيانا يسرح بخياله في مرارة متأملا كيف كانت ستصبح حياته اذا تواطأ مع قادة عسكريين اخرين ليحصل علي حصة لنفسه. وقال : " عندها لن أكون خائنا . وكان الناس سيرفعون صورتي. وكنت سأحصل علي أفضل السيارات. كنت استطيع أن أفعلها بهذه الطريقة لكني لم أفعل. وبدلا من ذلك تعرضت للزل " . 

وربما كان تزايد المنافسات بين الداعمين الاجانب للموم أكثر ضررا من الفساد. فمع بداية الانقسامات تحركت كل قوة الي دعم القادة العسكريين المفضلين لديها

 ويقول أبو عمر، وهو صديق لأبو أحمد وقائد عسكري من الثوار المدعومين من الولايات المتحدة ( وهو ليس اسمه الحقيقي ) : " أي طفل صغير يستطيع دخول غرفة الموم ويستطيع ان يقول من هو الشخص الذي تفضله الولايات المتحدة ومن الذي يريده الاتراك ومن الذي يفضله السعوديين. أصبحت الموم الوجه القانوني للتغطية علي كل الدعم الاضافي الذي يعطوه لتلك الجماعات من خلف ظهور بعضهم البعض " .

وأسوأ خلاف قد وقع كان بين الولايات المتحدة وتركيا. زادت التوترات بينهم بعد ان استولت داعش علي مدينة الموصل ثاني أكبر مدينة عراقية في يونيو 2014 وقيامها بحرب خاطفة في سوريا والعراق. وبدأت واشنطون بجملة جوية بقيادة البنتاغون ضد داعش، إلا أنها اعتمدت علي ميليشيات كردية سورية تعرف باسم وحدات الحماية الكردية ( واي بي جيه YPG) بدلا من اعتمادها علي الثوار

ووجد البنتاغون في الوحدات الكردية شركاء لهم جاذبية لأنهم لن يقلقوا من اختراق الاسلاميين لهم - ولم يخوضوا حربا علي الأسد، علي عكس الثوار . لكن أنقرة كانت ساخطة. فقد كانت تقاتل التنظيم الأم للوحدات الكردية، حزب العمال الكردستاني ( بي كيه كيه  PKK ) في حرب دامت اربع عقود، بسبب طموح الأكراد في الحصول علي الحكم الذاتي في جنوب شرق تركيا، ولأن أنقرة اعتبرت ان تعاظم منطقتهم علي الحدود تهديدا لها

وقال بونسي، من مجموعة الازمات الدولية : " لقد صعقت من مدي إخلاص المسئولين الامريكيين والاتراك في عدم فهمهم لبعضهم البعض. فأحيانا لا يفهم المسئولين الامريكيين بصدق لماذا يشكل دعم الوحدات الكردية خطورة علي تركيا" .

" وبالمثل، المسئولين الاتراك لم يبدو عليهم انهم فهموا مدي إنزعاج الامريكيين من عجزهم عن إضعاف قدرات الجماعات الجهادية التي تستخدم حدودها. كانوا يتحدثون من خلف ظهور بعضهم البعض " .

وشعر الثوار الذين تدعمهم الولايات المتحدة أنهم عالقين في المنتصف. ففجأة اعتبرتهم تركيا التي تستضيفهم والجماعات الاسلامية التي تدعمها " خونة " . وبدأ أبو أحمد يكره زيارة الموم . وقال مازحا : " كنت عالقا بين أبوين متخاصمين " .

وتذكر اجتماعا سأله فيه مسئولا تركيا بلهجة حادة، أمام نظرائه الامريكيين، لماذا كانت الضربات الامريكية ولا تساعد الثوار أمثاله. وجلس مسئولي السي اي ايه ملتزمين الصمت ثم تدخلوا قائلين ان الضربات وجهها البنتاغون، وهو كيان منفصل.

وقال أبو عمر أن شرح غموض السياسة الامريكية للثوار المحتقنين، الذين زاد تعاطفهم بالفعل مع الاسلاميين، لا سيما بعد استيلاء الوحدات الكردية علي عدة مدن كانت خاضعة لسيطرة الثوار بالقرب من قاعدته العسكرية في شمال غرب سوريا في شتاء 2016 ، أصبح أكثر صعوبة.

وقال : " لدي 57 مقاتل قتلوا في خط الجبهة، ومثلهم مرتين فقدوا أطرافهم. فكيف أشرح لهم أن الوحدات الكردية تعني دعم البنتاغون ؟ وأن الموم يعني دعم السي اي ايه ؟ هؤلاء أولاد من ريف سوريا - هم لا يفهمون هذه الأمور " .

ووجد قادة عسكريين مرتبطين بالسي اي ايه مثل أبو أحمد وأبو عمر صعوبة أكبر في العمل من داخل تركيا. فعندما حاول أبو عمر تجديد تصريح الاقامة أخبروه انه علي قائمة المراقبين أمنيا. وعندما طلب من الامريكيين ان يثيروا الموضوع مع المسئولين الاتراك قالوا له ان المسألة خرجت عن سيطرتهم

***

وبلغت مشكلات أبو أحمد حد الهزل. فيقول أنه في بدايات الموم كان المسئولين الاتراك يرافقوه علي الحدود لعقد الاجتماعات. وبعد خلافهم مع الامريكيين قالوا انهم لن يواصلوا تقديم العون. فبدأ يدفع الأموال للمهربين ليصل الي تركيا لعقد الاجتماعات الدولية.

 وتذكر وصوله ذات يوم في الوقت المناسب ليري أحد القادة العسكريين المفضلين لدي تركيا يقفز داخل سيارة متجهة الي احدي الاجتماعات المنعقدة . وقال أبو أحمد : " لوح لي وقال:باي . فوقفت هناك أحملق " . وعندما اشتكي للامريكيين ضحكوا وقالوا مرة اخري ليس في وسعهم عمل شيئ

وفي تلك الفترة شكل الثوار تحالفا جديدا أسموه الجبهة الشامية، سعيا الي تنظيم قواتهم المنقسمة. وكانوا يأملون أن يقلل هذا التحالف من حرب الشد والجذب بين الولايات المتحدة وتركيا. وبدلا من ذلك زادت الأمر سوءا، وأجبر التحالف علي الخروج من البرنامج السري.

وقال قائد ثوري اخر من حلب طلب عدم ذكر اسمه : " امريكا كانت تضغط علينا بسيطرتها علي مساعدات الموم. وتركيا كانت تضغط علينا بسيطرتها علي المنافذ الحدودية. انهما ليسوا حليفين. انهما كاذبين. عندما يكون لديك حلفاء مثل حلفاء السوريين فأنت لست بحاجة الي أعداء . " .

وفضل أبو أحمد تقديم استقالته علي الانضمام للجبهة الشامية ولكن سرعان ما طلب منه الامريكيين ان يكون مستشارا لهم وقدموا له راتبا شهريا 1000 دولار. وأصبح معروفا لدي السوريين بأنه هو الشخص الذي يرتب الاجتماعات. وكان منتقديه يصرون علي انه كان يساعد السي اي ايه في التخطيط لمحاولات الاغتيال الفاشلة ضد قادة جبهة النصرة وإضعاف الجماعات المدعومة من تركيا. وينكر أبو أحمد اشتراكه في أي مؤامرة، لكنه اعترف انه عمل علي إغراء بعض الجماعات لتعود وتنضم الي الموم

وفي صيف 2015 دشنت الولايات المتحدة برنامج " التدريب والتسليح " التابع للبنتاغون لاختيار المقاتلين الثوار. وكلف هذا البرنامج 500 مليون دولار وفشل فشلا زريعا. يقول أبو أحمد : " لقد صددمت. جاء البنتاغون وبدأ عقد اجتماعات مع أشخاص في مدينة غازي عنتاب وإختاروا أشخاص كانت السي اي ايه والموم يرونهم فاشلين " .

وبعد ان اختطفت جبهة النصرة المجموعة الاولي من مقاتلي برنامج التدريب والتسليح، راودته الشكوك ان الوزارات الامريكية لا تتقاسم المعلومات. ثم استسلمت المجموعة الثانية التي أرسلت تحت قيادة قائد عسكري جديد لجبهة النصرة .

ويقول : " وعندها أدركت ان الامريكيين يعملون في اتجاهين متضادين. " . وبدأ يسأل الدبلوماسيين الاجانب ليشرحوا له النظام السياسي في امريكا. فحدثوه عن الكونجرس والبيت الابيض والأفرع المخابراتية والعسكرية المختلفة. وقال ضاحكا : " اذا سار اوباما بهذه الطريقة وسار اعضاء الكونجرس بهذه الطريقة وقال الناس علي الأرض : هذا يصلح وهذا لا يصلح. فهل سيتخذ قرار بهذه الطريقة ؟  ربما هذا هو حال الافراط في الديمقراطية" .

  وفي الوقت نفسه زاد الخلاف التركي الامريكي اثناء مناقشة احتمال فرض حظر جوي شمال سوريا. وكان أحد نقاط الخلاف في هذه الخطة الفاشلة التي حوت العديد من النقاط حول من سيكون وسيطهم في سوريا. السي اي ايه كانت تريد أبو أحمد، وفقا لما ذكره لنا العديد من القادة العسكريين. الاتراك كانوا يريدون شخصا مقربا منهم.

ويقول أبو أحمد أنه قبل يوم من اجتماع الموم الذي ساده الخلافات لمناقشة هذه المسألة جاءت سيارة شرطة تركية أمام منزله . فخاف ودس كل أمواله في جيوبه عندما دق ضباط الشرطة علي الباب

وبالقبض عليه تكون دولة عضو في حلف الناتو ألقت القبض علي أحد الحلفاء المحليين لواشنطون. وتنقل أبو أحمد طوال ساعات بين مختلف المقرات الأمنية . ويقول : " طلبوا مني أن أخبرهم لماذا قبضوا علي ؟ فقلت لهم انا لا أعرف مثلكم. انتم من أحضرتموني الي هنا وانتم من يفترض ان تقولوا لي ما تهمتي " .

 ***

وفي النهاية ألقي به في سجن قريب، حيث كان ينتظر طوال أيام بينما زوجته واصدقاءه كانوا يجرون اتصالات هاتفية محمومة بالمسئولين الامريكيين. ولم تتمكن السي اي ايه من تأمين الافراج عنه. ويقول المصدر المخابراتي المقيم بواشنطون : " حاولوا مساعدته للافراج عنه، لكن ليس من المرجح ان تكون محاولاتهم قد صعدت للمستويات العليا نظرا لأنه كان يساعد في عملية للسي اي ايه يفترض انها سرية " .

وسرعان ما أدرك أبو أحمد أن السبيل الوحيد للخروج هو ان يوافق علي ترحيله الي سوريا - وهو ما يعني في الحقيقة حكما بالإعدام نظرا لكثرة الاسلاميين الذين يكرهونه. لكنه وقع علي الأوراق المطلوبة وألقي به علي الحدود. " استخدمت الاموال التي معي ودفعت اموالا لاحد المهربين لأتسلل عائدا الي تركيا " .

وإختبأ في منزل علي الحدود لأكثر من شهر. وفي النهاية وعده الأتراك أن يتركوه وشأنه طالما سيتوقف عن العمل مع الامريكان والثوار. كان قلبه ينفطر لكنه قبل الشروط، ومن حينها وهو يعيش علي هامش المجتمع السوري في تركيا، معتمدا علي أصدقاء مثل أبو عمر يقرضوه المال.

وفي أمسية من أمسيات الصيف أخذنا أبو أحمد في سيارته الي منزل أبو عمر علي الساحل التركي من أجل " استذكار أيام الثورة الجميلة " . وكان أبو عمر مظهره أنيق وشعره قصير ويرتدي قميص البولو ويحمل تليفون محمول أيفون جديد. وأخذنا للخارج لتناول صينية السمك وبدأ علي الفور في العويل.  

يقول أن جماعته خسرت الأرض والشعبية لصالح جبهة النصرة، ولم يعد هناك أحد يبالي بالعمل مع الامريكان. ويقول : " الاتراك يعاملوني وكأني أمريكي. جبهة النصرة تعاملني معاملة الخائن. لا أحد يعاملني مثلما أجلس مع الامريكيين لأنني سوري يود أن يبذل كل ما في وسعه من أجل قضيته. وأتساءل كيف يراني الامريكيين؟ هل يروني وطني ؟ هل يروني مرتزقا ؟ " .

ظلت العلاقة الامريكية التركية مشحونة رغم تجديد الرئيس ترامب مناقشة فرض حظر للطيران وموافقة واشنطون الضمنية علي التدخل العسكري التركي في شمال سوريا لتطهيرها من داعش وطرد الوحدات الكردية من علي طول حدودها. ويقول المحلل السياسي أرون شتاين، من مجلس الأطلنطي في واشنطون : " هناك تحسن في العلاقات بنسبة 1000 بالمئة - ولا تزال فظيعة " .

وأصبح الإجهاد النفسي، بالنسبة لأبو أحمد، إجهادا بدنيا . وتقول زوجته أن قيادتة السيارة الي المنزل بدأت تثير قلقها. وتقول أنه أوقف السيارة خلال الشهور القليلة الماضية ثلاثة مرات فشعرت بالقلق ان يكون قد أصيب بنوبة قلبية .وتقول زوجته : " لا يعاني من أي شيئ . الأطباء قالوا أنها نوبة فزع " . 

وتمر علي أبو أحمد أيام يفكر فيها في مغادرة المنطقة برمتها . لكن الأمر ليس سهلا. ألمانيا رفضته بسبب علاقاته في الماضي بجماعة ثورية متهمة بارتكاب جرائم حرب

ويقول أنه طلب من بعض المسئولين الامريكيين في العام الماضي ان يساعدوه في الانتقال الي الولايات المتحدة. أخبروه ان يسجل نفسه كلاجيئ في أحد مكاتب الأمم المتحدة . وبعدها لم يسمع منهم أي رد . وزاد القرار التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترامب مؤخرا من صعوبة دخوله الولايات المتحدة .




المصدر موقع صحيفة الفاينانشيال تايمز   https://www.ft.com/content/791ad3bc-ecfc-11e6-930f-061b01e23655

عضوة مجلس اللوردات البريطاني البارونة كوكس عن زيارتها لسوريا وسياسات بريطانيا الخاصة بسوريا

السادة اللوردات،  أود أن أعبر عن شديد إمتناني لجميع اللوردات النبلاء الذين يتحدثون في هذا الحوار ولأشخاص، مثل صديقي النبيل اللورد رايت من ريتشموند، الذي أعرب عن دعمه ولكنه لم يتمكن من الحضور. كما أنني ممتن للسفيربيتر فورد سفير بريطانيا السابق في سوريا، ، الذي قدم إحاطة لا تقدر بثمن.

تنشأ مخاوفي من زيارة سبتمبر الماضي استجابة لدعوات من البطريرك ملكيت ومفتي سوريا وزعماء الطوائف المسيحية والإسلامية في حلب. ولم تقم الحكومة بتنظيم برنامجنا بل قام بترتيبه أصدقاء في سوريا ومنظمات غير حكومية .  التقينا العديد من السوريين في دمشق وحلب ومعلولا واللاذقية، ومنهم ممثلي الظوائف المسلمة، والمسيحية واليزيدية. وأعضاء في الحكومة وأحزاب المعارضة الداخلية؛ ومنظمات مجتمع مدني مثل مجلس كبار الأطباء في حلب. والنازحين في اللاذقية الذين فروا للنجاة بحياتهم من ميليشيات داعش والميليشيات التي لها صلات بداعش و. والناجين من هجمات داعش في معلولا.

كما التقينا الرئيس الأسد، وهو اللقاء الذي تعرضنا بسببه لانتقادات لاذعة في وسائل الإعلام ووزارة الخارجية. ونحن متمسكين بقرارنا بعقد لقاء مع الرئيس الاسد، ليس لأننا لأننا لا ننتقده بل لأن المرء لن يتمكن من طرح مخاوفه  والتعرف على السياسات الحالية والمقترحة.الا من خلال الاجتماع معه

وربما شاهد العديد من اللوردات النبلاء تغطية الصحف في نهاية هذا الاسبوع التي تدين الأسد بارتكاب فظائع منها قتل ١٣ ألف شخص في سجن صيدنايا نقلا عن تقرير نسب إلى مكتب منظمة العفو الدولية في بيروت. ولن يسمح لي الوقت الا أن أتناول بإختصار ثلاث قضايا تتعلق بتلك المزاعم.

أولا، واقع التعذيب في السجون السورية معروف جيدا، وهو مدعاة لقلق حقيقي ولا يجوز بأي حال من الأحوال التغاضي عنه، ولكن  هذه التقارير بها تناقضات ملحوظة. فلا توجد فيها أي إشارة للظروف التي يحتجز فيها الجنود السوريين والعديد من المدنيين على يد المتطرفين الاسلاميين أو للفظائع التي ترتكبها تلك الميليشيات، بما في ذلك التعذيب وقطع الرؤوس وذبح المدنيين من جراء التفجيرات الانتحارية. عندما كنا في سوريا، هاجم انتحاري نقطة تفتيش في حمص، مما أسفر عن مقتل أكثر من 30 شخصا، ويعتقد أن من بينهم عائلات أحرقوا أحياء في سياراتهم أثناء وقوفها في صفوف. ثانيا، هذه التقارير تقبل دون تمحيص علي أنها حقيقة .  ومع ذلك، ففي عام 2014 ثبت  أن عددا مماثلا من صور الجثث الغريبة هي خليط من أنصاف الحقائق. أما المسألة الثالثة فهي التوقيت. فهذا التقرير، الذي مر عليه عام على ما يبدو في فترة الحمل، ظهر الآن ليتسبب في أقصي ضرر لفرص نجاح عملية السلام في المحادثات التي جرت مؤخرا في أستانا.

التقرير الذي أعدته مجموعتنا التي زارت سوريا متاح على نطاق واسع، وأريد أن أسلط الضوء على أولويات مخاوفنا، التي لا تزال قائمة على الرغم من التغييرات المزلزلة التي حدثت منذ سبتمبر. أولا، كل الذين تحدثنا معهم في سوريا كانوا منزعجين بشدة من التزام حكومة المملكة المتحدة بتغيير النظام. لكن حكومة صاحبة الجلالة ملتزمة بلا حرج بعملية انتقال سياسي تتوج برحيل الرئيس الأسد. وبالتالي فالانتقال السياسي هو مجرد كناية عن تغيير النظام.

لو وضعنا الحق والباطل جانبا ، سنكون واهمين لو تظاهرنا بأن الأسد سوف يجبر علي التنحي. فبعد استعادة شرق حلب، هو الآن في موقف القائد في ساحة المعركة، مع الدعم المحلي والخارجي لتعزيز موقفه. وينبغي علي حكومة صاحبة الجلالة ​أن ندرك أن الأسد لو فعل ما يريدون فإن أول من سيعاني سيكون الشعب السوري.جميع الذين التقينا بهم يخشون بشدة أن يؤدي رحيل الأسد الي انهيار النظام، مما يؤدي إلى كوارث مماثلة لتلك الموجودة في العراق وليبيا.وأنا أسأل الوزير لماذا لا تصغي حكومة صاحبة الجلالة، على سبيل المثال، إلى رجال الدين في سوريا، سواء مسيحيين أومسلمين، وكلهم تقريبا يحثون المجتمع الدولي علي التعامل مع الحكومة السورية.

ثانيا، هناك غضب على نطاق واسع وفزع مفهوم من مواصلة تقديم المملكة المتحدة المساعدات العملية للميليشيات الاسلامية المعارضة ، ومنها التدريب والتسليح والمساعدة في الدعاية والدعم الدبلوماسي.  . المساعدة في  الحفاظ على المعارضة المسلحة لن تؤدي إلا إلى إطالة معاناة السوريين بلا أي غرض أيا كان. لذلك قال لنا الكثير من الناس : "الحرب رهيبة. الناس من كلا الجانبين يموتون من القصف . ولكنك هنا، تموت من القصف أو تموت من القصف وقطع الرؤوس. ونحن لا نريد قطع الرؤوس ". لذا أسأل الوزير لماذا تواصل المملكة المتحدة دعم "الثوار" الإسلاميين ، في الوقت الذي يؤكد فيه السوريين، الذين عانوا في ظل الطغيان الوحشي، أن "المعتدلين" لم يعد لهم وجود، والغالبية العظمى من هذه المجموعات  لديها أيديولوجيات متطرفة وليس لديها نية لخلق دولة ديمقراطية في سوريا.

ثالثا، كان هناك استياء واسع النطاق من التقارير الإخبارية من قبل بي بي سي ووسائل الإعلام الغربية الأخرى التي ينظر إليها على أنها منحازة للغاية وتركز فقط على المعاناة الناجمة عن الجرائم العسكرية التي يرتكبها الجيش السوري والجيش والروسي، مع عدم وجود تغطية مماثلة عن معاناة طال أمدها بسبب هجمات داعش وغيرها من الجماعات الإسلامية، والتي تشمل استخدام القنابل العنقودية والأسلحة الكيميائية . وتجاهل الاعلام الي حد كبير الحالة الأخيرة من حالات الاعتداء العشوائي علي السكان الأبرياء . وهي حالة التسمم لمدة شهر بوقود الديزل، ثم بعدها القطع الكامل لإمدادات المياه إلى دمشق عن طريق ما يسمى الجهاديين المعتدلين بين أواخر ديسمبر 2016 وأواخر يناير 2017. ولم تعود إمدادات المياه إلا بعد أن  قام الجيش السوري بتحويل عدد كبير من القوات من جبهات أخرى واستعاد ينابيع وادي بردى من الجهاديين في هجوم عسكري كبير.

يبدو أن المقصود من التحيز في التغطية الإعلامية تشويه صورة الرئيس الأسد وحكومته والتغطية على الأعمال الوحشية التي ترتكبها قوات الاسلاميين. ففي 13 ديسمبر عقد مجلس العموم جلسة طارئة بخصوص حلب. وأكد وزير الخارجية إدانتة الهجوم على شرق حلب، وعلى أهمية حماية المدنيين والالتزام المستمر بالتوصل إلى تسوية سياسية في سوريا. والبيان الذي أدلى به وزير الخارجية يثير العديد من التساؤلات. لماذا اختارت الغالبية العظمى من المدنيين في شرق حلب الفرار إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اذا كانوا جميعا مرعوبون من الحكومة، بصرف النظر عن قلة قليلة ممن انضموا إلى الإرهابيين الذين تم اجلائهم إلى إدلب؟ لماذا ، بعد أشهر من التباكي على محنة ٣٠٠ ألف  شخص من المدنيين في شرق حلب - وهو رقم مبالغ فيه الي حد كبير بالمناسبة وتبين أن عددهم  ١٣٠ ألف - لم يكن هناك إلا تغطية إعلامية ضئيلة لما يحدث هناك بالفعل ؟

وقد كان القس أندرو أشداون، الذي نظم لنا زيارة شهر سبتمبر ، متواجدا في حلب أثناء تحرير المدينة . وزار مناطق شرق حلب ومنها مركز جبرين ​لتسجيل اللاجئين ومراكز استقبال أخرى، وعشرات الآلاف من اللاجئين من شرق حلب إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. وأقتبس من تقريره التالي :

"" كانت أصوات المدنيين القادمين من المناطق التي كانت يسيطر عليها " الثوار " في شرق حلب  كلها موحدة عن القتل الوحشي والاعدامات التي يرتكبها الثوار ضد كل من يعارضهم.. وقتل الرجال والنساء والأطفال الذين حاولوا الفرار. تعذيب واغتصاب المدنيين بانتظام. وحرمان المدنيين من الطعام ، أو بيع المواد الغذائية بأسعار باهظة. حجب المساعدات الطبية عن المحتاجين حتى عندما يتوسلون للحصول على المساعدة. وكانوا يقولون للمدنيين أن الجيش السوري سيقتل المدنيين إذا فروا إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. وأنهم إذا لم يلتزموا بإيديولوجية "الثوار" فهم ليسوا  'مسلمين' حقيقيين بل 'كفار' يستحقون الموت. وقال هؤلاء اللاجئين الذين فروا من شرق حلب وكانوا يعرفون  من يطلق عليهم " أصحاب الخوذ البيضاء" (الكثيرين منهم لا يعرفونهم) مرارا وتكرارا أنهم "كانوا يساعدوا الإرهابيين فقط. " وكانوا جميعا تبدو عليهم السعادة واضحة بعد أن تحرروا، ويتم إعطاءهم الغذاء والمساعدة الطبية والمأوى لدى وصولهم. وتتعارض رواية هؤلاء الناس مع ما كانت تنقله وسائل الإعلام الغربية والتقارير الاخبارية في الأشهر الماضية ".

في الشهر الماضي  بدأت بالفعل جهود ترميم المرافق، وفتح المدارس وجعل المناطق في شرق حلب قابلة للسكن. ويتساءل الكثير من الناس لماذا لا أحد ينشر عن هذه التطورات الإيجابية عن حالات ما بعد الصراع في شرق حلب.

ويقترن موقف حكومة صاحبة الجلالة بالإصرارعلى الإبقاء علي العقوبات. وهذا يضر كثيرا المدنيين السوريين الذين لا يستطيعون الحصول على الإمدادات الطبية مثل الأطراف الاصطناعية، أكثر مما يضر الحكومة. وتتردد في  بعض الأحيان مزاعم أن الأسد في الحقيقة لا يحارب داعش. وردا علي ذلك أقول: قولوا هذا لمن يدافعون ببسالة عن دير الزور، ولشعب تدمر أو سكان دمشق وريف حمص، الذين تقف قوات الحكومة بينهم وبين قاطعي الرؤوس .

وأغتنم هذه الفرصة لأسجل بأن الشعب السوري يشعر بالامتنان العميق لروسيا التي أخذت داعش على محمل الجد وساعدتهم وتدافع عن شعبهم ضد همجيتهم .وأنا أسأل الوزير: ما هو موقف الحكومة صاحبة الجلالة فيما يتعلق بمحادثات أستانا، والتي يبدو أنها المبادرة الوحيدة حاليا التي من المرجح أن توفر سياسة قادرة على نزع فتيل الوضع الحالي؟

وفي الختام، أود فتح هذا النقاش بقلب مثقل وبحزن عميق لأنني شاهدت لمحة من معاناة الشعب السوري في ظل هجمة هجمات داعش والجهاديين الإسلاميين المرتبطين بها. ويحزنني أكثر أنني رأيت أن المعاناة تتفاقم بسبب سياسات دعم المملكة المتحدة للجهاديين، وأنا أشعر بحزن عميق لاستمرار التزام حكومة صاحبة الجلالة بتغيير النظام، تحت أي مسمى، وهو ما يخشاه الشعب السوري بشدة . فهل ستعيد حكومة صاحبة الجلالة النظر في موقفها الراسخ الذي فاقم من معاناة الشعب السوري، وهل ستسمح للشعب السوري بالحق في الديمقراطية والكرامة لاختيار مستقبلهم؟ إذا كان ذلك سنطوي على إعادة انتخاب الرئيس الأسد فهذا حقهم ويجب أن يحترم
 
 https://hansard.parliament.uk/lords/2017-02-09/debates/5474D17E-6083-449F-B8E3-F75D99A66D86/Syria

الاثنين، 23 يناير 2017

الإخوان المسلمين في مصر : بناء قواعد الدعم

ورقة بحث

جماعة الاخوان المسلمين ستكون قوة اسلامية قوية في مصر في العقد القادم، لكنها لا تشكل حاليا تهديدا لحكم الرئيس مبارك. ويتمسك الاخوان المسلمون بهدفهم الرامي الي اقامة دولة اسلامية محافظة في مصر، ويتحقق لها ذلك بتقليل النفوذ الغربي وتطبيق الشريعة الاسلامية. وبعد سنوات من العمل المسلح الذي لم يحقق نجاحا بدأت الاخوان خلال العقد الماضي في اتباع استراتيجية متدرجة لتحقيق هدفها. ورغم ان المرشح ليحل محل مرشد الاخوان العجوز يفضل الدخول في مزيد من المواجهات مع الحكومة، ليس من المرجح ان تغير جماعة الاخوان المسلمين تكتياكاتها المعتدلة. وأهداف الاخوان ستحقق علي أفضل وجه باستقرار الحكومة المصرية

ورغم ان جماعة الاخوان محظورة الا انها تتعاون مع الحكومة لانتزاع قيادة الحركة الأصولية من الجماعات الأكثر تطرفا. وليس من المرجح ان تقمع الحكومة جماعة الاخوان الا اذا دخلت في مواجهة أكبر مع الحكومة أو حصلت علي قدر كبير من السلطة. وربما لن تمنح الحكومة جماعة الاخوان الصفة القانونية لتحتفظ بتأثيرها علي التنظيم

تتمثل القوة الرئيسية للاخوان المسلمين في مواردهم المالية التي قد تسمح لها بالصمود أمام الشعبية الحالية للجماعات الاسلامية الأكثر تشددا في مصر. المورد الرئيسي لتمويل التنظيم يأتي من خلال مصالح شركاتها المحلية، وتضم شركات أموال وانشاءات وتصنيع وتجارة وخدمات. ويأتيها دخل اخر من المتعاطفين في دول الخليج وغرب اوروبا وشمال امريكا .

وتشكل الحزبية أكثر المشكلات الخطيرة المحتملة التي تواجه جماعة الاخوان. فقد انتجت التكتيكات المعتدلة التي اتبعها المرشد الحالي للجماعة تيارات في التنظيم قد تنمو مع بدء جماعة الاخوان عملية اختيار مرشد جديد

ونجح الاخوان المسلمين في بناء شبكة أصولية في مصر من خلال تجنيد المتعلمين والطلبة والصحفيين ومهن اخري، ورجال اعمال. ولم تحقق نجاحا كبيرا في تجنيد الطبقات الدنيا أو القوات المسلحة .

المشكلات الاقتصادية المتنامية في مصر ستزيد من قبول رؤية الاخوان عن المجتمع الاسلامي العادل.فنقص عوائد البترول والسياحة وتحويل الاموال من الخارج يخفض من مستوي المعيشة المنخفض بالفعل. وعودة العاملين في الخارج تضاعف من شعور المتعلمين المصريين بالإحباط بسبب نقص فرص العمل.

ورغم تعاونها مع الحكومة إلا ان موقفها من اتفاقية كامب ديفيد ووكالة التعاون الدولي واختراق الثقافة الغربية لمصر يجعل منها قوة معادية للولايات المتحدة. وتزايد قوة الاخوان المسلمين وتنامي الأصولية الدينية سيجعل مصر أقل تعاطفا مع أهداف الولايات المتحدة في الشرق الاوسط. لكن ضعف الاخوان المسلمين من المرجح ان يقوي المتطرفين الاسلاميين الأقل تكيفا مع الولايات المتحدة .

الهدف بعيد المدي للاخوان هو بناء مجتمع أصولي مسلم عن طريق التخلص من النفوذ الغربي وتطبيق الشريعة.والأهداف الحالية للاخوان هو تعزيز تفوقهم علي الجماعات الاسلامية الأصولية الاخري لتكسب اعتراف الحكومة بها كتنظيم قانوني ولانشاء شبكة أصولية اسلامية في البلاد. وليحققوا هذا الهدف تعاون الاخوان مع الحكومة ضد المتشددين الاسلاميين وسعت لتعزيز مصالح شركاتها المتنوعة التي تحقق ارباحا واختراق نظام التعليم واتحادات العمال والنقابات المهنية والجيش ....

ووصل عدد اعضاء الاخوان والمتعاطفين معهم خلال العقد الماضي حوالي 500 ألف - وكانت تستخدم تكتيكات أكثر اعتدالا، علي ما يبدو لأن سياسات المواجهة التي اتبعتها في الماضي جلبت عليها القمع والتعذيب والسجن. وقرر قادة الاخوان المسلمين من مصر ودول عربية اخري خلال مجموعة من الاجتماعات عقدوها طوال الثلاث سنوات الماضية رسميا إتباع سياسة المواؤمة مع حكومة حسني مبارك. وهم يعتقدون ان فترة من العلاقات الطيبة مع الحكومة ستسمح لهم ببناء تنظيم قوي له شعبية قادر علي مواجهة التحديات الناشئة عن الجماعات الاسلامية المتشددة .

أهداف الاخوان المسلمين:

الهدف بعيد المدي هو إقامة دولة اسلامية في مصر مستمده من دعوة حسن البنا تحريم " شرور " العالم الحديث: الامبريالية والربا وتقليد الغرب والقوانين التي يشرعها الانسان وليس الله، والإلحاد والفوضي الايدولوجية وضعف القيادة والمناهج العلمية العلمانية والفساد. وتشمل أهداف الاخوان المسلمين التالي :

- حكومة تطبق وتدافع عن نظام اسلامي بصفته منزل من عند الله. ويتم اختيار المشرعين في هذه الحكومة من بين صفوف العلماء المشايخ وتصدر القوانين وفقا للشريعة الاسلامية ويعملون علي ضبط أو مساءلة السلطة القضائية والتنفيذية . وتقوم السلطة القضائية بتفسير القوانين لتتوافق مع الشريعة الاسلامية

- نظام اقتصادي قائم علي المشاركة في الارباح يتأقلم مع تحريم القران للربا. وستحل الزكاة محل ضريبة الدخل وستقوم بتوفير الأموال اللازمة لقيام الحكومة بوظائفها الضرورية

- نظام اجتماعي يفصل بصرامة بين الرجال والنساء في المؤسسات التعليمية والاماكن العامة . وما ان يصل الاخوان للسلطة سيحرمون تحديد النسل والقوانين والقرارات التي تشجع علي تحرير المرأة لأن كل ذلك يعتبرونه مؤامرة غربية لتدمير المجتمع المسلم.

             التعاون مع الحكومة

في العام الماضي تشكل حلف غير رسمي بين الاخوان والحكومة عندما أقنع التنظيم مسئولين كبار في الحكومة أن المتشددين الاسلاميين، مستلهمين النموذج الايراني، هم وحدهم من يعتقدون ان الثورة الاسلامية ضرورية لحل مشاكل مصر الاجتماعية والروحية والاقتصادية. ويبلغ عدد المتشددين من 20 ألف الي 30 ألف موزعين في عدد من الجماعات. وتلك الجماعات منقسمة علي نفسها بسبب المنافسات الشخصية والخلافات الفكرية. وبعض تلك الجماعات مثل جماعة التكفير والهجرة وجيش التحرير الاسلامي شاركت في أنشطة ارهابية منها اغتيال السادات سنة 1981 .

ظهرت تلك الجماعات في اواخر الستينات وأوائل السبعينات نتيجة الأزمات السياسية والثقافية والروحية التي أعقبت حرب 1967 و 1973 مع اسرائيل وسياسات " الباب المفتوح " التي اتبعها السادات والتي زادت من الوجود الغربي في مصر. ونشأ الفكر المتطرف العنيف من كتابات الاخواني سيد قطب الذي أعدم سنة 1966 بتهمة التامر علي عبد الناصر. ومنعت التفسيرات المختلفة لفكر سيد قطب - التي تتراوح بين العودة الي الممارسات الاسلامية في القرن السادس عشر والمؤامة الأكثر براغماتية مع الحداثة - تشكيل جبهة متشددة موحدة.

الاخوان المسلمين يستطيعون منع نشر التشدد الاسلامي وتطهير الحركة الاسلامية من الشباب المضللين الذين يضرون الاسلام ويقسمون المسلمين.

وأصاب الاخوان المسلمين المتشددين بانتكاسة في ديسمبر 1985 عندما حصل الطلاب الذي اختارتهم الجماعة علي الاغلبية في انتخابات اتحاد الطلاب في جامعة القاهرة. وكان الاخوان قد دعموا ماليا الفريق الرابح، المسمي " الاتحاد الاسلامي " المعتدل. ورغم ان هذه المجموعة لم تقر بدعم الاخوان لها إلا أنه من الصعب عليها تمويل هذه الحملة الكبيرة التي ضمت مئات المرشحين والعاملين والاف البوسترات والمنشورات المكلفة بدون دعم الاخوان المسلمين. وكانت نشرات الدعاية التي كان يوزعها الفريق الرابح تحمل رسائل الاخوان المعتادة.

وتعاون الاخوان المسلمين والحكومة في الاسكندرية في اغسطس 1985 للتصدي للمتشددين الاسلاميين الذين شرعوا في تسييس عيد الأضحي المبارك. وبعد مناقشات بين الحكومة ومرشد الاخوان عمر التلمساني سمحت الحكومة للاخوان بتولي صلوات العيد مقابل جهود خاصة يبزلها الاخوان للتغلب عدديا علي المتشددين في احتفالات العيد. ولم ترد أي أنباء عن حدوث اضطرابات أثناء أداء الصلوات التي قدر عدد الحاضرين فيها حوالي 100 ألف مصلي .

من وجهة نظرنا، التعاون بين الاخوان والحكومة هو زواج مصلحة. فالإخوان يأملون من هذا التعاون استعادة بعض من شعبيتهم التي بدأت تضعف وسط الأصوليين الجدد عن طريق إظهار ان تعاملها مع المؤسسة المصرية يعطيها مزيدا من النفوذ أكثر من المتطرفين الاسلاميين. ويعتقد قادة الاخوان ان هذا التعاون سيساعد التنظيم في تحقيق الصفة القانونية للجماعة. ونحن نري ان مبارك يري هذا التحالف باعتباره فرصة لاضعاف المتشددين دون حاجة لأن تلعب الحكومة دورا قياديا للقيام بذلك. وربما يعتقد ايضا ان اقامة علاقات أفضل مع الاخوان سيحسن من قدرة قوات الأمن علي مراقبة أنشطة التنظيم.

ولا يزال الاخوان يشعرون بالقلق من أن تصعيد الاصوليين المتشددين للعمل المسلح سيتسبب في قمعهم، رغم تحالفهم مع الحكومة. فأثناء أعمال الشغب التي قامت بها الشرطة في شهر فبراير الماضي هربت قيادات بارزة من الاخوان من منازلهم خشية القبض عليهم، وذلك استجابة للاشاعات عن تورط الاصوليين . ولم يتم القبض علي أي قيادي اخواني.

                                       السعي الي الشرعية


نعتقد أنه خلال العام الماضي كان الاخوان المسلمين يحاولون التفاوض حول صفقة مع حكومة مبارك للتوصل الي صفة قانونية للتنظيم. وظهرت رغبة الاخوان في التوصل الي صفقة في مايو 1985 عندما خفت مظاهراتهم الاحتجاجية اعتراضا علي قيام مجلس الشعب تقليص مجلس الشعب مدة مناقشة الشريعة الاسلامية الي ساعتين. وواصل الاخوان التسامح مع رتابة الحكومة في مراجعة القوانين الحالية لضمان توافقها مع الشريعة، وفقا لما ذكرته السفارة الامريكية في القاهرة.

وليظهرالاخوان حسن نيتهم في السعي للحصول علي الصفة القانونية إدعي الاخوان انهم سيحلون الميليشيات السرية بداية من شهر اغسطس 1984 ............................................ ( يوجد مكان فارغ في الوثيقة عبارة عن اربع سطور ). ونعتقد ان اعضاء الاخوان الذين دعوا الي مزيد من المواجهات مع الحكومة تحدوا تعليمات قيادة التنظيم واحتفظوا بقدرات عسكرية سرية.

وعرضت الحكومة علي الاخوان اربع شروط لابد ان يستوفونها ليحصلوا علي الصفة القانوني . حيث يتوجب علي الاخوان القيام بالتالي :

- الابتعاد عن السياسة في مصر

- اعادة النظر في تحالفها مع حزب الوفد المعارض

- التوقف عن التظاهر بشأن اتفاقيات كامب ديفيد

- الامتناع عن التجنيد في الجيش

ونحن نعتقد ان الاخوان سيعترضون علي هذه الشروط التي ستعطي الحكومة مبررا كافيا لتستمر في امتناعها اعطاء الصفة القانونية للتنظيم. والحكومة المصرية تشجع علي استمرار التعاون مع التنظيم عن طريق السماح للاخوان استئناف نشر بعض من صحفها. فقد أوردت السفارة الامريكية في القاهرة ان صحيفة الاعتصام وصحيفة المختار الاسلامي استأنفت النشر في اواخر 1985 وفي ابريل 1986 وافقت الحكومة علي نشر مجلة الدعوة الواسعة الانتشار

وسمحت الحكومة المصرية للمحاكم مناقشة دستورية القوانين التي قامت بحظر جماعة الاخوان سنة 1954 ، وفقا لما ذكرته السفارة الامريكية في القاهرة. وفي منتصف 1985 قامت محكمة احدي المحاكم بالنظر في القوانين التي تحظر انشاء أي حزب سياسي بناء علي العرق او الدين او المذهب . ورغم عدم صدور حكم قاطع من المحكمة الا ان قيادة الاخوان تشجعت ان هذه الاجراءات جاري مراجعتها.ومع ذلك فالسفارة تعتقد ان المحكمة الدستورية العليا ستمنع في نهاية المطاف من اكتساب صفة كحزب سياسي قانوني.


                        التحالف مع حزب الوفد

أوردت السفارة الامريكية في القاهرة ان الاخوان شكلوا تحالفا مع حزب الوفد الجديد المعارض في 1984 لزيادة قوتها السياسية من خلال التمثيل البرلماني، وزيادة نفوزها في حزب المعارضة الكبير واكتساب مظهر أكبر من مظاهر الشرعية. وقال عضو من الاخوان المسلمين للسفارة الامريكية ان حزب الوفد وافق علي التحالف لتوسيع جمهور ناخبيه عن طريق استغلال الدعم الشعبي من الاخوان. وفي المقابل مكن التحالف الاخوان من إظهار ان بامكانها التنافس والنجاح في الانتخابات. وأوردت السفارة أن الاخوان حصدوا في الانتخابات البرلمانية التي عقدت في مايو 1984 علي 8 مقاعد من 58 مقعد حصل عليها حزب الوفد.

وكان الاخوان منذ البداية شريكا سياسيا لا يؤتمن. فأعضاء الجماعة في البرلمان تجاهلوا قيادات حزب الوفد، وكانوا يناقشون القضايا السياسية فقط في مقر الاخوان المسلمين، وكانوا يصوتون حصريا للمصلحة الخاصة بالاخوان بغض النظر عن وجهات نظر حزب الوفد ................................................ ( عدة سطور محزوفة )

ونحن نعتقد ان هذا التحالف غير مستقر لكنه سيظل قائم طالما احتاج الوفد لدعم الاصوليين، والاخوان لا يملكون وسيلة اخري شرعية للتعبير عن وجهات نظرهم .وفي الوقت نفسه تشعر قيادات الوفد بغضب شديد بسبب ما يعتبرونه عدم قدرة الاخوان علي فهم ان الوفد حزب علماني ديمقراطي وليس اتحادا دينيا ................ ( مكان ناقص وسطر محذوف) . واشتكوا ان الاخوان مصرين أن " يلبسوا الوفد عباءة وقفطانا " . وفي الوقت نفسه اتهم بعض الاخوان من اعضاء مجلس الشعب الوفديين بالانحراف عن الاسلام وهددوا بحل التحالف ان لم يؤيد الوفد علنا تطبيق الشريعة

   
                                تجنيد إخوان جدد

في السنوات السابقة جزب الاخوان أعضاء من كل قطاعات المجتمع - الموظفين والمهنيين والطلبة والعمال والتجار وبعض الفلاحين . لكنها في السنوات الأخيرة أصبحت قيادتها متقدمة في السن ومن الطبقة المتوسطة. وعندما أدرك الاخوان ذلك بادرت في تجديد طاقة عضويتها عن طريق تجنيد الشباب من المهنيين والأفراد العسكريين والطلبة........ ( سطور محزوفة ).  بعض الاخوان يعتقدون ان موقف مبارك المتصلب ضد شباب الاصوليين المتشددين سيزيد من جاذبية الاخوان لأن المتعاطفين الاصوليين سيقل خوفهم من احتمال الزج بهم في السجون والا تعرضوا للمضايقات لو اضموا للاخوان بدلا من الانضمام لأي من الجماعات الاخري المتشددة .... ( سطر محزوف )

وحقق الاخوان المسلمين بعض النجاحات في اختراق بعض المنظمات المهنية، ........ ( سطر محزوف ) . وقد انتخب عضو من الاخوان في مجلس ادارة نقابة المعلمين. واكتسبت نفوذا في نقابة المهندسين من خلال عضو سابق في الاخوان يسمي عثمان احمد عثمان. ويوجد اثنان من الاخوان من قيادات نقابة المحامين، ويوجد صحفي بارز يعمل في نقابة الصحفيين لصالح تنظيم الاخوان. ورغم جهود التجنيد المكثفة التي تقوم بها الاخوان لم تحقق الا نجاحات ضئيلة في اختراق نقابات العمال الخاصة بالعمال الكادحين التي كانت محسوبة تقليديا علي اليساريين.

ونحن نعتقد ان التنظيم له أعضاء في الجيش يجتمعون سرا، لكنه لم يتمكن من اجتذاب عددا منتظما ممن جندهم في القوات المسلحة. ............................ ( سطور محزوفة ) . الجيش يحتوي علي مخزون كبير من العاطفة الأصولية، لكن المخابرات العسكرية تفحص الضباط المرشحين وتراقب عن كثب الأنشطة الدينية في القواعد العسكرية. والمجندين والضباط الذين يظهر عليهم تطرفا دينيا زائدا يتم تكديرهم او ترحيلهم أو اعفاؤهم من الخدمة. ورغم جهود تطهير أعضاء الاخوان وغيرهم من الاصوليين نعتقد ان كثير منهم تسللوا من خلال شبكة الأمن ...... ( سطر محزوف )


                        إختراق التعليم

نعتقد ان أكثر التكتيكات الفعالة التي استخدمها الاخوان لضمان قوتها علي المدي البعيد هي اختراق نظام التعليم المصري. الاخوان يدركون ان الشباب المصري يتعرض لظروف اجتماعية متدهورة وتطلعات اقتصادية قاتمة، وهي تعرض علي الجمهور المستجيب نسختها للأصولية باعتبارها الدواء . وأوردت السفارة الامريكية في القاهرة ان الاخوان يستهدفون ويجندون ويدعمون ماليا طلبة الجامعة المتدينين الذين يخططون ليصبحوا معلمين في المدارس الاعدادية والثانوية. ويعتقد الاخوان ان معلمي المستقبل هؤلاء سيغرسون قيم الاخوان في نفوس طلابهم. ويهتقدون ايضا ان هناك طلبة اخرين سيحملون مثل ومبادئ الاخوان وينقلوها الي الشراكات والحكومة والمهن...... ( سطر محزوف ).


                             تمويل الاخوان


     الاخوان لهم قاعدة تمويل عريضة........ ( سطور محزوفة ). تحصل الجماعة علي الكثير من اموالها من شركات محلية مشروعة وتبرعات الاعضاء وأرباح استثماراتها. وتتلقي اموالا اضافية من المتعاطفين والاخوان في الخارج في السعودية ودول الخليج ودول اوروبات الغربية، أو من خلال الاتجار في العملة في السوق السوداء ...... ( سطر محذوف )

 وقد قامت الحكومة المصرية عن غير قصد بتوفير الدعم لأنشطة شركات الاخوان. فوفقا للسفارة الامريكية في القاهرة، كل اعضاء الاخوان الذين سجنهم عبد الناصرفي الخمسينات والستينات حصلوا بعد خروجهم من السجن في السبعينات علي مبلغ ألف جنيه لكل منهم تعويضا لهم علي الحبس بالخطأ. وهذه الاموال استثمروها في شركات صغيرة . ونجح الكثير من تلك الشركات نظرا لسياسات الباب المفتوح التي اتبعها السادات والتي أدت لانتعاش الشركات الخاصة ...... ( سطور محذوفة )

وليتجنب الاخوان تدخل الحكومة او استيلائها علي تلك الشركات كان الاخوان عادة ما ينشئون شركات بالشراكة مع رجال اعمال متعاطفين ليسوا اعضاء في التنظيم. ويتم التبرع بجزء من أرباح تلك الشركات - التي تضم اموالا من النفقات المبالغ فيها - لتنظيم الاخوان.

تلك الشركات تمكن الاخوان من تمويل المستشفيات والعيادات والنشرات الصحفية ونشر الدعوة في الخارج ............ ( عدة سطور محذوفة ). ومن الشركات التي يملكها أو يديرها الاخوان الشركات التالية :

- شركة المقاولون العرب: تم تأميمها حاليا وهي أكبر شركة مقاولات في مصر. واحتفظت الشركة بعلاقاتها بالاخوان من خلال مديرها ومالكها السابق عثمان احمد عثمان. وعثمان كان صديقا مقربا من الرئيس السادات ووزير سابق للتعمير. ويعمل بالشركة الكثير من الموظفين من الاخوان ولها أسهم في حوالي 40 شركة في مصر والخارج وتدعم ايضا الاخوان.

- بنك فيصل الاسلامي في القاهرة : البنك يملكه مواطن سعودي ويديره مصري يسمي أحمد علي كمال، وهو عضو نشط في جماعة الاخوان. .......................................( عدة سطور محزوفة ). ويتبرع الكثير من المستثمرين المتعاطفين مع التنظيم بحصتهم في أرباح البنك للإخوان.

( سطور كثيرة محزوفة )

- مجموعة الشريف : هذه المجموعة هي شركة قابضة ........................... ( عدد من السطور المحزوفة ) . لديها خمس مصانع في مصر تضم مصنع كبير لانتاج المواسير والبلاستيك .

- مجموعة السلام : هذه الشركة يملكها عضو قديم في جماعة الاخوان وتدير فندق كبير في القاهرة وتخطط لبناء فندق اخر .

- مجموعة هلال : تمتلك هذه المجموعة 14 شركة متنوعة في مصر ......... ( سطر محزوف )

وكانت جماعة الاخوان تجمع الاموال بشكل ممنهج من أعضائها لاستثمارها في الخارج ...... ....... ( سطرين محزوفين ). كل عضو في التنظيم يساهم بعشرة بالمئة من دخله لجماعة الاخوان. وترسل هذه الاموال بالاضافة الي التبرعات التي تأتي من الأثرياء المتعاطفين مع الجماعة الي الجمعيات الخيرية الاسلامية، وهي منظمة تابعة للاخوان في الكويت. وتدير الجمعيات الاسلامية حقيبة استثمارت تذهب عائداتها الي تنظيم الاخوان ...... ( سطر محزوف )

ويجمع الاخوان الاموال ايضا عن طريق بيع الدولار في السوق السوداء في مصر.................... ( سطور كثيرة محذوفة )

والأموال التي تنقل في نهاية المطاف الي تنظيم الاخوان في مصر ودول اخري يتم إيداعها في البداية في حسابات بنكية خاصة بالمراكز الاسلامية الدينية والثقافية. ....... ( سطور محذوفة ) . وتأتي الاموال من افراد متبرعين من السعودية والاخوان المسلمين في الخارج ومن اوروبا وامريكا الشمالية....... ( سطر محذوف )


                         الانقسامات الي فصائل

نعتقد ان التكتيكات المعتدلة التي اتبعتها جماعة الاخوان وعدم وجود خطة واضحة لديها لتنظيم وادارة دولة اسلامية أدت الي تشكيل فصائل تعكس فلسفات مختلفة حول كيفية تحقيق اهدافها. ومن وجهة نظرنا أن ميل تنظيم الاخوان الي الانقسام الي فصائل هو أخطر مشاكلها. ....... ( سطر محذوف ). يوجد انقسامات ملموسة بين الأعضاء كبار السن والأعضاء من الشباب. الجيل القديم يشعر بالقلق من تفضيل الأعضاء الشباب العقيدة الثورية المتشددة. ونعتقد أن انحراف شباب الجماعة سيخلصها من أكثر أعضاءها حيوية وأحيانا أكثرها تطرفا. فعلي سبيل المثال، جماعتي الجهاد والتكفير والهجرة المتطرفتين - اللتان شاركتا في مؤامرات مناهضة للحكومة واغتيال السادات - تأسست علي يد أعضاء من الاخوان كانوا ساخطين علي التنظيم

المعتدلين : يواصل الفصيل الأكبر بقيادة المرشد عمر التلمساني والذي يتشكل عموما من المفكرين ورجال الاعمال والمحامين من كبار السن السعي الي اتباع سياسة التوافقات مع الحكومة. ويخشون ان تبعد المواجهات العنيفة مع الحكومة المصريين عن الاخوان وتدخلهم في حقبة جديدة من القمع. ففضلوا استمرار التحالف السياسي مع حزب الوفد الجديد حتي يتمكن الاخوان من تشكيل حزب خاص بهم بشكل قانوني. ويخشي المعتدلين من أن يخسروا أرضيتهم لصالح المتطرفين لأن الحكومة تماطل في اعطاء الصفة القانونية للاخوان وشرعت في زيادة فرض القيود علي أنشطتها المالية، كما فعلت عندما أعادت تنظيم البنك الاسلامي الدولي للاستثمار التابع لهم

ويضم الفصيل المعتدل جماعات لها نشاطات سياسية أقل، بقيادة مأمون الهضيبي، ابن المرشد السابق. وهذه الجماعة تعارض التحالف مع حزب الوفد الجديد ويفضل برامج التعليم الديني لتغيير مصر بالتدريج حتي تتحول الي مجتمع اسلامي. وتتشكل من رواد الاخوان من كبار السن ومن الطلبة والمعلمين وخريجي الجامعات المتدينين وضباط جيش حديثي التقاعد. وهم يلتزمون بتعاليم مؤسس جماعة الاخوان حسن البنا. وتحاول هذه الجماعة كسب تأييد الطبقات الوسطي الدنيا في الأرياف، لا سيما في أوساط العمال العائدين من دول الخليج

المتطرفين : بقيادة مصطفي مشهور وعباس حسن السيسي الذي يعيش في الكويت وألمانيا الغربية علي التوالي . وينادي المتطرفين بمزيد من المواجهات مع الحكومة. وتري هذه الجماعة أنه من خلال المواجهات وحدها سيري مبارك قوة وتمدد الاخوان في المجتمع المصري، وستجبره علي تقديم التنازلات للتنظيم. ولا يوجد مؤشر يدل علي وجود شكل من أشكال المواجهات التي تنادي بها هذه الجماعة، ولكن بصفتهم أعضاء في ميليشيا سرية قد يلجأون الي تكتيكات الاخوان القديمة بتنظيم مظاهرات تتطور لتتحول الي أعمال عنف.

ويعتبر المتطرفين أن تأخير مبارك في تقنين الوضعية القانونية للتنظيم وكذلك الاجراءات التي اتخذتها الاردن مؤخرا ضد نفوذ الأصوليين في الحكومة كمؤشرات علي وجود عملية قمع وشيكة ضد الاخوان. وهم يرغبون في إحياء الميليشيا السرية . واقترح المتطرفين أن يدار التنظيم علي يد مجلس طواريئ للتشديد علي ما يسمونه ظروف الحرب التي تشن عليهم، لحين انتخاب التنظيم مرشد جديد وشغل الفراغات الاخري.


                                صراع الاخوان علي السلطة


ترشيح مشهور في شهر مارس ليخلف التلمساني الذي يعاني من المرض وكبر السن سيزيد التوترات بين فصائل التنظيم . وقد ضمن المتطرفين الترشيح بدعم من التلمساني الذي انتقد مبارك بشدة في الأسابيع التي سبقت الترشيح، نظرا لشعوره بخيبة الأمل من عدم تقديم الحكومة تنازلات. ويحاولون ايضا شغل فراغات اخري في التنظيم

ويزعم المعتدلين ان مشهور ينقصه التعليم الديني الكافي وكذلك المهارات السياسية والدبلوماسية ويعارضون بشدة ترشيحه. ويزعمون ان مشهور وكثيرين من أتباعه الذين كانوا يعيشون في الخارج ليس لهم صلة بالواقع في مصر     


                                  إستشراف المستقبل


نتوقع أن تزيد المشاكل الاقتصادية المتنامية من قبول رؤية الاخوان عن المجتمع الاسلامي العادل المقسط. فتراجع اسعار البترول وانخفاض أموال المصريين في الخارج وتراجع السياحة - التي فاقم منها أعمال شغب الشرطة في فبراير 1986 - وسياسات أسعار النقد الأجنبي المتعارضة ساهمت في حدوث تدهور ملحوظ في الوضع المالي للبلاد. وأي برامج تهدف الي تخفيف الصعوبات المالية - مثل فرض قيود علي الاستيراد وتقليل دعم المواد الغذائية والتخلص من دعم الأسعار - سيخفض من مستويات المعيشة المتدنية بالفعل. ونعتقد ان الاخوان سيحاولون استغلال الغضب الشعبي عن طريق الادعاء ان سوء المعيشة راجع الي تقليد النظام الاقتصادي الغربي المفلس .

وعلي المدي الطويل نعتقد أن الجماعات الاسلامية المتطرفة سيكون لها قبولا أكثر لدي الشباب الذين يرون الاخوان المسلمين تنظيما منهكا يديره رجال عجائز . وحتي مع الدعم الضمني من الحكومة لن تحقق محاولات الاخوان هزيمة المتطرفين في الحرم الجامعي إلا نجاحا متواضعا. ومن المرجح ان يستغل المتطرفين الاضطرابات المدنية مثل أحداث أعمال شغب الشرطة لمصلحتهم. وبالرغم من أن أحداث الشغب التي قام بها مجندين من الأمن المركزي تبدو قد اندلعت بدون توجيه من الأصوليين، إلا ان الاعتداءات الانتقائية علي الفنادق السياحية والنوادي الليلية تشير الي ان المتطرفين الاسلاميين كانوا مستعدين لاستغلال احداث الشغب وشرحوا أسبابها وفقا لمفهومهم الاسلامي. ونعتقد ان اظهار عدم الثقة في عنصر كبير من عناصر الشرطة المصرية سيعضد المتطرفين لاشعال اضطرابات جديدة. وفي حالة ما كان المتطرفين الاسلاميين علي وشك الاستيلاء علي الحكم وهو أمر مستبعد سينحاز الاخوان المسلمين للحكومة لقمع المتطرفين والسيطرة علي الحركة الأصولية .

ورغم الفرص المتاحة للمتطرفين علي المدي القصير، نعتقد ان الاخوان المسلمين لديهم الصبر والموارد المالية والتنظيم للاحتفاظ بقوة اسلامية أكثر نفوذا علي المدي الطويل. وستمكنها مصادر القوة تلك من الصمود أمام تغيير القيادة والانقاسامات الي فصائل وتحديات الأصوليين المتطرفين. ونعتقد ان الزمن في صالح الاخوان. مصر تسير بانتظام لأن تصبح مجتمعا محافظا دينيا وهو ما سيساعد علي المدي الطويل علي نزع فتيل بعض القضايا التي يستغلها المتطرفين: مثل تعاطي الخمور وارتداء النساء ملابس غربية " غير محتشمة " واختلاط الجنسين في الأماكن العامة.

ويبدو أن الاخوان المعتدلين قد فوجئوا بترشح مشهور، لكنهم لا زال في مقدورهم إبعاده عن تولي قيادة التنظيم. وقد قوي ترشيح مشهور وتغير أفراد التنظيم المتطرفين الكثر تنظيما في كل الأحوال من المعتدلين ......... ( سطر محذوف ) . لو أصبح مشهور زعيما للتنظيم سيكرر مطالب تطبيق الحكومة الشريعة فورا وفسخ اتفاقيات كامب ديفيد. وسينهي تحالف تنظيم الاخوان مع حزب الوفد الجديد

ونعتقد انه لو اصبح مشهور مرشدا عاما للاخوان سيجبر في الوقت المناسب علي العودة الي التكتيكات التي تميل أكثر الي المصالحة التي تبناها الاخوان طوال العقد الماضي. وسيواجه مشهور الذي كان يعيش في الكويت منذ 1981 واقعا سياسيا في مصر لا يمكن لتعامل معه بنجاح الا من خلال قيادة براغماتية علي النحو التالي :

- الاختلافات بين المتطرفين والأغلبية من المعتدلين في الاخوان ستجبر القيادة علي ايجاد ارضية مشتركة تمنع تفكك التنظيم الي فصائل صغيرة ضعيفة

- معظم المصريين محافظين ولا يفضلون التغيير الثوري . وأي تحول عنيف للاخوان عن التكتيكات المعتدلة سيقضي علي هدفها في تحويل مصر تدريجيا الي مجتمع أصولي

-  الحكومة شبه مؤكد ستقمع الاخوان اذا انحرفت عن تكتيكاتها الحالية. وسيتحاشي مشهور الذي دخل السجن 15 عاما في الخمسينات والستينات القيام بأفعال ترسله هو ورفاقه الي السجن .

ونعتقد ان قمع الحكومة للاخوان سيشكل تهديدا متواصلا لهم. وأي تأييد لأهداف الجماعة الرامية الي تطبيق الشريعة سيخيف الحكومة التي تنوي تأجيل النقاش حول الشريعة لسنوات. وسيتوجب علي التنظيم ممارسة قدر كافي من السلطة لتحقيق أهدافها الدينية ومواجهة التحدي الأصولي وإحتواء الانقسامات الداخلية، وأن تظهر في نفس الوقت أنها لا تشكل تهديدا للحكومة.

وفي نهاية المطاف ستتوقف شعبية الاخوان والجماعات الاسلامية الاخري علي قدرة الحكومة علي التخلص من مفهوم الاختراق الثقافي للغرب ونفوذ الغرب ووقف التدهور الاقتصادي. وسيؤدي المزيد من تفكك المجتمع المصري - بسبب انخفاض مستوي المعيشة وارتفاع البطالة والبطالة المقنعة والعجز العسكري - الي زيادة قبول الجماعات التي تدعو الي الحلول الاسلامية لمشاكل مصر .


              الأثار المترتبة علي الولايات المتحدة


نعتقد ان الاخوان لهم مصلحة في استقرار الحكومة المصرية وتعمل كثقل موازن للجماعات الاسلامية الأكثر ثورية . واراء التنظيم المعادية بشدة للغرب ولكامب ديفيد تجعل منها قوة معادية للولايات المتحدة في مصر. والكثير من المسلمين المصريين يعتبر الولايات المتحدة أكبر تهديد ثقافي لأسلوب الحياة الاسلامي. علاوة علي ان وكالة التنمية الدولية الامريكية أصبحت مرتبطة في عقول المصريين بسياسة " الباب المفتوح " الاقتصادية التي أطلقها الرئيس السادات.

الاخوان المسلمين يعارضون هذه السياسة إعتقادا منهم انها سببت نمو طبقة من رجال الأعمال المستغربين ووسعت الفجوة بين الفقراء والأغنياء وذادت من الفساد بدرجة كبيرة

نعتقد أن زيادة قوة الاخوان المسلمين مقترنا بزيادة التشدد الديني في مصر سيؤثر علي جعل مصر أقل تعاطفا مع أهداف وسياسات والمبادرات الدبلوماسية للولايات المتحدة في الشرق الاوسط . ورغم ان مبارك من غير المرجح ان ينحني لضغوط الاصوليين علي المدي القريب، قد يعترض علي بعض المبادرات الدبلوماسية للتسوية السلمية في الشرق الاوسط أو التعاون العسكري الذي قد يفسره الاخوان علي انه مزيد من التحالف مع مصالح الولايات المتحدة في المنطقة.

وضعف الاخوان المسلمين لن يفيد المصالح الامريكية في مصر . فالسلطة السياسية التي سيخسرها الاخوان ربما تحصل عليها الجماعات الاسلامية المتطرفة الأقل تكيفا مع الولايات المتحدة ولا الثقافة الغربية ولا العلاقات بين مصر واسرائيل ولا مبادرات السلام الامريكية في الشرق الاوسط من الاخوان المسلمين


نص الوثيقة من موقع السي اي ايه الرسمي وجاهز للقراءة والتحميل
 https://www.cia.gov/library/readingroom/docs/CIA-RDP88T00096R000200240001-4.pdf